عجباً لمن يسكن على ينابيع الفرات والنيل ثمّ يشكو ظمـأً ، فكيف بمن حوله ماء مبارك ، يشفي العليل بإذن القدير ، ويحتار كيف يصل إلى سره ؟
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول
- إنه ماء زمزم وما أدراك ما زمزم –
* روى ابن ماجة : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَالِسًا فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ جِئْت؟ قَالَ : مِنْ زَمْزَمَ قَالَ : فَشَرِبْتَ مِنْهَا كَمَا يَنْبَغِي قَالَ : وَكَيْفَ ؟ قَالَ : إِذَا شَرِبْتَ مِنْهَا فَاسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَتَنَفَّسْ ثلاثًا وَتَضَلَّعْ مِنْهَا فَإِذَا فَرَغْتَ فَاحْمَدْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : "إِنَّ آيَةَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ إِنَّهُمْ لا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ زَمْزَمَ" .
* روى الحاكم في مستدركه : عن عثمان بن الأسود قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : من أين جئت ؟ فقال : شربت من زمزم فقال له ابن عباس : أشربت منها كما ينبغي ؟ قال : وكيف ذاك يا أبا عباس ؟ قال : إذا شربت منها فاستقبل القبلة واذكر اسم الله وتنفس ثلاثاً وتضلع منها فإذا فرغت منها فاحمد الله فإن رسول الله قال : " آية بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم ".
* وروى أيضاً : عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله:ماء زمزم لما شرب له فإن شربته تستشفي به شفاك الله وإن شربته مستعيذاً عاذك الله وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه " وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال : " اللهم أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كل داء ".
* روى الدار قطني : عن عكرمة قال : كان ابن عباس إذا شرب من زمزم قال : اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كل داء.
اتصلوا بي تلفونياً - من السعودية – يشكون ألماً روحياً حلّ بابنتهم ، وأخـذوا يصفون ويشرحون ، وبعد الاستماع للمكالمة ، أرشدتهم إلى ماء زمزم – المبارك – مع قراءة ما تيسر من القرآن ، وإذ بهم يتصلون ( كما أخبرتهم ) بعد أسبوع ، كي يخبرونني بأنه ذهب ما كان بإبنتهم ، ولم تعد تشكو شيئاً . والفضل لله وحده .
وهنا يجب أن أنبّه إلى الآتي :
* ليس العلاج حكراً على أحد ، ولكن العلاج له أهله ، فإن توفرت شروط معينة في إنسان فهو معالج ، وأوضّح هنا باختصار شروط وصفات المعالج وهى :-
1.أن يكون معتقداً أن لكلام الله تأثيراً على الجن والشياطين .
2.أن يكون عالماً بمداخل الشيطان فانظر إلى شيخ الإسلام ابن تيمية عندما قال له الجني : أنا أخرج كرامة لك قال : لا .. ولكن طاعة لله ورسوله فإن لم يكن شيخ الإسلام عالماً بمداخل الشيطان ما قال ذلك .
3.يستحب للمعالج أن يكون متزوجاً .
4.أن يكون مجتنباً للمحرّمات التي بها يستطيل الشيطان على الإنسان .
5.أن يكون موالياً بالطاعات التي يرغم بها أنف الشيطان .
6.أن يكون ملازماً لذكر الله العظيم الذي هو الحصن الحصين من الشيطان الرجيم
7. ولا يتحقّق ذلك إلاّ بمعرفة الأذكار النبوية اليومية وتطبيقها .
8.أن يخلص النيّة في المعالجة لله رب العالمين .
9.إذا كانت المريضة أنثى لا تبدأ في علاجها حتى تتحشّم وتشد عليها ملابسها حتى لا تتكشّف أثناء العلاج .
10.لا تعالج امرأة إلاّ في وجود أحد محارمها .
11.لا تدخل معك أحداً من غير محارم المرأة .
12. عليك أن تسأل الله أن يعينك على إخراج هذا الجني وينصرك عليه .
* مرةً أخرى ليس العلاج بقصد المتاجرة والإثراء أو جمع المال ، فكل من لديه خبرة أو شجاعة يستطيع أن يقتحم هذا الميدان ، وأن يجعله خالصاً لوجه الله تعالى .
* للإنس أعداء من عالم الجن ، وفي عالم الجن أفراد أتقياء أدركوا الغاية التي من أجلها كان هذا الكون ، إذن ليقف الإنسان صفاً في مواجهة الشذّاذ والأشرار من عالم الجن .
* نحن كأناسي مكشوفون أمام عالم الجن ، ولكننا لم نؤهل لكشفهم إلاّ بالقدر الذي ذكره القرآن عنهم وقد قال تعالى:
"…إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم … "
وطالما أن الأمر كذلك ؛ فالمطلوب من عالم الجن أن لا يعترضوا إخوانهم في عالم الإنس ، وألاّ يعتدوا ؛ لكن الأمر لا يسلم من أن يكون هناك في عالم الجن ومن الفسّاق من لا يؤمن بآيات الله ويسعى للإفساد في الأرض .
* لا يصح أن نستهين في أمر العلاج ، أو أن نسخر بالمعالج حين يصف لنا ماء زمزم أو عسل النحل أو حبّة البركة أو قراءة القرآن أو الرقية ، فهذا افتراء على الله ورسوله والمؤمنين وعلى سنن الله تعالى ، ولا يصدّق ذلك إلاّ كل جاهل ومعاند ، وقد كان عمر رضى الله عنه يرقي بسورة الفاتحة ، مات عمر وبقيت سورة الفاتحة ، ونحن الآن محتاجون إلى من يعالج بالقرآن الكريم والرقى الشرعية ، ولذا فإن علينا أن نحترمهم ونقدّر جهدهم الخالص لوجه الله .
* ليدرك الإنسان المسلم أنه بثقته بربه ومعبوده عز وجل ثم ثقته بنفسه بنفسه أقوى وأقدر من الجن ، ونحن الآن لسنا في باب الموازنة ولكننا نقول : إن عالم الجن مخلوقات ضعيفة وهى تخاف الإنسان ، فعجيب أمر الإنسان أنه يخاف منها ، والخوف موجود في كل الخلائق ؛ حتى البعوضة تخاف وتطير ، ومن هنا وحتى لا نسمح للخوف أن يحتل صدورنا ؛ يجب أن نملك الحصانة والشجاعة في طرد عدو الإنسان – من عالم الجن – إن حاول أن يتخطّى الحدود أو أن يقتحم على الإنسان محرابه وخلوته .