أشهر بيت مسكون بالجن مونتي كريستو هذا المكان الغريب الذي كشف عن البعض من أسراره المثيرة للجدل والذي أخفى الكثير أيضا ربما أرواح هائمة أخرى لم تظهر بعد وربما الكثير من الشؤم المغلف باللعنات التي تركتها قبائل الأركوال الليزمور وغيرهم من السكان الأصليين الذين أخرجوا رغما عنهم من أرضهم وتم التنكيل بهم فأبوا إلا أن يلعنوا هذه الأرض إلى الأبد .
تعتبر مزرعة مونتي كريستو إحدى أشهر الأماكن المسكونة في أستراليا
تعتبر مزرعة مونتي كريستو إحدى أشهر الأماكن المسكونة في أستراليا , وما جعلها تكتسب هذه الشهرة هو تصنيفها من بين أكثر الأماكن المثيرة للرعب في العالم و ذلك لكثرة الأحداث المروعة والجرائم الرهيبة التي وقعت فيها منذ أن بنيت في عام 1884 على يدي عائلة كراويلي (Crawley) والتي بقيت محتفظة بملكيتها إلى حدود عام 1963، لكن البيت بقي فارغا لأكثر من عشر سنوات قبل أن يشتريه الزوجان راغ و أوليف رايان ويعيدا إليه بعضا من مجده السابق ، وحتى نتعرف أكثر على هذا المكان يجب أن نعود إلى البدايات.
رحلة الثراء ؟
لم يكن كريستوفر ويليام كرويلي يتخيل يوما أن يتحول من مجرد مزارع فقير إلى مقاول ثري من أشهر مالكي الأراضي في أستراليا قبل أن تتم المصادقة على ما عرف بمعاهدة جون روبرتسن في عام 1861 بمستعمرة نيو ساوث ويلز ( New SouthWales. ) كانت هذه المعاهدة في ظاهرها محاولة للقطع مع هيمنة الإقطاعيين على امتلاك الأراضي بطرق عشوائية وعبر وضع اليد .
ويليام كرويلي وزوجته إليزابيث ؟
,لكنها في الحقيقة لم تكن سوى ذريعة لإفتكاك الأراضي من السكان الأصليين ومنحها للمهاجرين المعدمين الذين صار بمقدورهم أن يمتلكوا أراض إلى حدود 400 فدان ، شريطة أن يقيم فيها مالكها لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ثم بإمكانه أن يدفع فقط ربع قيمة ثمنها.
بناءا على هذا الاتفاق تمتع وليام كرويلي بقطعتي أرض ببلدته (دجوني (Junee )عمل فيها بجد ومثابرة و بنى عليها كوخا بسيطا أقام فيه برفقة زوجته إليزابيث ليديا وأطفاله السبعة ، و بعد سنوات من العمل والتعب ابتسم له الحظ من جديد حين تم افتتاح خط السكك الحديدية بالجنوب عام 1878، فانقلب حال القرية و ازدهرت فيها التجارة والمعاملات وبدأ كرويلي مرحلة جديدة في حياته المهنية حيث تحصل على رخص في المقاولات تابعة للسكك الحديدية وبعض المساكن الأخرى ، كما بنى نزلا في مكان قريب من المحطة التي أصبحت تعج بالمسافرين ، فازدهرت أعماله بشكل كبير و ازدادت ثروته بنسق سريع ليصبح من أعيان البلدة بل اعتبر من أهم مؤسسيها , حيث ساهم في بعث العديد من المشاريع المهمة كما تبرع بقطعة أرض لبناء كنيسة سانت جوزيف ، وكان لابد أن يتوج كل هذا النجاح بمكان يتناسب مع وضعه الاجتماعي الجديد فاختار أن يكون منزلا ريفيا جميلا ذو طابقين , تغمره أشعة الشمس من كل اتجاه لتشع جدرانه الحمراء دفئا وحياة ، منحه كرويلي اسم " مونتي كريستو أو (جبل المسيح) " ، بُني مونتي كريستو من الحجر الصلب و بأجود أنواع الخامات فوق تلة تطل على البلدة بأكملها و استمر العمل فيه مدة سنتين لينتهي عام 1884 ، تم اعتماد الكوخ القديم مسكنا للخدم كما تمت إضافة إسطبلات للخيول و الأبقار ومبان أخرى لتجميع الحليب والمنتجات الفلاحية و التي بقيت أبرز تجارة للعائلة .
الأرواح المعذّبة ؟
كانت عائلة كرويلي رمزا للعائلة المثالية التي تنتمي إلى العصر الفكتوري من حيث اعتمادهم على أحدث الملابس المواكبة للعصر وأفضل أشكال العيش و التحاق أبنائهم بأرقى المدارس ، لكن يبدو أن كل هذه التعاليم لم تنعكس على تعاملهم مع الخدم والعمال إذ كانوا متعجرفين و سيئي الطباع ، و ربما هذا الأمر كان يعتبر عاديا آنذاك بل لعله كان إثباتا لمدى سلطة وثراء شخص ما ، ولم يكن ويليام كرويلي وزوجته إليزابيث الاستثناء حيث توليا إدارة أملاكهما بقبضة من حديد , فتعاملا مع الخدم بقسوة ومع العمال بلا رحمة ولا شفقة في سبيل الحفاظ على ثروتهما ، كان أحد ضحايا سوء .
قام بإشعال فِراشه بالنار فيما كان نائما ؟
المعاملة صبي الإسطبل موريس الذي كان يهتم بجياد السيد كراويلي لكن عمله الدؤوب لم يشفع له عند أسياده حين سقط طريح الفراش فكان يجبر على العمل بلا هوادة لتزداد حالته سوءا ويصبح عاجزا تماما ، غير أن المسئول عن العمال كان يشك في مرض موريس لذلك قام بإشعال فِراشه بالنار فيما كان نائما معتقدا أنه سينهض مسرعا ما أن يرى اللهب ، لكن هذا الأخير كان غير قادرعلى الحركة فمات محترقا وهو بالكاد يستطيع أن ينادي طالبا النجدة وماتت بداخله صرخاته المكتومة التي بقي صداها يتردد داخل الإسطبل حتى يومنا هذا ، إحدى الأرواح المعذبة الأخرى التي لم تغادر جدران الكوخ القديم تعود إلى هارولد ستيل ابن إحدى الخادمات التي استغلهن سيد المنزل حيث قيل بأنه كان الولد غير الشرعي للسيد كرويلي ، وكان هارولد لا يزال صغيرا حين أصيب بحادثجعله فاقدا لمداركه العقلية ، لم يكن من السهل التعامل معه أو الاعتناء به في ظل الأعمال المتراكمة عليها فكانت والدته تقيده كل يوم بسلاسل حديدية في الجدار الملاصق لباب الكوخ ، في عام 1910 مات ويليام كراويلي نتيجة ورم في الدم وأصيبت إليزابيث بصدمة كبيرة خاصة و أن مكانتها الاجتماعية قد تراجعت بعد رحيله ، فلم يعد أهل البلدة يحترمونها نظرا لأنها كانت ذات عرق مختلط فاحتقروها لجذورها التي تعود للسكان الأصليين فاختارت غرفة في الطابق الثاني من المنزل جعلتها معتزلا لها تتعبد فيها و تصلي باستمرار ، غير أن من عرفوها قالوا بأنها كانت تقضي ساعات طويلة تتلو التعاويذ والتمائم وتمارس السحر الأسود كما أنها لم تغادر بيتها مدة 23 عاما سوى مرتين إلى أن وافتها المنية عام 1933 .
بعد موت إليزابيث رحل الجميع عن مونتي كريستو ولم يتبقى سوى هارولد ووالدته التي تولت مهمة المراقبة ، و استمر حال هارولد كما هو عليه لأكثر من أربعين سنة ، حيث كان يصرخ بلوعة محاولا فك قيوده فيما يزداد صراخه وألمه حين يتسلل أطفال القرية إليه ليضايقوه ويضربوه بالحجارة ، ويبدو أن عذابه لم يتوقف عند هذا الحد فماتت والدته نتيجة سكتة قلبية تاركة إياه وحيدا ، مضت بضعة أيام قبل أن يشعر أهل القرية بغيابها وحين وصلت الشرطة وجدوا هارولد مقرفصا بجانب جثة والدته ومقيدا كالعادة ، كان متكئاً فوق فضلاته و يعاني من الجفاف والجوع والأكثر من ذلك فقدان والدته ، تم نقله إلى مصحة للأمراض العقلية ليفارق الحياة هو .
صورة من فيلم Psycho ؟
لآخر بعد مدة قصيرة فيما بقي قيده الصدأ يتدلى من حفرة في الجدار شاهدا على مدى قسوة البشر وظلمهم وبقيت صرخاته تهز أركان مونتي كريستو.
بعد أن رحيل آخر أبناء آل كرويلي بسنوات تم تعيين أحد العاملين ويدعى جاك سمبسن (Jack Simpson) لرعاية الأملاك كان ذلك في بداية الستينات إبان ظهور فيلم ألفريد هيتشكوك الشهير سايكو (Psycho)الذي وصل إلى البلدة مع حلول عام 1961 و لقي إعجابا كبيرا من قبل كل من شاهده ، إعجاب ترجمه قاتل سيكوباتي من سكان (دجوني) إلى جريمة حقيقية حيث تسلل إلى مونتي كريستو أين ترصد بضحيته (جاك) الغافل ليطعنه بعد مطاردة دموية ، ثم حفر بالسكين على باب الإسطبل عبارة ساخرة كتب فيها " مت يا جاك " ( Die Jack Ha Ha ) بعد ذلك بقي المنزل وحيدا دون أية رقابة حوالي سنتين فأصبح مقصدا للمخربين واللصوص وأكثرهم كانوا يبحثون عن الذهب الذي قيل بأن ويليام كراويلي كان قد أخفاه في مكان ما هناك .
أشباح مونتي كريستو ؟
منذ بنائه تجاوز عدد الضحايا الذين لقوا حتفهم في هذا البيت الفخم , العشرة أشخاص , وأكثرهم كانوا من الأطفال من بينهم الابنة الرضيعة لإليزابيت والتي تدحرجت على درج البيت بعد أن أفلتتها المربية من بين ذراعيها ، لكن المربية أكدت أنها سقطت رغما عنها وكأن قوى خفية فعلت ذلك .
الدرج الذي تدحرجت عليه بعد أن أفلتتها المربية من بين ذراعيها حادثة أخرى لا تقل غرابة تعرضت لها إحدى الخادمات حين سقطت من الشرفة والتي قيل بأنها كانت حاملا من ويليام كراويلي و قيل أيضا أن سقوطها لم يكن انتحارا أو حادثا عرضيا بل أن أحدهم دفعها من الخلف .
أحد الضحايا أيضا كان أحد يدعى جورج جاكسن أقام فترة بمونتي كريستو ومات في غرفته بينما كان ينظف بندقيته حين أصابته رصاصة في رأسه .
تعتقد أوليف راين " المالكة الحالية لمونتي كريستو" ، أن السيد والسيدة كراويلي لم يتركا البيت أبدا بل بقيت أرواحهم مسجونة في كل ركن من أركان المزرعة وتؤكد على ذلك قائلة " حين اشترينا هذا المكان كان مهجورا تماما فاضطررت أنا وزوجي ريغ للإقامة فيه دون وجود كهرباء وكان الظلام يحل باكرا على قمم الجبال ، فنجلس أحيانا في الشرفة لنراقب غروب الشمس وكثيرا ما كنت أحس بيد توضع فوق كتفي أو أسمع صوت خطوات مسرعة خلف المنزل دون أن أجد أحدا ، لقد أدركنا منذ البداية أن هنالك أمر غريب حيال هذا المكان ، فكثيرا من المرات كنت أسمع صوتا يناديني باسمي أو أشعر بعيون تراقبني من الخلف , أنا أشتمُّ حتى رائحة غليون السيد كراويلي في كثير من المناسبات ، لقد وقعت لنا الكثير من الحوادث في هذا المكان والتي يصعب أن تصدق بأنها مجرد صدفة " و يضيف ابنها لورنس قائلا " ربما لن تصدق أن أمورا مماثلة قد تحدث إلا إذا قضيت ليلة في هذا المكان ، بالتأكيد ستكون ليلة لا تنسى حتى لأكثر الناس شكا و ريبة لأنها ستغير لك الكثير من المفاهيم في حياتك وستجد أن المستحيل هو أمر ممكن ، فليس من الغريب أن تحس بظلال تمر إلى جانبك أو ترى وجه إحدى الخادمات يظهر سريعا في إحدى المرايا وأنت تنظر إلى نفسك فيها والأكثر غرابة هو أن تسمع صوت سقوط عنيف من الطابق العلوي في الليالي الباردة متوقعا حصول أمر رهيب لكنك ستفاجئ حين تجد المكان خاليا وكئيبا ".
أوليف راين " المالكة الحالية لمونتي كريستو"
بين الحين والآخر تنظم عائلة راين رحلات للمزرعة لمن أراد اكتشاف المكان والتعرف عليه وهو الأمر الذي اختار أن يشارك فيه أحد الشبان ويدعى أوسكار بروك بمناسبة عيد ميلاده فيتحدث عن تجربته قائلا " أنا في العادة لا أؤمن بالأشباح ومع ذلك قررت أن أزور هذه المزرعة في يوليو الذي مضى رغبة مني باكتشاف شيء جديد والبحث عن القليل من المغامرة ، حين وصلت إلى المكان لم يكن قد أتى بعد بقية الزائرين فارتأيت أن أتمشى في الحديقة و ألتقط بعض الصور من الخارج ، ومع أن الطبيعة كانت خلابة إلا أن الجو لم يكن مريحا إذ انتابني شعور غريب بأنني مراقب ولست وحيدا ، حين عدت إلى غرفة الطعام كان الجميع قد وصل فقام لورانس دليلنا بأخذنا في جولة طويلة داخل الغرف الشاسعة ذات الطابع الفيكتوري فمررنا بغرفة الخدم والردهات ثم توجهنا إلى الكوخ القديم الذي أصبح اليوم متحفا وهو مكان لن تشعر فيه بالراحة أبدا ، بعدها واصلنا جولتنا في باقي الأملاك حتى أننا دخلنا إلى مصنع صغير قيل أنه كان فيما مضى مصنعا للأجبان ومخزنا للحليب ، في المساء حين أوى الجميع إلى النوم , فتحت هاتفي وبدأت أتصفح الصور التي التقطتها سابقا و كاد قلبي يتوقف عن النبض رعبا وأنا أتأمل صورة لا أذكر أني التقطتها من أي زاوية ، كانت صورة لفتاة صغيرة شقراء تطل من نافذة خلف الأشجار وبدت وكأنها تنظر إلى عيني مباشرة بنظرات داكنة وحاقدة ، ثم عرفت لاحقا أنها شبح طفلة صغيرة تدعى مولي كانت تعمل خادمة وماتت قبل مائة عام فيما بقيت روحها ساكنة غرفة الخدم ، ليس من المألوف أن تظهر الأشباح للزائرين ولكن هذا لا يعني أنك لن تشعر بثقل وجودها في كل مكان من المزرعة فجميع الغرف تقريبا شهدت موت أحد ما داخلها ، لا أذكر أني نمت تلك الليلة وأنا أنتظر قدوم الصباح بفارغ الصبر لأغادر هذا المكان المخيف".
بقلم : عبير شعبان - تونس
ك ا ب و س
تعتبر مزرعة مونتي كريستو إحدى أشهر الأماكن المسكونة في أستراليا
تعتبر مزرعة مونتي كريستو إحدى أشهر الأماكن المسكونة في أستراليا , وما جعلها تكتسب هذه الشهرة هو تصنيفها من بين أكثر الأماكن المثيرة للرعب في العالم و ذلك لكثرة الأحداث المروعة والجرائم الرهيبة التي وقعت فيها منذ أن بنيت في عام 1884 على يدي عائلة كراويلي (Crawley) والتي بقيت محتفظة بملكيتها إلى حدود عام 1963، لكن البيت بقي فارغا لأكثر من عشر سنوات قبل أن يشتريه الزوجان راغ و أوليف رايان ويعيدا إليه بعضا من مجده السابق ، وحتى نتعرف أكثر على هذا المكان يجب أن نعود إلى البدايات.
رحلة الثراء ؟
لم يكن كريستوفر ويليام كرويلي يتخيل يوما أن يتحول من مجرد مزارع فقير إلى مقاول ثري من أشهر مالكي الأراضي في أستراليا قبل أن تتم المصادقة على ما عرف بمعاهدة جون روبرتسن في عام 1861 بمستعمرة نيو ساوث ويلز ( New SouthWales. ) كانت هذه المعاهدة في ظاهرها محاولة للقطع مع هيمنة الإقطاعيين على امتلاك الأراضي بطرق عشوائية وعبر وضع اليد .
ويليام كرويلي وزوجته إليزابيث ؟
,لكنها في الحقيقة لم تكن سوى ذريعة لإفتكاك الأراضي من السكان الأصليين ومنحها للمهاجرين المعدمين الذين صار بمقدورهم أن يمتلكوا أراض إلى حدود 400 فدان ، شريطة أن يقيم فيها مالكها لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ثم بإمكانه أن يدفع فقط ربع قيمة ثمنها.
بناءا على هذا الاتفاق تمتع وليام كرويلي بقطعتي أرض ببلدته (دجوني (Junee )عمل فيها بجد ومثابرة و بنى عليها كوخا بسيطا أقام فيه برفقة زوجته إليزابيث ليديا وأطفاله السبعة ، و بعد سنوات من العمل والتعب ابتسم له الحظ من جديد حين تم افتتاح خط السكك الحديدية بالجنوب عام 1878، فانقلب حال القرية و ازدهرت فيها التجارة والمعاملات وبدأ كرويلي مرحلة جديدة في حياته المهنية حيث تحصل على رخص في المقاولات تابعة للسكك الحديدية وبعض المساكن الأخرى ، كما بنى نزلا في مكان قريب من المحطة التي أصبحت تعج بالمسافرين ، فازدهرت أعماله بشكل كبير و ازدادت ثروته بنسق سريع ليصبح من أعيان البلدة بل اعتبر من أهم مؤسسيها , حيث ساهم في بعث العديد من المشاريع المهمة كما تبرع بقطعة أرض لبناء كنيسة سانت جوزيف ، وكان لابد أن يتوج كل هذا النجاح بمكان يتناسب مع وضعه الاجتماعي الجديد فاختار أن يكون منزلا ريفيا جميلا ذو طابقين , تغمره أشعة الشمس من كل اتجاه لتشع جدرانه الحمراء دفئا وحياة ، منحه كرويلي اسم " مونتي كريستو أو (جبل المسيح) " ، بُني مونتي كريستو من الحجر الصلب و بأجود أنواع الخامات فوق تلة تطل على البلدة بأكملها و استمر العمل فيه مدة سنتين لينتهي عام 1884 ، تم اعتماد الكوخ القديم مسكنا للخدم كما تمت إضافة إسطبلات للخيول و الأبقار ومبان أخرى لتجميع الحليب والمنتجات الفلاحية و التي بقيت أبرز تجارة للعائلة .
الأرواح المعذّبة ؟
كانت عائلة كرويلي رمزا للعائلة المثالية التي تنتمي إلى العصر الفكتوري من حيث اعتمادهم على أحدث الملابس المواكبة للعصر وأفضل أشكال العيش و التحاق أبنائهم بأرقى المدارس ، لكن يبدو أن كل هذه التعاليم لم تنعكس على تعاملهم مع الخدم والعمال إذ كانوا متعجرفين و سيئي الطباع ، و ربما هذا الأمر كان يعتبر عاديا آنذاك بل لعله كان إثباتا لمدى سلطة وثراء شخص ما ، ولم يكن ويليام كرويلي وزوجته إليزابيث الاستثناء حيث توليا إدارة أملاكهما بقبضة من حديد , فتعاملا مع الخدم بقسوة ومع العمال بلا رحمة ولا شفقة في سبيل الحفاظ على ثروتهما ، كان أحد ضحايا سوء .
قام بإشعال فِراشه بالنار فيما كان نائما ؟
المعاملة صبي الإسطبل موريس الذي كان يهتم بجياد السيد كراويلي لكن عمله الدؤوب لم يشفع له عند أسياده حين سقط طريح الفراش فكان يجبر على العمل بلا هوادة لتزداد حالته سوءا ويصبح عاجزا تماما ، غير أن المسئول عن العمال كان يشك في مرض موريس لذلك قام بإشعال فِراشه بالنار فيما كان نائما معتقدا أنه سينهض مسرعا ما أن يرى اللهب ، لكن هذا الأخير كان غير قادرعلى الحركة فمات محترقا وهو بالكاد يستطيع أن ينادي طالبا النجدة وماتت بداخله صرخاته المكتومة التي بقي صداها يتردد داخل الإسطبل حتى يومنا هذا ، إحدى الأرواح المعذبة الأخرى التي لم تغادر جدران الكوخ القديم تعود إلى هارولد ستيل ابن إحدى الخادمات التي استغلهن سيد المنزل حيث قيل بأنه كان الولد غير الشرعي للسيد كرويلي ، وكان هارولد لا يزال صغيرا حين أصيب بحادثجعله فاقدا لمداركه العقلية ، لم يكن من السهل التعامل معه أو الاعتناء به في ظل الأعمال المتراكمة عليها فكانت والدته تقيده كل يوم بسلاسل حديدية في الجدار الملاصق لباب الكوخ ، في عام 1910 مات ويليام كراويلي نتيجة ورم في الدم وأصيبت إليزابيث بصدمة كبيرة خاصة و أن مكانتها الاجتماعية قد تراجعت بعد رحيله ، فلم يعد أهل البلدة يحترمونها نظرا لأنها كانت ذات عرق مختلط فاحتقروها لجذورها التي تعود للسكان الأصليين فاختارت غرفة في الطابق الثاني من المنزل جعلتها معتزلا لها تتعبد فيها و تصلي باستمرار ، غير أن من عرفوها قالوا بأنها كانت تقضي ساعات طويلة تتلو التعاويذ والتمائم وتمارس السحر الأسود كما أنها لم تغادر بيتها مدة 23 عاما سوى مرتين إلى أن وافتها المنية عام 1933 .
بعد موت إليزابيث رحل الجميع عن مونتي كريستو ولم يتبقى سوى هارولد ووالدته التي تولت مهمة المراقبة ، و استمر حال هارولد كما هو عليه لأكثر من أربعين سنة ، حيث كان يصرخ بلوعة محاولا فك قيوده فيما يزداد صراخه وألمه حين يتسلل أطفال القرية إليه ليضايقوه ويضربوه بالحجارة ، ويبدو أن عذابه لم يتوقف عند هذا الحد فماتت والدته نتيجة سكتة قلبية تاركة إياه وحيدا ، مضت بضعة أيام قبل أن يشعر أهل القرية بغيابها وحين وصلت الشرطة وجدوا هارولد مقرفصا بجانب جثة والدته ومقيدا كالعادة ، كان متكئاً فوق فضلاته و يعاني من الجفاف والجوع والأكثر من ذلك فقدان والدته ، تم نقله إلى مصحة للأمراض العقلية ليفارق الحياة هو .
صورة من فيلم Psycho ؟
لآخر بعد مدة قصيرة فيما بقي قيده الصدأ يتدلى من حفرة في الجدار شاهدا على مدى قسوة البشر وظلمهم وبقيت صرخاته تهز أركان مونتي كريستو.
بعد أن رحيل آخر أبناء آل كرويلي بسنوات تم تعيين أحد العاملين ويدعى جاك سمبسن (Jack Simpson) لرعاية الأملاك كان ذلك في بداية الستينات إبان ظهور فيلم ألفريد هيتشكوك الشهير سايكو (Psycho)الذي وصل إلى البلدة مع حلول عام 1961 و لقي إعجابا كبيرا من قبل كل من شاهده ، إعجاب ترجمه قاتل سيكوباتي من سكان (دجوني) إلى جريمة حقيقية حيث تسلل إلى مونتي كريستو أين ترصد بضحيته (جاك) الغافل ليطعنه بعد مطاردة دموية ، ثم حفر بالسكين على باب الإسطبل عبارة ساخرة كتب فيها " مت يا جاك " ( Die Jack Ha Ha ) بعد ذلك بقي المنزل وحيدا دون أية رقابة حوالي سنتين فأصبح مقصدا للمخربين واللصوص وأكثرهم كانوا يبحثون عن الذهب الذي قيل بأن ويليام كراويلي كان قد أخفاه في مكان ما هناك .
أشباح مونتي كريستو ؟
منذ بنائه تجاوز عدد الضحايا الذين لقوا حتفهم في هذا البيت الفخم , العشرة أشخاص , وأكثرهم كانوا من الأطفال من بينهم الابنة الرضيعة لإليزابيت والتي تدحرجت على درج البيت بعد أن أفلتتها المربية من بين ذراعيها ، لكن المربية أكدت أنها سقطت رغما عنها وكأن قوى خفية فعلت ذلك .
الدرج الذي تدحرجت عليه بعد أن أفلتتها المربية من بين ذراعيها حادثة أخرى لا تقل غرابة تعرضت لها إحدى الخادمات حين سقطت من الشرفة والتي قيل بأنها كانت حاملا من ويليام كراويلي و قيل أيضا أن سقوطها لم يكن انتحارا أو حادثا عرضيا بل أن أحدهم دفعها من الخلف .
أحد الضحايا أيضا كان أحد يدعى جورج جاكسن أقام فترة بمونتي كريستو ومات في غرفته بينما كان ينظف بندقيته حين أصابته رصاصة في رأسه .
تعتقد أوليف راين " المالكة الحالية لمونتي كريستو" ، أن السيد والسيدة كراويلي لم يتركا البيت أبدا بل بقيت أرواحهم مسجونة في كل ركن من أركان المزرعة وتؤكد على ذلك قائلة " حين اشترينا هذا المكان كان مهجورا تماما فاضطررت أنا وزوجي ريغ للإقامة فيه دون وجود كهرباء وكان الظلام يحل باكرا على قمم الجبال ، فنجلس أحيانا في الشرفة لنراقب غروب الشمس وكثيرا ما كنت أحس بيد توضع فوق كتفي أو أسمع صوت خطوات مسرعة خلف المنزل دون أن أجد أحدا ، لقد أدركنا منذ البداية أن هنالك أمر غريب حيال هذا المكان ، فكثيرا من المرات كنت أسمع صوتا يناديني باسمي أو أشعر بعيون تراقبني من الخلف , أنا أشتمُّ حتى رائحة غليون السيد كراويلي في كثير من المناسبات ، لقد وقعت لنا الكثير من الحوادث في هذا المكان والتي يصعب أن تصدق بأنها مجرد صدفة " و يضيف ابنها لورنس قائلا " ربما لن تصدق أن أمورا مماثلة قد تحدث إلا إذا قضيت ليلة في هذا المكان ، بالتأكيد ستكون ليلة لا تنسى حتى لأكثر الناس شكا و ريبة لأنها ستغير لك الكثير من المفاهيم في حياتك وستجد أن المستحيل هو أمر ممكن ، فليس من الغريب أن تحس بظلال تمر إلى جانبك أو ترى وجه إحدى الخادمات يظهر سريعا في إحدى المرايا وأنت تنظر إلى نفسك فيها والأكثر غرابة هو أن تسمع صوت سقوط عنيف من الطابق العلوي في الليالي الباردة متوقعا حصول أمر رهيب لكنك ستفاجئ حين تجد المكان خاليا وكئيبا ".
أوليف راين " المالكة الحالية لمونتي كريستو"
بين الحين والآخر تنظم عائلة راين رحلات للمزرعة لمن أراد اكتشاف المكان والتعرف عليه وهو الأمر الذي اختار أن يشارك فيه أحد الشبان ويدعى أوسكار بروك بمناسبة عيد ميلاده فيتحدث عن تجربته قائلا " أنا في العادة لا أؤمن بالأشباح ومع ذلك قررت أن أزور هذه المزرعة في يوليو الذي مضى رغبة مني باكتشاف شيء جديد والبحث عن القليل من المغامرة ، حين وصلت إلى المكان لم يكن قد أتى بعد بقية الزائرين فارتأيت أن أتمشى في الحديقة و ألتقط بعض الصور من الخارج ، ومع أن الطبيعة كانت خلابة إلا أن الجو لم يكن مريحا إذ انتابني شعور غريب بأنني مراقب ولست وحيدا ، حين عدت إلى غرفة الطعام كان الجميع قد وصل فقام لورانس دليلنا بأخذنا في جولة طويلة داخل الغرف الشاسعة ذات الطابع الفيكتوري فمررنا بغرفة الخدم والردهات ثم توجهنا إلى الكوخ القديم الذي أصبح اليوم متحفا وهو مكان لن تشعر فيه بالراحة أبدا ، بعدها واصلنا جولتنا في باقي الأملاك حتى أننا دخلنا إلى مصنع صغير قيل أنه كان فيما مضى مصنعا للأجبان ومخزنا للحليب ، في المساء حين أوى الجميع إلى النوم , فتحت هاتفي وبدأت أتصفح الصور التي التقطتها سابقا و كاد قلبي يتوقف عن النبض رعبا وأنا أتأمل صورة لا أذكر أني التقطتها من أي زاوية ، كانت صورة لفتاة صغيرة شقراء تطل من نافذة خلف الأشجار وبدت وكأنها تنظر إلى عيني مباشرة بنظرات داكنة وحاقدة ، ثم عرفت لاحقا أنها شبح طفلة صغيرة تدعى مولي كانت تعمل خادمة وماتت قبل مائة عام فيما بقيت روحها ساكنة غرفة الخدم ، ليس من المألوف أن تظهر الأشباح للزائرين ولكن هذا لا يعني أنك لن تشعر بثقل وجودها في كل مكان من المزرعة فجميع الغرف تقريبا شهدت موت أحد ما داخلها ، لا أذكر أني نمت تلك الليلة وأنا أنتظر قدوم الصباح بفارغ الصبر لأغادر هذا المكان المخيف".
بقلم : عبير شعبان - تونس
ك ا ب و س