بسم الله الرحمن الرحيم
1- إن الذي يتمشى على طريقة أهل السنة أن العين إنما تضرّ عند نظر العائن ، بعادة أجراها الله تعالى ، أن يحدث الضرر عند مقابلة شخص لآخر ، كما قال الخطابي : والحق أن الله يخلق عند نظر العائن إليه وإعجابه به إذا شاء ما شاء من ألم أو هلكة ، وقد أخذ مثالاً على ذلك بعض أنواع الأفاعي المشهورة بأنها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك ، ?وقد أشار -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك في حديث أبي لبابة ، الذي أخرجه البخاري ، في بدء الخلق عند ذكر الأبتر وذي الطفتين ، قال :
" فإنهما يطمسان البصرَ ويُسقِطان الحبَلَ " .
وهذا تفسير للعين من باب القوى والخواص في الأجسام والأرواح ، ولشدة ارتباطها بالعين بحيث تصبح تؤثّر في البدن بمجرّد الرؤية ، وليس مراد الخطابي بالتأثير المعنى الذي يذهب اليه الفلاسفة فإنهم يردون ذلك الى النفس دون ذكر مشيئة الله والعادة التي أجراها الله في خلقه كي تاثّرالعين .
2- من المعلوم أن الإنسان يلازمه قرين من الشياطين ، وإذا ما نظر العائن بعين الحسد دون أن يذكر الله تعالى فكأنما أفسح المجال لمن حضر معه أي الشيطان أن يمضي لإيذاء هذا المعيون ، وقد جاء في مسند أحمد قول النبي -صلى الله عليه وسلم- :
" العين حقّ ويحضُرُها الشيطان وحسدُ ابن آدم " .
فالذي نفهمه من الحديث أنها عين من نظر الجن الذي سرعان ما يؤثر في بدن المعيون بالآلام التي نراها عادة في المسحور والتي لا يجد الطب لها تفسيراً . ولذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتعوّذ من عين الجان ثم أعين الإنس كما ورد في الحديث الذي رواه الترمذي .
3-هناك حديث نبوي يرويه البخاري يقول فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
" الْعَيْنُ حَقٌّ وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ * ؟
هل من مناسبة بين العين والنهي عن الوشم في هذا الحديث ؟
أولاً نود أن نعرّف الوشم وهو : أن يغرز إبرة أو نحوها في موضع من البدن ، حتى يسيل الدم ثم يحشى ذلك الموضع بالكحل أو حبر خاص فيخضرّ ، وهو محرم في الشريعة أصلاً بسبب تغيير الخلقة ، أما فيما يختص بالعلاقة ما بين العين والوشم ولماذا أتيا في نفس الحديث ، يقول ابن حجر في كتابه ( فتح الباري ) وقد ظهرت لي مناسبة بين هاتين الجملتين ، لم أر من سبق إليها ، وهي أن من جملة الباعث على عمل الوشم تغير صفة الموشوم لئلا تصيبه العين ، فنهى عن الوشم مع إثبات العين ، وأن التحيل بالوشم وغيره لا يفيد شيئاً و الملجأ هو الله في التعوذ من العين .