ذه عشر فوائد مستنبطة من قوله جل وعلا : {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه:69] :
الأولى : أن الساحر كما أخبر الله تبارك وتعالى لا يفلح أبداً ؛ وينبغي أن نعلم أن الفلاح يعني حيازة الخير في الدنيا والآخرة ، فنفيُه عن الساحر نفيٌ لتحصيل الساحر للخير في دنياه وأخراه ، فهو خائبٌ خاسرٌ في الدنيا والآخرة .
الثانية : أن السحر ليس طريقةً واحدة ، وإنما هو طرائق كثيرة ومدارس متنوعة وأنواعه عديدة ، وقد قال الله جل وعلا في هذا السياق: { حَيْثُ أَتَى} أي أيًّا كانت طريقته وأيًّا كان أسلوبه في السحر وأيًّا كانت مدرسته ؛ فالسحر أيًّا كانت طريقته وأسلوبه ونوعه هذا مآله ومصيره أنَّ صاحبه لا يفلح إطلاقًا لا في دنياه ولا في أخراه .
الثالثة : أن الساحر إذا كان أمره كما أخبر الله لا يفلح حيث أتى فإنَّ من يأتي إليه يطلب من جهته منفعةً أو صلاحًا أو فائدةً فإنَّه لا يفلح من باب أوْلى.
الرابعة : بطلان النشرة التي هي حلٌ للسحر بسحرٍ مثله ، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن النشرة قال : ((هي من عمل الشيطان)) ، فحلُّ السحر بسحر مثله هذا أمرٌ لا يجوز ، فيحرم على المسلم أن يذهب إلى ساحر حتى وإن كان غرضه من الذهاب إليه أن يحُلَّ عنه سحرًا أصابه ، فهو داخلٌ تحت عموم قوله تبارك وتعالى { حَيْثُ أَتَى} ، فلا يمكن أن يُنال من جهته أي فلاحٍ ولو كان ذلك حلًا للسحر.
الخامسة : أنَّ الساحر إذا عُلم أنه لا يفلح -أي لا ينال خيرًا لا في الدنيا ولا في الآخرة- فإن من يأتيه حتى وإن كان غرضه حلّ السحر أيضًا يصيبه ما أصاب الساحر من الخيبة وعدم الفلاح ؛ ولهذا فإنَّ السحرة عندما يأتيهم آتٍ ولو كان مراده حلَّ سحرٍ أصابه لا يعالجونه إلا بتقربٍ للشياطين ، فربما عالجوا مرضًا يسيرًا في الشخص وأوقعوه في بلاء عظيم وهو الكفر بالله ، والوقوع في الشرك بالله ، والتعلق بالشياطين والتقرب لهم ، إلى غير ذلك .
السادسة : أن هذه الآية تقوِّي في قلب المؤمن التوكل على الله والثقة به سبحانه وتعالى ؛ لأن الله عز وجل أخبر أن الساحر لا يفلح ، وقد قال الله سبحانه: { وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:102] ، فهذا يقوِّي في العبد التوكل على الله ، والثقة بالله سبحانه وتعالى ، وعدم التفات القلب إلى السحرة وأعوانهم خوفًا منهم أو نحو ذلك ، بل يكون على ثقةٍ بربه وتوكلٍ على مولاه جل وعلا ، يزداد إيمانًا ، وثقةً بالله، وتوكلًا عليه وحده تبارك وتعالى، إيمانًا بأنه لا يمكن أن يضره شيء إلا بإذن الله تبارك وتعالى ؛ فهو إليه وحده يلجأ ، وعليه وحده يتوكل ، وبه وحده يستعين .
السابعة : أنَّ الفلاح والعلو إنما هو لأهل الإيمان ؛ وقد مر في هذا السياق أن السحرة قالوا : { وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى } [طه:64] ، فأبى الله جلَّ في علاه أن يكون الفلاح إلا لأهل الإيمان ، ولهذا قال جل وعلا في هذا السياق {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} ، بعد أن أمر نبيه ورسوله موسى عليه السلام أن يُلقي تلك العصا الصغيرة في يده في مجابهة ركام السحر الكثير { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } [طه:69] .
الثامنة : أن هذا الحكم الذي ذكره الله جل وعلا في هذه الآية {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} حكمٌ يتناول كلَّ ساحرٍ في كل زمان ؛ وهذا نعلمه من طريقة القرآن ، فالسياق كان عن سحرة معيَّنين نازلوا موسى عليه السلام فلم يقل ولا يفلح هؤلاء السحرة ، وإنما قال : {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} . فطريقة القرآن إذا كان الحكم لا يختص بالمعيَّن الذي جاء السياق لإبطال ما هو عليه وإنما يتناول كل من كان على صفته يأتي الحكم عامًا كما هو في هذه الآية قال : {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} ، فالساحر هنا أي : كل ساحر في أي زمان أو مكان، فـ «ال» للجنس .
التاسعة : أهمية دراسة سيَر الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه ؛ وأنها سيرٌ حافلةٌ بالعبَر والعظات والدروس البالغات ، وفيها تقويةٌ للإيمان ، وربطٌ لجأش المؤمن ، وتقويةٌ لصلته بربه وتوكله عليه ؛ فمن يقرأ هذه القصص ونظائرها وأمثالها في كتاب الله والتي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه يجد فيها العبر والعظات والدروس البالغات ، كما قال الله تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } [يوسف:111] .
العاشرة : في هذه الآية شاهدٌ لقول الله تبارك وتعالى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3] ، وقول الله تبارك وتعالى : {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [الزمر:36] ، فموسى في ذلك الموقف كان أمامه من عتاولة السحرة ما يقربون من الثلاثين ألف أو أكثر أو أقل كما ذكر ذلك أهل التفسير ، وجميع ما جاءوا به من سحر وجمعوه من كيد ووقوفهم صفًا واحدًا ضد موسى عليه السلام كل هذا الركام أبطله الله { مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ } [يونس:81] ؛ أبطله الله وكان مآلهم الخيبة والخسران وعدم الفلاح .
الأولى : أن الساحر كما أخبر الله تبارك وتعالى لا يفلح أبداً ؛ وينبغي أن نعلم أن الفلاح يعني حيازة الخير في الدنيا والآخرة ، فنفيُه عن الساحر نفيٌ لتحصيل الساحر للخير في دنياه وأخراه ، فهو خائبٌ خاسرٌ في الدنيا والآخرة .
الثانية : أن السحر ليس طريقةً واحدة ، وإنما هو طرائق كثيرة ومدارس متنوعة وأنواعه عديدة ، وقد قال الله جل وعلا في هذا السياق: { حَيْثُ أَتَى} أي أيًّا كانت طريقته وأيًّا كان أسلوبه في السحر وأيًّا كانت مدرسته ؛ فالسحر أيًّا كانت طريقته وأسلوبه ونوعه هذا مآله ومصيره أنَّ صاحبه لا يفلح إطلاقًا لا في دنياه ولا في أخراه .
الثالثة : أن الساحر إذا كان أمره كما أخبر الله لا يفلح حيث أتى فإنَّ من يأتي إليه يطلب من جهته منفعةً أو صلاحًا أو فائدةً فإنَّه لا يفلح من باب أوْلى.
الرابعة : بطلان النشرة التي هي حلٌ للسحر بسحرٍ مثله ، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن النشرة قال : ((هي من عمل الشيطان)) ، فحلُّ السحر بسحر مثله هذا أمرٌ لا يجوز ، فيحرم على المسلم أن يذهب إلى ساحر حتى وإن كان غرضه من الذهاب إليه أن يحُلَّ عنه سحرًا أصابه ، فهو داخلٌ تحت عموم قوله تبارك وتعالى { حَيْثُ أَتَى} ، فلا يمكن أن يُنال من جهته أي فلاحٍ ولو كان ذلك حلًا للسحر.
الخامسة : أنَّ الساحر إذا عُلم أنه لا يفلح -أي لا ينال خيرًا لا في الدنيا ولا في الآخرة- فإن من يأتيه حتى وإن كان غرضه حلّ السحر أيضًا يصيبه ما أصاب الساحر من الخيبة وعدم الفلاح ؛ ولهذا فإنَّ السحرة عندما يأتيهم آتٍ ولو كان مراده حلَّ سحرٍ أصابه لا يعالجونه إلا بتقربٍ للشياطين ، فربما عالجوا مرضًا يسيرًا في الشخص وأوقعوه في بلاء عظيم وهو الكفر بالله ، والوقوع في الشرك بالله ، والتعلق بالشياطين والتقرب لهم ، إلى غير ذلك .
السادسة : أن هذه الآية تقوِّي في قلب المؤمن التوكل على الله والثقة به سبحانه وتعالى ؛ لأن الله عز وجل أخبر أن الساحر لا يفلح ، وقد قال الله سبحانه: { وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:102] ، فهذا يقوِّي في العبد التوكل على الله ، والثقة بالله سبحانه وتعالى ، وعدم التفات القلب إلى السحرة وأعوانهم خوفًا منهم أو نحو ذلك ، بل يكون على ثقةٍ بربه وتوكلٍ على مولاه جل وعلا ، يزداد إيمانًا ، وثقةً بالله، وتوكلًا عليه وحده تبارك وتعالى، إيمانًا بأنه لا يمكن أن يضره شيء إلا بإذن الله تبارك وتعالى ؛ فهو إليه وحده يلجأ ، وعليه وحده يتوكل ، وبه وحده يستعين .
السابعة : أنَّ الفلاح والعلو إنما هو لأهل الإيمان ؛ وقد مر في هذا السياق أن السحرة قالوا : { وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى } [طه:64] ، فأبى الله جلَّ في علاه أن يكون الفلاح إلا لأهل الإيمان ، ولهذا قال جل وعلا في هذا السياق {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} ، بعد أن أمر نبيه ورسوله موسى عليه السلام أن يُلقي تلك العصا الصغيرة في يده في مجابهة ركام السحر الكثير { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } [طه:69] .
الثامنة : أن هذا الحكم الذي ذكره الله جل وعلا في هذه الآية {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} حكمٌ يتناول كلَّ ساحرٍ في كل زمان ؛ وهذا نعلمه من طريقة القرآن ، فالسياق كان عن سحرة معيَّنين نازلوا موسى عليه السلام فلم يقل ولا يفلح هؤلاء السحرة ، وإنما قال : {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} . فطريقة القرآن إذا كان الحكم لا يختص بالمعيَّن الذي جاء السياق لإبطال ما هو عليه وإنما يتناول كل من كان على صفته يأتي الحكم عامًا كما هو في هذه الآية قال : {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} ، فالساحر هنا أي : كل ساحر في أي زمان أو مكان، فـ «ال» للجنس .
التاسعة : أهمية دراسة سيَر الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه ؛ وأنها سيرٌ حافلةٌ بالعبَر والعظات والدروس البالغات ، وفيها تقويةٌ للإيمان ، وربطٌ لجأش المؤمن ، وتقويةٌ لصلته بربه وتوكله عليه ؛ فمن يقرأ هذه القصص ونظائرها وأمثالها في كتاب الله والتي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه يجد فيها العبر والعظات والدروس البالغات ، كما قال الله تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } [يوسف:111] .
العاشرة : في هذه الآية شاهدٌ لقول الله تبارك وتعالى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3] ، وقول الله تبارك وتعالى : {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [الزمر:36] ، فموسى في ذلك الموقف كان أمامه من عتاولة السحرة ما يقربون من الثلاثين ألف أو أكثر أو أقل كما ذكر ذلك أهل التفسير ، وجميع ما جاءوا به من سحر وجمعوه من كيد ووقوفهم صفًا واحدًا ضد موسى عليه السلام كل هذا الركام أبطله الله { مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ } [يونس:81] ؛ أبطله الله وكان مآلهم الخيبة والخسران وعدم الفلاح .