الإمام البخــاري رحمه الله { عبادته وورعه وصلاحه} :
كمـا جمع الإمام البخاري بين الفقه والحديث فقـد جمع الله له بين العلم والعبادة.
فقد كان كثير التلاوة والصلاة، وخاصة في رمضان فهو يختم القرآن في النَّهار كـل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة.
وكـان أحياناً يعرض له ما يؤذيه في صــلاته فلا يقطعها حتى يتمها، فقد أبَّره زنبور في بيته سبعة عشر موضعاً وقد تورّم من ذلك جسده فقال له بعض القوم: كيـف لـم تخرج من الصلاة أول ما أبرك؟ فقال: كنت في سورة فأحببت أن أتمها .
كما كان - رحمه الله - ورعاً في منطقه وكلامه فقال رحمه الله: { أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً }.
وكـان مستجاب الدعاء، فلما وقعت له محنته قال بعد أن فرغ من ورده: "{ اللهم إنه قد ضاقت عليَّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك " فما تم شهر حتى مات } .
وقال رحمه الله: ما ينبغي للمسلم أن يكون بحالة إذا دعا لم يستجب له.
فقالت له امرأةُ أخيه: فهل تبينت ذلك من نفسك أو جربت؟ قال نعم، دعوت ربي مرتين فاستجاب لي، فلم أحب أن أدعو بعد ذلك، فلعله ينقص من حسناتي، أو يعجل لي في الدنيا ثم قال: ما حاجة المسلم إلى الكذب والبخل .
كان - رحمه الله - كريماً سمحاً كثير الإنفاق على الفقراء والمساكين، وخاصة من تلاميذه وأصحابه، ولا بأس أن أورد هذه القصة الدالة على أخلاقه العالية.
قال عبد الله بن محمد الصارفي: كنت عند أبي عبد الله في منزله، فجاءته جارية، وأرادت الدخول، فعثرت على محبرة بين يديه، فقال لها: كيف تمشين؟ قالت: إذا لم يكن الطريق كيف أمشي؟ فبسط يديه، وقال لها: اذهبي فقد اعتقتك.
قال: فقيل له فيما بعد: يا أبا عبد الله أغضبتك الجارية؟ قال: إن كانت أغضبتني فإني أرضيت نفسي بما فعلت
رحم الله الإمام البخاري ..
المصدر : سير أعلام النبلاء .