[you] من أي الفريقين أنت ؟؟
من علامات أهل الحق أنهم:
((لم يشتهروا باسم يعرفون به عند الناس ، من الأسماء التي صارت أعلاما لأهل الطريق ، وأيضا فإنهم لم يتقيدوا بعمل واحد يجري عليهم اسمه فيعرفون به دون غيره من الأعمال ؛ فإن هذا آفة في العبودية،وهي عبودية مقيدة.
وأما العبودية المطلقة فلا يعرف صاحبها باسم معين من معاني أسمائها، فإنه مجيب لداعيها على اختلاف أنواعها،فله مع كل أهل عبودية نصيب يضرب معهم بسهم،فلا يتقيد برسم،ولا إشارة ولا اسم،ولا بزي ،ولا طريق وضعي اصطلاحي،
بل إن سئل عن شيخه، قال: الرسول ،
وعن طريقه،قال: الاتباع،
وعن خرقته، قال: لباس التقوى ،
وعن مذهبه قال: تحكيم السنة،
وعن مقصوده ومطلبه،قال: ﴿ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾(الكهف: من الآية28) ،
وعن رباطه وعن خانكاه قال: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ
رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾(النور:36_37)
وعن نسبه،قال:
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
وعن مأكله ومشربه، قال: ما لك ولها ؟! معها حذاؤها وسقاؤها،ترد الماء وترعى الشجر حتى تلقى ربها.
واحسرتاه تقضى العمر وانصرمت ساعاتـه بين ذل العجز والكسـل
والقوم قد أخذوا درب النجاة وقد ساروا إلى المطلب الأعلى على مهل))(3/174).
علامات أهل الباطل
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في "مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد و إياك نستعين" في ذكر بعض علامات أهل الباطل:
((فمن الناس من يتقيد بلباس لا يلبس غيره،
أو بالجلوس في مكان لا يجلس في غيره،
أو مشية لا يمشي غيرها،
أو بزي وهيئة لا يخرج عنهما،
أو عبادة معينة لا يتعبد بغيرها،وإن كانت أعلى منها،
أو شيخ معين لا يلتفت إلى غيره،وإن كان أقرب إلى الله ورسوله منه،
فهؤلاء كلهم محجوبون عن الظفر بالمطلوب الأعلى،مصدودون عنه،قد قيدتهم العوائد والرسوم،والأوضاع والاصطلاحات عن تجريد المتابعة،فأضحوا عنها بمعزل،ومنزلتهم منها أبعد منزل،فترى أحدهم يتعبد بالرياضة والخلوة،وتفريغ القلب،ويَعُدُّ العلم قاطعاً له عن الطريق،فإذا ذُكِر له الموالاة في الله والمعاداة فيه،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عَدَّ ذلك فضولاً وشراً،وإذا رأوا بينهم من يقوم بذلك أخرجوه من بينهم،وعدوه غيراً عليهم،فهؤلاء أبعد الناس عن الله،وإن كانوا أكثر إشارة،والله أعلم)) مدارج السالكين (3/176)