الكشف والعلاجات والاستشارات الاتصال بالشيخ الدكتور أبو الحارث (الجوال):00905397600411
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
X

رجل بألف رجل

مملكة القران الكريم

 
  • تصفية
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • روزكنزي
    كاتب الموضوع
    أعضاء نشطين
    • Oct 2010
    • 12874 
    • 510 


    رجل بألف رجل

    عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه قال : " مرّ رجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لرجل عنده جالس : ( ما رأيك في هذا ؟) ، فقال: رجلٌ من أشراف الناس، هذا والله حريٌّ إن خطب أن يُنكح، وإن شفع أن يُشفّع، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم مرّ رجل فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ما رأيك في هذا ؟) ، فقال: يا رسول الله، هذا رجل من فقراء المسلمين، هذا حريُّ إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفّع، وإن قال أن لا يسمع لقوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا) "، رواه البخاري .

    لأغلب لناس مقاييسهم الخاصّة في تقييم الآخرين وتصنيفهم، مبناها : الوقوف عند ظاهر القالب الاجتماعيّ، والأخذ بعين الاعتبار لأصول الشخص وجذوره، وحسبه ونسبه، وأمواله ومدّخراته، وأملاكه وأراضيه، وسطوته وقوّته.
    فمن كان يملك من هذه الصفات حظّاً كبيرا، ونصيباً موفوراً، حاز على رضا من حوله واحترامهم، فتراهم يصدّرونه مجالسهم، ويولونه اهتمامهم، حتى تراه يقول المقولة التي لا عمق في مبناها، ولا جديد في معناها، فإذا بعبارات المدح تنطلق من حوله تمدح في عمق تفكيره، وفصاحة لسانه، ورجاحة عقله.


    ولكن هل الأمور تؤخذ بهذا الشكل؟ وهل هذه المقاييس التي يتعامل بها الناس صحيحة؟ الجواب نقتبسه من مشكاة النبوّة وأنوار الرسالة، فهي التي تضيء لنا حقيقة الموازنة وضوابط التقييم.
    فبينما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يحادث أحد أصحابه في شأنٍ من شؤونه، إذ مرّ عليهم رجلٌ شريف النسب، عظيم المقام، تبدو عليه آثار النعمة وبوادر القوّة، فنظر إليه النبي عليه الصلاة والسلام، ثم نظر إلى سهل رضي الله عنه، ليستشفّ عن ميزانه الذي يُفاضل فيه بين الأنام، إن كان صحيحاً فيعزّزه، أو خاطئاً فيقوّمه، فقال له : ( رأيك في هذا ؟)
    .

    نظر الصحابي إلى ذلك الرجل ، فوجده من أشراف الناس وأعيانهم، ومن خلال هذا الانطباع الشخصيّ الأوّلي، أصدر حكمه عليه، فذكر للنبي – صلى الله عليه وسلم – من مكانته وكونه محطّ أنظار الناس، ما يجعله جديراً بقبول شافعته، والحرص على مصاهرته.
    سكت النبي – صلى الله عليه وسلم – سكوت مربٍّ يرى أن وقت التوجيه لم يحن بعد، وأن الدرس الذي يريد أن يرسم ملامحه يستدعي اكتمال الصورة بمثلٍ آخر مغاير لحال الرّجل الأوّل، وجاءت الفرصة سريعاً عندما مرّ رجلٌ آخر من فقراء المسلمين، رثّ الثياب، مهضوم الجانب، معدوم الحيلة، تلمح في قسمات وجهه آثار الإجهاد والمشقّة، وفي تصرّفاته البساطة والتواضع، فيعيد النبي – صلى الله عليه وسلم – سؤاله للصحابي عن رأيه، فيجيب بأنه لا مكانة له عند الخلق، وأنه لن يجد لقوله آذاناً تسمع، ولا لشفاعته نفساً تقبل، ولا مطمع في مناسبته ومصاهرته.

    وهنا يقف النبي – صلى الله عليه وسلم – موقفاً يعيد الأمور إلى نصابها، ويهدف به أن يوسّع المدارك، حتى تتجاوز النظر إلى قشور المظهر أو المكانة لتنفذ إلى لبّ الرجال ومعادنهم : ( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا) .

    إضاءات حول الموقف
    يؤصّل النبي – صلى الله عليه وسلم – من خلال هذا الموقف المشرق، المقياس الحقيقي في القرب والبعد من الله عزّ وجل، ألا وهو التقوى والالتزام بحدود الشرع أمراً ونهياً، مستمدّاً ذلك من قوله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ( الحجرات : 13)، وهذا هو الميزان الحق الذي يتفاضل به الناس، والميزان السماوي الذي يُسقط كلّ المقوّمات الأرضيّة ولا يجعل لها اعتباراً، ومحلّ النظر الإلهيّ يكون للجوهر لا للصوره ، قال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم ، فلا قيمة للنسب ولا قيمة للجاه ولا للقوّة أو الصحّة ولا لغيرها، إذا تعرّى الإنسان من إيمانه وأخلاقه، وفضائله ومبادئه.
    وباستيعابنا لهذا الميزان الدقيق، نُدرك حقيقة التقييم الوارد في نصوص الشرع، لنماذج بشريّة : سقط اعتبارها في الميزان السماوي، كمثل ذلك الرجل الذي أخبر عنه النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله : ( إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن عند الله جناح بعوضة، اقرؤوا إن شئتم { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا } ( الكهف : 105 ) متفق عليه، وقريبٌ منه : النموذج النفاقي، الذي جاء وصفه في القرآن الكريم : { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم } ( المنافقون : 4) فهم من القوّة والفصاحة ما يُعجب الناظرين، ويُبهر السامعين، ومع ذلك فمآلهم الدرك الأسفل من النار.

    ونستلهم مما سبق : أن الأكرم عند الله تعالى والأقرب إليه والأتقى له، هو الذي يستحقّ منّا الرعاية والاهتمام، والإعجاب والحفاوة، وإن قلّ نصيبه من الدنيا، ولرُبّ رجلٍ أشعث أغبر، لا يُعدل به ألف رجل، لو أقسم على الله أبرّه :
    ترى الرجل الخفيف فتزدريه وفي أثوابه أسد هصور
    ويعجبك الطرير فتبتليه فيخلف ظنك الرجل الطرير
    لقد عظم البعير بغير لب فلم يستغن بالعظم البعير

    مواضيع ذات صلة
  • جيهان عبد الظاهر
    عضو نشيط
    • Jun 2013
    • 2989 
    • 19 

    #2
    دام العطاء والموضيع القيمة
    تعليق
    • روزكنزي
      كاتب الموضوع
      أعضاء نشطين
      • Oct 2010
      • 12874 
      • 510 

      #3
      شكرا لك كثيرا جيهان
      ياعيني عليك رائعة
      تعليق
      • عيوون
        أعضاء نشطين
        • Oct 2010
        • 309 

        #4
        شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
        موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
        تعليق
        • الورده الفضيه
          أعضاء نشطين
          • Aug 2013
          • 27 

          #5
          شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
          تعليق
          يتصفح هذا الموضوع الآن
          تقليص

          المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

          يعمل...
          X