إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعد،،،
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد - صل الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعةٍ، وكل بدعةٍ ضلالةٍ، وكل ضلالةٍ في النار، وبعد.
إخواتي في الله موضوعي هذا عن صوم العبادة، وقد تستغرب هذا العنوان الذي عنونت له، وذلك لأنَّ الأصل في الصوم أنه عبادة لله عز وجل، بل هو ركن من أركان الإسلام؛ الذي لا يقوم عمود الإسلام إلا به، ولكنني أقول لك إنَّ هناك صوماً ليس بعبادة، وإن قلت كيف ذلك؟ أقول لك: إن بعض الناس يصوم - وللأسف الشديد - عن الطعام والشراب وسائر المفطرات الحسية، ولكنه يغفل عن تحقيق الإخلاص واستحضار عند بداية صومه، فصيامه وفطره مع الناس، إن صام الناس صام، وإن أفطروا أفطر، فيكون صيامه هذا صوم عادة، وليس صوم عبادة لأنه لم يخلص النية، وأقل ما يقال في حكم صومه أنه لا أجر له، أو أنه سقط عليه الفرض، بمعنى أنه لا يطالب بالقضاء، بل قد يكون غارماً إن أفطر شيئاً من رمضان - والله المستعان -.
والبعض الآخر يرائي ويسمع ويعجب بصيامه، فهذا وإن كان فيما يبدو للناظر أنه قد أمتنع عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات، ولكن صومه في الحقيقة لم يكن عبادة محضة لله؛ لأنه لم يستحضر النية، ولم يخلص العمل لله، بل شاب صيامه الرياء والتسميع والعجب، وهذه في صيام النافلة، وأما في صيام الفرض فلا يدخل فيه التسميع؛ لأنه ينبغي أن يعلم الناس أن هذا الشهر شهر رمضان، وأنه يجب على كل مسلم مكلف الصيام، فمن كان هذا حاله فإنَّ الله عز وجل غني عن صيامه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " 1. وليس له من صيامه إلا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: " رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر " 2. فهو على خطر عظيم، وعليه أن يحاسب نفسه، وأن يستدرك ما بقي من عمره بالتوبة النصوح، وإخلاص العمل الله عز وجل..
أخي الصائم! إن الله أمرنا أن نخلص له في عبادتنا، بل وفي جميع أحوالنا، فيجب أن تكون جميع حركاتنا وسكناتنا، وحياتنا إلى أن نموت لله عز وجل، قال تعالى عن خليله إبراهيم – عليه السلام -: ) قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (3. وهذا هو الأصل في المسلم أنه عبد الله، يصوم له، ويصلي له، ويذبح له، وينذر له، ويخاف منه، ويرجوه، ويحبه، ويتوكل عليه، ويتحاكم إليه، وينقاد لأوامره، ويجتنب نواهيه، فحياته ومماته كلها لله، قال عز وجل: ) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ( 4. وقال عز وجل: ) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ( 5.
والصوم عبادة لله عز وجل، بل إنَّ الله عز وجل قد أضافه إليه، واختصه لنفسه عن سائر العبادات، وذلك لشرفه وفضله، ولأنه سرٌ بين العبد وربه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: " إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " 6. ولم يقل -جل في علاه- الصلاة أو الزكاة أو الحج لي. لذلك فإن من المهم جداً أن يصلح العبد نيته، وأن يخلص لله في عبادته؛ حتى يكون صومه لله عز وجل، لا لأحد سواه؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ من ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" 7.
ولقد اشترط العلماء في صيام الفرض تبيت النية من الليل، وذلك من أجل تذكير الناسي، وتعليم الجاهل بأهمية النية، وأنه لابد من الإخلاص لله في الصوم، وفي غيره من العبادات، مستدلين بحديث سالم بن عبد الله بن عمر عن حفصة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له " 8.
ألا فلنتق الله - معشر الصائمين- ولنخلص أعمالنا، ولنحاسب أنفسنا؛ حتى يكون صومنا عبادة لله، وحتى نفوز ونفلح في الدنيا والآخرة، ولْنخف أن ترد أعمالنا علينا، ونحن نحسب أننا نحسن صنعاً، وليكن شعار كل واحد منَّا:
ليت شعري إن جئتهم يقبلوني أم تراهم عن بابهم يصرفوني
أم ترانـي إذا وقفـت لديهم يأذنـوا بالدخول أم يطردوني 9
نسأل الله قبول الأعمال.. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً..
--------------------------------------------------------------------------------
1 - رواه مسلم وأحمد وابن ماجه.
2 - رواه أحمد وابن ماجه والدارمي. وهو حديث صحيح كما في صحيح ابن ماجه للألباني برقم ( 1371 ).
3 - الأنعام (162 - 163).
4 - الكهف(110)
5 - البينة(5).
6 - رواه البخاري ومسلم.
7 - رواه البخاري ومسلم.
8 - رواه النسائي والترمذي وأبو داود وابن ماجة.
9- (لطائف المعارف) صـ ( 182). مؤسسة الريان - دار ابن حزم. الطبعة الأولى. (1414هـ).
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعد،،،
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد - صل الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعةٍ، وكل بدعةٍ ضلالةٍ، وكل ضلالةٍ في النار، وبعد.
إخواتي في الله موضوعي هذا عن صوم العبادة، وقد تستغرب هذا العنوان الذي عنونت له، وذلك لأنَّ الأصل في الصوم أنه عبادة لله عز وجل، بل هو ركن من أركان الإسلام؛ الذي لا يقوم عمود الإسلام إلا به، ولكنني أقول لك إنَّ هناك صوماً ليس بعبادة، وإن قلت كيف ذلك؟ أقول لك: إن بعض الناس يصوم - وللأسف الشديد - عن الطعام والشراب وسائر المفطرات الحسية، ولكنه يغفل عن تحقيق الإخلاص واستحضار عند بداية صومه، فصيامه وفطره مع الناس، إن صام الناس صام، وإن أفطروا أفطر، فيكون صيامه هذا صوم عادة، وليس صوم عبادة لأنه لم يخلص النية، وأقل ما يقال في حكم صومه أنه لا أجر له، أو أنه سقط عليه الفرض، بمعنى أنه لا يطالب بالقضاء، بل قد يكون غارماً إن أفطر شيئاً من رمضان - والله المستعان -.
والبعض الآخر يرائي ويسمع ويعجب بصيامه، فهذا وإن كان فيما يبدو للناظر أنه قد أمتنع عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات، ولكن صومه في الحقيقة لم يكن عبادة محضة لله؛ لأنه لم يستحضر النية، ولم يخلص العمل لله، بل شاب صيامه الرياء والتسميع والعجب، وهذه في صيام النافلة، وأما في صيام الفرض فلا يدخل فيه التسميع؛ لأنه ينبغي أن يعلم الناس أن هذا الشهر شهر رمضان، وأنه يجب على كل مسلم مكلف الصيام، فمن كان هذا حاله فإنَّ الله عز وجل غني عن صيامه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " 1. وليس له من صيامه إلا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: " رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر " 2. فهو على خطر عظيم، وعليه أن يحاسب نفسه، وأن يستدرك ما بقي من عمره بالتوبة النصوح، وإخلاص العمل الله عز وجل..
أخي الصائم! إن الله أمرنا أن نخلص له في عبادتنا، بل وفي جميع أحوالنا، فيجب أن تكون جميع حركاتنا وسكناتنا، وحياتنا إلى أن نموت لله عز وجل، قال تعالى عن خليله إبراهيم – عليه السلام -: ) قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (3. وهذا هو الأصل في المسلم أنه عبد الله، يصوم له، ويصلي له، ويذبح له، وينذر له، ويخاف منه، ويرجوه، ويحبه، ويتوكل عليه، ويتحاكم إليه، وينقاد لأوامره، ويجتنب نواهيه، فحياته ومماته كلها لله، قال عز وجل: ) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ( 4. وقال عز وجل: ) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ( 5.
والصوم عبادة لله عز وجل، بل إنَّ الله عز وجل قد أضافه إليه، واختصه لنفسه عن سائر العبادات، وذلك لشرفه وفضله، ولأنه سرٌ بين العبد وربه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: " إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " 6. ولم يقل -جل في علاه- الصلاة أو الزكاة أو الحج لي. لذلك فإن من المهم جداً أن يصلح العبد نيته، وأن يخلص لله في عبادته؛ حتى يكون صومه لله عز وجل، لا لأحد سواه؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ من ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" 7.
ولقد اشترط العلماء في صيام الفرض تبيت النية من الليل، وذلك من أجل تذكير الناسي، وتعليم الجاهل بأهمية النية، وأنه لابد من الإخلاص لله في الصوم، وفي غيره من العبادات، مستدلين بحديث سالم بن عبد الله بن عمر عن حفصة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له " 8.
ألا فلنتق الله - معشر الصائمين- ولنخلص أعمالنا، ولنحاسب أنفسنا؛ حتى يكون صومنا عبادة لله، وحتى نفوز ونفلح في الدنيا والآخرة، ولْنخف أن ترد أعمالنا علينا، ونحن نحسب أننا نحسن صنعاً، وليكن شعار كل واحد منَّا:
ليت شعري إن جئتهم يقبلوني أم تراهم عن بابهم يصرفوني
أم ترانـي إذا وقفـت لديهم يأذنـوا بالدخول أم يطردوني 9
نسأل الله قبول الأعمال.. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً..
--------------------------------------------------------------------------------
1 - رواه مسلم وأحمد وابن ماجه.
2 - رواه أحمد وابن ماجه والدارمي. وهو حديث صحيح كما في صحيح ابن ماجه للألباني برقم ( 1371 ).
3 - الأنعام (162 - 163).
4 - الكهف(110)
5 - البينة(5).
6 - رواه البخاري ومسلم.
7 - رواه البخاري ومسلم.
8 - رواه النسائي والترمذي وأبو داود وابن ماجة.
9- (لطائف المعارف) صـ ( 182). مؤسسة الريان - دار ابن حزم. الطبعة الأولى. (1414هـ).