الكلمة 1
قال ابن مسعود رضي الله عنه ( اعتبروا الناس بأخدانهم
فإن المرء لا يخادن إلا من يعجبه ) وهذا مأخوذ من قول النبي
صلى الله عليه وسلم ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من
يخالل ).
ومعنى هذه الوصية العظيمة من ابن مسعود رضي الله عنه
أنك إذا رأيت إنسانا يصاحب إنسانا آخر , فاعتبر هذا بذاك ,
فإن المرء لا يصاحب إلا من يعجبه كما قال ابن مسعود رضي
الله عنه ,, أي يعجبه في تصرفاته ,, يعجبه في كلامه ,, يعجبه
في تفكيره .
و مغزى هذه الوصية أن على الإنسان أن يعتبر نفسه , فليس
المقصود أن يحكم على الآخرين , وإنما المقصود هو أن يحكم
على نفسه , فإن كان لا يصاحب إلا أهل السنة فمعنى ذلك أنه
محب لها ,, وإن كان لا يصاحب إلا أهل البدع فليعلم أن المرء
على دين خليله , وكل ٌ حسيب نفسه ,, وهذه الوصية تربويةٌ
جامعةٌ دعويةٌ.
الكلمة 2
قال ابن مسعود رضي الله عنه لأصحابه ( إنكم في زمان كثير
علماؤه , قليل خطباؤه ,, وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير
خطباؤه ) الخطيب هو الذي يلقي كلاما علنيا على مجموعة من
الناس ,, فيدخل فيه خطيب الجمعة , والمحاضر , والمدرس
وكل من يخطب .
وفي هذا الزمن , الخطباء على هذا المعنى كثير ,, ولكن
العلماء كما قال ابن مسعود رضي الله عنه ,,,,, قليل .
وابن مسعود رضي الله عنه قد قال هذه الكلمة ليحذر الناس
من الابتعاد عن طريق أهل العلم , وإتيان طريق الخطباء , وإذا
نظرنا إلى كلام ابن مسعود رضي الله عنه , وتأملنا الواقع اليوم
وجدنا أن سماع الناس لكلام الخطباء , أكثر من سماعهم لكلام
العلماء .
الكلمة 3
قال ابن مسعود رضي الله عنه لأصحابه محذرا وموصيا
وعاهدا إليهم , بل إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم _ فقال _
( إنها ستكون أمور مشتبهات , فعليكم بالتؤدة , فإن الرجل يكون
تابعا في الخير خيرٌ له من أن يكون رأسا في الضلالة )
أمور مشتبهات ,, أي في الأقوال وفي الواقع وفي أحوال
الناس , فبين رضي الله عنه كيف يجب أن يكون المرء عند ورود
المتشابهات , فقال : ( فعليكم بالتؤدة ) أي , الزموا الرفق .
فإذا ابتدأت المشتبهات التي لا يدري الإنسان كيف يرجعها,,
لا يدري ماذا يقول فيها ,, لا يدري هل يفعل فيها كذا أو يفعل
فيها كذا .
فوصية ابن مسعود رضي الله عنه له أن يلزم التؤدة , أي
الرفق , لأنه لا يجوز له أن يتصرف تصرفا إلا عن علم , ولا
يتصرف على جهل ,, لأن العلم به النجاة , والجهل أودى الناس
للهلاك .
فعلى المرء أن يتأنى , فلا يتكلم إلا بكلام يعلم حسنه في
الشرع , وإصابته في الشرع , فإن كان عاميا أو طالب علم ,
فعليه أن يسأل أهل العلم , الراسخين فيه , فَيُبَصرُونَه .
ومعنى قوله رضي الله عنه ( فإن الرجل يكون تابعا في الخير
خيرٌ من أن يكون رأسا في الضلالة ) معناه , أن الأمور المتشابهة
إذا أقبلت وأتاها الإنسان دون معرفة شرعية صحيحة , كانت
عاقبتها إلى ضلالة .
فأن يكون تابعا في الخير خيرٌ من أن يكون رأسا في الضلالة ,
لأن المحاسبة يوم القيامة تكون على ما عَمِلَ ,, لا على ,, هل
كان رأسا أم كان تابعا .