الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله على سيدنا محمد اشرف خلق الله أجمعين وعلى اله وأصحابه الطيبين الطاهرين والتابعين ومن تبعهم من المؤمنات والمؤمنين وسلم تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدين أما بعد:
فلما كان علم الروحانية روح العلوم الحكمية وكان من أهم مطالبه العزيمة الجليلة المعروفة بدعوة الجلجلوتية لما حونه من الأسماء والأقسام ولما فيها من الأسرار العظام والخواص الجسام تكلم عليها كثير من الحكماء أرباب الخواص وسأنبئكم عن بعض ما ذكروه مع بعض ما من به على الفتاح العليم من جليل الخواص وقدمت على ذلك وصية عملا بطريقتهم السنية فقلت وعلى الله توكلت :
ينبغي للطالب استعمال الصدق في الظاهر والباطن ولاكتساب من الحلال والنصح لاخوانه واجتناب ما حرم الله عليه في كتابه العزيز على لسانه نبيه الكريم وأن يعمل بالكتاب والسنة في كل ما يرومه وأن يكون ملازما للطهارة الكاملة وليس الثياب النظيفة الطاهرة واستعمال أنواع الطيب والأدهان العطرة وقلة الشبع والنوم فإن هذه الخصال نعين الطالب على كل ما يطلبه من هذا العلم وموجبة للوصول ثم يجب عليه أن يعبد الله ولا يشرك به شيئا وأن يؤدى ما وجب عليه من الأمور الدينية أحسن تأدية وان يخلص في عبادته لمولاه فقد قال تعالى )إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين )
وقال تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعباده ربه أحدا)
فالإخلاص باب الوصول والرياء باب البعد والطرد تعوذ بالله من الرياء والنفاق ويجب عليه كتمان ما يرى من الأسرار وطاعة الأملاك واستظهار الجن له ومخاطبهم وقيامهم بمطالبته فإن إظهار ذلك يحط قدر الطالب عندهم وأن لا يضجر من الطلب وإن تأخرت عنه الإجابة فإن الضجر موقف لكل طالب وأن يتبع في مطالبه أوساط الأمور ويعتمد في ذلك كله على تقوى الله تعالى ويجب أن يكون عارفا بالأحكام الشرعية والدعوى و البينات ليقطع بذلك حجة من يحتج عليه من الجن فإن طالب هذا العلم بمنزل الحاكم الذي يرأس الناس ويجب عليه أن يراعى حرمة كتاب الله تعالى وأسمائه فلا يكتب شيئا منها ليضعه في مواطئ الأقدم وينبغي له استقبال القبلة الشريفة والجلوس في الأمكنة الطاهرة النظيفة وان لا يكون في مجلسه جنب ولا حائض ولا صغير يبكي ولا كلب ولا صورة حيوان وان ينزه نفسه عن الدناءة ومسقطات المروءة ومخلات الأدب في كل أحواله وليعلم أن جميع الأمكنة لاتخلو من الأرواح الجنية وان سكان كل مكان من الجن لا يسمحون لغيرهم من الأرواح الموكلين بخدمة الأسماء والدعوات بالدخول في مكانهم إلا إذا أمرهم الطالب بإخلائه لهم ولذلك يجب على الطالب إذا أراد عملا من الأعمال في أي مكان أن يصرف عنه سكانه من الأرواح ثم بعد إتمامه عمله يأمرهم بالعودة إلى مكانهم وأحسن ما رويناه في صرفهم أن يقول الطالب ثلاث مرات وهو يبخر بكندر وكزبرة وشونير وفاسوخ
أو ليس للزجر الشديد قواطع قالوا بلى لاح كالنيران
فأجبهم ماذا أقول وأبتدئ قالوا بذكر مكون الأكوان
بأبارش بهيارش وهيارش جل المهيمن منزل القرآن
جبريل فاهبط للثريا عاجلا نادي هيوط مسعر النيران
نادى سيوط مع طيوط قد بدت أنواره تبدو على الانسان
فباسمه هيا الرحيل لعند ما أقضى مرامي وارجعوا بأمان
الحرق من يرضاه منكم ارحلوا وبنور ديعوج طلقت عنان
طهشا شقون لم تزل انواره تبدوا على التالي بكل مكان
أقسمت إقساما بعزة بطهش وبطهشلان ذكره برقان
هو اشمخ هو ربنا العالي على كل براخ جوده أعنان
جبريل فاهبط عاجلا لعزيمتي رحيل ذي العمار والسكان
بحلال مولانا العظيم ومن له جود على التالي مع الإحسان
الماجد الجبار فرد لم يزل متعاليا ومنزها عن شأن
وبحرمة النور الذي ناديته وعليه قد انزلت بالقرآن
الهاشمي الابطحى محمد هو اشرف العربان والعجمان
يا عامر هيا الرحيل بإذن من أنشاك يا هذا من النيران
هو خالق هو بارئ ومصور هو منعم بالغفر والغفران
تالله إن خالفتني ياعامرا جبريل قد اوفاك بالنيران
ثم الصلاة على النبي وآله أهل الهدى والفضل والإحسان
فبحقهم وبحبهم أن ترتحل يا عامرا بالمصطفى العدنان
فإذا قضى حاجته وأراد عودتهم فيقول بحق الأسماء التي انصرفتم بها يا عمار هذا المكان عودوا إلى ما كنتم عليه وبحق (الله لا إله إلا هو الحي القيوم )إلى آخر آية الكرسي ثلاث مرات ا ه
ثم ليعلم أن هذه العزيمة الجليلة وردت إلينا من طرق كثيرة أصحها الطريقتان اللتان سأذكرهما لاحقا في مملكتي هذه عليك وهما اللتان عليهما أعتمد في التصرف بها في مطلبي فعليك أن تلزم أيهما أردت بشرط أن تحرز من التصحيف واللحن والغلط والتقديم والتأخير فإن ذلك مفسد لكل قسم