تأثير الاصابات الروحيه على اضطرابات الجسم الوظيفيه وعلاقتها بالغذاء
السحر وماله من انواع نسمع عن ان شخص مسحور وتحدث له اعراض اما مرضية او سلوكية ولكن كيف يؤثر السحر ويسبب ما يسمى بالاعراض الروحية ....
يقول ابن القيم : والسحر يؤثر مرضاً وثقلاً وعقلاً وحباً وبغضاً ونزيفاً موجود تعرفه عامة الناس.
قراءتي لهذا النص من كلام الشيخ فتحت لي الأبواب لفهم حقيقة الترابط بين (الإصابة الروحية) وبين أحد إضطرابات الجسم الوظيفية.
عادة ما تكون الإصابات الروحية سببا في إضطراب المعدة وظيفيا. وهذا الإضطراب إما أن يكون نتيجة استهداف المعدة بشكل مباشر وإما بإستهداف (الجسم أو عضو) فيؤثر ذلك على المعدة , بحكم للإرتباط الوثيق بين أجهزة الجسم المختلفة.
ولعل " سوء الإمتصاص " هو أكثر الأعراض المتلازمة مع الإصابة الروحية, فما هو سوء الإمتصاص ؟ (Malabsorption)
يعرف الأطباء سوء الإمتصاص بأنه قصور جسم الانسان في الامتصاص المناسب للمعادن والفيتامينات ومختلف المواد الغذائية، الموجودة في الاطعمة حتى وان كانت الوجبة الغذائية تحتوي على جميع العناصر التي يحتاجها الجسم، فإن الشخص الذي يعاني من مرض سوء الامتصاص يعاني من امراض نقص التغذية المختلفة.
وهذا المرض عادة ما ينتج عن(تعطل الهضم) او قصور في امتصاص المواد الغذائية ووصولها الى (مجرى الدم ) عن طريق القناة الهضمية وبالاخص الامعاء الدقيقة او ربما نتيجة لوجود السببين معاً.
و لا يبعد أن يكون للشياطين معرفة بطرق تعطيل هضم المعدة أو تعطيل وصول المواد الغذائية إلى مجرى الدم (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم.) أو بحكم إلتصاق مادة السحر الخبيثة وما أضيف إليها من أخلاط نجسة ونفثات خبيثة بجدران المعدة ، فتتفاعل مع أخلاطها وتغير من صفاتها وتفسدها حتى إذا ما انتشرت هذه الأخلاط في البدن زاد تصرف الشياطين فيه ، وأضرت به ضرراً بالغاً .
قال الإمام ابن القيم : (فإن للسحر تأثيرا في الطبيعة ، وهيجان أخلاطها ، وتشويش مزاجها ), وقال في موضع آخر من كتابه (زاد المعاد) " والله سبحانه وتعالى قد يجعل لهذه الأرواح تصرفاً في أجسام بني آدم عند (حدوث الوباء ) و(فساد الهواء) ، كما يجعل لها تصرفاً عند (غلبة بعض المواد الرديئة) التي تحدث للنفوس هيئة رديئة ولا سيما عند هيجان الدم والمرة السوداء وهيجان المني ، فإن الأرواح الخبيثة تتمكن من فعلها لصاحب هذه العوارض ما لا تتمكن من غيره ما لم يدفعها دافع أقوى "
أما الاعراض العامة لمرض سوء الامتصاص فهي تشتمل على الامساك والاسهال وتكون الغازات والاجهاد وجفاف الجلد واضطرابات عقلية ووهن في العضلات وتوتر والتغوط الدسمي والذي يكون فيه البراز شاحباً ودهنياً وبكمية كبيرة، وزيادة القابلية لحدوث الكدمات، وخفة الشعر ونقص في الوزن، واضطرابات في البصر وبالاخص العشى الليلي. كما يمكن ان تحدث لدى المصاب انيميا واسهال ونقص في الوزن مجتمعة، وقد يظهر على بعض المرضى امراض السمنة نتيجة لترسب الدهون في الانسجة بدلاً من استخدام الجسم لهذه الدهون، وكمحاولة للجسم في الحصول على احتياجاته من المواد الغذائية التي لم يستطع الجسم امتصاصها فإنه يشتهي المزيد والمزيد من الطعام.
ولا يخفى على المتبصر أن هذه الأعراض مطابقة تماما لأشهر أعراض الإصابات الروحية
"سوء الإمتصاص" وظهور أعراض الإصابات الروحية:
ذكرنا أن " سوء الإمتصاص " هو أكثر الأعراض المتلازمة مع الإصابات الروحية , وأن سوء الإمتصاص هو قصور جسم الانسان في الامتصاص المناسب للمعادن والفيتامينات ومختلف المواد الغذائية, ويؤدي الغياب أو النقص للفيتامينات والمعادن إلى حالات وأمراض نقص مميزة ومتلازمات تختلف بحسب الفيتامين أو المعدن الناقص.
وقبل الشروع في إستعراض بعض الآثار المترتبة على غياب أو نقص الفيتامينات والمعادن , يجدر بنا تعريف الفيتامينات .
الفيتامينات هي مغذيات عضوية مطلوبة بكميات صغيرة من أجل العديد من الوظائف الكيميائية الحيوية وهي عادة لا تصنع داخل الجسم ولذلك فلابد من تناولها في الغذاء. وتصنّف الفيتامينات على أساس قابليتها للذوبان في الماء أو الدهن حيث توجد فيتامينات قابلة للذوبان في الماء (فيتامينات ب المركب B complex و ج C) وفيتامينات قابلة للذوبان في الدهون (فيتامينات أ A ود D وهـ E وك K). ويترتب على غيابها أو نقصها حالات وأمراض نقص مميزة ومتلازمات تختلف بحسب الفيتامين أو المعدن الناقص.ولتوضيح ذلك نورد الأمثلة التالية:
نقص فيتامين (B1)
يؤدي إلى إختلال توازن الجسم وإلى إضطرابات هضمية شديدة كالإمساك وسوء الهضم, أما (فقدانه) فيسبب إلتهاب الأعصاب, ونقص الحس, وفقد الشهية,والشعور بالتعب, والإصابة بمرض البري بري(الهزال الرزي)الذي يتصف بإلتهاب الأعصاب المتعدد المؤدي إلى الشلل.
نقص فيتامين (B3)
إضطرابات عصبية كالنرفزة, الصداع,عدم التوازن, بطء الفهم,ضعف الذاكرة, الشعور بالألم,إضطرابات هضمية ونقص الوزن.أما الحرمان منه فيؤدي إلى إضطرابات عقلية تدعى (الجنون السفاعي) وفقر دم شديد.
نقص فيتامين (B6)
يؤدي إلى إختلاجات ونوبات صرع وإرتعاشات عضلية ( نتيجة إعتلال الأعصاب الحيطية) , إضطرابات جلدية وهضمية,
وعند (فقده) إرتشاح دهني بالكبد, وفقر دم .
نقص فيتامين (B12)
فقر دم شديد, شحوب واضح, نقص الشهية للطعام, الإسهال, الخمول,الدوار, الصداع,إلتهاب العصب البصري, فقد تناسق
الحركات وإضطراب التوازن.
نقص فيتامين (C)
ضعف عام في مناعة الجسد, آلام شديدة مع كدمات ونزوف حول الأجربة الشعرية
نقص فيتامين (E)
فقر الدم وسقوط الشعر, إضطراب الدورة الشهرية والإجهاض, فقد الشهوة, ضعف الخصيتين والعقم وتضخم البروستات.
نقص فيتامين (H)
إلتهابات جلدية مختلفة, تساقط الشعر, إفراز غزير للدهون على سطح الجلد, شعور بالتعب, الغثيان, الإكتئاب, والآلآم العضلية.
نقص فيتامين (K)
حوث النزف العفوي
نقص الكلور والصوديوم يؤدي إلى التعب والإرهاق العام, الخمول, تشنجات عضلية, فقدان الشهية,إنخفاض ضغط الدم وشح البول.
نقص البوتاسيوم يؤدي إلى العصبية والأرق وخفقان القلب والتعب والإجهاد الفكري والعضلي, وإلى التشنج وضعف مقاومة الأمراض, وإلى الإمساك وإنتفاخ البطن نتيجة الشلل الوظيفي للأمعاء.
نقص الحديد يؤدي إلى الإصابة بأحد أشكال فقر الدم المتعددة ,وما يستتبعه ذلك من أعراض مثل ارهاق سريع وفقدان للطاقة, سرعة دقات القلب بشكل غير إعتيادي ، ضيق في التنفس و الصداع ، وخاصة أثناء بذل المجهود, صعوبة التركيز, الدوخة, تشنجات في الساق, الأرق, إحساس بالتوخز ، "وخز دبابيس وابر" في اليدين أو القدمين, فقدان الاحساس باللمس, صعوبة المشي, التصرف بصورة خرقة وتصلب الأذرع و الساقين, تطور حالة يطلق عليها Pica و هي الإحساس بالجوع ناحية مواد غريبة مثل الورق ، والجليد ، او الاوساخ, الخرف, الهلوسه ، والذعر والفصام, ظهور كدمات صغيرة تحت الجلد, نوبات صرع
نقص المغنزيوم يؤدي إلى الإصابة بتوتر الأعصاب وبإضطرابات غريبة تجعلنا نتأذى من أدنى ضجيج,إضطرابات سلوكية وضعف ووهن عام وإرتعاش وتكزز وحالات إغماء وعدم إنتظام في القلب.
الزنك وجد أنه ضروري لفاعلية أكثر من سبعين إنزيماً من الأنواع المختلفة والتي تشمل على الأقل واحداً من كل تقسيم رئيسي للإنزيمات, ودور رئيسي في عمليات الأيض والعمليات الحيوية وحماية الإنسان من التعرض لكثير من الأمراض. ويؤدي نقصه إلى نقص الحيوية، تساقط الشعر ,ضعف الخصوبة والإنجاب عند الرجل والمرأة وقد يؤدي إلى العقم في بعض حالات نقصه الحادة, وإلى ولادة أطفال مشوهين، أو طول مدة الوضع، أو موت الطفل أثناء عملية الولادة،كما يؤدى إلى ارتفاع ضغط الدم والتوتر والعصبية، والإدمان، والاكتئاب
نقص اليود يؤدي إلى نقص هرمون "الثيروكسين" الذي تفرزه الغدة الدرقية, وهذا ينتج عنه إنحطاط القوة وقلة الإحتمال وفقدان الحيوية,كما يؤدي إلى زيادة ضربات النبض, وعصبية المزاج وعدم إختمال الحرارة.
وهذا يقودنا إلى حقيقة أنه كلما كان غياب هذه الفيتامينات والمعادن أو نقصها حادا , كلما تفاقمت أعراض (الإصابة الروحية) وبرزت للعيان بشكل أوضح , وهو ما ينبغي تداركه عاجلا وأخذه بالحسبان إلى جانب العلاج الروحي.
ويعضد هذه الحقيقة ما قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في أنه قال : ( من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر ) رواه البخاري . والعجوة: ضرب من أجود تمر المدينة وألينه. والاصطباح: تناول الشيء صباحاً. وقيل أن لفظ العجوة خرج مخرج الغالب فلو تصبّح بغير تمر العجوة نفع. وقال فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان – حفظه الله - : ( وإن تيسر التصبّح بسبع تمرات من تمر العجوة فهذا سبب شرعي وحصن حصين من كل ساحر مريد). وذهب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – إلى أن تأثير تمر العجوة على السحر خاصة والمنفعة العظيمة له قبل أو بعد وقوعه.
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أيضا قوله : " خير تمراتكم البُرنيُّ ، يذهب الدّاء ." الحديث رواه الحاكم ( 4/ 204 ) و الجامع الكبير (13737) و صحيح الجامع (3298) .وقوله " إنَّ في العجوة العالية شفاءً" .الحديث رواه مسلم (14/3) و أحمد (6/152) .
كما أظهر تحليل التمر أن فيه 70.6% من الكربوهيدرات و2.5% من الدهن و33% من الماء و1.32% من الأملاح المعدنية و10% من الألياف وكميات من الكورامين وفيتامينات أ - ب1 - ب2 - ج، ومن البروتين والسكر والزيت والكلس والحديد والفوسفور والكبريت والبوتاس و السلينيوم والمنغنيز والكلورين والنحاس والكالسيوم والمنغنيزيوم, إضافة إلى غناه بسكريات سريعة الإمتصاص كالجلوكوز والفركتوز (سكر الفاكهة) والسكروز (سكر القصب) . وهذا مما يجعله الغذاء الأمثل والأكمل.
إذن فحقيقة أنه كلما كان غياب هذه الفيتامينات والمعادن أو نقصها حادا , كلما تفاقمت أعراض (الإصابة الروحية) وبرزت للعيان بشكل أوضح , يمكن لها بنظري أن تفسر لماذا تظهر بعض أعراض (المس أو السحر أو العين) دون بعض ؟ أو لماذا تظهر الأعراض على درجات متفاوته من الوضوح؟ ولماذا تستفحل الأعراض والشكوى كلما تطاول عليها العهد ؟ ولماذا تستجيب الحالات المرضية بشكل مختلف للعلاج ؟