توقعات الأبراج تُجرّ إلى التعطيل ،
فلا تعلقوا أنفسكم بها ..!!
.................................................
كلامي هنا لن يكون عن تنبؤات ميشيل الحايك وأمثاله الذين تنبأوا للعام القادم بمقتل أبو مازن في فلسطين واغتيال بوش في أمريكا وبالزلازل والفيضانات لمنطقة سوريا ولبنان والأردن ... هذه التنبؤات المبنية على التواصل مع الجان ( كما يقول أصحابها ) لمعرفة الغيبيات المستقبلية .. لن يكون كلامي عنها فهي من الكهانة المنهي عنها وعن تصديقها .
لكنني أتكلم هنا عن التوقعات الفلكية للأبراج لكل عام التي أشتهرت بها عدد من الكاتبات العربيات من لبنان مثل ماغي فرح وكارمن شماس .. وكتبهم مشهورة خارج المملكة وتُباع بملايين النسخ سنوياً .
فهذه الـ( توقعات ) :
- ليست لأشخاص محددين بعينهم .
- ولا لأحداث محددة بعينها في منطقة معينة .
- بل هي مبنية على حسابات الفلكيين المعروفة عالمياً وعلميا لمواقع النجوم التي أقسم بها رب العباد حين قال عزوجل في سورة الواقعة آية 75 : ( فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسمٌ لو تعلمون عظيم ) ، وبالتالي فهم يلجأون إلى قياس وضع مواليد الأبراج عموماً وكل برج على حدة في كل فترة بناءً وقياساً على ماحصل بنفس الوضع في حالات مماثلة ومشابهة سابقاً وعلى مدى مئات وآلاف السنين الماضية ..
على سبيل المثال : عندما يدخل كوكب المريخ ( ماركوري ) على مربع معين من الأبراج يعني مثلا توقع المزيد من النشاط ومزيد من الهجومية والعدوانية على من يشملهم هذا الوضع .. وعلى الكرة الأرضية توقع نشاط مناخي قد يشمل فيضانات وزلازل وثورات بركانية ...!!
وهذا العلم - إن صحت العبارة - معروف من قديم الزمان عند الهنود وفارس والفراعنة ، وقيل أن أصله مأخوذ من بعض الأنبياء عليهم السلام والله وحده أعلم بذلك .. وقد نبغ فيه بعض علماء العرب والمسلمين الفلكيين قديماً ..
وقد ورد في ترجمة الإمام الشافعي رحمة الله عليه عند الذهبي أنه عكف على دراسة علم الحساب بالنجوم وبرع فيها كعادته في كل علم يبحث فيه .. لدرجة أنه حسب فلكياً لزوجته الحامل بأنها ستلد في كذا وتضع جارية ( يعني بنت ) وأنها ستلد بكذا وكذا من الصفات الخلقية .. وأنها ستموت مبكراً .. فحصل كما حسب وكما توقع ، فذُهل رحمة الله عليه وعزم على ترك إستخدام الحسابات الفلكية لمعرفة ماقد يأتي به الغيب وتاب عنه ونهى تلاميذه عن تضييع وقتهم فيها لأنها كما قال : تُجر إلى التعطيل ...!!
ولأني من المهتمين بعلاقة طبائع الإنسان بأقداره من إسمه ومن تاريخ ومكان ولادته ، ومن نوع طعامه وشرابه .. بل وحتى من فصيلة دمه ، فقد عكفت في السنوات الخمسة الماضية على دراسة واستقراء مصداقية التوقعات الفلكية المبنية على حسابات النجوم فوجدت أن معظمها لا تزيد فيها المصداقية عن خمسين في المائة عن الحقيقة ... بمعنى أنها قد تصدق مرة ولاتصدق مرة أخرى ، أوقد لاتكون دقيقة في المرة الأخرى ..
وطالما أنها بهذا الحال وهي كذلك حسب ماتوصلت إليه ، فإن إضاعة الوقت فيها سيكون بلا طائل .. إضافة إلى أنها تجعل الإنسان يعتمد عليها ويُدمن متابعتها حتى يعرف الأوقات المناسبة دائماً لتقدمه في عمل ما أو تأخره عنه .. مما يجعله يُعطّل كثير من أعماله ومنجزاته لأسباب قد لا تكون حقيقية أو صادقة .. وهو بالضبط ماوصل إليه وعبّر عنه الإمام الشافعي رحمة الله عليه بقوله :
(( ... ولا تشتغل بعلم النجوم فإنه يُجر إلى التعطيل . )) .