يميل مولود برج الميزان من الجنسين إلى الموسيقى و المطالعة و الكتابة إذا لقي التشجيع اللازم من أهله و معلميه , كما يميل إلى المناقشة و الاستفسار عن كل ما يتعلق بالحياة ولا يستبعد أن يكون عنده الجواب لكل قضية الأمر الذي يهيئه منذ الطفولة لدور رجل القانون في المستقبل . وهو يسعى بالإضافة , إلى المحافظة على استقلاله و على الجوانب الخاصة في حياته و يبدي في الوقت نفسه اهتماما كبيرا بأفراد الجنس الآخر . و لهذا السبب تتخلل حياته في سن المراهقة قصص حب عديدة تمر سريعا دون ان تترك في نفسه أثرا كبيرا .
عندما يرزق الأهل طفلا ينتمي إلى برج الميزان تتضاعف سعادتهم أمام جمال خلقته إذ يبدو متناسب التقطيع , مكتنز الجسم , مورد الخدين , وجهه ملآن بالبشر و الحبور , و ابتسامته توحي بأنه نموذج إعلاني في مجلة أطفال أنيقة . فإذا أضفنا إلى ذلك دماثة الطبع و غمازة أو اثنتين لا غنى لطفل برج الميزان عنهما أمكننا إعطاء صورة واضحة عن مرحلة ما بعد الولادة حيث يبدو كل من يراه مبهورا متعجبا من وسامته و عذوبته الملائكية .
في المرحلة التالية يبقى طفل الميزان محتفظا بعذوبته و حلاوته و لكنه يتكشف أيضا عن طباع قد لا تنال من الإعجاب ما نالت صورته الخارجية ساعة الولادة . يتكشف مثلا عن التردد و العناد أمام الطعام و خصوصا إذا وضع أمامه صنفان أو أكثر . ماذا يحدث بالضبط ؟ ينظر إلى أحد الصنفين مليا ثم ينتقل إلى الصنف الثاني و منه إلى الأول و هكذا دون أن يمس أحدهما . تتدخل والدته عندئذ ملحة مستعجلة , فيزيد عنادا و غضبا هذه المرة . من الصعب أن تدرك والدته سر تصرفه هذا ما لم تذكر أنه ينتمي إلى برج الميزان و أن ما تعتقده عنادا ليس سوى الحيرة و التردد في الاختيار . يقال عن الطفل – الثور أنه عنيد , و هذا صحيح أما طفل برج الميزان فليس سوى طفل يكره العجلة كما يكره الأوامر المشددة و يفضل أن يصل بنفسه إلى كل قرار – مهما كان بسيطا – بعد طول البحث و التفكير . و بكلام أبسط ينبغي لوالدته أن تريحه من مشقة الاختيار فلا تقدم له أكثر من صنف واحد من الطعام في كل مرة . هذا من جهة , و من جهة أخرى لا بد من أن يظهر الحيرة و التردد نفسيهما أمام كل أمر آخر سواء أكان يتعلق بلباسه أو لعبه أو دراسته . هنا أيضا ينبغي منحه الوقت الكافي , و إذا وجب التدخل في الوقت الملائم فليكن بلطف و هدوء و بأسلوب أقرب إلى الاقتراح منه إلى الأمر الجازم .
كثيرا ما تساءل الأهل عن سبب هذا التردد . السبب هو دون ريب البحث عن الصواب . فالطفل في برج الميزان طيب مستقيم يخشى ارتكاب الخطأ كما يخشى إلحاق الأذى بمن يحب . لذلك يمتنع من الإتيان بأي عمل قبل إشباعه درسا و تمحيصا الأمر الذي يقوده بطبيعة الحال إلى طرح الأسئلة و إثارة الجدل و استعمال لغة المنطق في كل ما يقوله أو يفعله . إن إحساس الخطأ و الصواب هذا يجعله كتوما للأسرار , كارها للنميمة , متمسكا بالحق إلى درجة الوقوف ضد أهله إذا بدا الحق إلى جانب سواهم .
تخلق مع طفل الميزان عادات حميدة لا تتوقع ممن في مثل عمره . فهو يظهر الاهتمام بالطعام لا بالنسبة إلى مذاقه فحسب بل أيضا بالنسبة إلى تنوعه و مظهره , كما أنه يأكل الحلوى بكثرة , و يعطي جو الطعام أهمية لا يقدرها عادة إلا من كان أكبر سنا و أرجح عقلا , فيحيط نفسه بالأزهار و الشموع و الألوان الجذابة الخ . . . من الطبيعي أن تظهر روحه الفنانة هذه في هندامه و نظافته و تنسيق غرفته و حاجاته و غير ذلك . و تعبر الفتاة المولودة في برج الميزان عن الظاهرة نفسها في طريقة عنايتها بنفسها و استعمالها العطور و الصابون و أدوات الزينة و غيرها .
قد يشعر أهل هذا الطفل بالضيق بين الحين و الآخر بسبب تردده و تفكيره و أسئلته المستمرة . لكن فيما عدا ذلك تبقى الحياة بقربه عميقة ذات مغزى شرط أن تؤمن عوامل سعادته التي هي من الدرجة الأولى : الراحة و الجمال و السكينة .