علامات محبة الله لك
وأي شرف أعظم وأي مرتبة أسمى من أن يكون العبد محبوبا لله عز وجل فمحبته لا تساميها محبة المخلوقين ولا تساويها محبة أحد ولو كان شريفا وإن كان العبد ليفرح بمحبة من كان له جاه وفضل في الناس من أمير وغني فكيف بمحبة الخالق المنعم المتفضل الذي أعزهم ورفعهم في الدنيا.
فهناك علامات تدل على محبة الله لعبده وهي أعمال وعبادات دلت النصوص على فضلها واتصاف فاعلها بمحبة الله فمن ذلك اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء بسنته قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران : 31]. ومن ذلك المواظبة على أداء الفرائض والنوافل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه). راه البخاري.
ومن ذلك محبة المؤمنين وصحبتهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس). وقال صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: (حقت محبتي للمتحابين في). رواه أحمد. ومن ذلك التقوى قال تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ). ومن ذلك الصبر عند المصيبة كما قال تعالى: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ). ومن ذلك الإحسان إلى الخلق كما قال تعالى: ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ). ومن ذلك التوبة والتطهر من الأحداث الحسية والمعنوية. قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
ومن العلامات التي يستدل بها على محبة الله للعبد أن يحوز محبة الصالحين ويكسب مودتهم كما جاء في صحيح البخاري: (إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض).
ومن العلامات الخفية التي لا يفطن لها الناس إبتلاء العبد في ماله ونفسه وأهله كما أخبر الرسول بذلك في قوله: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، و إن الله إذا أحب قوماً إبتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، و من سخط فله السخط ).
ما ذكره الله سبحانه في الحديث القدسي من فضائل عظيمة تلحق أحبابه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ " رواه البخاري 6502
وعن عائشةَ رضي اللَّهُ عنها ، أَن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، بعَثَ رَجُلاً عَلَى سرِيَّةٍ ، فَكَانَ يَقْرأُ لأَصْحابِهِ في صلاتِهِمْ ، فَيخْتِمُ بــ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } فَلَمَّا رَجَعُوا ، ذَكَروا ذلكَ لرسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فقال : « سَلُوهُ لأِيِّ شَيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ ؟ » فَسَأَلوه ، فَقَالَ : لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فقال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّه تعالى يُحبُّهُ » متفقٌ عليه
فقد اشتمل هذا الحديث القدسي على عدة فوائد لمحبة الله لعبده :
1- " كنت سمعه الذي يسمع به " أي أنه لا يسمع إلا ما يُحبه الله ..
2- " وبصره الذي يبصر به " فلا يرى إلا ما يُحبه الله ..
3- " ويده التي يبطش بها " فلا يعمل بيده إلا ما يرضاه الله ..
4- " ورجله التي يمشي بها " فلا يذهب إلا إلى ما يحبه الله ..
5- " وإن سألني لأعطينه " فدعاءه مسموع وسؤاله مجاب ..
6- " وإن استعاذني لأعيذنه " فهو محفوظٌ بحفظ الله له من كل سوء ..
نسأل الله أن يوفقنا لمرضاته .......