( وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ،
الَّذِيــنَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ،
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَــى الْعَالَمِينَ، وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ )
أمرهم الله أن يستعينوا فــــي أمورهم كلـهــــــا بالصبر بجميع أنواعه ،
وهــــو الصبر على طاعة الله حتى يؤديها ، والصبر عن معصية الله حتى يتركها ،
والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها، فبالصبر وحبس النفس
على ما أمر الله بالصبر عليه معونة عظيمة علــى كـــل أمـر من الأمور ،
ومن يتصبر يصبره الله ، وكذلك الصلاة التـي هي ميزان الإيمان ،
وتنهى عن الفحشاء والمنكر ، يستعان بها عـلى كــل أمر من الأمور
(وَإِنَّهَا) أي: الصلاة (لَكَبِيرَةٌ) أي: شاقة ( إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ )
فإنها سهلة عليهم خفيفة؛ لأن الخشوع، وخشية الله، ورجاء مــا عنـــده
يوجب له فعلها ، منشرحا صدره لترقبه للثواب ، وخشيته من العقاب ،
بخلاف من لم يكن كذلك، فإنه لا داعي له يدعوه إليها ،
وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه .
والخشوع هو: خضوع القلب وطمأنينته، وسكونه لله تعالى،
وانكساره بين يديه ، ذلا وافتقارا ،
وإيمانا به وبلقائه .
ولهذا قال (الَّذِينَ يَظُنُّونَ) أي: يستيقنون
( أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ ) فيجازيهم بأعمالهم
( وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) فهــــذا الذي خفف عليهم العبادات
وأوجب لهم التسلي في المصيبات ،
ونفــــس عنهم الكربات،
وزجرهم عن فعل السيئات،
فهؤلاء لهم النعيم المقيم في الغرفات العاليات ،
وأما من لم يؤمن بلقاء ربه ،
كانت الصلاة وغيرها من العبادات من أشق شيء عليه .