الثعبان الحارس
هي أكثر اللحظات إثارة وغموضا في حياة المكتشف.. إنها لحظة أن يكشف الأثري الستار عن كشف أثري جديد.. عندما تقع عيناك على أثر ظل دفين الرمال لآلاف السنين وتقوم أنت بيديك بالكشف عنه لأول مرة، لكي تكتب صفحة جديدة في كتاب التاريخ.. كنا قد عثرنا في منطقة سقارة بالقرب من أهرامات الجيزة الشهيرة على مقبرتين ظلتا لآلاف السنين أسفل رمال سقارة. وفي يوم الكشف وجدت نفسي أستيقظ من النوم مبكرا وقبل شروق شمس اليوم الجديد وذلك بعد سلسلة من الأحلام العجيبة التي اعتدت على رؤيتها قبل فتح أي مقبرة أثرية جديدة.
ولقد شدني الكشف الجديد إلى ما حدث منذ أعوام قليلة.. عندما قمت باكتشاف مقبرة حاكم الواحات البحرية في عصر «الأسرة 26» المعروفة في التاريخ باسم «العصر الصاوي». وقد ظلت هذه المقبرة غير معروفة المكان وتقع أسفل منازل مدينة الباويطي عاصمة الواحات البحرية التي تبعد أكثر من ثلاثمائة كيلومتر عن القاهرة.
كان العالم الأثري الكبير أحمد فخري هو الأثري المصري الوحيد الذي أولى عناية فائقة باكتشاف آثار الواحات المصرية، وعمل في الواحات البحرية وحقق اكتشافات كبيرة، منها مقصورة حاكم الواحات البحرية «جد خنسو إيوف عنخ» في منطقة معبد عين المفتلة الذي يرجع إلى عصر الملك «أحمس الثاني أمازيس» (570 ـ 526 ق.م)، وظل أحمد فخري يبحث عن مقبرة حاكم الواحات لسنوات طويلة، وعلى الرغم من أن حفائره توقفت على بعد أمتار قليلة من مكان المقبرة، فقد كان قدره ألا يكون هو مكتشفها وتظل المقبرة مخفية لأكثر من نصف قرن آخر حتى وقت اكتشافي لها.
عندما دخلت إلى حجرة الدفن وجدت على المدخل ثقبا صغيرا.. نظرت منه إلى الداخل بعد أن سلطت الضوء على حجرة الدفن لأرى تابوتا رائعا لم يسبق أن رأيت مثله من قبل.. وتذكرت لحظة أن كشف هيوارد كارتر عن مقبرة «توت عنخ آمون» في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1922، وكانت مقولته المشهورة عندما سأله اللورد كارنانفون عما يرى، وكان كارتر ينظر من ثقب إلى داخل المقبرة فرد قائلا: «أشياء جميلة.. أشياء جميلة..»! دخلت إلى حجرة الدفن ومعي مساعدي في فريق العمل ووجدنا غطاء التابوت ممثلا عليه مناظر لربَّتَيْ الحماية في مصر القديمة «إيزيس» و«نفتيس» وتصوير بديع لـ«أوزير» إله الموتى في مصر القديمة.. وكان غطاء التابوت يصل وزنه إلى أكثر من عشرة أطنان من الحجر الجيري، وقررت فتح التابوت بعد أن قمت بإحضار الريس طلال وأخيه أحمد الكريتي من سقارة، وهما من عائلة تخصصت في التعامل مع الأحجار الثقيلة وفتح التوابيت المغلقة..
ومن الغريب أنهما بعد أن وصلا بدقائق إلى الواحات البحرية.. وجلسا معي لأشرح لهما ما سوف نقوم بعمله جاءتهما برقية تقول إن أخاهما قد مات.. وسافرا إلى القاهرة وعادا مرة أخرى بعد أسبوع.. بعدها بدأ البعض يردد لعنة تابوت حاكم الواحات.
وفي الليلة التي تقرر فيها فتح التابوت ذهبت إلى النوم مبكرا وظل التابوت يأتيني في أحلامي، وأرى ضبابا أصفر اللون كثيفا يحيط بالمكان، وثعبانا ضخما يقف عند المدخل يمنعني من الدخول، وظل الثعبان يتضخم إلى أن وصل إلى حجم لم أره من قبل في ثعبان وظل يضرب بذيله وينفث نارا من فمه..
واستيقظت من نومي فزعا ولم أستطع العودة مرة أخرى إلى النوم.. وقبل شروق الشمس توجهنا جميعا إلى مقبرة حاكم الواحات، وأخذ كل واحد يقوم بعمله في رفع غطاء التابوت والعمال ينشدون أغاني تراثية تحفزهم على العمل تبدأ بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم).. واستطعنا بعد ساعات من العمل المضني رفع غطاء التابوت وتحريكه لنكتشف وجود تابوت آخر من الألباستر قمنا بفتحه لنجد بقايا مومياء حاكم الواحات مغطاة بتمائم ذهبية وأخرى من الأحجار الكريمة... ولكننا عبثا لم نجد الثعبان
هي أكثر اللحظات إثارة وغموضا في حياة المكتشف.. إنها لحظة أن يكشف الأثري الستار عن كشف أثري جديد.. عندما تقع عيناك على أثر ظل دفين الرمال لآلاف السنين وتقوم أنت بيديك بالكشف عنه لأول مرة، لكي تكتب صفحة جديدة في كتاب التاريخ.. كنا قد عثرنا في منطقة سقارة بالقرب من أهرامات الجيزة الشهيرة على مقبرتين ظلتا لآلاف السنين أسفل رمال سقارة. وفي يوم الكشف وجدت نفسي أستيقظ من النوم مبكرا وقبل شروق شمس اليوم الجديد وذلك بعد سلسلة من الأحلام العجيبة التي اعتدت على رؤيتها قبل فتح أي مقبرة أثرية جديدة.
ولقد شدني الكشف الجديد إلى ما حدث منذ أعوام قليلة.. عندما قمت باكتشاف مقبرة حاكم الواحات البحرية في عصر «الأسرة 26» المعروفة في التاريخ باسم «العصر الصاوي». وقد ظلت هذه المقبرة غير معروفة المكان وتقع أسفل منازل مدينة الباويطي عاصمة الواحات البحرية التي تبعد أكثر من ثلاثمائة كيلومتر عن القاهرة.
كان العالم الأثري الكبير أحمد فخري هو الأثري المصري الوحيد الذي أولى عناية فائقة باكتشاف آثار الواحات المصرية، وعمل في الواحات البحرية وحقق اكتشافات كبيرة، منها مقصورة حاكم الواحات البحرية «جد خنسو إيوف عنخ» في منطقة معبد عين المفتلة الذي يرجع إلى عصر الملك «أحمس الثاني أمازيس» (570 ـ 526 ق.م)، وظل أحمد فخري يبحث عن مقبرة حاكم الواحات لسنوات طويلة، وعلى الرغم من أن حفائره توقفت على بعد أمتار قليلة من مكان المقبرة، فقد كان قدره ألا يكون هو مكتشفها وتظل المقبرة مخفية لأكثر من نصف قرن آخر حتى وقت اكتشافي لها.
عندما دخلت إلى حجرة الدفن وجدت على المدخل ثقبا صغيرا.. نظرت منه إلى الداخل بعد أن سلطت الضوء على حجرة الدفن لأرى تابوتا رائعا لم يسبق أن رأيت مثله من قبل.. وتذكرت لحظة أن كشف هيوارد كارتر عن مقبرة «توت عنخ آمون» في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1922، وكانت مقولته المشهورة عندما سأله اللورد كارنانفون عما يرى، وكان كارتر ينظر من ثقب إلى داخل المقبرة فرد قائلا: «أشياء جميلة.. أشياء جميلة..»! دخلت إلى حجرة الدفن ومعي مساعدي في فريق العمل ووجدنا غطاء التابوت ممثلا عليه مناظر لربَّتَيْ الحماية في مصر القديمة «إيزيس» و«نفتيس» وتصوير بديع لـ«أوزير» إله الموتى في مصر القديمة.. وكان غطاء التابوت يصل وزنه إلى أكثر من عشرة أطنان من الحجر الجيري، وقررت فتح التابوت بعد أن قمت بإحضار الريس طلال وأخيه أحمد الكريتي من سقارة، وهما من عائلة تخصصت في التعامل مع الأحجار الثقيلة وفتح التوابيت المغلقة..
ومن الغريب أنهما بعد أن وصلا بدقائق إلى الواحات البحرية.. وجلسا معي لأشرح لهما ما سوف نقوم بعمله جاءتهما برقية تقول إن أخاهما قد مات.. وسافرا إلى القاهرة وعادا مرة أخرى بعد أسبوع.. بعدها بدأ البعض يردد لعنة تابوت حاكم الواحات.
وفي الليلة التي تقرر فيها فتح التابوت ذهبت إلى النوم مبكرا وظل التابوت يأتيني في أحلامي، وأرى ضبابا أصفر اللون كثيفا يحيط بالمكان، وثعبانا ضخما يقف عند المدخل يمنعني من الدخول، وظل الثعبان يتضخم إلى أن وصل إلى حجم لم أره من قبل في ثعبان وظل يضرب بذيله وينفث نارا من فمه..
واستيقظت من نومي فزعا ولم أستطع العودة مرة أخرى إلى النوم.. وقبل شروق الشمس توجهنا جميعا إلى مقبرة حاكم الواحات، وأخذ كل واحد يقوم بعمله في رفع غطاء التابوت والعمال ينشدون أغاني تراثية تحفزهم على العمل تبدأ بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم).. واستطعنا بعد ساعات من العمل المضني رفع غطاء التابوت وتحريكه لنكتشف وجود تابوت آخر من الألباستر قمنا بفتحه لنجد بقايا مومياء حاكم الواحات مغطاة بتمائم ذهبية وأخرى من الأحجار الكريمة... ولكننا عبثا لم نجد الثعبان