انخداع صاحب الخوارق الشيطانية بحاله :
أولياء الرحمن وأولياء الشيطان [ ابن تيمية]
وجميع ما يؤتيه الله لعبده من هذه الأمور إن استعان به على ما يحبه ويرضاه , ويقربه إليه ويرفع درجته ويأمره الله به ورسوله ازداد بذلك
رفعة وقربا إلى الله ورسوله وعلت درجته وإن استعان به على ما نهى الله عنه ورسوله كالشرك والظلم والفواحش استحق بذلك الذم والعقاب.
فإن لم يتداركه الله تعالى بتوبة أو حسنات ماحية وإلا كان كأمثاله من المذنبين, ولهذا كثيرا ما يعاقب أصحاب الخوارق تارة بسلبها كما يعزل
الملك عن ملكه , ويسلب العالم علمه وتارة بسلب التطوعات فينقل من الولاية الخاصة إلى العامة .
وتارة ينزل إلى درجة الفساق وتارة يرتد عن الاسلام وهذا يكون فيمن له خوارق شيطانية فإن كثيرا من هؤلاء يرتد عن الاسلام وكثيرا منهم
لا يعرف أن هذه شيطانية بل يظنها من كرامات أولياء الله ويظن من يظن منهم أن الله عز و جل إذا أعطى عبدا خرق عادة لم يحاسبه على
ذلك .
كمن يظن أن الله إذا أعطى عبدا ملكا ومالا وتصرفا لم يحاسبه عليه ومنهم من يستعين بالخوارق على أمور مباحة لا مأمور بها ولا منهي
عنها فهذا يكون من عموم الأولياء , وهم الأبرار المقتصدون وأما السابقون المقربون فأعلى من هؤلاء كما أن العبد الرسول أعلى من
النبي الملك .
ولما كانت الخوارق كثيرا ما ينقص بها درجة الرجل كان كثير من الصالحين يتوب من مثل ذلك ويستغفر الله تعالى كما يتوب من الذنوب
كالزنا والسرقة , وتعرض على بعضهم فيسأل الله زوالها وكلهم يأمر المريد السالك أن لا يقف عندها ولا يجعلها همته ولا يتبجح بها مع ظنهم
أنها كرامات , فكيف إذا كانت بالحقيقة من الشياطين تغويهم بها .
فإني أعرف من تخاطبه النباتات بما فيها من المنافع وإنما يخاطبه الشيطان الذي دخل فيها وأعرف من يخاطبهم الحجر والشجر وتقول :
هنيئا لك يا ولي الله فيقرأ آية الكرسي فيذهب ذلك وأعرف من يقصد صيد الطير فتخاطبه العصافير وغيرها .
وتقول : خذني حتى يأكلني الفقراء ويكون الشيطان قد دخل فيها كما يدخل في الإنس ويخاطبه بذلك ومنهم من يكوني في البيت وهو مغلق
فيرى نفسه خارجه وهو لم يفتح وبالعكس , وكذلك في أبواب المدينة وتكون الجن قد أدخلته وأخرجته بسرعة أو تريه أنوارا وتحضر عنده
من يطلبه ويكون ذلك من الشياطين يتصورون بصورة صاحبه فإذا قرأ آية الكرسي مرة بعد مرة ذهب ذلك كله.
وأعرف من يخاطبه مخاطب ويقول له : أنا من أمر الله ويعده بأنه المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه و سلم ويظهر له الخوارق مثل
أن يخطر بقلبه تصرف في الطير والجراد في الهواء فإذا خطر بقلبه ذهاب الطير أو الجراد يمينا وشمالا ذهب حيث أراد .
وإذا خطر بقلبه قيام بعض المواشي أو نومه أو ذهابه حصل له ما أراد من غير حركة منه في الظاهر وتحمله إلى مكة وتأتي به وتأتي
بأشخاص في صورة جميلة , وتقول له هذه الملائكة الكروبيون أرادوا زيارتك فيقول في نفسه : كيف تصوروا بصورة المردان فيرفع رأسه
فيجدهم بلحى ويقول له : علامة أنك أنت المهدي أنك تنبت في جسدك شامة فتنبت ويراها وغير ذلك وكله من مكر الشيطان .
وهذا باب واسع لو ذكرت ما أعرف منه لاحتاج إلى مجلد كبير وقد قال تعالى : { فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي
أكرمن * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن } .
قال الله تبارك وتعالى : { كلا } ولفظ ( كلا ) فيها زجر وتنبيه زجر عن مثل هذا القول وتنبيه على ما يخبر به ويأمر به بعده وذلك أنه ليس
كل ما حصل له نعم دنيوية تعد كرامة يكون الله عز و جل مكرما له لها , ولا كل من قدر عليه ذلك يكون مهينا له بذلك بل هو سبحانه يبتلي
عبده بالسراء والضراء فقد يعطي النعم الدنيوية , لمن لا يحبه ولا هو كريم عنده ليستدرجه بذلك وقد يحمي منها من يحبه ويواليه لئلا ينقص
بذلك مرتبته عنده أو يقع بسببها فيما يكرهه منه .
أولياء الرحمن وأولياء الشيطان [ ابن تيمية]
وجميع ما يؤتيه الله لعبده من هذه الأمور إن استعان به على ما يحبه ويرضاه , ويقربه إليه ويرفع درجته ويأمره الله به ورسوله ازداد بذلك
رفعة وقربا إلى الله ورسوله وعلت درجته وإن استعان به على ما نهى الله عنه ورسوله كالشرك والظلم والفواحش استحق بذلك الذم والعقاب.
فإن لم يتداركه الله تعالى بتوبة أو حسنات ماحية وإلا كان كأمثاله من المذنبين, ولهذا كثيرا ما يعاقب أصحاب الخوارق تارة بسلبها كما يعزل
الملك عن ملكه , ويسلب العالم علمه وتارة بسلب التطوعات فينقل من الولاية الخاصة إلى العامة .
وتارة ينزل إلى درجة الفساق وتارة يرتد عن الاسلام وهذا يكون فيمن له خوارق شيطانية فإن كثيرا من هؤلاء يرتد عن الاسلام وكثيرا منهم
لا يعرف أن هذه شيطانية بل يظنها من كرامات أولياء الله ويظن من يظن منهم أن الله عز و جل إذا أعطى عبدا خرق عادة لم يحاسبه على
ذلك .
كمن يظن أن الله إذا أعطى عبدا ملكا ومالا وتصرفا لم يحاسبه عليه ومنهم من يستعين بالخوارق على أمور مباحة لا مأمور بها ولا منهي
عنها فهذا يكون من عموم الأولياء , وهم الأبرار المقتصدون وأما السابقون المقربون فأعلى من هؤلاء كما أن العبد الرسول أعلى من
النبي الملك .
ولما كانت الخوارق كثيرا ما ينقص بها درجة الرجل كان كثير من الصالحين يتوب من مثل ذلك ويستغفر الله تعالى كما يتوب من الذنوب
كالزنا والسرقة , وتعرض على بعضهم فيسأل الله زوالها وكلهم يأمر المريد السالك أن لا يقف عندها ولا يجعلها همته ولا يتبجح بها مع ظنهم
أنها كرامات , فكيف إذا كانت بالحقيقة من الشياطين تغويهم بها .
فإني أعرف من تخاطبه النباتات بما فيها من المنافع وإنما يخاطبه الشيطان الذي دخل فيها وأعرف من يخاطبهم الحجر والشجر وتقول :
هنيئا لك يا ولي الله فيقرأ آية الكرسي فيذهب ذلك وأعرف من يقصد صيد الطير فتخاطبه العصافير وغيرها .
وتقول : خذني حتى يأكلني الفقراء ويكون الشيطان قد دخل فيها كما يدخل في الإنس ويخاطبه بذلك ومنهم من يكوني في البيت وهو مغلق
فيرى نفسه خارجه وهو لم يفتح وبالعكس , وكذلك في أبواب المدينة وتكون الجن قد أدخلته وأخرجته بسرعة أو تريه أنوارا وتحضر عنده
من يطلبه ويكون ذلك من الشياطين يتصورون بصورة صاحبه فإذا قرأ آية الكرسي مرة بعد مرة ذهب ذلك كله.
وأعرف من يخاطبه مخاطب ويقول له : أنا من أمر الله ويعده بأنه المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه و سلم ويظهر له الخوارق مثل
أن يخطر بقلبه تصرف في الطير والجراد في الهواء فإذا خطر بقلبه ذهاب الطير أو الجراد يمينا وشمالا ذهب حيث أراد .
وإذا خطر بقلبه قيام بعض المواشي أو نومه أو ذهابه حصل له ما أراد من غير حركة منه في الظاهر وتحمله إلى مكة وتأتي به وتأتي
بأشخاص في صورة جميلة , وتقول له هذه الملائكة الكروبيون أرادوا زيارتك فيقول في نفسه : كيف تصوروا بصورة المردان فيرفع رأسه
فيجدهم بلحى ويقول له : علامة أنك أنت المهدي أنك تنبت في جسدك شامة فتنبت ويراها وغير ذلك وكله من مكر الشيطان .
وهذا باب واسع لو ذكرت ما أعرف منه لاحتاج إلى مجلد كبير وقد قال تعالى : { فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي
أكرمن * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن } .
قال الله تبارك وتعالى : { كلا } ولفظ ( كلا ) فيها زجر وتنبيه زجر عن مثل هذا القول وتنبيه على ما يخبر به ويأمر به بعده وذلك أنه ليس
كل ما حصل له نعم دنيوية تعد كرامة يكون الله عز و جل مكرما له لها , ولا كل من قدر عليه ذلك يكون مهينا له بذلك بل هو سبحانه يبتلي
عبده بالسراء والضراء فقد يعطي النعم الدنيوية , لمن لا يحبه ولا هو كريم عنده ليستدرجه بذلك وقد يحمي منها من يحبه ويواليه لئلا ينقص
بذلك مرتبته عنده أو يقع بسببها فيما يكرهه منه .