صفة كلامه:
كان كلامه صلى الله عليه وسلم بين فصْل ظاهر يحفظه من جلس إليه.
ورد في حديث متفق عليه أنه عليه الصلاة والسلام: "كان يُحدث حديثا لو عده العادُ لأحصاه".
" وكان صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثا لتُعقل عنه "، رواه البخاري.
ورُوي أنه كان صلى الله عليه وسلم يُعرض عن كل كلام قبيح و يُكني عن الأمور المُستقبحة في العُرف إذا اضطره الكلام إلى ذكرها، وكان صلى الله عليه و سلم يذكر الله تعالى بين الخطوتين.
صفة ضحكه و بكائه:
- " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تبسُما، وكنت إذا نظرت إليه قُلت أكحل العينين وليس بأكحل "، حسن رواه الترمذي .
- وعن عبد الله بن الحارث قال: "ما رأيتُ أحدا أكثر تبسما من الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحدث حديثا إلا تبسم، وكان ضحك أصحابه صلى الله عليه وسلم عنده التبسُم من غير صوت اقتداء به وتوقيرا له، وكان صلى الله عليه وسلم إذا جرى به الضحك وضع يده على فمه، وكان صلى الله عليه وسلم من أضحك الناس وأطيبهم نفسا ".
وكان صلى الله عليه وسلم إذا ضحك بانت نواجذه أي أضراسه من غير أن يرفع صوته وكان الغالب من أحواله التبسُم. وبكاؤه صلى الله عليه وسلم كان من جنس ضحكه، لم يكن بشهيق و رفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن تدمع عيناه حتى تنهملان ويُسمع لصدره أزيز، ويبكي رحمة لميت وخوفا على أمته وشفقة من خشية الله تعالى وعند سماع القرآن وفي صلاة الليل.
وعن عائشة قالت: " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مُستجمعا قط ضاحكا، حتى أرى منه لهاته، (أي أقصى حلقه) ".
صفة لباسه:
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: " وكان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص ( وهو اسم لما يلبس من المخيط )، رواه الترمذي في الشمائل وصححه الحاكم. ولقد كانت سيرته صلى الله عليه وسلم في ملبسه أتم و أنفع للبدن وأخف عليه، فلم تكن عمامته بالكبيرة التي يُؤذيه حملها أو يضعفه أو يجعله عرضة للآفات ، ولا بالصغيرة التي تقصُر عن وقاية الرأس من الحر والبرد وكذلك الأردية (جمع رداء) والأزُر (جمع إزار) أخف على البدن من غيرها. ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه و سلم نوعا مُعينا من الثياب، فقد لبس أنواعا كثيرة ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس ما يجده. وكان عليه الصلاة والسلام يلبس يوم الجمعة والعيد ثوبا خاصا، وإذا قدم عليه الوفد، لبس أحسن ثيابه وأمر أصحابه بذلك.
وعن أبي سعيد الخدري قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه، (عمامة أو قميصا أو رداء) ثم يقول: اللهم لك الحمد كما كسوتنيه أسألك خير ما صنع له وأعوذ من شره وشر ما صنع له"، رواه الترمذي في الشمائل، والسنن في اللباس، وأبو داود.
كان أحب الثياب إليه البيضاء . وكان صلى الله عليه وسلم لا يبدو منه إلا طيب، كان آية ذلك في بدنه الشريف أنه لا يتسخ له ثوب أي كانت ثيابه لا يصيبها الوسخ من العرق أو ما سوى ذلك وكان الذباب لا يقع على ثيابه.
صفة عمامته:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس قلنسوة بيضاء، والقلنسوة هي غشاء مبطن يستر الرأس، وكان صلى الله عليه و سلم يلبس القلانس (جمع قلنسوة) أحيانا تحت العمائم وبغير العمائم، ويلبس العمائم بغير القلانس أحيانا. كان صلى الله عليه وسلم إذا اعتم ( أي لبس العمامة )، سدل عمامته بين كتفيه، وكان عليه الصلاة والسلام لا يُولي واليا حتى يُعممه و يرخي له عذبة من الجانب الأيمن نحو الأذن. ولم يكن صلى الله عليه وسلم يُطول العمامة أو يُوسعها. قال ابن القيم: لم تكن عمامته صلى الله عليه وسلم كبيرة يؤذي الرأس حملها و لا صغيرة تقصر عن وقاية الرأس بل كانت وسطا بين ذلك وخير الأمور الوسط. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتم بعمامة بيضاء وأحيانا خضراء أو غير ذلك. وعن جابر رضي الله عنه قال: " دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء ". ولقد اعتم صلى الله عليه! وسلم بعد بدر حيث رأى الملائكة تلبسها. وصحة لبس المصطفى للسواد ونزول الملائكة يوم بدر بعمائم صُفر لا يعارض عموم الخبر الصحيح الآمر بالبياض لأنه لمقاصد اقتضاها خصوص المقام كما بينه بعض الأعلام.
صفة نعله و خُفه:
كان لنعل رسول الله صلى الله عليه و سلم قبالان مُثنى شراكهما أي لكلٍ منهما قبالان ، والقبال هو زمام يوضع بين الإصبع الوسطى و التي تليها ويُسمى شسعا، و كان النبي صلى الله عليه و سلم يضع أحد القبالين بين الإبهام و التي تليها والآخر بين الوسطى و التي تليها و الشراك للسير (أي النعل). وكان يلبس النعل ليس فيها شعر، كما رُؤي بنعلين مخصوفتين أي مخروزتين مُخاطتين ضُم فيها طاق إلى طاق. وطول نعله شبر وإصبعان و عرضها مما يلي الكعبان سبع أصابع وبطن القدم خمس أصابع ورأسها مُحدد. وكان عليه الصلاة والسلام يقول موصيا الناس: " إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين و إذا نزع فليبدأ بالشمال ".
صفة خاتمه:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى العجم ، قيل له: إن العجم لا يقبلون إلا كتابا عليه ختمٍ، فاصطنع خاتما، فكأني أنظر إلى بياضه في كفه"، رواه الترمذي في الشمائل والبخاري ومسلم. ولهذا الحديث فائدة أنه يندب معاشرة الناس بما يحبون وترك ما يكرهون و استئلاف العدو بما لا ضرر فيه ولا محذور شرعا والله أعلم.
ولقد كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة و فصُه (أي حجره) كذلك ، وكان عليه الصلاة و السلام يجعل فص خاتمه مما يلي كفه ، نقش عليه من الأسفل إلى الأعلى (( محمد رسول الله ))، و ذلك لكي لا تكون كلمة "محمد" صلى الله عليه و سلم فوق كلمة {الله} سبحانه و تعالى. و عن ابن عمر رضي الله عنه قال: "اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق (أي من فضة) فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر ويد عمر، ثم كان في يد عثمان، حتى وقع في بئر أريس نقشُهُ ((محمد رسول الله )) "، رواه الترمذي في الشمائل ومسلم وأبو داود، وأريس بفتح الهمزة وكسر الراء ، هي بئر بحديقة من مسجد قباء.
و لقد ورد في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يلبس الخاتم في يمينه و في روايات أخرى أنه كان يلبسه بيساره و يُجمع بين روايات اليمين و روايات اليسار بأن كُلا منهما وقع في بعض الأحوال أو أنه صلى الله عليه و سلم كان له خاتمان كل واحد في يد و قد أحسن الحافظ العراقي حيث نظم ذلك فقال:
يلبسه كما روى البخاري في خنصر يمين أو يسار
كلاهما في مسلم و يجمع بأن ذا في حالتين يقع
أو خاتمين كل واحد بيد كما بفص حبشي قد ورد.
ولكن الذي ورد في الصحيحين هو تعيين الخنصر ، فالسُنة جعل الخاتم في الخنصر فقط، والخنصر هو أصغر أصابع اليد و حكمته أنه أبعد عن الامتهان فيما يتعاطاه الإنسان باليد و أنه لا يشغل اليد عما تزاوله من الأعمال بخلاف ما لو كان في غير الخنصر.
صفة سيفه:
عن سعيد بن أبي الحسن البصري قال: " كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة ".
والمراد بالسيف هنا، ذو الفقار وكان لا يكاد يفارقه ولقد دخل به مكة يوم الفتح. والقبيعة كالطبيعة ما على طرف مقبض السيف يعتمد الكف عليها لئلا يزلق. وفي رواية ابن سعد عن عامر قال: " أخرج إلينا علي بن الحسين سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قبيعته من فضة وحلقته من فضة ". وعن جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أسفله وحلقته وقبيعته من فضة.
صفة درعه:
عن الزبير بن العوام قال: " كان على النبي صلى الله عليه و سلم يوم أُحُد درعان فنهض إلى الصخرة فلم يستطع ( أي فأسرع إلى الصخرة ليراه المسلمون فيعلمون أنه عليه الصلاة و السلام حي فيجتمعون عليه، فلم يقدر على الارتفاع على الصخرة قيل لما حصل من شج رأسه و جبينه الشريفين واستفراغ الدم الكثير منهما) فأقعد طلحة تحته (أي أجلسه فصار طلحة كالسلم) وصعد النبي صلى الله عليه وسلم (أي وضع رجله فوقه و ارتفع) حتى استوى على الصخرة (أي حتى استقر عليها)، قال: سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: " أوجب طلحة ( أي فعل فعلا أوجب لنفسه بسببه الجنة وهو إعانته له صلى الله عليه وسلم على الارتفاع على الصخرة الذي ترتب عليه جمع شمل المسلمين وإدخال السرور على كل حزين ويحتمل أن ذلك الفعل هو جعله نفسه فداء له صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم حتى أصيب ببضعٍ وثمانين طعنة و شلت يده في دفع الأعداء عنه ) ". و ق! وله (كان عليه يوم أُحُد درعان) دليل على اهتمامه عليه الصلاة و السلام بأمر الحرب وإشارة إلى أنه ينبغي أن يكون التوكل مقرونا بالتحصن لا مجردا عنه. و لقد ورد في روايات أخرى أنه كان للنبي عليه الصلاة و السلام سبعة أدرعٍ.
صفة طيبه (أي عطره):
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ المسك فيمسح به رأسه و لحيته و كان صلى الله عليه و سلم لا يردُ الطيب، رواه البخاري. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه"، ورواه الترمذي في الأدب باب ما جاء في طيب الرجال والنساء، والنسائي في الزينة باب الفصل بين طيب الرجال والنساء، وهو حديث صحيح.
صفة كُحله:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر و يُنبت الشعر"، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم له مكحلة يكتحل منها كل ليلةٍ ثلاثة في هذه وثلاثة في هذه. قوله (اكتحلوا بالإثمد) المخاطب بذلك الأصحاء أما العين المريضة فقد يضُرها الإثمد، والإثمد هو حجر الكحل المعدني المعروف ومعدنه بالمشرق وهو أسود يضرب إلى حمرة. وقوله (فإنه يجلو البصر) أي يقويه و يدفع المواد الرديئة المنحدرة إليه من الرأس لاسيما إذا أُضيف إليه قليل من المسك. وأما قوله (يُنبت الشعر) أي يقوي طبقات شعر العينين التي هي الأهداب وهذا إذا اكتحل به من اعتاده فإن اكتحل به من لم يعتده رمدت عينه.
صفة عيشه:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: " ما شبع آل محمد صلى الله عليه و سلم منذ قدموا المدينة ثلاثة أيام تباعا من خبز بُر، حتى مضى لسبيله أي مات صلى الله عليه وسلم".