بكاء الجمل وشكواه للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
جاء فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لاَ أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفًا أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ، قَالَ: فَدَخَلَ حَائِطًا (بُسْتَانًا) لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ، فَقَالَ [مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟] فَجَاءَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ [أَفَلاَ تَتَّقِي اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ].اهـ
وَالذِّفْرَى مِنَ النَّاسِ وَمِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ: مِنْ لَدُنِ الْمَقَذِّ إِلَى نِصْفِ الْقَذَالِ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظْمُ الشَّاخِصُ خَلْفَ الأُذُنِ، وَقَالَ اللَّيْثُ: الذِّفْرَى مِنَ الْقَفَا هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَعْرَقُ مِنَ الْبَعِيرِ خَلْفَ الأُذُنِ، وَهُمَا ذِفْرَيَانِ مِنْ كُلِّ شَىءٍ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هَذِهِ ذِفْرَى أَسِيلَةٌ، لاَ تُنَوَّنُ لأَنَّ أَلِفَهَا لِلتَّأْنِيثِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ ذَفَرِ الْعَرَقِ لأَنَّهَا أَوَّلُ مَا تَعْرَقُ مِنَ الْبَعِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ: فَمَسَحَ رَأْسَ الْبَعِيرِ وَذِفْرَاهُ، ذِفْرَى الْبَعِيرِ: أَصْلُ أُذُنِهِ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُمَا ذِفْرَيَانِ، وَالْمَقَذَّانِ وَهُمَا أُصُولُ الأُذُنَيْنِ وَأَوَّلُ مَا يَعْرَقُ مِنَ الْبَعِيرِ.
(هَدَفًا: الْهَدَفُ كُلُّ شَىءٍ مُرْتَفِعٌ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ كَثِيبِ رَمْلٍ أَوْ جَبَلٍ. (لِسَانَ الْعَرَبِ)
(حَائِشُ نَخْلٍ: جَمَاعَةُ النَّخْلِ. (لِسَانَ الْعَرَبِ)
(رَبُّ: يُطْلَقُ الرَّبُّ فِي اللُّغَةِ عَلَى الْمَالِكِ، يُقَالُ: فُلاَنٌ رَبُّ هَذَا الشَّىءِ أَيْ مِلْكُهُ لَهُ. يُقَالُ هُوَ رَبُّ الدَّابَّةِ، وَلاَ يُقَالُ الرَّبُّ فِي غَيْرِ اللهِ إِلاَّ بِالإِضَافَةِ. لِسَانَ الْعَرَبِ).
(الْقَذَالُ: جَمَاعُ مُؤَخَّرِ الرَّأْسِ)