تحسين الصوت عند قراءة القران
...
قال العلامة الألباني- رحمه الله - في (الضعيفة ) ( 5326 ) :...
( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لكل شيء حلية ، وحلية القرآن حسن الصوت" . والله أعلم" .
قلت : حديث ابن عباس هذا ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة ، كما تقدم بيانه برقم (4322) ، فالأولى الاستدلال بالزيادة المتقدمة في بعض طرق حديث البراء المحفوظ بلفظ :
"فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً" .
ويشهد أيضاً لصحة ما تقدم حديث : "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" ؛ فإن المراد به وبأمثاله تحسين الصوت ، وبذلك فسره جماعة من السلف ؛ منهم ابن أبي مليكة ، والراوي عنه بهذا الحديث - وهو عبد الجبار بن الورد - ؛ فإنه قال عقب الحديث :
فقلت لابن أبي مليكة : يا أبا محمد ! أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يحسنه ما استطاع .
أخرجه أبو داود ، وهو في "صحيحه" برقم (1322،1323) . قال ابن كثير عقبه :
"فقد فهم من هذا أن السلف رضي الله عنهم إنما فهموا من التغني بالقرآن إنما هو تحسين الصوت به وتحزينه ؛ كما قال الأئمة رحمهم الله" .
ويشهد له أيضاً حديث أبي هريرة مرفوعاً :
"ما أذن الله بشيء ما أذن (وفي لفظ : كأذنه) لنبي [حسن الصوت (وفي لفظ : حسن الترنم)] ، يتغنى بالقرآن [يجهر به]" .
قال الحافظ في "الفتح" بعد أن ذكر الخلاف في تفسير التغني لغة (9/ 63) :
"ظواهر الأخبار ترجح أن المراد : تحسين الصوت ، ويؤيده قوله : "يجهر به" ؛ فإنها إن كات مرفوعة قامت الحجة به ، وإن كانت غير مرفوعة ؛ فالراوي أعرف بمعنى الخبر من غيره ؛ لا سيما إذا كان فقيهاً . ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم ؛ لأن للتطريب تأثيراً في رقة القلب ، وإجراء الدمع ، وكان بين السلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان ، أما تحسين لصوت ، وتقديم حسن الصوت على غيره ؛ فلا نزاع في ذلك ... ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه ، فلو تغير ؛ قال النووي في "التبيان" : أجمعوا على تحريمه . ولفظه : أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ؛ ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط ، فإن خرج حتى زاد حرفاً أو أخفاه ؛ حرم" .
ثم ذكر (9/ 80) أن ابن أبي داود أخرج من طريق ابن أبي مشجعة قال : كان عمر يقدم الشاب الحسن الصوت ؛ لحسن صوته بين يدي القوم .
ومن طريق أبي عثمان النهدي قال : دخلت دار أبي موسى الأشعري ، فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته . وقال الحافظ :
"سنده صحيح ؛ وهو في "الحلية" لأبي نعيم [1/ 258] .
و(الصنج) - بفتح المهملة وسكون النون بعدها جيم - : هو آلة تتخذ من نحاس ، كالطبقين ، يضرب أحدهما بالآخر .
و(البربط) - بالموحدتين بينهما راء ساكنة ثم طاء مهملة ، بوزن جعفر - : هو آلة تشبه العود ، فارسي معرب .)
تحياتي الخالصة