بسم الله الرحمن الرحيم
بينما كنت أقرأ على بعض الحالات من النساء عندي في البيت وكان بصحبتي كالعادة أخـوة متخصصون من الأطباء والأخصائيين الاجتماعيين والأساتذة التربويين ، وفجأةً سمعت صوتاً ينطلق من جهة الرجال ، وإذ بذاك الصوت الغريب المنبعث من الخارج صوت لشاب يتأوّه ويصرخ ، فأوعزت إلى النساء بالخروج من الغرفة وبسرعة ، ويدخل الشاب محمولاً ، نظرت إليه فإذا هو يتأوّه ، فأدركت أنه ممسوس وبسرعة قرأت عليه الرقية وأقسمت على من فيه بالله العظيم وبرب العرش العظيم أن ينطق على لسانه ولا يؤذيه .
فقلت : بسم الله من معنا ؟
قال : أنا .. أنا سمعان .
قلت : ما دينك ؟
قال : نصراني .
قلت : ما لونك ؟ وكم قرن لك ؟
قال : أسود ولي قرنان .
قلت : كيف دخلت في بدن هذا الشاب ؟ وبأي طريقة دخلت دون أن تذكر أسماء ؟
هنا يجب على المعالج أن يكون ذا فطنة حتى لا يقع في فتن لا يحمد عقباها عند ذكر أسماء ، خاصة وأن الجن فيهم كذب كثير ، ثم كيف تصدّق جنياً يتعامل مع ساحر وهو على ديانة غير الإسلام .
قال : عبر فص من الفضة " خاتم " لونه أحمر وبسحر مغربي .
قلت : أعرض عليك الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله ، ألا يكفيك أنك معتد أثيم ، وقد قال الله في محكم التنزيل بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " ... إن الله لا يحب المعتدين " وفي آية أخرى " ... إنه لا يحب المعتدين " ، واعلم أن الله قد حرّم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرّماً فقال جل في علاه ضمن ما جاء في الحديث القدسي : " إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا " واعلم أنني منذ هذه اللحظة قد أقمت عليك الحجّة إلى يوم الدين ، اللهم إني بلّغت ، اللهم فاشهد .
قال : آمنت بالإسلام ، واقتنعت بكلامك ، ولكني أخاف من أسيادي في المغرب ، فإنهم يراقبونني ويتوعدونني .
قلت : من أحق الناس بالاتباع ، ثم أتخشى عبداً ولا تخشى الله ! قل : " آمنت بالله العظيم وكفرت بالجبت والطاغوت واستمسكت بالعروة الوثقى لاانفصام لها والله سميع عليم "
هذا الدعاء جاء في الحديث الشريف فعــن وهيـب بـن الــورد رضـي اللــه عنــه قـال : خــرج رجــل إلـى الجبّانــة بعـد ساعــة مـن الليـل قـال : فسمعــت حســـاً وأصواتــاً شديــدةً وجـيء بسريــرٍ حتـى وضــع ، وجــاء شـئ حتـى جلـس عليـه . قـــال : واجتمعــت إليــه جنــوده ، ثــم صــرخ فقــال : مـن لــي بعــروة بـن الزبيــر ، فلــم يجبــه أحــد حتــى قــال : مـا شـاء اللــه مـن الأصــوات ؟ فقــال واحـــد أنا أكفيكه قال فتوجه نحو المدينة ، وأنا أنظر إليه ، فمكث ما شاء اللــه ، ثــم أوشــك الرجعــة فقــال : لا سبيــل لـي إلـى عــروة . قــال : ويلــك لـم ؟ قـال : وجدتــه يقــول كلمـــات إذا أصبــح وإذا أمسى فلا يخلص إليه معهن . قال الرجل : فلما أصبحــت قلــت لأهلــي جهزونــي ، فأتيــت المدينـــة فسـألت عنـه حتى دللت عليه ، فإذا هو شيخ كبير ، فقلت شيئًا تقوله إذا أصبحت وإذا أمسيـت ، فأبــى أن يخبرنــي ، فأخبرتــه بمــا رأيــت ومـا سمعــت ، فقــال : مـا أدري غير أنـي أقــول : إذا أصبحـت وإذا أمسيـت : آمنـت باللـه العظيــم ، وكفــرت بالجبـت والطاغـــوت واستمسكــت بالعـروة الوثقــى لا انفصام لها واللــه سميــع عليــم ، إذا أصبحــت ثــلاث مــراتٍ، وإذا أمسيت ثــلاث مــراتٍ . رواه ابـن أبي الدنيــا فـي مكايـــد الشيطـــان
قال الجني الدعاء ثم سألته : هل من أحد يراقبك الآن ؟
قال : لا يوجد أحد أمامي منهم قط .
قلت : قل : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فقالها.
قلت : قل : لا إله إلاً الله أخلو بها وحدي .
لا إله إلاً الله يغفر بها ذنبي .
لا إله إلاً الله أقضي بها عمري .
لا إله إلاً الله أدخل بها قبري .
لا إله إلاً الله ألقى بها ربي .
فقال ذلك : وكان نطقه باللهجة المغربية .
قلت : ما لونك الآن ؟ وكم قرن لك ؟
قال : لوني أبيض ، ولا يوجد لي قرون .
قلت : قل الحمد لله ، الحمد لله ، يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبسيدنا محمد (ص) نبياً ورسولاً .
فنطق وذكر ما طلب منه .
وسألته بعد أن أصبح مسلماً .
قلت : الآن ماذا تحب أن يصبح اسمك خاصة أنك من عباد الله المؤمنين
قال : على اسم أبي بكر الصديق " عبد الله بن أبي قحافة " .
قلت : يا عبد الله : بعد أن أصبحت من المسلمين ، الآن لا يجوز لك الكذب مطلقاً ، بحق الذي خلقك ، ماذا كنت تسبب لهذا الشاب ؟
قال : الأعصاب ، أي " الرجفة " .
فطلبت منه بعد ذلك أن يجمع رياحه وآثاره وأن لا يترك أثراً داخل الجسد ، وأن يستقر في القدم اليسرى استعداداً للخروج من الرجل ، وأن ينطق بالعهد " أعاهد الله العظيم ، رب العرش العظيم على الخروج من هذا الرجل طاعة لله وللرسول محمد (ص) وعدم العودة إليه أو إيذائه أو أحد من المسلمين أو المسلمات ، اللهم إن كنت صادقاً في قولي سهّل عليّ الخروج ، وإن كنت كاذباً في قولي مكّن المؤمنين مني إلى يـوم الدين ، ولعنة الله (عليّ) والملائكة والناس أجمعين ، والله على ما أقول شهيد ، ومن ينكث فإنما ينكث على نفسه " وذكّرته بالخروج من القدم اليسرى من الإصبع الصغير من تحت الظفر ، وأن لا ينسى تحية المسلمين أثناء خروجه ، ففعل وخرج والفضل لله وحده .
وقام الشاب وكأنه نشط من عقال وأخذ الجميع يحدثونه وتحدث معهم .
ومن الجدير ذكره في هذه الحالة ما يأتي :
أن هناك فرقاً شاسعاً بين لهجة الشاب الأساسية ، واللهجة التي كان الجني يتحدث بها .
أن الشاب حضر مع زملائه إلى البيت كنزهة ؛ ليس من أجل العلاج .
لم يعلم الشاب مطلقاً بموضوع العلاج .
كان الشاب يحمل جهاز " بيلفون " وعند سماعه القرآن حدث له ما ذكر آنفاً .
غاب الشاب عن الوعي وصرع ثمّ رمى بجهاز البيلفون دون أن يشعر بذلك كله .
الدكتور أبو الحارث
00905397600411
00905397600411