بسم الله الرحمن الرحيم
نماذج من شهداء أحد :
****************.
نماذج عطرة :::
غزوة أحد شهداء أحد هم رجال رباهم النبي صلى الله عليه وسلم، فباعوا الدنيا، واشتروا الآخرة بأغلى الأثمان؛ لقد اشتروا الآخرة بدمائهم وأرواحهم، وقدموها لله ، إنهم القدوة لمن جاء بعدهم، ولمن أحب أن يصدق فيه قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
وعند الكلام عن شهداء أُحد فلا بد أن نبدأ بسيِّد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ.
حمزة بن عبد المطلب :::
أسلم في العام السادس من النبوة، وكان قبل الإسلام يعيش حياة لهو ولعب وعبادة للأصنام، ويذهب للصيد، حياة لا قيمة لها، أما بعد الإسلام فقد انتقل من كونه سيِّدًا في قبيلته الصغيرة إلى كونه سيدًا لشهداء الأرض كلها إلى يوم القيامة، وكانت له مواقف تميزه سواء في مكة أو في شِعْب بني هاشم.
وفي غزوة بدر قال المشركون: مَن هذا الملثم الذي على صدره ريشة النعام؟ فقالوا: حمزة. فقالوا: هذا الذي فعل بنا الأفاعيل. وقد أنفق t كثيرًا، وضحى كثيرًا، وبذل كثيرًا، حتى وصل إلى مرتبة الشهادة في سبيل الله؛ لقد طلب الشهادة بصدق فنالها، فإن تصدق الله يصدقك.
مصعب بن عمير :::
لقد سلك طريقًا طويلاً حتى وصل إلى درجة الشهادة في سبيل الله، فقد أسلم قديمًا وجاهد في سبيل الله في مكة، وفي الحبشة، وفي المدينة، وفي بدر وأُحُد، فلقي ربه شهيدًا، وصدق فيه قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23].
وقد أورد الإمام القرطبي في تفسيره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من أُحد مرَّ على مصعب بن عمير وهو مقتول، فوقف عليه ودعا له، ثم تلا هذه الآية: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23].
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَشْهَدُ أَنَّ هَؤُلاَءِ شُهَدَاءُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأْتوهُمْ وَزُورُوهُمْ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ رَدُّوا عَلَيْهِ.
فزيارة شهداء أُحد سُنَّة شرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحرص على زيارتهم، والدعاء لهم.
سعد بن الربيع :::
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مع أصحابه وآخى بين المهاجرين والأنصار، آخى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع الأنصاري، فعرض سعد بن الربيع على عبد الرحمن أن يناصفه ماله، وقال له: انظر أيّ زوجتيَّ شئتَ، أنزل لك عنها. فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك. ويحضر معركة أُحد ويقاتل قتالاً عظيمًا، ويقدِّم حياته لله .
بعد انتهاء معركة أُحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَجُل يَنْظُرُ لِي مَا فَعَلَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ -وَسَعْدُ أَخُو بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ- أَفِي الأَحْيَاءِ هُوَ أَمْ فِي الأَمْوَاتِ؟ فقال رجل من الأنصار: أنا أنظر لك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل. فنظر فوجده جريحًا في القتلى به رمقٌ، فقلتُ له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر له: أفي الأحياء أنتَ أم في الأموات؟ قال: فأنا في الأموات، أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل له: إن سعد بن الربيع يقول لك: جزاك الله خير ما جُزِي نبيًّا عن أمته، وأبلغ عني قومك السلام، وقل لهم: إن سعد بن الربيع يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله إن خُلِصَ إلى نبيكم وفيكم عين تطرف ثم لم أبرح حتى مات.
فسعد بن الربيع إلى اللحظة الأخيرة وهو إيجابي يحفِّز المسلمين على الجهاد، ويقول لهم: لا عذر لكم إن خُلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيكم عين تطرف.
عبد الله بن حرام :::
قال عبد الله بن حرام : رأيتُ في النوم قبل أُحد كأني رأيت مبشر بن عبد المنذر -وهو من شهداء بدر- يقول لي: أنت قادم علينا في هذه الأيام. فقلت: وأين أنت؟ قال: في الجنة نسرح فيها كيف نشاء. قلت له: ألم تقتل يوم بدر؟ قال: بلى، ثم أحييت". فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه الشهادة يا أبا جابر.
حضر أبو جابر المعركة، ولقي ربه شهيدًا، ويقال إنه أول من قتل يوم أُحد. وقد ذهب إلى عبد الله بن أُبي بن سلول يعاتبه على انسحابه من أرض المعركة في هذا الوقت العصيب، ويرجوه أن يثبت للقتال، ولما رأى إصراره على الرجوع قال له: قبحك الله! سوف يغني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك. وقاتل في المعركة قتالاً مجيدًا.
وروى ابن ماجه أنه لما استشهد يوم أحد جاء ابنه جابر بن عبد الله وهو متأثر بموت أبيه، فيكشف عن وجهه ثم يضع الغطاء، ثم يعيده ثم يضعه ثانية، والصحابة ينهونه والرسول صلى الله عليه وسلم لا ينهاه؛ لأنه يقدِّر موقف الصحابي الجليل من فَقْدِ أبيه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا جَابِرُ، أَلاَ أُخْبِرُكَ مَا قَالَ الله لأَبِيكَ؟ وقال يحيى في حديثه: فقال: يَا جَابِرُ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، استشهد أبي وترك عيالاً ودينًا. قال: أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ الله بِهِ أَبَاكَ؟ قال: بلى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: مَا كَلَّمَ الله أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا، فَقَالَ: يَا عَبْدِي، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ. قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي، فَأقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً. فَقَالَ الله سُبْحَانَهُ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يَرْجِعُونَ. قَالَ: يَا رَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي. قال: فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]"[5].
فهو حريصٌ -حتى بعد موته t- على المسلمين، وعلى أن ينال درجة الشهادة في سبيل الله مرات ومرات؛ لأنها منزلة لا تدانيها منزلة.
خيثمة أبو سعد :::
في غزوة بدر استهم خيثمة مع ابنه سعد وقد استشهد سعد يوم بدر، وفي غزوة أُحد يقول خيثمة: وقد رأيت ابني أمس على أحسن صورة يسرح في ثمار الجنة وأنهارها، ويقول لي: الْحَق بنا. وقد أصبحت مشتاقا إلى مرافقته في الجنة، فادعُ الله لي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرافقه في الجنة، وقد كبرت سني ورقَّ عظمي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له، فنال الشهادة في سبيل الله. لقد صدق الله في طلب الشهادة، فكتبها الله له.
عمرو بن الجموح :::
كان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج، وكان كبير السن، وكان له أربعة بنين شباب يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إلى أُحد، أرادَ أن يَتَوجَّهَ معه، فقال له بنوه: إن الله قد جعل لك رخصة، فلو قعدت ونحن نكفيك، فقد وضع الله عنك الجهاد. فأتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن بَنِيَّ هؤلاء يمنعون أن أخرج معك، والله إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ وَضَعَ الله عَنْكَ الْجَهَادَ، وقال لبنيه: وَمَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَدَعُوهُ؛ لَعَلَّ الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْزُقَهُ الشَّهَادَةَ. فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقُتل يوم أُحد شهيدًا
إنه خرج يريد الشهادة بصدق مع أنه قد تجاوز الستين من العمر، فرزقه الله الشهادة؛ لأنها رزقٌ، ولا ينال هذا الرزق العظيم إلا من يسره الله له.
حنظلة بن أبي عامر :::
كان حنظلة قد ألمَّ بأهله حين خروجه إلى أُحد، ثم هجم عليه الخروج في النَّفير فأنساه الغسل أو أعجله، فلما قُتل شهيدًا أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن الملائكة غسَّلته؛ فسمِّي غَسِيل الملائكة.
وعن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لامرأة حنظلة: مَا كَانَ شَأْنهُ؟ قالت: خرج وهو جُنُبٌ حين سمع الهاتفة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ.
فقد خرج في صبيحة عرسه وهو جنب، فلقي ربه شهيدًا.
عبد الله بن جحش :::
جهاد طويل لهذا الصحابي الجليل، جهاد في مكة، وجهاد في الحبشة، وجهاد في المدينة المنورة. وقد دار حوار رائع بينه وبين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، قال عبد الله بن جحش لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما يوم أُحد: "ألا تأتي ندعو الله؟ فخلا في ناحيةٍ، فدعا سعد فقال: "يا رب، إذا لقينا القوم غدًا، فلَقِّني رجلاً شديدًا بأسُهُ، شديدًا حَرْدُهُ فأقاتله فيك ويقاتلني، ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذُ سلبَهُ".
فقام عبد الله بن جحش، ثم قال: اللهم ارزقني غدًا رجلاً شديدًا حردُه، شديدًا بأسُه، أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدًا قلت: يا عبد الله، فيمَ جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولكصلى الله عليه وسلم. فتقول: صدقت.
قال سعد بن أبي وقاص: يا بُنيَّ، كانت دعوة عبد الله بن جحش خيرًا من دعوتي، لقد رأيته آخر النهار وإن أذنه وأنفه لمعلقان في خيط.
موقف رائع لعبد الله بن جحش الذي آثر الشهادة في سبيل الله على كل شيء، فيتمنى لقاء الله وقد شُوِّهت معالمه، وذلك في ذات الله، وطمعًا في دخول الجنة، وحدث ما تمناه .
فريق ينتقل من الكفر إلى الإيمان في لحظة وينال الشهادة :::
فالمسلم حتى يصل إلى درجة الشهادة في سبيل الله، فإنه يقدم الكثير والكثير من التضحية بالمال والوقت والجهد، ولا بد أن يتوافر لديه الإخلاص، وأن يسأل الله الشهادة بصدق، ولكننا قد نجد بعض الناس قد يُنعِم الله عليهم بنعمة الشهادة في سبيل الله فور دخولهم في دائرة الإيمان.
فسحرة فرعون مثلاً عندما رأوا الحق واضحًا، أعلنوا دخولهم في دائرة الإيمان، وتلقوا التعذيب من فرعون بل والقتل بصدور رحبة، وقالوا لفرعون: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ العُلاَ} [طه: 72- 75]. فكانوا في أول النهار سحرة، فصاروا في آخره شهداء بررة.
الأصيرم :::
في موقعة أُحد نجد رجلاً قد انتقل من الكفر إلى الإيمان في لحظة واحدة وهو الأصيرم فقد كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أُحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أُحد بدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فبينما رجال بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا: "والله إن هذا للأصيرم، وما جاء به؟ لقد تركناه وإنه لمنكر هذا الحديث". فسألوه ما جاء به، قالوا: "ما جاء بك يا عمرو، أحربًا على قومك أو رغبة في الإسلام؟" قال: "بل رغبة في الإسلام، آمنتُ بالله ورسوله وأسلمت، ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتلت حتى أصابني ما أصابني". ثم لم يلبث أن مات في أيديهم، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. يقول أبو هريرة: ولم يُصَلِّ لله صلاةً قَطُّ.
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء! إنها لحظة إيمان وصدق.
مخيريق :::
لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أُحد، قال مخيريق لليهود: ألا تنصرون محمدًا؟ والله إنكم لتعلمون أن نصرته حق عليكم. فقالوا: اليوم يوم السبت. فقال: لا سبت. وأخذ سيفه ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فلما حضره الموت قال:أموالي إلى محمد يضعها حيث شاء. وقُتل يوم أُحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مخيريق خير يهود.
وعلى النقيض من الصورة السابقة نجد قصة قُزْمَان، فقد قتل ثلاثة من حملة راية المشركين يوم أُحد، وفي رواية سبعة أو ثمانية من المشركين، وقاتل قتالاً شديدًا وبشره المسلمون، فقال: إن قاتلتُ إلا عن أحساب قومي، ولولا ذلك ما قاتلت. وكانت جراحه شديدة فنَحَرَ نفسه، فأخبر المسلمون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بما قال قزمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.
لا يدخل الجنة إلا من يقاتل حتى تكون كلمة الله هي العليا، أما من يقاتل من أجل القومية أو الوطنية أو القبيلة فلا ينال الشهادة في سبيل الله.
روى البخاري أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذِّكْرِ، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمَن في سبيل الله؟ قال: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله.
وروى الترمذي وأحمد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يَا أَيهَا النَّاسُ، إِنَّ الله وَضَعَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمِهَا بِآبَائِهَا، فَالنَّاسُ رَجُلاَنِ: بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى الله، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَخَلَقَ الله آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، قال الله: {يَا أَيهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]. فالفخر بالقبائل والأحساب لا قيمة له، ولكن التقوى هي ميزان الأفضلية.