يحكى إن الشيخ جلال الدين الرومي [إمام مدينة قونية التركية]، كان ماسكاً بيده كتاباً وكُتب بخط اليد منذ أكثر من 800 عام، وقد جلس بجانبه شمس الدين التبريزي وهو احد الدراويش المتصوفة وكانت هيئته رثة، فاخذ الكتاب من يدي الشيخ وبدأ تصفحه ويمسكه بالمقلوب
ثم تطلع فيه ورماه في النهر، وهنا جنّ جنون الرومي وقال له.."لماذا ألقيته في النهر، انه عِلم ولا توجد نسخة أخرى من الكتاب"، إلا أن التبريزي لم يكترث لقول الرومي وقال له أتريد الكتاب؟، فقال الرومي نعم، فمد التبريزي يده في الماء وأخرج الكتاب سليماً وقال..
"اطلب علماً لا يمحوه الماء، علماً يثبت في القلب"
فذهل الرومي وقال له اتبعك على أن تعلمني قال، له لن تستطيع معي صبرا، قال بل اصبر
فقال التبريزي أريدك أن تأخذ جرة من الخمر وتطوف بها في المدينة لتبيعها، ذهل الرومي وقال كيف اعمل هذا المُحرم؟. فوافق وقال كما تشاء
بعدها ذهب الرومي ومكث الليل يفكر في الأمر فاخذ جرة الخمر بملابسه وعمامته وهو يجوب الشوارع يبيع الناس خمرا! ، فقال عليه الناس جُن الرجل وأناس آخرون قالوا لقد فضحه الله وهذه حقيقته، فعاد إلى التبريزي وهو منكسر ذليل..
وقال للتبريزي لم يشترِ مني احد! فقال له هذا يكفي القِ ثيابك واغسلها وتطهر
فقال الرومي ثم ماذا؟ (فقال لا شيء ..أنت الآن إنسان عادي كنبتةٍ صغيرة، لقد كان على رأسك صخرة كبيرة من غرور عمامتك, وها قد كسرتها) .. وأنا أردت أن أزيل عنك هذا العجب لترجع إلى حقيقتك بلا عنوان ولا ألقاب، وترجع كما أنت وتنزع عن روحك كل ما يكدرها، وان تذهب هذه الهيبة ألمصطنعه لرجال الدين على إنهم مقدسون في أعين الناس.
فكم من شيخ عشعش التكبر على أكتافه .