اسرار الاسم هو
يقول الإمام الرازي رحمه الله في تفسيره المسمى بـ ( مفاتيح الغيب ) :
واعلم أن لفظ «هو» فيه أسرار عجيبة وأحوال عالية، فبعضها يمكن شرحه وتقريره وبيانه، وبعضها لا يمكن ...وأنا بتوفيق الله كتبت أسراراً لطيفة، إلا أني كلما أقابل تلك الكلمات المكتوبة بما أجده في القلب من البهجة والسعادة عند ذكر كلمة «هو» أجد المكتوب بالنسبة إلى تلك الأحوال المشاهدة حقيراً، فعند هذا عرفت أن لهذه الكلمة تأثيراً عجيباً في القلب لا يصل البيان إليه، ولا ينتهي الشرح إليه، فلنكتب ما يمكن ذكره فنقول:
واعلم أن لفظ «هو» فيه أسرار عجيبة وأحوال عالية، فبعضها يمكن شرحه وتقريره وبيانه، وبعضها لا يمكن ...وأنا بتوفيق الله كتبت أسراراً لطيفة، إلا أني كلما أقابل تلك الكلمات المكتوبة بما أجده في القلب من البهجة والسعادة عند ذكر كلمة «هو» أجد المكتوب بالنسبة إلى تلك الأحوال المشاهدة حقيراً، فعند هذا عرفت أن لهذه الكلمة تأثيراً عجيباً في القلب لا يصل البيان إليه، ولا ينتهي الشرح إليه، فلنكتب ما يمكن ذكره فنقول:
فيه أسرار: الأول: أن الرجل إذا قال: «يا هو» فكأنه يقول: من أنا حتى أعرفك، ومن أنا حتى أكون مخاطباً لك، وما للتراب ورب الأرباب، وأي مناسبة بين المتولد عن النطفة والدم وبين الموصوف بالأزلية والقدم؟ فأنت أعلى من جميع المناسبات وأنت مقدس عن علائق العقول والخيالات، فلهذا السبب خاطبة العبد بخطاب الغائبين فقال: يا هو.
والفائدة الثانية: أن هذا اللفظ كما دل على إقرار العبد على نفسه بالدناءة والعدم ففيه أيضاً دلالة على أنه أقر بأن كل ما سوى الله تعالى فهو محض العدم، لأن القائل إذا قال: «يا هو» فلو حصل في الوجود شيئان لكان قولنا: «هو» صالحاً لهما جميعاً، فلا يتعين واحد منهما بسبب قوله: «هو» فلما قال: (يا هو) فقد حكم على كل ما سوى الله تعالى بأنه عدم محض ونفي صرف، كما قال تعالى: { كُلُّ شَىْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ }
[القصص: 88] وهذان المقامان في الفناء عن كل ما سوى الله مقامان في غاية الجلال، ولا يحصلان إلا عند مواظبة العبد على أن يذكر الله بقوله: يا هو.
[القصص: 88] وهذان المقامان في الفناء عن كل ما سوى الله مقامان في غاية الجلال، ولا يحصلان إلا عند مواظبة العبد على أن يذكر الله بقوله: يا هو.
والفائدة الثالثة: أن العبد متى ذكر الله بشيء من صفاته لم يكن مستغرقاً في معرفة الله تعالى؛ لأنه إذا قال: «يا رحمن» فحينئذٍ يتذكر رحمته فيميل طبعه إلى طلبها فيكون طالباً للحصة، وكذلك إذا قال: (يا كريم، يا محسن، يا غفار، يا وهاب، يا فتاح) وإذا قال: (يا ملك) فحينئذٍ يتذكر ملكه وملكوته وما فيه من أقسام النعم فيميل طبعه إليه فيطلب شيئاً منها، وقس عليه سائر الأسماء، أما إذا قال: (يا هو) فإنه يعرف أنه هو، وهذا الذكر لا يدل على شيء غيره ألبتة، فحينئذٍ يحصل في قلبه نور ذكره، ولا يتكدر ذلك النور بالظلمة المتولدة عن ذكر غير الله، وهناك يحصل في قلبه النور التام والكشف الكامل