قالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَد بْنُ تَيْمِيَّة - رَحِمَهُ اللَّهُ - :
الِاسْتِغْفَارُ يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ الْفِعْلِ الْمَكْرُوهِ ، إلَى الْفِعْلِ الْمَحْبُوبِ مِنْ الْعَمَلِ النَّاقِصِ إلَى الْعَمَلِ التَّامِّ وَيَرْفَعُ الْعَبْدَ مِنْ الْمَقَامِ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى مِنْهُ وَالْأَكْمَلِ ؛
فَإِنَّ الْعَابِدَ لِلَّهِ وَالْعَارِفَ بِاَللَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بَلْ فِي كُلِّ سَاعَةٍ بَلْ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ يَزْدَادُ عِلْمًا بِاَللَّهِ . وَبَصِيرَةً فِي دِينِهِ وَعُبُودِيَّتِهِ بِحَيْثُ يَجِدُ ذَلِكَ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَنَوْمِهِ وَيَقَظَتِهِ وَقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَيَرَى تَقْصِيرَهُ فِي حُضُورِ قَلْبِهِ فِي الْمَقَامَاتِ الْعَالِيَةِ وَإِعْطَائِهَا حَقَّهَا
فَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِغْفَارِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ ؛ بَلْ هُوَ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ دَائِمًا فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَحْوَالِ فِي الغوائب وَالْمَشَاهِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ وَجَلْبِ الْخَيْرَاتِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّاتِ وَطَلَبِ الزِّيَادَةِ فِي الْقُوَّةِ فِي الْأَعْمَالِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ الْيَقِينِيَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ .
وَقَدْ ثَبَتَتْ : دَائِرَةُ الِاسْتِغْفَارِ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَاقْتِرَانِهَا بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِنْ أَوَّلِهِمْ إلَى آخِرِهِمْ وَمِنْ آخِرِهِمْ إلَى أَوَّلِهِمْ وَمِنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَدْنَى .
فَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِغْفَارِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ ؛ بَلْ هُوَ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ دَائِمًا فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَحْوَالِ فِي الغوائب وَالْمَشَاهِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ وَجَلْبِ الْخَيْرَاتِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّاتِ وَطَلَبِ الزِّيَادَةِ فِي الْقُوَّةِ فِي الْأَعْمَالِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ الْيَقِينِيَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ .
وَقَدْ ثَبَتَتْ : دَائِرَةُ الِاسْتِغْفَارِ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَاقْتِرَانِهَا بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِنْ أَوَّلِهِمْ إلَى آخِرِهِمْ وَمِنْ آخِرِهِمْ إلَى أَوَّلِهِمْ وَمِنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَدْنَى .
وَشُمُولِ دَائِرَةِ التَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ لِلْخَلْقِ كُلِّهِمْ وَهُمْ فِيهَا دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَلِكُلِّ عَامِلٍ مَقَامٌ مَعْلُومٌ .
فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ بِصِدْقِ وَيَقِينٍ تُذْهِبُ الشِّرْكَ كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ؛ سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَتَأْتِي عَلَى جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَخَفَايَاهُ وَدَقَائِقِهِ .
وَالِاسْتِغْفَارُ يَمْحُو مَا بَقِيَ مِنْ عَثَرَاتِهِ وَيَمْحُو الذَّنْبَ الَّذِي هُوَ مِنْ شُعَبِ الشِّرْكِ فَإِنَّ الذُّنُوبَ كُلَّهَا مِنْ شُعَبِ الشِّرْكِ .
فَالتَّوْحِيدُ يُذْهِبُ أَصْلَ الشِّرْكِ وَالِاسْتِغْفَارُ يَمْحُو فُرُوعَهُ
فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ بِصِدْقِ وَيَقِينٍ تُذْهِبُ الشِّرْكَ كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ؛ سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَتَأْتِي عَلَى جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَخَفَايَاهُ وَدَقَائِقِهِ .
وَالِاسْتِغْفَارُ يَمْحُو مَا بَقِيَ مِنْ عَثَرَاتِهِ وَيَمْحُو الذَّنْبَ الَّذِي هُوَ مِنْ شُعَبِ الشِّرْكِ فَإِنَّ الذُّنُوبَ كُلَّهَا مِنْ شُعَبِ الشِّرْكِ .
فَالتَّوْحِيدُ يُذْهِبُ أَصْلَ الشِّرْكِ وَالِاسْتِغْفَارُ يَمْحُو فُرُوعَهُ
فَأَبْلَغُ الثَّنَاءِ قَوْلُ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
وَأَبْلَغُ الدُّعَاءِ قَوْلُ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ .
فَأَمَرَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ لِنَفْسِهِ وَلِإِخْوَانِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ .
وَقَالَ : إيَّاكَ وَالنَّظَرَ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْفَلْسَفَةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ فِيهَا أَنَّهُ كُلَّمَا قَوِيَ نُورُ الْحَقِّ وَبُرْهَانُهُ فِي الْقُلُوبِ خَفِيَ عَنْ الْمَعْرِفَةِ كَمَا يَبْهَرُ ضَوْءُ الشَّمْسِ عُيُونَ الْخَفَافِيشِ بِالنَّهَارِ .
فَاحْذَرْ مِثْلَ هَؤُلَاءِ وَعَلَيْك بِصُحْبَةِ أَتْبَاعِ الرُّسُلِ الْمُؤَيَّدِينَ بِنُورِ الْهُدَى وَبَرَاهِينِ الْإِيمَانِ أَصْحَابِ الْبَصَائِرِ فِي الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ الْفَارِقِينَ بَيْنَ الْوَارِدَاتِ الرَّحْمَانِيَّةِ والشيطانية الْعَالِمِينَ الْعَامِلِينَ { أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .
وَأَبْلَغُ الدُّعَاءِ قَوْلُ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ .
فَأَمَرَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ لِنَفْسِهِ وَلِإِخْوَانِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ .
وَقَالَ : إيَّاكَ وَالنَّظَرَ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْفَلْسَفَةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ فِيهَا أَنَّهُ كُلَّمَا قَوِيَ نُورُ الْحَقِّ وَبُرْهَانُهُ فِي الْقُلُوبِ خَفِيَ عَنْ الْمَعْرِفَةِ كَمَا يَبْهَرُ ضَوْءُ الشَّمْسِ عُيُونَ الْخَفَافِيشِ بِالنَّهَارِ .
فَاحْذَرْ مِثْلَ هَؤُلَاءِ وَعَلَيْك بِصُحْبَةِ أَتْبَاعِ الرُّسُلِ الْمُؤَيَّدِينَ بِنُورِ الْهُدَى وَبَرَاهِينِ الْإِيمَانِ أَصْحَابِ الْبَصَائِرِ فِي الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ الْفَارِقِينَ بَيْنَ الْوَارِدَاتِ الرَّحْمَانِيَّةِ والشيطانية الْعَالِمِينَ الْعَامِلِينَ { أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .
وَقَالَ : التَّوْبَةُ مِنْ أَعْظَمِ الْحَسَنَاتِ وَالْحَسَنَاتُ كُلُّهَا مَشْرُوطٌ فِيهَا الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ وَمُوَافَقَةُ أَمْرِهِ بِاتِّبَاعِ رَسُولِهِ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ أَكْبَرِ الْحَسَنَاتِ وَبَابُهُ وَاسِعٌ .
فَمَنْ أَحَسَّ بِتَقْصِيرِ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَمَلِهِ أَوْ حَالِهِ أَوْ رِزْقِهِ أَوْ تَقَلُّبِ قَلْبٍ : فَعَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ فَفِيهِمَا الشِّفَاءُ إذَا كَانَا بِصِدْقِ وَإِخْلَاصٍ .
وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْعَبْدُ تَقْصِيرًا فِي حُقُوقِ الْقَرَابَةِ وَالْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ وَالْجِيرَانِ وَالْإِخْوَانِ . فَعَلَيْهِ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ وَالِاسْتِغْفَارِ .
{ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ لِي لِسَانًا ذَرِبًا عَلَى أَهْلِي . فَقَالَ لَهُ : أَيْنَ أَنْتَ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ ؟ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً } " .