سورةُ يُوسُفَ
أنواعُ تَعبِير الرُّؤيا الصَّالحةِ
قال الله تعالى في شأن يوسف صلّى الله عليه و سلّم : ﴿ وَ دَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنيۤ أَرَانِيۤ أَعْصِرُ خَمْراً وَ قَالَ ٱلآخَرُ إِنِّي أَرَانِيۤ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ ( يوسف : 36 ) .
ذكر الله ههنا نوعين من الرّؤى ، فلا بدّ أن يكون في ذلك حكمةٌ ؛ لأنّ الله لا يقصُّ علينا ما لا فائدة فيه ، و الجوابُ يُعلم من تأويل يوسف صلّى الله عليه و سلّم لهما ، فقد أخبر الله أنّ يوسف صلّى الله عليه و سلّم عبّرها فقال : ﴿ يٰصَاحِبَيِ ٱلسجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَ أَمَّا ٱلآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴾ ( يوسف : 41 ) ، فكان تعبيره للأولى مطابقاً لظاهرها ، و أمّا الثّانية فقد كان تعبيره لها على خلاف ذلك ؛ لنستفيدَ نحن أنّ تأويل الرّؤيا على قسمين :
- منه ما هو حقيقةٌ ، فيُعبّر على ظاهره ، و من ذلك أيضاً تعبير الخليل إبراهيم صلّى الله عليه و سلم الرّؤيا الّتي قصّها الله علينا في سورة الصّافات بظاهرها ، كما قال الله تعالى : ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَني أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ﴾ ( الصّافات : 102 ) ، و معلومٌ أنّ إبراهيم صلّى الله عليه و سلّم ذهب يعمل بحقيقتها ، كما قال سبحانه : ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ . وَ نَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ ( الصّافات : 103-105 ) ، و في هذا ردٌّ على من يعتقد أنّ الرّؤى لا تؤوّل إلاّ بعكسها .
- و منه ما هو مثلٌ لا حقيقةٌ ، فيحتاج في تعبيره إلى النّظر في الأمثال و النّظائر ليُخرَّج عليها ، و قد سألتُ عن ذلك شيخَنا الشّيخ عبد المحسن بن حمد البدر ، - حفظه الله من كلّ سوء – فأجابني بما لخّصته آنفا ، و الحقيقة أنّ كلاًّ من النّوعين يحتاج إلى إعمال فكرٍ و رويّة ، و ما يُفسّر بظاهره ليس بأسهل ممّا يؤوّل على غيره ؛ لأنّ أوّل خُطوةٍ تَصعب على المعبِّر هي التّمييز بين الأوّل و الثّاني ، فربّ رؤيا ليس لها تأويلٌ إلاّ ما دلّ عليه ظاهرها يتكلّفُ لها المُعبّر الأمثال فيُبعِد ، ثمّ إنّ ما كان من باب الأمثال بابٌ واسعٌ ، فقد يكون بدلالة القرآن أو بدلالة السّنّة أو بالأمثال السّائرة أو بالموافقات اللّفظيّة أو بقلب الرّؤيا و غيرها
- منه ما هو حقيقةٌ ، فيُعبّر على ظاهره ، و من ذلك أيضاً تعبير الخليل إبراهيم صلّى الله عليه و سلم الرّؤيا الّتي قصّها الله علينا في سورة الصّافات بظاهرها ، كما قال الله تعالى : ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَني أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ﴾ ( الصّافات : 102 ) ، و معلومٌ أنّ إبراهيم صلّى الله عليه و سلّم ذهب يعمل بحقيقتها ، كما قال سبحانه : ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ . وَ نَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ ( الصّافات : 103-105 ) ، و في هذا ردٌّ على من يعتقد أنّ الرّؤى لا تؤوّل إلاّ بعكسها .
- و منه ما هو مثلٌ لا حقيقةٌ ، فيحتاج في تعبيره إلى النّظر في الأمثال و النّظائر ليُخرَّج عليها ، و قد سألتُ عن ذلك شيخَنا الشّيخ عبد المحسن بن حمد البدر ، - حفظه الله من كلّ سوء – فأجابني بما لخّصته آنفا ، و الحقيقة أنّ كلاًّ من النّوعين يحتاج إلى إعمال فكرٍ و رويّة ، و ما يُفسّر بظاهره ليس بأسهل ممّا يؤوّل على غيره ؛ لأنّ أوّل خُطوةٍ تَصعب على المعبِّر هي التّمييز بين الأوّل و الثّاني ، فربّ رؤيا ليس لها تأويلٌ إلاّ ما دلّ عليه ظاهرها يتكلّفُ لها المُعبّر الأمثال فيُبعِد ، ثمّ إنّ ما كان من باب الأمثال بابٌ واسعٌ ، فقد يكون بدلالة القرآن أو بدلالة السّنّة أو بالأمثال السّائرة أو بالموافقات اللّفظيّة أو بقلب الرّؤيا و غيرها