الكشف والعلاجات والاستشارات الاتصال بالشيخ الدكتور أبو الحارث (الجوال):00905397600411
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
X

معرفة النفس : في حديث النفس معنى التروك (المحرمات )

مملكة الاسلامية العامة

 
  • تصفية
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حقيقة المعنى
    كاتب الموضوع
    أعضاء نشطين
    • Oct 2020
    • 328 
    • 426 
    • 181 

    بعد أنْ يطّلع الإنسان على النفس الواحدة التي من طريقها يُعرف الربّ، ومن ثمّ يجد الطريق إلى التوحيد، يصل إلى معرفة النفس الأمّارة.

    يقول تعالى نقلاً عن يوسف الصديق: {إنّ النفس لأمّارة بالسوء إلاّ ما رحم ربي}
    إنّ إدراك مقام النفس الأمّارة من شوؤن الصديقين، وما لم يكن صديقاً، لا يمكنه أن يدرك ماهيّة النفس الأمّارة بالسوء، ومقامها في وجود الإنسان وشؤونها الخاصة.
    ومن هنا تجد أنّ يوسف المتّصف بأعلى مقام الصديقين، وهو النبي الصدّيق العزيز، قال: {وما أبرئ نفسي إنّ النفس لأمّارة بالسوء إلاّ ما رحم ربي}
    النفس الأمّارة هي النفس التي ترغب دائماً بالعمل، وليست هي تلك النفس التي ترغب بالذنب فحسب.
    لا بدّ أنْ يلتفت الإنسان إلى هذه المسألة الأساسيّة والمهمّة، وقد وصل يوسف إلى الإمارة والسلطنة الظاهريّة التي كانت كاشفة عن تلك السلطنة الباطنيّة لأنّه أدرك هذا المقام وحصّل حقيقة النفس الأمّارة؛ إنّ النفس الامارة هي ذلك المقام الاعتلائي، بنحو أنّ أيّ شخص له هذا المقام يتحقق له السلطان والإمارة.
    صاحب النفس الأمّارة يريد دائماً أنْ تكون الإمرة والسلطنة له وأنْ يكون آمراً، ويرغب أنْ يكون هو العامل على الدوام، والآمر على الدوام.
    هذه هي النفس الأمّارة!
    أينما تجد شخصاً يريد أنْ تظهر آمريّة نفسه فهو صاحب النفس الأمّارة.
    هنا لا بدّ للإنسان أنْ يقطع طريق هذه النفس ويستأصل أساسها، ولو أنّ شخصاً كذب مرة واحدة في عمره فهو كاذب، ولو أنّ شخصاً بعد أنْ ارتبط مع الحقّ تعالى في مقام {إنا لله وإنا إليه راجعون} أراد الإمارة والسلطة، ولو لمرة واحدة، فهو صاحب النفس الأمّارة.
    إنّ الله خلق الإنسان مع طبائع وأمزجة عجيبة حتّى يعرف النفس الأمّارة، وهذه النفس هي التي يعرفها الصدّيقون.
    الآن، لو أنّ إنساناً أراد في عمره أنْ يكون مهندساً أو طبيباً أو أيّ شيء آخر، ولم يحصل على مطلوبه ومبتغاه، فإنّه يلوم نفسه على ما ضيّع من عمره ولمْ يحقق هدفه، وهذه هي النفس اللوامّة.
    وأمّا مقام النفس الملهمة، فهو فوق النفس اللوّامة، ومقدمة الحصول على هذا المقام هو حديث الإنسان مع نفسه، فيسألها وتجيب، هل فعلت هذا؟ فتقول: فعلت أو لم أفعل، وهو حديث المؤمنين مع أنفسهم في خلوتهم. هذه هي مقدمة النفس الملهمة.
    في مقام {فألهمها فجورها وتقواها}، تصل النفس إلى مقام يلهمها الله ما هو حسن وما هو سيء، وقد يوفّق بعض المؤمنين إلى هذا المقام.

    إنّ معرفة الربّ تتحصّل حين الوصول إلى مقام النفس المطمئنة وهي قوله تعالى: {يأيّتها النّفْسُ المطمئنّة، إرجعي إلى ربّك راضيّة مرضيّة}، وفي هذا المقام يأتي قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: {من عرف نفسه فقد عرف ربّه}.

    إنّ صفات النفس كثيرة ومتعددة، وإحصاؤها من نفس القرآن الكريم يأخذ وقتاً طويلاً مثل النفس الرهينة، {كلّ نفس بما كسبت رهينة} والنفس الزكية، والنفس المكتسبة.
    ولكن ما يهمّنا في مورد البحث خمسة أقسام:
    النفس الواحدة، النفس المطمئنّة، النفس الملهمة، النفس اللوّامة، النفس الأمّارة.

    معرفة الرب مبتنيّة على معرفة النفس، ولكنّ معرفة النفس ليست بهذه السهولة.
    يُنقل عن الكبار من أهل المعرفة أنّهم قطعوا مراتب النفس ووضعوا أقدامهم في مراتب العرفان، وللملاّ جلال الدين البلخي كلام في هذا المورد حيث يقول أنّه أدرك معرفة النفس، وعندما حان وقت التخلص والتحرر من شرّها قطعوا منها الرأس حيث تجلّت بشكلّ افعى ؛ يقول أنّه عندما قتلوها بقطع رأسها، ظهر من موضع رأسها المقطوع ألف رأس آخر؛ صحيح أنّهم قطعوا الرأس الواحد، ولكنّ موضعه صار موضعاً لألف رأس.
    ثم أنّهم عندما صاروا يقطعون كلّ رأس من تلك الرؤوس التي خرجت من ذاك الموضع، صار يخرج من كلّ موضع مقطوع آلاف الرّؤوس الأخرى.
    إنّ النفس ليست منحصرة بهذه النفوس التي ذكرناها من النفس الواحدة والنفس المطمئنة والنفس الملهمة والنفس اللوّامة والنفس الأمّارة، بل لها مراتب لا حدّ لها ولا عدّ.
    ولهم في هذه الموارد أمثلة كثيرة يضربونها.
    عندما يرد السالك في عالم السلوك قد يجد أنّ المعاشرة مضرّة له، فيترك معاشرة الأصدقاء والذهاب والمجيء وما شاكلّ ذلك من الأمور التي قد تكون مانعاً له وحائلاً دون الوصول إلى المقصد، فينتخب عندها الانـزواء والعزلة، ولكنّه سرعان ما يجد أنّ الموانع قد تضاعفت في العزلة والانـزواء آلاف المرّات بل ملايين المرّات عمّا كانت عليه في المعاشرة.
    في المعاشرة كان يمكنه أنْ يعالج بعض موانع السلوك بحيث يسأل بعض أهل الخبرة في هذا المجال، ولكنّه في حالة الانـزواء لنْ يجد من يرجع إليه في هذه التفاصيل، فيكتشف أنّ الانـزواء يبعده عن المقصد، فيأتي إلى الاجتماع حيث ينتخب المعاشرة الاجتماعيّة اللائقة والمناسبة لحاله، ولكنّه يجد من ناحيّة أخرى أنّ المعاشرة أسوء حال له بحيث أنّه حين العزلة كان له رأس واحد وقد ضرب هذا الرأس بنفس العزلة، ولكنّه في حال المعاشرة مع ألف شخص قد جعل له ألف رأس بحيث كان كلّ واحد من هؤلاء الأفراد بمثابة رؤوس أفاعي لغوايته وإبعاده عن المقصد، وهو قوله تعالى: {ألهكم التّكاثر} .
    القرآن لسان الوجود، فهو لسان ما نراه وما لا نراه، وقد جُمع كلّ الوجود في هذا القرآن {لا رطب ولا يابس إلاّ في كتاب مبين}
    هذا التكاثر إنّما يكون بسبب كثرة طلب الاجتماع والرّغبة فيه، أيْ إنّ الإنسان طلب الكثرة والتكاثر، وقد أدّى هذا الطلب للكثرة لانصباب البلاءات على رأسه بحيث لمْ يعد يقوى على مواجهتها خصوصاً في حالة العبادة حيث تقوى عليه الخيالات النابعة من كثرة الاجتماع وغيرها من الكثرات.
    عندما تشرع في الصلاة تجد أنّ كلّ موانع الطريق تأتيك في الصلاة، وكذا الحال حين تؤدي فريضة الحج حيث تنصب عليك كلّ البلاءات، فتسأل: هل تنجس ثوب الإحرام أم لم يتنجس؟ هل بطل طوافي أم لم يبطل؟ وهكذا؛ الإنسان يكون سريع الغضب ولكنّ غضبه قدْ لا يظهر إلاّ في الحجّ حيث تختلط الأمور عليه فيفقد قدرة التحمل فيصدر منه كلّ ما يصدر.
    يقول تعالى: {ألهكم التكاثر، حتّى زرتم المقابر}.
    هذا الأمر بزيارة القبور إنّما هو تمرين وترويض لإدراك الزيارة الواقعيّة لأهل القبور، وأهل القبور هم الذين ماتوا في هذه الدنيا، والميّت هو الذي لا تصيبه أيّ نازلة ولا يتأثر بأيّ مصيبة وهؤلاء هم الموحّدون في هذا العالم.
    كلّ ما يجري في عالم الوجود ويحدث إنّما هو بيد الخالق ولوْ أنّ شخصاً قال آخ، فهو لم يصل إلى التّوحيد ولم يدرك معناه أصلاً.

    إنّ السرّ الكامن في هذه التروك والحرمات أنّ منْ شأنها أنْ تختبر مدى العداوة الكامنة في وجودك لصاحب هذه الأوامر بالتروك، أيْ أنّ الإنسان بعد أنْ يكون معتاداً على أفعال معينة، يُؤْمر من قبل صاحب الشّرع المقدس أنْ يترك ما كان يؤدّيه.
    هنا تظهر قدرة الإنسان المكلّف على تجاوز هذا الانجذاب والطلب لتأديّة الأفعال بالأمر بالترك، فإنّ الترك يختبر مدى قدرة المكلّف للتغلّب على العداوة الموجودة في ذاته للمولى تعالى .
    في الصوم، عندما يأمر المولى بترك الطعام والشراب من الفجر حتّى المغرب، ينكشف مدى العداوة والمودّة الموجودة في داخل المكلّف، وخاصة تجاه الأمور التي هي سبب كلّ النـزاعات والحروب في العالم وهي الطعام والشراب.
    إنّ كلّ العبادات هي لأجل التخلّص من العداوة في وجودك حتّى تجد الطريق نحو الحقّ تعالى.
    عندما يلتقي مسلمٌ مع مسلمٍ آخر لا بدّ أنْ يعتبر نفسه واحداً معه، ولا ينبغي أنْ يعتبر أنّ له مقاماً أرفع من غيره من الناس، هذا كحدّ أقل؛
    وأما أنت فلا تعتبر نفسك أفضل من الآخرين، على الأقل من أولئك البسطاء، فلعلّ واحداً منهم قد فُتح له الطريق للتوحيد وصار واحداً مع الحق .

    أحبتي في لله إقرأ وعود نفسك على القراءة وحاول الانجذاب مع الصفاء وانت تقرأ
    هذا الموضوع نشرته على رغبة بعض الاخوة الاعزاء
    مواضيع ذات صلة
  • Ad.h.am
    أعمدة اسرار
    • Sep 2018
    • 1987 
    • 1,251 
    • 1,868 

    #2
    بارك الله فيك
    جزاك الله كل الخير
    مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ
    تعليق
    • النجم الثاقب
      طلاب المدرسة الروحانية
      • Oct 2020
      • 2990 
      • 3,786 
      • 3,029 

      #3
      بارك الله فيك اخي الكريم وجزاك الله خيرا.
      فتح الله عليك فتوح العارفين ووفقك لما يحب ويرضى
      تعليق
      • الشيخ همتار
        المدير العام
        • Feb 2011
        • 15897 
        • 4,499 
        • 939 

        #4
        بارك الله بكم حقيقة المعنى فأنت دائما مميز في مقالاتك وطروحاتك واتمنى من الله عز وجل أن تنال ماترغب في بيتك الثاني .
        تعليق
        • سعسوقي
          نائب المدير العام
          • Oct 2015
          • 11749 
          • 6,495 
          • 5,249 

          #5
          حقيقة المعنى حقيقة موضوع
          راءع ومفيد جدا فداءما كل ماتكتبه
          من فواءد فهو مميز جزاك الله خيرا
          وجعله في موازين حسناتك عزيزي.
          يا هو يا من لا هو الا هو
          تعليق
          • Zodiac
            نائب المدير العام
            • Jan 2020
            • 308 
            • 499 
            • 307 

            #6
            بارك الله بك على هذا الطرح المميز
            تعليق
            • نور الاحلام
              المشرفين
              • Dec 2014
              • 4527 
              • 3,758 
              • 4,256 

              #7
              حقيقة المعنى
              اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ.
              اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ.
              اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي، اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي مِيتَةً جاهِلية
              اللَّهُمَّ فَثَبِّتْنِي عَلَىٰ دِينِكَ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِطاعَتِكَ، وَلَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ، وَعافِنِي مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ، وَثَبِّتْنِي عَلَىٰ طاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ
              بوركت على حسن الاختيار ان شاءالله تسجل في صحيفة اعمالكم لك ولمن تحب
              تحياتي
              اللهم متعنا بنعمتين نعمة الصحة ونعمة الدين
              تعليق
              يتصفح هذا الموضوع الآن
              تقليص

              المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

              يعمل...
              X