في حديث أولي الألباب عن الإمام الصادق عليه السلام:
{إنّ أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة حتّى ورثوا منه حبّ الله فإنّ حبّ الله إذا ورثه القلب إستضاء به}.
العرفاء في كلماتهم وفي أشعارهم كثيراً ما يستفيدون من كلمة {أولي الألباب}، وأولوا الألباب هم الذين ارتبطوا بلبّ الشيء وتجاوزوا القشر، ويعبّر عن العوام بأنّهم قشريون لأنّهم يقومون فقط بأعمال الظاهر من دون مراعاة الآداب والرسوم الباطنية.
ولتوضيح المطلب نقول:
للّوز قشر ظاهري أخضر، وهذا الظاهر يحفظ اللبّ من الرطوبة والحرارة ويحفظه من كلّ آفة، ومن هنا تجد أنّ كلّ من يحافظ على ظاهر الأمور بنحو تامّ يُحفظ من كلّ الآفات.
أمّا أهل اللب فهم الذين يريدون أنْ ينفصلوا عن هذا القشر الظاهري، وحيث أنّ هذا القشر يحفظ اللب من الآفات فلو عُزل اللبّ عن هذا القشر، فإنّ البلاءات سوف تنصبّ على وجود الإنسان لأنّه يريد أنْ يتخلص من هذا القشر ويصل إلى اللبّ.
الآن، لو أردت أنْ تضع هذا اللوز مع قشره في فم شخص، فأيّ حالة تصيبه؟
كلّ هذه الأعمال التي ننجزها أنا وأنت هي قشر وجودنا وليست قابلة للأكل وليس لها أيّ قدر، فتلك القشور لا بدّ أنْ تزيلها، ومن هنا قد تأتي البلاءات وتنصبّ على رأس منْ يريد أنْ يزيلها، وليس المقصود من إزالتها ترك الأعمال والتكاليف الشرعيّة الظاهرية، بل إنّ التكاليف الشرعيّة الظاهرية، التي من شأنها أنْ توصل إلى العبودية، مندرجة ضمن اللبّ.
كثيراً ما يتقيّد الناس بمسألة ماء الوجه، ويطلبون كلّ حياتهم أنْ يبقى ماء وجههم محفوظاً غير مراق، ولكنّ الله قد يريق ماء وجه الإنسان السالك في سيره التصاعدي، لأنّه يريد أنْ يخلّص السالك من هذا القشر المتلبس بوجوده، حتّى لا يتخيّل أنّ ماء وجهه هذا هو ماء وجهه الحقيقي؛ ومن نعم الله تعالى على الإنسان تخليصه من كلّ الأوهام والخيالات حتّى تظهر حقيقة وجوده بإزالة القشر الظاهري عن وجوده، بل وكلّما ذهب ماء الوجه بنحو أسرع كلّما كان الخلاص أسرع من القشر، وعندما يذهب القشر يبقى اللبّ؛ ولكن مع بقاء اللب لا تتصور أنّ الأمر قد انتهى، بلْ يوجد في باطن هذا اللب ما هو أعمق وأدق وهو لبّ اللبّ.
الآن نضع لب هذه اللوزة في الماء الساخن، وهذا يعني أنّنا نضع لبّ الإنسان في جهنم حتّى ننـزع ذاك القشر البنّي عن هذا اللب فيصير هذا اللبّ أبيضاً نقياً، هذه مرحلة، ولكن توجد مرحلة أرقى وأصفى وهي الوصول إلى لب اللباب؛ هنا لا بدّ أنْ نقطّر هذا اللب، فإذا تمّ تقطيره أُخذ منه زيت اللوز، ومن ثمّ يصنع هذا الزيت طعامٌ للآخرين، وهذا هو الفناء.
{إنّ أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة}؛ أصحاب اللبّ في نهايتهم يصبحون طعاماً للآخرين وهذا هو فناؤهم، إنّ صفات الحقّ تعالى ظاهرة في هذا العالم على نحو البسط التام، بنحو لا يشذّ عن حيطتها شيء في هذا العالم، فكما أنّ الطاعات الصادرة من المؤمنين لها ظهور وكشف عن بعض الأسرار الإلهيّة والصّفات الربانية، كذلك المعاصي في هذا العالم الصادرة عن العاصين- ونحن هنا لسنا بصدد تجويز المعاصي في هذا العالم- هي كشف ورفع قناع عن بعض الأسرار الالهية، فكلّ أهل المعصيّة في العالم وأهل الشرك وعبدة الأصنام إنّما يكشفون عن صفات الحقّ تعالى، فلوْ لم يكن هناك أهل معصيّة ما كان لك أنْ تعرف ما هي الرحمة الإلهيّة الرافعة للذنوب، ولوْ لم يكن هناك أهل ذنب، ما أمكن معرفة ماهيّة المغفرة الإلهية.
إنّ رحمة الله ليست مقيّدة بنحو تختص فقط بأهل الطاعة، بل هي مطلقة وشاملة لكلّ أصناف الناس في هذا الوجود المنبسط.
ملاحظة :
وليعلم الاخوة في هذا التجمع المبارك ان هذه المطالب هي بداية بدايتي لفتح باب لطالب هذه العلوم وساقوم بذكر مطالب عملية لتقوية وقيام النفس بالقوة ذاتا بعيدا عن الدعوات والاعمال الاخرى المتعبة فانه ياتيك ما تامله بطرفة عين دون ذكر شئ معين .
{إنّ أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة حتّى ورثوا منه حبّ الله فإنّ حبّ الله إذا ورثه القلب إستضاء به}.
العرفاء في كلماتهم وفي أشعارهم كثيراً ما يستفيدون من كلمة {أولي الألباب}، وأولوا الألباب هم الذين ارتبطوا بلبّ الشيء وتجاوزوا القشر، ويعبّر عن العوام بأنّهم قشريون لأنّهم يقومون فقط بأعمال الظاهر من دون مراعاة الآداب والرسوم الباطنية.
ولتوضيح المطلب نقول:
للّوز قشر ظاهري أخضر، وهذا الظاهر يحفظ اللبّ من الرطوبة والحرارة ويحفظه من كلّ آفة، ومن هنا تجد أنّ كلّ من يحافظ على ظاهر الأمور بنحو تامّ يُحفظ من كلّ الآفات.
أمّا أهل اللب فهم الذين يريدون أنْ ينفصلوا عن هذا القشر الظاهري، وحيث أنّ هذا القشر يحفظ اللب من الآفات فلو عُزل اللبّ عن هذا القشر، فإنّ البلاءات سوف تنصبّ على وجود الإنسان لأنّه يريد أنْ يتخلص من هذا القشر ويصل إلى اللبّ.
الآن، لو أردت أنْ تضع هذا اللوز مع قشره في فم شخص، فأيّ حالة تصيبه؟
كلّ هذه الأعمال التي ننجزها أنا وأنت هي قشر وجودنا وليست قابلة للأكل وليس لها أيّ قدر، فتلك القشور لا بدّ أنْ تزيلها، ومن هنا قد تأتي البلاءات وتنصبّ على رأس منْ يريد أنْ يزيلها، وليس المقصود من إزالتها ترك الأعمال والتكاليف الشرعيّة الظاهرية، بل إنّ التكاليف الشرعيّة الظاهرية، التي من شأنها أنْ توصل إلى العبودية، مندرجة ضمن اللبّ.
كثيراً ما يتقيّد الناس بمسألة ماء الوجه، ويطلبون كلّ حياتهم أنْ يبقى ماء وجههم محفوظاً غير مراق، ولكنّ الله قد يريق ماء وجه الإنسان السالك في سيره التصاعدي، لأنّه يريد أنْ يخلّص السالك من هذا القشر المتلبس بوجوده، حتّى لا يتخيّل أنّ ماء وجهه هذا هو ماء وجهه الحقيقي؛ ومن نعم الله تعالى على الإنسان تخليصه من كلّ الأوهام والخيالات حتّى تظهر حقيقة وجوده بإزالة القشر الظاهري عن وجوده، بل وكلّما ذهب ماء الوجه بنحو أسرع كلّما كان الخلاص أسرع من القشر، وعندما يذهب القشر يبقى اللبّ؛ ولكن مع بقاء اللب لا تتصور أنّ الأمر قد انتهى، بلْ يوجد في باطن هذا اللب ما هو أعمق وأدق وهو لبّ اللبّ.
الآن نضع لب هذه اللوزة في الماء الساخن، وهذا يعني أنّنا نضع لبّ الإنسان في جهنم حتّى ننـزع ذاك القشر البنّي عن هذا اللب فيصير هذا اللبّ أبيضاً نقياً، هذه مرحلة، ولكن توجد مرحلة أرقى وأصفى وهي الوصول إلى لب اللباب؛ هنا لا بدّ أنْ نقطّر هذا اللب، فإذا تمّ تقطيره أُخذ منه زيت اللوز، ومن ثمّ يصنع هذا الزيت طعامٌ للآخرين، وهذا هو الفناء.
{إنّ أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة}؛ أصحاب اللبّ في نهايتهم يصبحون طعاماً للآخرين وهذا هو فناؤهم، إنّ صفات الحقّ تعالى ظاهرة في هذا العالم على نحو البسط التام، بنحو لا يشذّ عن حيطتها شيء في هذا العالم، فكما أنّ الطاعات الصادرة من المؤمنين لها ظهور وكشف عن بعض الأسرار الإلهيّة والصّفات الربانية، كذلك المعاصي في هذا العالم الصادرة عن العاصين- ونحن هنا لسنا بصدد تجويز المعاصي في هذا العالم- هي كشف ورفع قناع عن بعض الأسرار الالهية، فكلّ أهل المعصيّة في العالم وأهل الشرك وعبدة الأصنام إنّما يكشفون عن صفات الحقّ تعالى، فلوْ لم يكن هناك أهل معصيّة ما كان لك أنْ تعرف ما هي الرحمة الإلهيّة الرافعة للذنوب، ولوْ لم يكن هناك أهل ذنب، ما أمكن معرفة ماهيّة المغفرة الإلهية.
إنّ رحمة الله ليست مقيّدة بنحو تختص فقط بأهل الطاعة، بل هي مطلقة وشاملة لكلّ أصناف الناس في هذا الوجود المنبسط.
ملاحظة :
وليعلم الاخوة في هذا التجمع المبارك ان هذه المطالب هي بداية بدايتي لفتح باب لطالب هذه العلوم وساقوم بذكر مطالب عملية لتقوية وقيام النفس بالقوة ذاتا بعيدا عن الدعوات والاعمال الاخرى المتعبة فانه ياتيك ما تامله بطرفة عين دون ذكر شئ معين .