الماء والمطر في القرآن
وردت كلمة "الماء" ودون "ال" في القرآن الكريم مرات كثيرة، غير أنها لمعانٍ مختلفة، يمكن حصرها فيما يأتي:
1. الماء يشرب، أو تروى به الأرض، قال تعالى: "أفرأيتم الماء الذي تشربون؟ أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون؟" (1) وقال تعالى "وجعلنا من الماء كل شيء حي" (2) نباتا كان أم حيوانا.
2. الماء المطر، وذلك من المجاز؛ لأن الماء مادة المطر. وعلاقته قائمة على اعتبار ما سيكون من حاله إذا نزل واستقر على الأرض، ولو سال. ومن ذلك قوله تعالى: "وينزل عليكم من السماء ماء" (3).
3. الماء لا تعرف صفته أو طبيعته بحزم. وهو الماء الذي كان قبل خلق السماوات والأرض، على نحو ما يتضح في قوله تعالى: "وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء" (4)
4. الماء يكون عينا أو حسيا أو بئرا أو غديرا أو نحوها، ومن ذلك قوله تعالى في أمر موسى عليه السلام: "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون" (5). وقوله: "ونبّئهم أن الماء قسمة بينهم، لكل شرب محتضر" (6).
1. الماء يشرب، أو تروى به الأرض، قال تعالى: "أفرأيتم الماء الذي تشربون؟ أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون؟" (1) وقال تعالى "وجعلنا من الماء كل شيء حي" (2) نباتا كان أم حيوانا.
2. الماء المطر، وذلك من المجاز؛ لأن الماء مادة المطر. وعلاقته قائمة على اعتبار ما سيكون من حاله إذا نزل واستقر على الأرض، ولو سال. ومن ذلك قوله تعالى: "وينزل عليكم من السماء ماء" (3).
3. الماء لا تعرف صفته أو طبيعته بحزم. وهو الماء الذي كان قبل خلق السماوات والأرض، على نحو ما يتضح في قوله تعالى: "وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء" (4)
4. الماء يكون عينا أو حسيا أو بئرا أو غديرا أو نحوها، ومن ذلك قوله تعالى في أمر موسى عليه السلام: "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون" (5). وقوله: "ونبّئهم أن الماء قسمة بينهم، لكل شرب محتضر" (6).
5. الماء يسقاه أهل النار، قال تعالى: "من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد" (7).
6. الماء المني، الذي يتخلق منه الإنسان، قال تعالى في الإنسان بعد أن بدأ خلقه من طين: "ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين" (8) وقال: "فلينظر الإنسان ممّ خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب" (9). أي من بين لحمه وعظمه.
وكل سائل في العربية ماء، ومن ذلك الصهير، وهو ذوب المعادن، ومن ذلك قول الراجز في محور بكرة (عجلة البئر).
ومحور أخلص من ماء اليلب (10)
أي صنع من صهير الفولاذ.
وقد عرض القرآن الكريم كثيرا من أحوال الماء، حيث قد يكون ظاهرا يجري، أو راكدا، وقد يكون غورا يعجز الناس عن طلبه. قال تعالى: "قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين" (11) أي من يأتيكم بماء عذب ظاهر جارٍ؟
وقد يكون عذبا فراتا، كمياه الينابيع والأمطار والأنهار، أو ملحا أجاجا كماء البحر، وقد ورد ذكرها في آية واحدة، هي قوله تعالى: "وهو الذي مرج البحرين: هذا عذب فرات، وهذا ملح أجاج" (12) والمقصود بالبحرين هنا: الماءان الكثيران الواسعان (13). وليس البحر المصطلح الجغرافي الحديث، فإن قلت وأين هي البحار العذبة؟ قلت: هناك تفسيرات ثلاثة يمكن أن يكون المقصود أحدها وهي:
6. الماء المني، الذي يتخلق منه الإنسان، قال تعالى في الإنسان بعد أن بدأ خلقه من طين: "ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين" (8) وقال: "فلينظر الإنسان ممّ خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب" (9). أي من بين لحمه وعظمه.
وكل سائل في العربية ماء، ومن ذلك الصهير، وهو ذوب المعادن، ومن ذلك قول الراجز في محور بكرة (عجلة البئر).
ومحور أخلص من ماء اليلب (10)
أي صنع من صهير الفولاذ.
وقد عرض القرآن الكريم كثيرا من أحوال الماء، حيث قد يكون ظاهرا يجري، أو راكدا، وقد يكون غورا يعجز الناس عن طلبه. قال تعالى: "قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين" (11) أي من يأتيكم بماء عذب ظاهر جارٍ؟
وقد يكون عذبا فراتا، كمياه الينابيع والأمطار والأنهار، أو ملحا أجاجا كماء البحر، وقد ورد ذكرها في آية واحدة، هي قوله تعالى: "وهو الذي مرج البحرين: هذا عذب فرات، وهذا ملح أجاج" (12) والمقصود بالبحرين هنا: الماءان الكثيران الواسعان (13). وليس البحر المصطلح الجغرافي الحديث، فإن قلت وأين هي البحار العذبة؟ قلت: هناك تفسيرات ثلاثة يمكن أن يكون المقصود أحدها وهي:
1. البحيرات: والغالب في مائها أن يكون عذبا، كمياه بحيرة الحولة وطبرية من بلاد الشام، وقد يكون ملحا مثل مياه بحيرة في أمريكا، وقد يسمى البحر بحيرة، أو العكس، ومن الأول قول اليعقوبي: "وبها البحيرة الميتة، التي تخرج الحمرة والمؤميا (14) وقول ابن دستة في بحر نبطس (الأسود): "وهو بحر ضخم وإن كان يسمى بحيرة" (15).
2. الأنهار العظام، كالنيل والدجلة والفرات. ذلك لكثرة ما يجري به من ماء، وقد يسمى النهر بحرا، وعلى ذلك المصريون في نهر النيل إلى يومنا الحاضر، وقد أطلق الله تعالى عليه اسم "اليمّ"، وقال ابن الفقيه في مختصر كتاب البلدان: "والنيل سماه الله بحرا، قال تعالى: "فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ" ـ واليمّ هنا النيل" (16).
3. مصابّ الأنهار في البحار، حيث يدخل ماء النهر ماء البحرَ في رقعة كبيرة، تمتد قدما في البحر، الأمر الذي يشكل بحيرة عذبة في جوف البحر المالح، وقد تحدث هذه الظاهرة في المحيطات، نتيجة لينابيع أو أنهار داخلية.
وقد ذكر القرآن الكريم عددا من مصادر المياه في كثير من الآيات، وفي مقدمة ذلك:
ـ المطر. وقد أسماه الله تعالى "رحمة" حيث قال: "فانظر إلى آثار رحمة ربك كيف يحيي الأرض بعد موتها" (16)، وقال "ويرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته" (17). ونعمت الرحمة المطر، ولا يزال التهاميون يسمون المطر رحمة إلى يومنا الحاضر. يقولون مهنئين بالمطر: تباركن امرحمة، أي تباركت الرحمة.
ـ وأسماه غيثا، لأنه يغاث به الحيوان والنبات والعباد، أما رأيت فرحة البادين بالمطر، وأن الأرض تتزين به وتتزخرف؟ قال تعالى: "وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد" (18).
ـ وأسماه ودقا، وهو الصبيب المنهمر، وذلك في قوله تعالى: "ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله" (19).
2. الأنهار العظام، كالنيل والدجلة والفرات. ذلك لكثرة ما يجري به من ماء، وقد يسمى النهر بحرا، وعلى ذلك المصريون في نهر النيل إلى يومنا الحاضر، وقد أطلق الله تعالى عليه اسم "اليمّ"، وقال ابن الفقيه في مختصر كتاب البلدان: "والنيل سماه الله بحرا، قال تعالى: "فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ" ـ واليمّ هنا النيل" (16).
3. مصابّ الأنهار في البحار، حيث يدخل ماء النهر ماء البحرَ في رقعة كبيرة، تمتد قدما في البحر، الأمر الذي يشكل بحيرة عذبة في جوف البحر المالح، وقد تحدث هذه الظاهرة في المحيطات، نتيجة لينابيع أو أنهار داخلية.
وقد ذكر القرآن الكريم عددا من مصادر المياه في كثير من الآيات، وفي مقدمة ذلك:
ـ المطر. وقد أسماه الله تعالى "رحمة" حيث قال: "فانظر إلى آثار رحمة ربك كيف يحيي الأرض بعد موتها" (16)، وقال "ويرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته" (17). ونعمت الرحمة المطر، ولا يزال التهاميون يسمون المطر رحمة إلى يومنا الحاضر. يقولون مهنئين بالمطر: تباركن امرحمة، أي تباركت الرحمة.
ـ وأسماه غيثا، لأنه يغاث به الحيوان والنبات والعباد، أما رأيت فرحة البادين بالمطر، وأن الأرض تتزين به وتتزخرف؟ قال تعالى: "وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد" (18).
ـ وأسماه ودقا، وهو الصبيب المنهمر، وذلك في قوله تعالى: "ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله" (19).
ـ وأسماه رجعا، وذلك أن العرب كانت تقول أن السحاب يحمل الماء من البحر ثم يرجعه إلى الأرض. أو أنهم أرادوا التفاؤل فسموه رجعا وأوبا ليرجع ويؤوب. قال الهذلي:
رباء شماء لا يأوي لقلتها إلا السحاب وإلا الأوب والسبل (20)
أي إلا السحاب والمطر، والمطر الذي (يقال) أنه لا يبلغ الأرض، يتبخر قبل أن ينزل، ويعرف جغرافيا بالمطر الكاذب. أما تلك الجبال، فإن قمتها عالية فهو يبلغها.
وقيل: سمي المطر رجعا، لأن الله تعالى يرجعه وقتا فوقتا. وقال: "والسماء ذات الرجع" (21)، أي ذات المنطر بعد المطر. ومنه قول الخنساء:
كالرجع في المدجنة السارية (22)
وقد يفسّر فيه بالرعد، وبالسحاب، ومعنى الشعر: كالمطر في السحابة الداكنة التي تنشأ آخر الليل.
ـ كما أسمى الله تعالى المطر خبئا. وهذا لفظ عام، يطلق على كل ما خبّأه الله تعالى من غيوبه، أو تخبؤه انت لغيرك. ودلالته على المطر تتضح في قوله تعالى: "ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض" (23) ويفسر بما يفسر به الرجع. والخبء هنا بمعنى المخبوء، وهذا من باب إقامة المصدر مقام مفعوله.
ـ وأسماه رزقا، لأنه مصدر وسبيله، وهذا، ككثير مما سبق، ضرب من المجاز علاقته المسببية، قال تعالى: "وينزل لكم من السماء رزقا" (24).
ـ كما أسماه ماء وقد عرضنا لذلك فيماسبق.
أما كلمة "المطر"، فلم ترد في القرآن الكريم لدلالة على الماء النازل من السماء يُنتَفع به، وإنما كان ورودها مقرونة بالعذاب أو بإنزال غير الماء، ويتضح ذلك في قوله تعالى: "وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود" (25). وقوله تعالى: "القرية التي أُمطِرَت مطر السَّوء" (26). وهي سروم، مدينة قوم لوط، وتجثم الآن تحت مياه البحر الميت، وكانت أمطرت بالحجارة، (27) وخُسِفَت.
رباء شماء لا يأوي لقلتها إلا السحاب وإلا الأوب والسبل (20)
أي إلا السحاب والمطر، والمطر الذي (يقال) أنه لا يبلغ الأرض، يتبخر قبل أن ينزل، ويعرف جغرافيا بالمطر الكاذب. أما تلك الجبال، فإن قمتها عالية فهو يبلغها.
وقيل: سمي المطر رجعا، لأن الله تعالى يرجعه وقتا فوقتا. وقال: "والسماء ذات الرجع" (21)، أي ذات المنطر بعد المطر. ومنه قول الخنساء:
كالرجع في المدجنة السارية (22)
وقد يفسّر فيه بالرعد، وبالسحاب، ومعنى الشعر: كالمطر في السحابة الداكنة التي تنشأ آخر الليل.
ـ كما أسمى الله تعالى المطر خبئا. وهذا لفظ عام، يطلق على كل ما خبّأه الله تعالى من غيوبه، أو تخبؤه انت لغيرك. ودلالته على المطر تتضح في قوله تعالى: "ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض" (23) ويفسر بما يفسر به الرجع. والخبء هنا بمعنى المخبوء، وهذا من باب إقامة المصدر مقام مفعوله.
ـ وأسماه رزقا، لأنه مصدر وسبيله، وهذا، ككثير مما سبق، ضرب من المجاز علاقته المسببية، قال تعالى: "وينزل لكم من السماء رزقا" (24).
ـ كما أسماه ماء وقد عرضنا لذلك فيماسبق.
أما كلمة "المطر"، فلم ترد في القرآن الكريم لدلالة على الماء النازل من السماء يُنتَفع به، وإنما كان ورودها مقرونة بالعذاب أو بإنزال غير الماء، ويتضح ذلك في قوله تعالى: "وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود" (25). وقوله تعالى: "القرية التي أُمطِرَت مطر السَّوء" (26). وهي سروم، مدينة قوم لوط، وتجثم الآن تحت مياه البحر الميت، وكانت أمطرت بالحجارة، (27) وخُسِفَت.
أما أنواع المطر التي وردت في القرآن الكريم فأربعة، هي:
1. الصيب: هو المطر الذي يصوب، أي ينزل ويقع، ويُقال للسحاب صيب أيضا، قال الشماخ:
واسم دان صادق الرعد صيب (28)
أي رب سحاب أسود قريب من الأرض، مطير. وقد ورد ذكر الصيب في قوله تعالى: "أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق ..." (29). وتدلنا القرائن على أن الصيب مطر شديد غزير. وعن الزمخشري قال: "وقرئ كصائب، والصيب أبلغ، والسماء: هذه المظلة" (30) ولا يشترط في الصيب أن يكون للعذاب، فقد يُرجَى نفعه، ومصداق ذلك قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : "اللهم صيبا نافعا" (31). والصيب من صاب يصوب، يناظر ساد يسود فهو سيد.
2. الوابل: وهو المطر القوي الذي يستمر وترتوي به الأرض.
3. الطلّ: وهو مطر ضعيف، وقد يسمى الندا طلاً. وقد ورد ذكر هذين النوعين معا في آية واحدة هي قوله تعالى: "ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من عند أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين، فإن لم يصبها وابل فطلّ، والله بما تعملون بصير" (32). فهي لطيب تربتها تجود بالثمر، وإن لم يصبها غير مطر ضعيف.
4. البرد: وهو المطر ينزل على هيئة حبيبات متجمدة، وقد تكون حبات كبيرة، ومن ذلك قوله تعالى: "وينزل من السماء من جبال فيها من برد، فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء" (33).
ومن مصادر المياه التي ورد ذكرها في القرآن الكريم غير المطر:
1. العيون الجارية، وذلك في قوله تعالى: "وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا" (34) وقوله تعالى: "فيهما عينان تجريان" (35).
2. الينابيع، وهي كالعيون،تنفجر من الأرض أو الصخر، غير أن الينبوع أكثر تدفق ماء من العين، وأشد، ويعكس ذلك صفة الانفجار التي يتمتع بها صوت "الباء"، ومن ذلك قوله تعالى: "قالوا لن نؤمن لك حتى تفجر من الأرض ينبوعا" (36). كما ورد الجمع في قوله تعالى: "فسلكه ينابيع في الأرض" (37) أي أدخله فيها ثم أجراه، يعني ماء المطر.
3. الأنهار، وأكثر ما ورد مجموعة مصاحبة للجنة، تجري فيها، في تركيب يكاد يكون واحدا هو قوله تعالى: "جنات تجري من تحتها الأنهار" (38). والأصل في النهر أن يكون من ماء جوفيّ، ويتضح ذلك في قوله تعالى: " وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار"(39). وفي قوله تعالى: " وفجرنا خلالهما نهرا" (40). والنهر، بفتح الهاء وتسكينها جائز، وهو المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر. يقال لبردى نهر دمشق، وللنيل نهر مصر، ومدار التركيب على السمعة.
4. البحار، وقد وردت في الصيغ الثلاث؛ الإفراد والتثنية والجمع. فمن المفرد قوله تعالى: "فاتخذ سبيله في البحر سربا" (41) ومن المثنى قوله تعالى: "لا أرجع حتى أبلغ مجمع البحرين أو امضي حقبا" (42). ومن الجمع قوله تعالى: "وإذا البحار سجّرت" (43) وقوله تعالى: "وإذا البحار فجّرت" (44) ومنه جمعا للقلة قوله تعالى: "والبحر يمده من بعده سبعة أبحر" (45).
1. الصيب: هو المطر الذي يصوب، أي ينزل ويقع، ويُقال للسحاب صيب أيضا، قال الشماخ:
واسم دان صادق الرعد صيب (28)
أي رب سحاب أسود قريب من الأرض، مطير. وقد ورد ذكر الصيب في قوله تعالى: "أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق ..." (29). وتدلنا القرائن على أن الصيب مطر شديد غزير. وعن الزمخشري قال: "وقرئ كصائب، والصيب أبلغ، والسماء: هذه المظلة" (30) ولا يشترط في الصيب أن يكون للعذاب، فقد يُرجَى نفعه، ومصداق ذلك قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : "اللهم صيبا نافعا" (31). والصيب من صاب يصوب، يناظر ساد يسود فهو سيد.
2. الوابل: وهو المطر القوي الذي يستمر وترتوي به الأرض.
3. الطلّ: وهو مطر ضعيف، وقد يسمى الندا طلاً. وقد ورد ذكر هذين النوعين معا في آية واحدة هي قوله تعالى: "ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من عند أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين، فإن لم يصبها وابل فطلّ، والله بما تعملون بصير" (32). فهي لطيب تربتها تجود بالثمر، وإن لم يصبها غير مطر ضعيف.
4. البرد: وهو المطر ينزل على هيئة حبيبات متجمدة، وقد تكون حبات كبيرة، ومن ذلك قوله تعالى: "وينزل من السماء من جبال فيها من برد، فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء" (33).
ومن مصادر المياه التي ورد ذكرها في القرآن الكريم غير المطر:
1. العيون الجارية، وذلك في قوله تعالى: "وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا" (34) وقوله تعالى: "فيهما عينان تجريان" (35).
2. الينابيع، وهي كالعيون،تنفجر من الأرض أو الصخر، غير أن الينبوع أكثر تدفق ماء من العين، وأشد، ويعكس ذلك صفة الانفجار التي يتمتع بها صوت "الباء"، ومن ذلك قوله تعالى: "قالوا لن نؤمن لك حتى تفجر من الأرض ينبوعا" (36). كما ورد الجمع في قوله تعالى: "فسلكه ينابيع في الأرض" (37) أي أدخله فيها ثم أجراه، يعني ماء المطر.
3. الأنهار، وأكثر ما ورد مجموعة مصاحبة للجنة، تجري فيها، في تركيب يكاد يكون واحدا هو قوله تعالى: "جنات تجري من تحتها الأنهار" (38). والأصل في النهر أن يكون من ماء جوفيّ، ويتضح ذلك في قوله تعالى: " وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار"(39). وفي قوله تعالى: " وفجرنا خلالهما نهرا" (40). والنهر، بفتح الهاء وتسكينها جائز، وهو المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر. يقال لبردى نهر دمشق، وللنيل نهر مصر، ومدار التركيب على السمعة.
4. البحار، وقد وردت في الصيغ الثلاث؛ الإفراد والتثنية والجمع. فمن المفرد قوله تعالى: "فاتخذ سبيله في البحر سربا" (41) ومن المثنى قوله تعالى: "لا أرجع حتى أبلغ مجمع البحرين أو امضي حقبا" (42). ومن الجمع قوله تعالى: "وإذا البحار سجّرت" (43) وقوله تعالى: "وإذا البحار فجّرت" (44) ومنه جمعا للقلة قوله تعالى: "والبحر يمده من بعده سبعة أبحر" (45).
وقد ورد في القرآن الكريم لفظ آخر مرادف للبحر، وهو اليمّ، وقد عرّفه الزمخشري (46) بقوله: "وهو البحر الذي لا يدرك قعره، وقال: وقيل: هو لجة البحر ومعظم مائه، واشتقاقه من التيمم لأن المستنفعين به يقصدونه" قلت: ربما كان من الام بتسهيل الهمزة، وهو القصد والتولي نحو الشيء. قال نافع بن لقيط:
فما أمر وأم الوحش لما تضرع في مفارقي المشيب (47)
أي: فما قصدي بها. وقد فسر اليم بأنه نهر النيل بخاصة. ولهذا ما يؤيده، ومنه قول الزمخشري (48) نفسه: إن نهرا كبيرا كان يشرع من اليم إلى بستان فرعون، وهذا النهر لا يمكن أن يكون من البحر، لأن ماء البحر لا تسقى به البساتين. وقد ورد عنه، أيضا، قوله: اليم: البحر، وقيل: هو نيل مصر (49).
وأن يشتق اليم من إحدى المادتين "ي م م" أو "أ م م" اللتين تنصرفان لدلالتين تقعان على معنى التولي والقصد ـ أمر مقبول، ذلك أن العرب ربما سمت المكان بما يحدث فيه أو يقصد إليه؛ كتسميتهم بطن الوادي جازعا؛ لأنه إنما يجتاز (يجزع) منه. وتسميتهم الطريق إلى الماء واردا؛ لأنهم يردون الماء فيه، أو صادرا؛ لأنهم يصدرون عنه فيه.
وجدير بالذكر أن كلمة اليم قد وردت في القرآن الكريم سبع مرات في آيات تدور حول خبر موسى عليه السلام مع آل فرعون وبني إسرائيل. قال تعالى: "فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم" (50) ولعل المقصود فيضان النيل أو مد البحر.
وكلمة أخيرة: أن اليم هو البحر في العربية، وقد ورد لذلك في أدب الجاهلية، وهو البحر في العبرية والسريانية والآشورية.
5. الآبار: جمع بئر، مؤنثة. وقد ذكرها فيه مرة واحدة مفردة، في سورة الحج (51) حيث قوله تعالى: "وبئر معطّلة وقصر مشيد".
كما ذكر "الجب" وهو البئر، قيل: لأن الأرض تجب أي تحفر له، ولعله البئر لم تطو. قال تعالى في خبر يوسف: "ألقوه في غيابة الجب" (52) وغيابته غوره وما غاب منه عن عين الناظر.
6. ومن مصادر المياه وتجمعاتها وأحوالها التي ورد ذكرها في القرآن الكريم:
أ. السيول، وهي ماء المطر جاريا في شعب أو واد، قال تعالى: "وأنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها، فاحتمل السيل زبدا رابيا" (53) وقال في سبأ: "فأرسلنا عليهم سيل العرم" إشارة إلى انهيار سد مأرب. والسيل في الآية الأولى من النعم، وفي الثانية من النقم.
ب. السرى: وهو النهير والجدول. وقد ورد ذكره مرة واحدة في القرآن الكريم. قال تعالى: "قد جعل ربك تحتك سريّا" (54) وقد سئل النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عنه فقال: هو الجدول (55) وقيل: من السرو، أي السخاء في المروءة (56). ومنه قول لبيد في معلقته:
فتوسطا عرض السريّ فصدعا مسجورة متجاورا قلامها (57)
ج. الطوفان، وهو أن يعم الماء الأرض، ويطوف بها. وقد ورد ذكره أكثر من مرة، قال تعالى: "فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقُمَّل والضفادع والدم آيات مفصّلات" (58) وهو ها هنا فيضان النيل. وطوفان الظلام جنونه والباسه الأرض.
د. واللجة: وهي وسط الماء ومعظمه، قال تعالى في بلقيس: "قيل لها ادخلي الصرح، فلما دخلته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها" (59) كيلا يبتل ثوبها، لأن ساحة الصرح كانت صقيلة، فحسبتها ماء.
هـ . الرسّ، وهو البئر. قال تعالى: "وعادا وثمود وأصحاب الرس" (60) وهكذا، مضافا إليه ورد في غير هذا الموضع، والرس، قرية في منطقة القصيم بنجد، قديمة حديثة. وقال أبو عبيدة: الرس هي البئر غير المطوية (61).
ويلاحظ الدارس لهذا البحث، اهتمام القرآن الكريم بالماء وأحواله ومصادره ومجاريه، وليس غريبا؛ ذلك انه مصدر الحياة وأداتها، ولعل في هذا ما يبرر الخصومات الشديدة، التي كانت تحتدم بين القبائل العربية قديما بسبب الماء.
وقد اتينا في هذا البحث بجملة المفردات التي وردت في القرآن الكريم تعبيرا عن ذلك كله، مبينين مترادفها ومختلفها، والفرق بينها، الأمر الذي يجعل من هذا البحث لغويا وجغرافيا وقرآنيا.
فما أمر وأم الوحش لما تضرع في مفارقي المشيب (47)
أي: فما قصدي بها. وقد فسر اليم بأنه نهر النيل بخاصة. ولهذا ما يؤيده، ومنه قول الزمخشري (48) نفسه: إن نهرا كبيرا كان يشرع من اليم إلى بستان فرعون، وهذا النهر لا يمكن أن يكون من البحر، لأن ماء البحر لا تسقى به البساتين. وقد ورد عنه، أيضا، قوله: اليم: البحر، وقيل: هو نيل مصر (49).
وأن يشتق اليم من إحدى المادتين "ي م م" أو "أ م م" اللتين تنصرفان لدلالتين تقعان على معنى التولي والقصد ـ أمر مقبول، ذلك أن العرب ربما سمت المكان بما يحدث فيه أو يقصد إليه؛ كتسميتهم بطن الوادي جازعا؛ لأنه إنما يجتاز (يجزع) منه. وتسميتهم الطريق إلى الماء واردا؛ لأنهم يردون الماء فيه، أو صادرا؛ لأنهم يصدرون عنه فيه.
وجدير بالذكر أن كلمة اليم قد وردت في القرآن الكريم سبع مرات في آيات تدور حول خبر موسى عليه السلام مع آل فرعون وبني إسرائيل. قال تعالى: "فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم" (50) ولعل المقصود فيضان النيل أو مد البحر.
وكلمة أخيرة: أن اليم هو البحر في العربية، وقد ورد لذلك في أدب الجاهلية، وهو البحر في العبرية والسريانية والآشورية.
5. الآبار: جمع بئر، مؤنثة. وقد ذكرها فيه مرة واحدة مفردة، في سورة الحج (51) حيث قوله تعالى: "وبئر معطّلة وقصر مشيد".
كما ذكر "الجب" وهو البئر، قيل: لأن الأرض تجب أي تحفر له، ولعله البئر لم تطو. قال تعالى في خبر يوسف: "ألقوه في غيابة الجب" (52) وغيابته غوره وما غاب منه عن عين الناظر.
6. ومن مصادر المياه وتجمعاتها وأحوالها التي ورد ذكرها في القرآن الكريم:
أ. السيول، وهي ماء المطر جاريا في شعب أو واد، قال تعالى: "وأنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها، فاحتمل السيل زبدا رابيا" (53) وقال في سبأ: "فأرسلنا عليهم سيل العرم" إشارة إلى انهيار سد مأرب. والسيل في الآية الأولى من النعم، وفي الثانية من النقم.
ب. السرى: وهو النهير والجدول. وقد ورد ذكره مرة واحدة في القرآن الكريم. قال تعالى: "قد جعل ربك تحتك سريّا" (54) وقد سئل النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عنه فقال: هو الجدول (55) وقيل: من السرو، أي السخاء في المروءة (56). ومنه قول لبيد في معلقته:
فتوسطا عرض السريّ فصدعا مسجورة متجاورا قلامها (57)
ج. الطوفان، وهو أن يعم الماء الأرض، ويطوف بها. وقد ورد ذكره أكثر من مرة، قال تعالى: "فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقُمَّل والضفادع والدم آيات مفصّلات" (58) وهو ها هنا فيضان النيل. وطوفان الظلام جنونه والباسه الأرض.
د. واللجة: وهي وسط الماء ومعظمه، قال تعالى في بلقيس: "قيل لها ادخلي الصرح، فلما دخلته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها" (59) كيلا يبتل ثوبها، لأن ساحة الصرح كانت صقيلة، فحسبتها ماء.
هـ . الرسّ، وهو البئر. قال تعالى: "وعادا وثمود وأصحاب الرس" (60) وهكذا، مضافا إليه ورد في غير هذا الموضع، والرس، قرية في منطقة القصيم بنجد، قديمة حديثة. وقال أبو عبيدة: الرس هي البئر غير المطوية (61).
ويلاحظ الدارس لهذا البحث، اهتمام القرآن الكريم بالماء وأحواله ومصادره ومجاريه، وليس غريبا؛ ذلك انه مصدر الحياة وأداتها، ولعل في هذا ما يبرر الخصومات الشديدة، التي كانت تحتدم بين القبائل العربية قديما بسبب الماء.
وقد اتينا في هذا البحث بجملة المفردات التي وردت في القرآن الكريم تعبيرا عن ذلك كله، مبينين مترادفها ومختلفها، والفرق بينها، الأمر الذي يجعل من هذا البحث لغويا وجغرافيا وقرآنيا.