بسم الله الرحمن الرحيم
عن ابي جعفر عليه السلام قال : ان لله تعالى رياح رحمة ورياح عذاب ، فان شاء الله ان يجعل العذاب من الرياح رحمة فعل ، قال : ولن يجعل من الرحمة من الريح عذابا ، قال : وذلك انه لم يرحم قوما قط اطاعوه وكانت طاعتهم اياه وبالا عليهم الا من بعد تحولهم من طاعته.
قال : وكذلك فعل بقوم يونس لما آمنوا رحمهم الله بعدما قد كان قدر عليهم العذاب وقضاه ، ثم تداركهم برحمته فجعل العذاب المقدر عليهم رحمة فصرفه عنهم وقد انزله عليهم وغشيهم ، وذلك لما آمنوا به وتضرعوا اليه.
قال : واما الريح العقيم فانها ريح عذاب لا تلقح شيئا من الارحام ولا شيئا من النبات ، وهي ريح تخرج من تحت الارضين السبع ، وما خرجت منها ريح قط الا على قوم عاد.
وروي عن الامام ابي جعفر عليه السلام انه قال : ان لله جنودا من الرياح يعذب بها من يشاء ممن عصاه ، ولكل ريح منها ملك موكل بها ، فاذا اراد الله ان يعذب قوما بنوع من العذاب اوحى الى الملك الموكل بذلك النوع من الريح التي يريد ان يعذبهم بها ، قال : فيأمر بها الملك فتهيج كما يهيج الاسد المغضب.
قال : ولكل ريح منهن اسم ، اما تسمع قوله تعالى : « كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ، انا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر » وقال تعالى : « الريح العقيم » وقال : « ريح فيها عذاب اليم » وقال : « واصابها اعصار فيه نار فاحترقت » وماذكر من الرياح التي يعذب الله بها من عصاه ؛ الخبر.
ان الله عزوجل رؤوف رحيم بعباده المخلصين ، ولا يسلط عليهم العذاب الا من بعد ان يبعث لهم رسولا يدعوهم الى عبادته واطاعة اوامره والنهي عن المحرمات والسير على سراطه المستقيم ، واذا عصوا الله وتمادوا وازدادوا في عصيانهم ، يرسل عليهم العذاب ، وقال تعالى « وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا » ، والعذاب الذي يسلطه على عباده العاصين والمذنبين يختلف حسب ما يراه سبحانه وتعالى مناسبا وصالحا لتلك الامة ولؤلائك القوم ، مرة يبعث عليهم الزلزال ، واخرى الفيضان ، واخرى الدم والضفادع ، ومرة اخرى الريح على انواعها ، ومرة اخرى يسلط بعضهم على بعض ، والى غير ذلك.
اعاذنا الله واياكم من عذابه وغضبه ورحمنا برحمته.
وكذلك لله تعالى رياح رحمة لواقح ينشرها بين يدي رحمته ، منها يهيج بها السحاب للمطر ، ومنها تعصر السحاب فتمطره باذن الله ، ومنها لواقح تلقح الاشجار وينمو الثمر ، والى غير ذلك.