بسم الله الرحمن الرحيم
لقد بَدَأ « عبدُ اللّه » بالزواج فصلا جديداً في حياته ، وأضاء ربوعها بوجود شريكة للحياة في غاية العفة والكمال هي زوجته الطاهرة « آمنة » وبعد مدة من هذا الزواج المبارك توجه في رحلة تجارية ـ وبصحبة قافلة ـ إلى الشام بهدف التجارة.
دقت أجراسُ الرحيل ، وتحركت القافلة التجارية وفيها عبد اللّه ، وبدأت رحلتها من « مكة » صوب الشام ، وهي مشدودة بمئات القلوب والافئدة.
وكانت « آمنة » تمر في هذه الايام بفترة الحمل ، فقد حملت من زوجها « عبد اللّه ».
وبعد مُضيّ بضعة أشهر طلعت على مشارف مكة بوادر القافلة التجارية وهي عائدة من رحلتها ، وخرج جمع كبير من أهل مكة لاستقبال ذويهم المسافرين العائدين.ها هو والد « عبد اللّه » ينتظر ـ في المنتظرين ـ ابنه « عبد اللّه » ، كما ان عيون عروسة ولده « آمنة » هي الاُخرى تدور هنا وهناك تتصفح الوجوه وتبحث عن زوجها الحبيب « عبد اللّه » في شوق لا يوصف.
ولكن ومع الأسف لا يجدان أثراً من « عبد اللّه » بين رجال القافلة !!
وبعد التحقيق يتبين أن « عبد اللّه » قد تمرّض أثناء عودته في يثرب ، فتوقف هناك بين اخواله لكي يستريح قليلا ، فاذا تماثل للشفاء عاد إلى أهله في « مكة ».
وكان من الطبيعي أن يغتم هذان المنتظران « عبد المطلب وآمنة » لهذا النبأ ، وتعلو وجهيهما آثار الحزن ، والقلق وتنحدر من عيونهما دموع الأسى والاسف.
فأمرَ « عبدُ المطّلب » اكبر ولده : « الحارث » إلى أن يتوجَّه إلى « يثرب » ، ويصطحب معه « عبد اللّه » إلى مكة.
ولكنه عند ما دخل يثرب عرف بأن أخاه : « عبد اللّه » قد توفي بعد مفارقة القافلة له بشهر واحد ، فعاد الحارث إلى مكة ، فاخبر والده « عبد المطلب » ، وكذا زوجته العزيزة « آمنة » بذلك ، ولم يخلف « عبد اللّه » من المال سوى خمسة من الابل ، وقطيع من الغنم ، وجارية تدعى « اُم أيمن » صارت فيما بعد مربية النبيّ الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم .