الجن يتزوجون ويتناسلون مثل البشر يقول الله تعالى : (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا) سورة الكهف .
فهذه الآية صريحة في أن الجن له ذرية والذرية من الأزواج والنكاح وفي الحديث الشريف بصحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن قالوا وأياك يا رسول الله قال وأياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير ) .
ومعناه أنه يرافق كل مولود من بني آدم مولود من الجن فهو قرين له مدة حياته وقد استغربت السيدة عائشة رضي الله عنها من صيغة العموم في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (ما منكم من أحد) فقال (و إياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بالخير ) .
وهذا دليل قاطع على أن الجن يتناسلون حتى يكون لكل مولود من أولاد آدم قرين معه من الجن .
يمكنك الاطلاع على مقالة للدكتور ابو الحارث بعنوان كشف الغطاء عن اسرار عالم الجن و السحر .
ملحوظة : بمناسبة ذكر القرين من الجن للإنسان إذا حدث للإنسان موت فجائي مثل القتل فإن القرين يفقد قرينه بدون علمه إذ يفاجأ بفقده بسرعة مذهلة .
فيضطر إلى حضوره دائماً في مكان قتل قرينه الإنسان للبحث عنه وقد يمكث ذلك أياماً حتى يعلم ويتأكد من موت قرينه الإنسان فيختفي ويذهب إلى مكان قبره الذي دفن فيه لملازمته حتى يموت نفس القرين(الجني) ولذلك تراه بعض الناس أي ترى القرين من الجن في مكان قتل الإنسان, فيقولون أن فلاناً ظهر عفريته (أو إذا قتل الإنسان خرج له عفريت) وفي الحقيقة هو قرينه .
أما ظهوره فهو للبحث عن قرينه الإنسي الذي فقده فجائي في حادث قتل وأعلم أن للجن آجال ونهاية وموت ولكن آجالهم طويلة لأنهم من عالم الأثير وفيه يعيشون, ولكنهم سيموتون إذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون إلا إبليس أبو الجن فإنه باق إلى يوم القيامة, فإنه (من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم).
كما أن عالم الجن لهم مقدرة على التشكيل بأشكال كثيرة (حية ، سبع ، ثور، كلب ، قط ،حمار إلخ ...)
بلا فرق بين المسلم أو غيره وأن الصورة التي يتشكل بها تحكم عليه و إذا مات فيها مات الجن نفسه كما أنه إذا ظهرت هذه الحيوانات المفزعة المخيفة في المدينة المنورة, فقط لزم التنبيه عليها لأنها تعود للتخويف بشكلها المرعب وإنذارها بقتلها إذ ظهرت مرة أخرى .
ولا يجب قتلها مرة واحدة ربما كانت جناً فيترك إلى سبيله هذا خاص للمدينة المنورة أما في غيرها فيقتل بغير إنذار وهذا مصداق لمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : (أن في المدينة جناً أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان لأن الشيطان لا يريد إلا الأذى وإضلال الناس فوجب قتله .
يمكن الاطلاع على مقالة تسخير عالم الجن للاستفادة منها .
وقال الزمخشري : تقول الأعاريب أن من الجن جنس صورته على نصف الإنسان واسمه شق وأنه يعرض للمسافرين إذا كان مسافرا وحده وربما أهلكه وأظنه المارد .
وقال بعض العلماء ليست جميع يمكنهم التشكيل بل الذي يمكنه التشكيل منهم هم الغيلان فقط أي سحرة الجن فإنهم يتعلمون كلمات وأفعال إذا فعلوها وتكلموا بها نقلهم الله تعالى من صورة إلى صورة أخرى أما الجني يصور نفسه فذلك محال .
طعام الجن ومعاشهم :
معلوم أن الجن أثير شفاف فمن كان كذلك يكون طعامه مثل الروائح الطيبة والبخور .
فطعامهم منه استنشاق فقط أما الذين يتشكلون من الجن فيكون طعامهم ما يناسب تشكله فإن كان على صورة كلب فطعامه يكون اللحم والعظم, وإن كان على صورة ثور أو حمار فطعامه يكون النبات كالبرسيم والفول والتبن إلخ وهكذا يكون طعامه حسب ما يناسب الشكل الذي هو عليه, وقد تشكل الشيطان وأتى فريشاً في صورة سراقة ابن مالك بن جعشم لما أرادوا الخروج إلى بدر .
قال الله تعالى (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب ) .
وكما روى أنه تصور في صورة شيخ مجدي لما اجتمعوا بدار الندوة للتشاور في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوه كما قال الله تعالى :
(وإذ يمكر بك الذين كفروا) إلخ الآية .
اطلع على مقالة أنواع عالم الجن للاستفادة منها .
وقال سعد بن أبي وقاص أمرنا إذا رأينا الغول أن ننادي بالصلاة فيذهب .
وعن مجاهد قال (كان الشيطان لا يزال يتزين لي إذا قمت إلى الصلاة في صورة ابن عباس فجعلت عندي سكيناً فتزين لي فحملت عليه فطعنته فوقع وله وجبة فلم أره بعد ذلك وقال المتي أن ابن الزبير رأى رجلاً طوله شبران على بردعة رحله فقالما أنت ، قال : أزب بكسر الألف قال وما أزب قال رجل من الجن فضربه على رأسه بعود السوط حتى ناص أي هرب (حكمة) قال أبو القاسم بن عساكر في كتاب (سبب الزهادة في الشهادة ) (وممن ترد شهادته ولا تسلم له عدالته من يزعم أنه يرى الجن عياناً ويدعى أن له منهم إخواناً) .
ويقول الشافعي رضي الله عنه (من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته لقول الله تعالى في كتابه الكريم أنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ), وهذا حقاً إذا كان الجن على حقيقته أثير لا يرى لشفافيته أما إذا تشكل بشكل مادي فإنه يرى كمادة وليس كأثير شفاف وقد صدق الله ورسوله .
والسادة الأئمة العلماء وفي قصة سيدنا سليمان بن داوود عليهما السلام الكفاية .حيث كانوا يعملون له الأعمال الشاقة من المحاريب والتماثيل والجفان والقدور الراسيات والمقرن في الأصفاد ولا يكون ذلك إلا الجسم الكثيف .
ـ الزواج والذرية بين الجن :
قدمنا مناكحة للجن فيما بينهم والكلام هنا عن بيان المناكحة بين الإنس والجن وما حكم مشروعيته أما عن نكاح الإنسي الجنية وعكسه, فممكن ذلك فالتناكح والتلاقح قد يقع بين الإنس والجن .
(قال الله تعالى وشاركهم في الأموال والأولاد ) .
وقال محمد صلى الله عليه وسلم : إذا جامع الرجل امرأته ولم يسم انطوى الشيطان على احليله فجامع معه .
وقال ابن عباس إذا أتى الرجل امرأته وهي حائض سبقه الشيطان إليها فحملت فجاءت بالمخنث فالمخنثون أولاد الجن .
ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح الجن وقول الفقهاء لا تجوز المناكحة بين الإنس والجن وكراهة من كرهه من التابعين دليل على إمكانه لأن غير الممكن لا يحكم عليه بجواز ولا بعدمه في الشرع, فإن قيل الجن من عنصر النار والإنسان من العناصر الأربعة .
وعليه فعنصر النار يمنع من أن تكون النطفة الإنسانية في رحم الجنية لما فيها من الرطوبة فتضمحل لشدة الحرارة النيرانية والجواب أنهم وإن خلقوا من نار فليسوا بباقين على عنصرهم الناري, بل قد استحالوا عنه بالأكل والشرب والتوالد والتناسل كما استحال بنو آدم عن عنصرهم الترابي بذلك .
على أن نقول إن الذي خلق من نار هو أبو الجن كما خلق آدم أبو الإنس من تراب وأما كل واحد من الجن غير أبيهم فليس مخلوقاً من النار, كما أن كل واحد من بني آدم ليس مخلوقاً من تراب وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه وجد برد لسان الشيطان, الذي عرض له في صلاته على يده لما خنقه قال النبي صلى الله عليه وسلم : (فما زلت أخنقه حتى برد لعابه) فبرد لسان الشيطان ولعابه دليل على أنه انتقل عن العنصر الناري إذ لو كان باقياً على حاله من أين جاء البرد .
وهذا المصروع يدخل بدنه الجني ويجري الشيطان من ابن آدم مجرى الدم فلو كان باقياً على حاله لأحرق المصروع ومن جرى منه مجرى الدم .
اطلع على مقالة مهمة بعنوان عالم الجن والشياطين .
وقد سئل مالك بن أنس رضي الله عنه فقيل أن ههنا رجلاً من الجن يخطب إلينا جارية يزعم أنه يريد الحلال فقال ما أرى بذلك بأسا في الدين ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل قيل لها من زوجك قالت من الجن .
فيكثر الفساد في الإسلام بذلك كما أن الله يقول في زواج الإنس و زواج الجن .
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ), والجن ليس من أنفسنا فلا يكون عن عشق وهوى متبع من الإنس والجن .
فيكون إقدام الإنسي على نكاح الجنية للخوف على نفسه وكذلك العكس إذ لم يقدموا على ذلك لآذوهم وربما أتلفوهم البتة .
ومع هذا فلا يزال الإنسي في قلق وعدم طمأنينة وهذا يعود على مقصود النكاح بالنقص . وأخبر الله تعالى أنه جعل بين الزوجين مودة ورحمة وهذا منتف بين الإنس والجن لأن العداوة بين الإنس والجن لا تزول بدليل قول الله تعالى (قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو), ورغم ذلك فالقرآن الكريم يذكر حدوث الاستمتاع بين الجن والإنس يقول تعالى (ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أوليائهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا ) .
وحكايات من تزوج من الجن كثيرة نذكر بعضها للإثبات روي عن محمد بن حميد الرازي عن الأعمش قال حدثني شيخ من بجيل قال علق رجل من الجن جارية لنا ثم خطبها إلينا وقال إني أكره أن أنال منها محرماً فزوجناها منه قال فظهر معنا يحدثنا فقلنا ما أنتم فقال : أمم أمثالكم وفينا قبائل كقبائلكم قلنا فهل فيكم هذه الأهواء قال نعم فينا من كل الأهواء قال نعم فينا من كل الأهواء القدرية والشيعة والمرجئة إلخ ..
قلنا له ما أحب الطعام إليكم فقال الأرز قال المتحدث فأتيناه به فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحداً .
وروي عن القاضي جلال الدين أحمد بن القاضي حسام الدين الرازي الحنفي قال سفر في والدي لإحضار أهله من الشرق فلما جزت البيرة ألجأنا المطر إلى أن نمنا في مغارة وكنت في جماعة فبينما أنا نائم إذا أنا بشيء يوقظني فانتبهت .
فإذا بامرأة وسط من النساء لها عين واحدة مشقوقة بالطول فارتمت فقالت ما عليك من بأس إنما أتيتك لتتزوج ابنة لي كالقمر فقلت لخوفي منها على خيرة الله ثم نظرت, فإذا برجال قد أقبلوا فنظرتهم فإذا هم كهيئة المرأة التي أتتني عيونهم كلها مشقوقة بالطول في هيئة قاض وشهود, فخطب القاضي وعقد فقبلت ثم نهضوا وعادت المرأة ومعها جارية حسناء إلا أن عينها مثل عين أمها وتركتها عندي وانصرفت فزاد خوفي واستيحاشي وبقيت أرمي من كان عندي بالحجارة حتى يستيقظوا .
فما انتبهوا ولا انتبه أحد منهم فأقبلت على الدعاء والتضرع ثم آن الرحيل فرحلنا وتلك الشابة لا تفارقني فدمت على هذا ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع أتتني المرأة وقالت : كأن هذه الشابة ما أعجبتك وكأنك تحب فراقها, فقلت أي والله قالت فطلقها فانصرفت ثم لم أرها ولا أمها بعد .
يمكن الاطلاع على مقالة مميزة بعنوان طرد الجن والشياطين .
وقيل أن أحد أبوي بلقيس كان جنياً (قال الكلبي ) كان أبوها من عظماء الملوك وولده ملوك اليمن كلها وكان يقول ليس في ملوك الأطراف من يدانيني فتزوج امرأة من الجن يقال لها (ريحانة بنت السكن), فولدت له بلقيس وتسمى بلقمة ويقال أن مؤخر قدميها كان مثل حافر الدابة .
ولذلك اتخذ سليمان عليه السلام الصرح الممرد من قوارير وكان بيتاً من زجاج يخيل للرائي أنه يضطرب فلما رأته كشفت عن ساقيها فلم ير غير شعر خفيف فعالجه بالنورة وتزوجها .
وقال أبو منصور الثعالبي يقال للمتولد بين الإنسي والجني الخس والمتولد بين الآدمي والسعلاة المملوق .
وكثير ما يتعرض الجن لنساء الإنس حيث قال عبد ابن محمد القرشي أن جرير بن عبد الله قال إني لأسير في أحد طرق بلدة تستر فقلت بصوت مسموع (لا حول ولا قوة إلا بالله) قال فسمعني هربذ فقال ما سمعت هذا الكلام من أحد منذ سمعته من السماء قال قلت فكيف ذلك فوفدت عاماً على كسرى .
فخلفني في أهلي شيطان يكون على صورتي فلما قدمت لم يهش إلى أهلي كما يهش أهل الغائب إلى غائبهم فقلت ما شأنكم فقالوا أنك لم تغب قال قلت وكيف ذلك قال فظهر لي الشيطان بصورة إنسان وقال اختر أن يكون لك منها يوماً ولي يوم فخفت منه ووافقت على ذلك ، قال فأتاني يوماً فقال أنه ممن يسترق السمع وأن استرق السمع بينهم بتناوب وأن نوبته الليلة .
فهل لك أن تجيء معنا قلت نعم فلما أمسى أتاني فحملني على ظهره فإذا له شعر نابت في محدب رقبته كالخنزير فقال لي استسمك فإنك ترى أمورا وأهوالاً فلا تفارقني فتهلك قال ثم عرجوا حتى لحقوا بالسماء قال فسمعت قائلاً يقول :
(لا حول ولا قوة إلا بالله ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن) .
قال فلحق بهم الخوف فوقعوا من وراء العمران في غياض وشجر قال فحفظت الكلمات فلما أصبحت أتيت أهلي وكان إذا جاء قلنهن, فيضطرب حتى يخرج حتى يخرج من كوة البيت فلم أزل أقولهن حتى أنقطع عني .
ومثل ذلك أعرف امرأة متدينة وزوجة لأحد كبار العلماء بالقاهرة وأنا أحرر هذه السطور في ليلة الجمعة الموافقة 23 من شهر فبراير سنة 1979 ميلادية الساعة الواحدة وسبعة دقائق بعد نصف الليل :
أذكر ما قالته لي هي وزوجها بأنه يوجد جني في شقة بيتها يدخل عليها في حجرة نومها وينام يجوارها ويريد أن يعتدي على شرفها فتستغيث بالله منه وتتلو بعض الآيات القرآنية والأدعية, حتى يبتعد عنها أو يذهب ثم يعود وهكذا فهو ملازمها ويمنع زوجها من التقرب إليها ويهدده وقد وفقني الله وقمت بمساعدتهم بقدر المستطاع .
كما أرسلت إلى بعض النساء من صعيد مصر بأنه يوجد أحد رجال الجن يأتيها كل ليلة في صورة إنسان بعد أن تغلق جميع مداخل بيتها, ويعاشرها معاشرة الزوج لزوجته, وتخشى أن تحمل فتنفضح وأنها لم تتزوج بعد فدعونا الله بمنعه عنها وحفظها منه فاستجاب الله دعائنا أنه سمع مجيب فحمداً لله وشكراً .
فهذه الآية صريحة في أن الجن له ذرية والذرية من الأزواج والنكاح وفي الحديث الشريف بصحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن قالوا وأياك يا رسول الله قال وأياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير ) .
ومعناه أنه يرافق كل مولود من بني آدم مولود من الجن فهو قرين له مدة حياته وقد استغربت السيدة عائشة رضي الله عنها من صيغة العموم في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (ما منكم من أحد) فقال (و إياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بالخير ) .
وهذا دليل قاطع على أن الجن يتناسلون حتى يكون لكل مولود من أولاد آدم قرين معه من الجن .
يمكنك الاطلاع على مقالة للدكتور ابو الحارث بعنوان كشف الغطاء عن اسرار عالم الجن و السحر .
ملحوظة : بمناسبة ذكر القرين من الجن للإنسان إذا حدث للإنسان موت فجائي مثل القتل فإن القرين يفقد قرينه بدون علمه إذ يفاجأ بفقده بسرعة مذهلة .
فيضطر إلى حضوره دائماً في مكان قتل قرينه الإنسان للبحث عنه وقد يمكث ذلك أياماً حتى يعلم ويتأكد من موت قرينه الإنسان فيختفي ويذهب إلى مكان قبره الذي دفن فيه لملازمته حتى يموت نفس القرين(الجني) ولذلك تراه بعض الناس أي ترى القرين من الجن في مكان قتل الإنسان, فيقولون أن فلاناً ظهر عفريته (أو إذا قتل الإنسان خرج له عفريت) وفي الحقيقة هو قرينه .
أما ظهوره فهو للبحث عن قرينه الإنسي الذي فقده فجائي في حادث قتل وأعلم أن للجن آجال ونهاية وموت ولكن آجالهم طويلة لأنهم من عالم الأثير وفيه يعيشون, ولكنهم سيموتون إذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون إلا إبليس أبو الجن فإنه باق إلى يوم القيامة, فإنه (من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم).
كما أن عالم الجن لهم مقدرة على التشكيل بأشكال كثيرة (حية ، سبع ، ثور، كلب ، قط ،حمار إلخ ...)
بلا فرق بين المسلم أو غيره وأن الصورة التي يتشكل بها تحكم عليه و إذا مات فيها مات الجن نفسه كما أنه إذا ظهرت هذه الحيوانات المفزعة المخيفة في المدينة المنورة, فقط لزم التنبيه عليها لأنها تعود للتخويف بشكلها المرعب وإنذارها بقتلها إذ ظهرت مرة أخرى .
ولا يجب قتلها مرة واحدة ربما كانت جناً فيترك إلى سبيله هذا خاص للمدينة المنورة أما في غيرها فيقتل بغير إنذار وهذا مصداق لمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : (أن في المدينة جناً أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان لأن الشيطان لا يريد إلا الأذى وإضلال الناس فوجب قتله .
يمكن الاطلاع على مقالة تسخير عالم الجن للاستفادة منها .
وقال الزمخشري : تقول الأعاريب أن من الجن جنس صورته على نصف الإنسان واسمه شق وأنه يعرض للمسافرين إذا كان مسافرا وحده وربما أهلكه وأظنه المارد .
وقال بعض العلماء ليست جميع يمكنهم التشكيل بل الذي يمكنه التشكيل منهم هم الغيلان فقط أي سحرة الجن فإنهم يتعلمون كلمات وأفعال إذا فعلوها وتكلموا بها نقلهم الله تعالى من صورة إلى صورة أخرى أما الجني يصور نفسه فذلك محال .
طعام الجن ومعاشهم :
معلوم أن الجن أثير شفاف فمن كان كذلك يكون طعامه مثل الروائح الطيبة والبخور .
فطعامهم منه استنشاق فقط أما الذين يتشكلون من الجن فيكون طعامهم ما يناسب تشكله فإن كان على صورة كلب فطعامه يكون اللحم والعظم, وإن كان على صورة ثور أو حمار فطعامه يكون النبات كالبرسيم والفول والتبن إلخ وهكذا يكون طعامه حسب ما يناسب الشكل الذي هو عليه, وقد تشكل الشيطان وأتى فريشاً في صورة سراقة ابن مالك بن جعشم لما أرادوا الخروج إلى بدر .
قال الله تعالى (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب ) .
وكما روى أنه تصور في صورة شيخ مجدي لما اجتمعوا بدار الندوة للتشاور في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوه كما قال الله تعالى :
(وإذ يمكر بك الذين كفروا) إلخ الآية .
اطلع على مقالة أنواع عالم الجن للاستفادة منها .
وقال سعد بن أبي وقاص أمرنا إذا رأينا الغول أن ننادي بالصلاة فيذهب .
وعن مجاهد قال (كان الشيطان لا يزال يتزين لي إذا قمت إلى الصلاة في صورة ابن عباس فجعلت عندي سكيناً فتزين لي فحملت عليه فطعنته فوقع وله وجبة فلم أره بعد ذلك وقال المتي أن ابن الزبير رأى رجلاً طوله شبران على بردعة رحله فقالما أنت ، قال : أزب بكسر الألف قال وما أزب قال رجل من الجن فضربه على رأسه بعود السوط حتى ناص أي هرب (حكمة) قال أبو القاسم بن عساكر في كتاب (سبب الزهادة في الشهادة ) (وممن ترد شهادته ولا تسلم له عدالته من يزعم أنه يرى الجن عياناً ويدعى أن له منهم إخواناً) .
ويقول الشافعي رضي الله عنه (من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته لقول الله تعالى في كتابه الكريم أنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ), وهذا حقاً إذا كان الجن على حقيقته أثير لا يرى لشفافيته أما إذا تشكل بشكل مادي فإنه يرى كمادة وليس كأثير شفاف وقد صدق الله ورسوله .
والسادة الأئمة العلماء وفي قصة سيدنا سليمان بن داوود عليهما السلام الكفاية .حيث كانوا يعملون له الأعمال الشاقة من المحاريب والتماثيل والجفان والقدور الراسيات والمقرن في الأصفاد ولا يكون ذلك إلا الجسم الكثيف .
ـ الزواج والذرية بين الجن :
قدمنا مناكحة للجن فيما بينهم والكلام هنا عن بيان المناكحة بين الإنس والجن وما حكم مشروعيته أما عن نكاح الإنسي الجنية وعكسه, فممكن ذلك فالتناكح والتلاقح قد يقع بين الإنس والجن .
(قال الله تعالى وشاركهم في الأموال والأولاد ) .
وقال محمد صلى الله عليه وسلم : إذا جامع الرجل امرأته ولم يسم انطوى الشيطان على احليله فجامع معه .
وقال ابن عباس إذا أتى الرجل امرأته وهي حائض سبقه الشيطان إليها فحملت فجاءت بالمخنث فالمخنثون أولاد الجن .
ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح الجن وقول الفقهاء لا تجوز المناكحة بين الإنس والجن وكراهة من كرهه من التابعين دليل على إمكانه لأن غير الممكن لا يحكم عليه بجواز ولا بعدمه في الشرع, فإن قيل الجن من عنصر النار والإنسان من العناصر الأربعة .
وعليه فعنصر النار يمنع من أن تكون النطفة الإنسانية في رحم الجنية لما فيها من الرطوبة فتضمحل لشدة الحرارة النيرانية والجواب أنهم وإن خلقوا من نار فليسوا بباقين على عنصرهم الناري, بل قد استحالوا عنه بالأكل والشرب والتوالد والتناسل كما استحال بنو آدم عن عنصرهم الترابي بذلك .
على أن نقول إن الذي خلق من نار هو أبو الجن كما خلق آدم أبو الإنس من تراب وأما كل واحد من الجن غير أبيهم فليس مخلوقاً من النار, كما أن كل واحد من بني آدم ليس مخلوقاً من تراب وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه وجد برد لسان الشيطان, الذي عرض له في صلاته على يده لما خنقه قال النبي صلى الله عليه وسلم : (فما زلت أخنقه حتى برد لعابه) فبرد لسان الشيطان ولعابه دليل على أنه انتقل عن العنصر الناري إذ لو كان باقياً على حاله من أين جاء البرد .
وهذا المصروع يدخل بدنه الجني ويجري الشيطان من ابن آدم مجرى الدم فلو كان باقياً على حاله لأحرق المصروع ومن جرى منه مجرى الدم .
اطلع على مقالة مهمة بعنوان عالم الجن والشياطين .
وقد سئل مالك بن أنس رضي الله عنه فقيل أن ههنا رجلاً من الجن يخطب إلينا جارية يزعم أنه يريد الحلال فقال ما أرى بذلك بأسا في الدين ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل قيل لها من زوجك قالت من الجن .
فيكثر الفساد في الإسلام بذلك كما أن الله يقول في زواج الإنس و زواج الجن .
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ), والجن ليس من أنفسنا فلا يكون عن عشق وهوى متبع من الإنس والجن .
فيكون إقدام الإنسي على نكاح الجنية للخوف على نفسه وكذلك العكس إذ لم يقدموا على ذلك لآذوهم وربما أتلفوهم البتة .
ومع هذا فلا يزال الإنسي في قلق وعدم طمأنينة وهذا يعود على مقصود النكاح بالنقص . وأخبر الله تعالى أنه جعل بين الزوجين مودة ورحمة وهذا منتف بين الإنس والجن لأن العداوة بين الإنس والجن لا تزول بدليل قول الله تعالى (قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو), ورغم ذلك فالقرآن الكريم يذكر حدوث الاستمتاع بين الجن والإنس يقول تعالى (ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أوليائهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا ) .
وحكايات من تزوج من الجن كثيرة نذكر بعضها للإثبات روي عن محمد بن حميد الرازي عن الأعمش قال حدثني شيخ من بجيل قال علق رجل من الجن جارية لنا ثم خطبها إلينا وقال إني أكره أن أنال منها محرماً فزوجناها منه قال فظهر معنا يحدثنا فقلنا ما أنتم فقال : أمم أمثالكم وفينا قبائل كقبائلكم قلنا فهل فيكم هذه الأهواء قال نعم فينا من كل الأهواء قال نعم فينا من كل الأهواء القدرية والشيعة والمرجئة إلخ ..
قلنا له ما أحب الطعام إليكم فقال الأرز قال المتحدث فأتيناه به فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحداً .
وروي عن القاضي جلال الدين أحمد بن القاضي حسام الدين الرازي الحنفي قال سفر في والدي لإحضار أهله من الشرق فلما جزت البيرة ألجأنا المطر إلى أن نمنا في مغارة وكنت في جماعة فبينما أنا نائم إذا أنا بشيء يوقظني فانتبهت .
فإذا بامرأة وسط من النساء لها عين واحدة مشقوقة بالطول فارتمت فقالت ما عليك من بأس إنما أتيتك لتتزوج ابنة لي كالقمر فقلت لخوفي منها على خيرة الله ثم نظرت, فإذا برجال قد أقبلوا فنظرتهم فإذا هم كهيئة المرأة التي أتتني عيونهم كلها مشقوقة بالطول في هيئة قاض وشهود, فخطب القاضي وعقد فقبلت ثم نهضوا وعادت المرأة ومعها جارية حسناء إلا أن عينها مثل عين أمها وتركتها عندي وانصرفت فزاد خوفي واستيحاشي وبقيت أرمي من كان عندي بالحجارة حتى يستيقظوا .
فما انتبهوا ولا انتبه أحد منهم فأقبلت على الدعاء والتضرع ثم آن الرحيل فرحلنا وتلك الشابة لا تفارقني فدمت على هذا ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع أتتني المرأة وقالت : كأن هذه الشابة ما أعجبتك وكأنك تحب فراقها, فقلت أي والله قالت فطلقها فانصرفت ثم لم أرها ولا أمها بعد .
يمكن الاطلاع على مقالة مميزة بعنوان طرد الجن والشياطين .
وقيل أن أحد أبوي بلقيس كان جنياً (قال الكلبي ) كان أبوها من عظماء الملوك وولده ملوك اليمن كلها وكان يقول ليس في ملوك الأطراف من يدانيني فتزوج امرأة من الجن يقال لها (ريحانة بنت السكن), فولدت له بلقيس وتسمى بلقمة ويقال أن مؤخر قدميها كان مثل حافر الدابة .
ولذلك اتخذ سليمان عليه السلام الصرح الممرد من قوارير وكان بيتاً من زجاج يخيل للرائي أنه يضطرب فلما رأته كشفت عن ساقيها فلم ير غير شعر خفيف فعالجه بالنورة وتزوجها .
وقال أبو منصور الثعالبي يقال للمتولد بين الإنسي والجني الخس والمتولد بين الآدمي والسعلاة المملوق .
وكثير ما يتعرض الجن لنساء الإنس حيث قال عبد ابن محمد القرشي أن جرير بن عبد الله قال إني لأسير في أحد طرق بلدة تستر فقلت بصوت مسموع (لا حول ولا قوة إلا بالله) قال فسمعني هربذ فقال ما سمعت هذا الكلام من أحد منذ سمعته من السماء قال قلت فكيف ذلك فوفدت عاماً على كسرى .
فخلفني في أهلي شيطان يكون على صورتي فلما قدمت لم يهش إلى أهلي كما يهش أهل الغائب إلى غائبهم فقلت ما شأنكم فقالوا أنك لم تغب قال قلت وكيف ذلك قال فظهر لي الشيطان بصورة إنسان وقال اختر أن يكون لك منها يوماً ولي يوم فخفت منه ووافقت على ذلك ، قال فأتاني يوماً فقال أنه ممن يسترق السمع وأن استرق السمع بينهم بتناوب وأن نوبته الليلة .
فهل لك أن تجيء معنا قلت نعم فلما أمسى أتاني فحملني على ظهره فإذا له شعر نابت في محدب رقبته كالخنزير فقال لي استسمك فإنك ترى أمورا وأهوالاً فلا تفارقني فتهلك قال ثم عرجوا حتى لحقوا بالسماء قال فسمعت قائلاً يقول :
(لا حول ولا قوة إلا بالله ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن) .
قال فلحق بهم الخوف فوقعوا من وراء العمران في غياض وشجر قال فحفظت الكلمات فلما أصبحت أتيت أهلي وكان إذا جاء قلنهن, فيضطرب حتى يخرج حتى يخرج من كوة البيت فلم أزل أقولهن حتى أنقطع عني .
ومثل ذلك أعرف امرأة متدينة وزوجة لأحد كبار العلماء بالقاهرة وأنا أحرر هذه السطور في ليلة الجمعة الموافقة 23 من شهر فبراير سنة 1979 ميلادية الساعة الواحدة وسبعة دقائق بعد نصف الليل :
أذكر ما قالته لي هي وزوجها بأنه يوجد جني في شقة بيتها يدخل عليها في حجرة نومها وينام يجوارها ويريد أن يعتدي على شرفها فتستغيث بالله منه وتتلو بعض الآيات القرآنية والأدعية, حتى يبتعد عنها أو يذهب ثم يعود وهكذا فهو ملازمها ويمنع زوجها من التقرب إليها ويهدده وقد وفقني الله وقمت بمساعدتهم بقدر المستطاع .
كما أرسلت إلى بعض النساء من صعيد مصر بأنه يوجد أحد رجال الجن يأتيها كل ليلة في صورة إنسان بعد أن تغلق جميع مداخل بيتها, ويعاشرها معاشرة الزوج لزوجته, وتخشى أن تحمل فتنفضح وأنها لم تتزوج بعد فدعونا الله بمنعه عنها وحفظها منه فاستجاب الله دعائنا أنه سمع مجيب فحمداً لله وشكراً .
