بسم الله الرحمن الرحيم
الكثير ربما كتب عن عرش بلقيس وتناولت بعض الكتب الاسلامية تفسيرات عديدة لا يسعنا هنا ذكرها حرصا على الاختصار ونحاول في هذا المقال تقديم فكرة بسيطة على سبيل الاطروحة واقول ان كل جهد وعزم لايخلو من الشك والغفلة والخطأ الا من شاء الله ان يسدده بعزته ويبسط عليه من عيبة علمه عز وجل ذكره .
لايخلو كتاب الله واحاديث السنة وما نقل عن الرسول الاكرم على لسان اهل بيته او اصحابه حول الابداعات الالهية وحقيقتها على الرغم انها جاءت بشكل مرموز وفق قاعدة كلم الناس على قدر عقولها ، فوصلت لهذا العصر وبسبب طول سلسل النقل لاشك انها وصلت الينا بشكل مرموز وعليه ان يضع الانسان جهده العلمي لفك رموز تلك العبارات والتي اشبه ما تكون بفك الطلاسم والاحاجي او تذليل عباراتها للفهم العام المألوف او حملها على معاني اكثر عمق بشرط عدم التأثير على جوهرية حدود معناها العام بحيث لا تغادر مشتقات نفس المعنى ، ولذا كما قلنا حرصا على عدم الاطالة ان الايات القرانية المباركة افضل مرجع للوقوف على تدبر عباراته لفهم تلك القصص الخارقة التي وصلت الينا بالنقل مثال عرش بلقيس وحقيقة او علمية انتقاله من بقعة الى بقعة بعيدة، كما ان المدهش في الاية المباركة انها وردة بصيغة " قبل ان يرتد اليك طرفك "! وذهب العديد من جمهور المفسرين ان ارتداد الطرف هو حركة جفن العين واخرون ذهب الى اول عملية الابصار للشيء اي ان حالة رصد العين للشيء بعد سقوط الضوء عليها واخرون قالوا لا وانما ارتداد الطرف عملية قبل ابصار العين للشيء اي قبل ارتداد الابصار اي قبل سقوك الضوء على العين ليحدث الابصار او قبل حدوث الابصار والاخير يشير الى ان انتقال العرش اسرع من سرعة الضوء نفسها ! وهذا وحده شيء اعجازي بالنسبة حتى للجن فهنالك من الجن وكما قد يعرف بعض المختصين بالروحانيات انهم قد تصل سرعتهم الى سرعة الضوء اي يستطيع بعض الجن التسابق مع الفوتونات الضوئية ، وبناءا على هذا فأن الاية المباركة بينت اشارة التنافس " فقال عفريت من الجن....... قبل ان تقوم من مكانك .." وقال الذي عنده علم من الكتاب ... قبل ان يرتد طرفك .." وبناءا على هذا التمثيل المبسط نستطيع ان نقول ان انتقال العرش من سباء الى قصر سليمان ابداع الهي فاق طاقات الجن وربما حتى بعض الملائكة لكنه لا يخلوا من التفسير العلمي الالهي لان العلم غير مخصوص بتفجير الطاقة وتقدم التجربة والكشف التجريبي وانما العلم اوسع فيشمل مجالات عديدة والله لا يقبل ان تتحقق مشيئته وقدرته بشكل غوغائي والعياذ بالله وانما بشكل علمي رغم اعجاز البشر للاتيان باياته الا من شاء من عباده " وانما اتيته على علم " و " وعلمنا من لدنا علما " فاذا كان الله يعلم انبيائه وخاصة اوليائه ومن شاء من عباده على علم للتصرف في الوجود بأذنه فلا يعقل ان الله يتصرف على غير علم ، كما ان العلم المراد ليس نظري وانما تحقق علم الله تحقق علمي ايضا ولكن الطاقات البشرية غير قادرة على كشف ذلك فتراه اعجاز .. مثلا المهندس الذي يصنع التلفاز اوليس برايك اعجاز لك اذا كنت لا تالف صنع التلفاز ؟! لكن ان علمك وافهمك كيف صنعه ستفهم كيف وصنع كافة اجزائه وركبها وشرح لك كل جزء بها فستفهم الآلية العلمية والمادية للتلفاز فستلاحظ انها ليس اعجاز وانما هو علم يمكنك تعلمه حتى علم الله يمكنك تعلمه ويجري مايرده على يديك باذنه ما في الصالح للنظام العام للكون او الوجود ، ومن هذه المقدمة الايضاحية نستطيع الولوج الان لصلب الفكرة ونلخصها في السؤال الاتي وهو كيف انتقل عرش بلقيس ؟ ماهو التفسير العلمي الذي يتقبله العقل البشري ؟ كيف تجلت القدرة الالهية على يد اصف بن برخيا كما تجلت القدرة التي طلبها ابانا ابراهيم عليه السلام في " ربي ارني قدرتك على احياء الموتى ...." وسنسوق تفسيرها في منشور وموضوع مستقل ان شاء الله بحسب تفرغنا .
هنالك اطروحتين لانتقال العرش الاول اطروحة فلسفية
مساوقة للعلم الطبيعي المألوف للناس وهو ان اصف بن برخيا حول العرش الى طاقة واوجد العرش بطاقة اخرى .. يعني اعدم وجود العرش في سبأ واوجوده بطاقة في قصر سليمان ، والبعض يعرف ان الطاقة في الكون واحدة فعندما يفنى الكون المادي يتحول الى طاقة واغلب النظريات العلمية تقول بان الكون المادي كان طاقة فيعني اصل الاشياء المادية كلها طاقة واحدة بناء على النظريات المتعارفة فتحويل العرش الى طاقة وايجاده بقصر سليمان بطاقة بناءا على ان الطاقة موجودة في كل مكان فهذا امر طبيعي ومقبول من الناحية العلمية النظرية في العلوم التجريبية ، اما اذابة العرش واعدام وجود ذراته عبر تحويلها الى طاقة هذا ما تثبته حتى التجربة بتفجير الذرات وحتى ان العلم اشار الى ان الثقب الاسود هو مجال تفريغ رغم اننا نعتبر ان الثقوب السوداء ما هي الا مجال افناء للذرات للحفاظ على توازن الكون فاذا كان الثقب الاسود هو مجال للافناء يمكن عكسه نظريا ليصبح مجال للايجاد !! اي تحويل الطاقة الى ذرات .
ففتح مجال كهرواسود لتحويل العرش من سبأ عبر مجال كهرواسود عكسي لايجاد العرش في قصر سليمان فهو مقبول علميا من الناحية النظرية اما مسألة حصوله على يد بشري تلك النقطة التي يجد فيها الغرب اعجازا وهذا ما يريده الله سبحانه وهو الاعجاز البشري لان اختفاء الاعجاز للبشر تنتفي حكمة الاعجاز وهدفه وهنا نحن وضعنا بأختصار تفسيرات مقبولة علميا من الناحية النظرية العلمية للعلوم التجريبية ، فهم يرونه شبه مستحيل او اعجازا لكنهم في الحقيقة لو قلت لهم هل بامكانكم صنع ثقب اسود داخل غرفة ؟!
لقالوا لك حاليا لا ندري لكن نظريا ربما سنحاول فهي فكرة مقبولة !! وعلى الرغم من ذلك هم صنعوا ثقب اسود لان تجاربهم اثبتت تفجير الذرات وافناء حالتها المادية وتحويلها الى طاقة وما هذه تلعماية بالحقيقة الا اشبه بثقب اسود صغير وكلنا يوميا نشاهد ثقوب سوداء في حياتنا من خلال تجاربنا الحياتية والا تحويل الاشياء من حالة الى حالة تنتهي بالحرارة ما يكون تفسيرها برايهم ؟! اوليست الحرارة طاقة ؟!
وهذا الاطروحة لايضاح امكانية التفسير وفق الاسلوب النظري المألوف للعقل والعلوم التجريبية وان كنت شخصيا لا اعتمد هذه الاطروحة في الفهم رغم اننا نستطيع اثباتها بأكثر تفصيلا.
اطروحة عرفانية : تعمل على ايضاح الاطروحة الاول بشكل اكثر انفراجا ودون استقلالية للاله جل وعلا مجده واختصر السرد فيها اعتبارا على انها متممة للاولى كما اشرت ، الله جل وعلا مجده قدرته كلها تحقق علمي والا يريد شخص ان يقول ان انبياء الله ورسله واولياءه يفعلون المعجزات وجاهلين بحقيقتهم العلمية التكوينية فهذا تصغير وتقليل وتجهيل لهم حاشهم وتعالت انفسهم الشريفة عن ذلك علوا كبيرا ، صاحب الاعجاز لابد ان يكون محيط وفاهم لاعجازه والا اذا سئل عنه ماذا يكون جوابه ؟!! هل يقول لهم لا اعلم بها الله وحده يعلم ؟!
فهذا كله غير مقبول للذوق العلمي الذي خطه الله لرسله بالبراهين، ان الله تعالى مجده علم انبيائه ادق تفاسير الاعجاز والابداعات الالهية وليس فقط ان يجعلهم ادوات اعجازه فهم ملمين بالابداعات جملا وتفصيلا علميا الا انهم صلوات الله عليهم يشيرون انها باذن الله وبقدرته لانه تعالى مجده هو الوحيد الفاعل الوحيد في هذا الوجود وكل حول من حوله وكل قوة من قوته تقدس اسمه تبارك وتعالى ، نعود لعرش بلقيس ان الاحداث التي تقع في عالم الناسوت او الملك او الدنيا المادية كلها عبارة عن تقدس اسمائه وظهور مشيئته فيها ولكن العقل البشري لا يشاهد ذلك او لا يتدبر في ربط الافعال وحتى ابليس اللعين فهو لا حول ولا قوة له الا باذن الله "وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ " و " وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ " و " وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ " و اية " إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ" هو الضار وهو النافع وان كان لنا تفسير حول مضرة الله ان شاء الله نتناوله في مقال مستقل مستقبلا .
ومن هذا التمهيد للاطروحة الثانية ، نقول كل ما حصل في انتقال العرش هو تقدس اسمائه الباسط والقابض في مرتبة الاسم الاعظم الحاكم على كل وجود الاسماء او يمكن ان يقال عنه هيكل عرشه جل وعلا الحاكم على جميع اسمائه وتقدس تحققها وتأثيرها في الوجودات او بمعنى اخر مشيئته العظمى تبارك وتعالى ، بل الكل متحد في اسمائه وخضع بفاعليته لافعاله فهو يترك بعدله من يريد هلاكه ويرحم بلطفه من يريد اغاثته وهكذا ، وكما قلت سنشير مستقبلا في مقالات مستقلة عن كل هذا اذا قدر الله تعالى .
ونعتذر على تفرع وطغيان عنان القلم ولكن ما نفعل فالحال والتبيان يتطلب احيانا ايضاح حتى الواضحات حرصا على افهام الجميع ومراعات مستوياتهم العلمية ، ونعود لفكرتنا فاسم القابض قبض العرش هو التعريف الموافق على صورة قبض الذرات وتحويلها الى طاقة وافنائها ، علما ان كل اسم من اسمائه فيه بقية الاسماء والصفات يعني " القابض " ليس وحده وانما فيه الرحمة والفناء واللطف والحكيم .. الخ .
ولكن اقتضاءات ظهوره اقتضت ذلك وهكذا بقية اسماء الله سبحانه وتعالى ولذلك وصفت اسمائه بالكاملات وافعاله بالكاملات لان في كل اسم استجماع لبقية اسمائه وفي كل فعل استجماع لبقية افعالة وهذا سر من اسرار قبضة وحكمة واحكام وعظمة التقدير له تعالى مجده وحده ، فقبض باسمه القابض المتحد تحت سطوته عرش بلقيس وكل الاشياء وافناه وابسطه باسمه الباسط في قصر سليمان وهذا الحالة او الحدث اسرع من الضوء لان القبض والبسط حصل في حدوث واحد ، يعني بصورة اخرى عرش بلقيس وهو موجود في سبأ هو موجود في قصر سليمان وهذا التحكم والقبض والبسط تحقق علمي طبيعي لكنه بتقدير الله وسطوته في الاشياء وهو شأن من شؤون تحقق علمه على يد اولياؤه ورسله .
ان هذا يحصل كما يحصل في بقية تقديراته التي يستطيع العقل فهمها كتحول الاشياء الى طاقة وتخليق الاشياء بالطاقة ولكن فقط الفرق الوحيد هو تغيير وتيرة العرض الالهية في مسرح وجود الاحداث والتي تتمثل بأظهار غير المؤلوف من الايات للعقل البشري ، وانوه الى نقطة مهمة ان التخليق من الطاقة ليس بصعب الفهم ان الطاقة عندما تتثقال تبداء بالتراكم وشيأ فشيأ تتثاقل وتبدا تتراكم وتتشكل الذرات حتى تتجمع لتكون الشيء الذي تسوقه يد القدرة وتزجره وتأمره وكما قلنا ان كل شيء متحد بمشيئه الله ومقهور تحت سطوته فكل شيء يذهب الى ما يريده قبل ان يلمح لمح البصر " وما امرنا الا واحدة كلمح البصر " وكلمح تقريب من باب سياق ضرب المثال للتشبيه وليس بالضرورة كالمح بذاته، ولمح البصر ايضا يراد بها معنى عملية اسقاط الضوء على العين لتبداء عملية الابصار ! واما اصف بن برخيا كان عنده علم من الكتاب اي كان له الولاية التكوينة باذن الله للتصرف بالموجودات باسمين من اسماء الله مقهوريين بالاسم الاعظم اي عنده ولاية تكوينة بحرفين من الاسم الاعظم والتي هي حالتين عظيمتين او منزلتين عضيمتين عند الله لتقوته وعلو شأنه واخلاصه مع الله سبحانه وتعالى !
ولنا تفسير اعمق من هذا في مسئلة ابداع انتقال عرش بلقيس لكن اخترنا تفسير يستطيع الجميع فهمه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
اخوكم ابو أزل .
صورة تمثيلية ل " آصف بن برخيا "
الكثير ربما كتب عن عرش بلقيس وتناولت بعض الكتب الاسلامية تفسيرات عديدة لا يسعنا هنا ذكرها حرصا على الاختصار ونحاول في هذا المقال تقديم فكرة بسيطة على سبيل الاطروحة واقول ان كل جهد وعزم لايخلو من الشك والغفلة والخطأ الا من شاء الله ان يسدده بعزته ويبسط عليه من عيبة علمه عز وجل ذكره .
لايخلو كتاب الله واحاديث السنة وما نقل عن الرسول الاكرم على لسان اهل بيته او اصحابه حول الابداعات الالهية وحقيقتها على الرغم انها جاءت بشكل مرموز وفق قاعدة كلم الناس على قدر عقولها ، فوصلت لهذا العصر وبسبب طول سلسل النقل لاشك انها وصلت الينا بشكل مرموز وعليه ان يضع الانسان جهده العلمي لفك رموز تلك العبارات والتي اشبه ما تكون بفك الطلاسم والاحاجي او تذليل عباراتها للفهم العام المألوف او حملها على معاني اكثر عمق بشرط عدم التأثير على جوهرية حدود معناها العام بحيث لا تغادر مشتقات نفس المعنى ، ولذا كما قلنا حرصا على عدم الاطالة ان الايات القرانية المباركة افضل مرجع للوقوف على تدبر عباراته لفهم تلك القصص الخارقة التي وصلت الينا بالنقل مثال عرش بلقيس وحقيقة او علمية انتقاله من بقعة الى بقعة بعيدة، كما ان المدهش في الاية المباركة انها وردة بصيغة " قبل ان يرتد اليك طرفك "! وذهب العديد من جمهور المفسرين ان ارتداد الطرف هو حركة جفن العين واخرون ذهب الى اول عملية الابصار للشيء اي ان حالة رصد العين للشيء بعد سقوط الضوء عليها واخرون قالوا لا وانما ارتداد الطرف عملية قبل ابصار العين للشيء اي قبل ارتداد الابصار اي قبل سقوك الضوء على العين ليحدث الابصار او قبل حدوث الابصار والاخير يشير الى ان انتقال العرش اسرع من سرعة الضوء نفسها ! وهذا وحده شيء اعجازي بالنسبة حتى للجن فهنالك من الجن وكما قد يعرف بعض المختصين بالروحانيات انهم قد تصل سرعتهم الى سرعة الضوء اي يستطيع بعض الجن التسابق مع الفوتونات الضوئية ، وبناءا على هذا فأن الاية المباركة بينت اشارة التنافس " فقال عفريت من الجن....... قبل ان تقوم من مكانك .." وقال الذي عنده علم من الكتاب ... قبل ان يرتد طرفك .." وبناءا على هذا التمثيل المبسط نستطيع ان نقول ان انتقال العرش من سباء الى قصر سليمان ابداع الهي فاق طاقات الجن وربما حتى بعض الملائكة لكنه لا يخلوا من التفسير العلمي الالهي لان العلم غير مخصوص بتفجير الطاقة وتقدم التجربة والكشف التجريبي وانما العلم اوسع فيشمل مجالات عديدة والله لا يقبل ان تتحقق مشيئته وقدرته بشكل غوغائي والعياذ بالله وانما بشكل علمي رغم اعجاز البشر للاتيان باياته الا من شاء من عباده " وانما اتيته على علم " و " وعلمنا من لدنا علما " فاذا كان الله يعلم انبيائه وخاصة اوليائه ومن شاء من عباده على علم للتصرف في الوجود بأذنه فلا يعقل ان الله يتصرف على غير علم ، كما ان العلم المراد ليس نظري وانما تحقق علم الله تحقق علمي ايضا ولكن الطاقات البشرية غير قادرة على كشف ذلك فتراه اعجاز .. مثلا المهندس الذي يصنع التلفاز اوليس برايك اعجاز لك اذا كنت لا تالف صنع التلفاز ؟! لكن ان علمك وافهمك كيف صنعه ستفهم كيف وصنع كافة اجزائه وركبها وشرح لك كل جزء بها فستفهم الآلية العلمية والمادية للتلفاز فستلاحظ انها ليس اعجاز وانما هو علم يمكنك تعلمه حتى علم الله يمكنك تعلمه ويجري مايرده على يديك باذنه ما في الصالح للنظام العام للكون او الوجود ، ومن هذه المقدمة الايضاحية نستطيع الولوج الان لصلب الفكرة ونلخصها في السؤال الاتي وهو كيف انتقل عرش بلقيس ؟ ماهو التفسير العلمي الذي يتقبله العقل البشري ؟ كيف تجلت القدرة الالهية على يد اصف بن برخيا كما تجلت القدرة التي طلبها ابانا ابراهيم عليه السلام في " ربي ارني قدرتك على احياء الموتى ...." وسنسوق تفسيرها في منشور وموضوع مستقل ان شاء الله بحسب تفرغنا .
هنالك اطروحتين لانتقال العرش الاول اطروحة فلسفية
مساوقة للعلم الطبيعي المألوف للناس وهو ان اصف بن برخيا حول العرش الى طاقة واوجد العرش بطاقة اخرى .. يعني اعدم وجود العرش في سبأ واوجوده بطاقة في قصر سليمان ، والبعض يعرف ان الطاقة في الكون واحدة فعندما يفنى الكون المادي يتحول الى طاقة واغلب النظريات العلمية تقول بان الكون المادي كان طاقة فيعني اصل الاشياء المادية كلها طاقة واحدة بناء على النظريات المتعارفة فتحويل العرش الى طاقة وايجاده بقصر سليمان بطاقة بناءا على ان الطاقة موجودة في كل مكان فهذا امر طبيعي ومقبول من الناحية العلمية النظرية في العلوم التجريبية ، اما اذابة العرش واعدام وجود ذراته عبر تحويلها الى طاقة هذا ما تثبته حتى التجربة بتفجير الذرات وحتى ان العلم اشار الى ان الثقب الاسود هو مجال تفريغ رغم اننا نعتبر ان الثقوب السوداء ما هي الا مجال افناء للذرات للحفاظ على توازن الكون فاذا كان الثقب الاسود هو مجال للافناء يمكن عكسه نظريا ليصبح مجال للايجاد !! اي تحويل الطاقة الى ذرات .
ففتح مجال كهرواسود لتحويل العرش من سبأ عبر مجال كهرواسود عكسي لايجاد العرش في قصر سليمان فهو مقبول علميا من الناحية النظرية اما مسألة حصوله على يد بشري تلك النقطة التي يجد فيها الغرب اعجازا وهذا ما يريده الله سبحانه وهو الاعجاز البشري لان اختفاء الاعجاز للبشر تنتفي حكمة الاعجاز وهدفه وهنا نحن وضعنا بأختصار تفسيرات مقبولة علميا من الناحية النظرية العلمية للعلوم التجريبية ، فهم يرونه شبه مستحيل او اعجازا لكنهم في الحقيقة لو قلت لهم هل بامكانكم صنع ثقب اسود داخل غرفة ؟!
لقالوا لك حاليا لا ندري لكن نظريا ربما سنحاول فهي فكرة مقبولة !! وعلى الرغم من ذلك هم صنعوا ثقب اسود لان تجاربهم اثبتت تفجير الذرات وافناء حالتها المادية وتحويلها الى طاقة وما هذه تلعماية بالحقيقة الا اشبه بثقب اسود صغير وكلنا يوميا نشاهد ثقوب سوداء في حياتنا من خلال تجاربنا الحياتية والا تحويل الاشياء من حالة الى حالة تنتهي بالحرارة ما يكون تفسيرها برايهم ؟! اوليست الحرارة طاقة ؟!
وهذا الاطروحة لايضاح امكانية التفسير وفق الاسلوب النظري المألوف للعقل والعلوم التجريبية وان كنت شخصيا لا اعتمد هذه الاطروحة في الفهم رغم اننا نستطيع اثباتها بأكثر تفصيلا.
اطروحة عرفانية : تعمل على ايضاح الاطروحة الاول بشكل اكثر انفراجا ودون استقلالية للاله جل وعلا مجده واختصر السرد فيها اعتبارا على انها متممة للاولى كما اشرت ، الله جل وعلا مجده قدرته كلها تحقق علمي والا يريد شخص ان يقول ان انبياء الله ورسله واولياءه يفعلون المعجزات وجاهلين بحقيقتهم العلمية التكوينية فهذا تصغير وتقليل وتجهيل لهم حاشهم وتعالت انفسهم الشريفة عن ذلك علوا كبيرا ، صاحب الاعجاز لابد ان يكون محيط وفاهم لاعجازه والا اذا سئل عنه ماذا يكون جوابه ؟!! هل يقول لهم لا اعلم بها الله وحده يعلم ؟!
فهذا كله غير مقبول للذوق العلمي الذي خطه الله لرسله بالبراهين، ان الله تعالى مجده علم انبيائه ادق تفاسير الاعجاز والابداعات الالهية وليس فقط ان يجعلهم ادوات اعجازه فهم ملمين بالابداعات جملا وتفصيلا علميا الا انهم صلوات الله عليهم يشيرون انها باذن الله وبقدرته لانه تعالى مجده هو الوحيد الفاعل الوحيد في هذا الوجود وكل حول من حوله وكل قوة من قوته تقدس اسمه تبارك وتعالى ، نعود لعرش بلقيس ان الاحداث التي تقع في عالم الناسوت او الملك او الدنيا المادية كلها عبارة عن تقدس اسمائه وظهور مشيئته فيها ولكن العقل البشري لا يشاهد ذلك او لا يتدبر في ربط الافعال وحتى ابليس اللعين فهو لا حول ولا قوة له الا باذن الله "وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ " و " وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ " و " وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ " و اية " إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ" هو الضار وهو النافع وان كان لنا تفسير حول مضرة الله ان شاء الله نتناوله في مقال مستقل مستقبلا .
ومن هذا التمهيد للاطروحة الثانية ، نقول كل ما حصل في انتقال العرش هو تقدس اسمائه الباسط والقابض في مرتبة الاسم الاعظم الحاكم على كل وجود الاسماء او يمكن ان يقال عنه هيكل عرشه جل وعلا الحاكم على جميع اسمائه وتقدس تحققها وتأثيرها في الوجودات او بمعنى اخر مشيئته العظمى تبارك وتعالى ، بل الكل متحد في اسمائه وخضع بفاعليته لافعاله فهو يترك بعدله من يريد هلاكه ويرحم بلطفه من يريد اغاثته وهكذا ، وكما قلت سنشير مستقبلا في مقالات مستقلة عن كل هذا اذا قدر الله تعالى .
ونعتذر على تفرع وطغيان عنان القلم ولكن ما نفعل فالحال والتبيان يتطلب احيانا ايضاح حتى الواضحات حرصا على افهام الجميع ومراعات مستوياتهم العلمية ، ونعود لفكرتنا فاسم القابض قبض العرش هو التعريف الموافق على صورة قبض الذرات وتحويلها الى طاقة وافنائها ، علما ان كل اسم من اسمائه فيه بقية الاسماء والصفات يعني " القابض " ليس وحده وانما فيه الرحمة والفناء واللطف والحكيم .. الخ .
ولكن اقتضاءات ظهوره اقتضت ذلك وهكذا بقية اسماء الله سبحانه وتعالى ولذلك وصفت اسمائه بالكاملات وافعاله بالكاملات لان في كل اسم استجماع لبقية اسمائه وفي كل فعل استجماع لبقية افعالة وهذا سر من اسرار قبضة وحكمة واحكام وعظمة التقدير له تعالى مجده وحده ، فقبض باسمه القابض المتحد تحت سطوته عرش بلقيس وكل الاشياء وافناه وابسطه باسمه الباسط في قصر سليمان وهذا الحالة او الحدث اسرع من الضوء لان القبض والبسط حصل في حدوث واحد ، يعني بصورة اخرى عرش بلقيس وهو موجود في سبأ هو موجود في قصر سليمان وهذا التحكم والقبض والبسط تحقق علمي طبيعي لكنه بتقدير الله وسطوته في الاشياء وهو شأن من شؤون تحقق علمه على يد اولياؤه ورسله .
ان هذا يحصل كما يحصل في بقية تقديراته التي يستطيع العقل فهمها كتحول الاشياء الى طاقة وتخليق الاشياء بالطاقة ولكن فقط الفرق الوحيد هو تغيير وتيرة العرض الالهية في مسرح وجود الاحداث والتي تتمثل بأظهار غير المؤلوف من الايات للعقل البشري ، وانوه الى نقطة مهمة ان التخليق من الطاقة ليس بصعب الفهم ان الطاقة عندما تتثقال تبداء بالتراكم وشيأ فشيأ تتثاقل وتبدا تتراكم وتتشكل الذرات حتى تتجمع لتكون الشيء الذي تسوقه يد القدرة وتزجره وتأمره وكما قلنا ان كل شيء متحد بمشيئه الله ومقهور تحت سطوته فكل شيء يذهب الى ما يريده قبل ان يلمح لمح البصر " وما امرنا الا واحدة كلمح البصر " وكلمح تقريب من باب سياق ضرب المثال للتشبيه وليس بالضرورة كالمح بذاته، ولمح البصر ايضا يراد بها معنى عملية اسقاط الضوء على العين لتبداء عملية الابصار ! واما اصف بن برخيا كان عنده علم من الكتاب اي كان له الولاية التكوينة باذن الله للتصرف بالموجودات باسمين من اسماء الله مقهوريين بالاسم الاعظم اي عنده ولاية تكوينة بحرفين من الاسم الاعظم والتي هي حالتين عظيمتين او منزلتين عضيمتين عند الله لتقوته وعلو شأنه واخلاصه مع الله سبحانه وتعالى !
ولنا تفسير اعمق من هذا في مسئلة ابداع انتقال عرش بلقيس لكن اخترنا تفسير يستطيع الجميع فهمه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
اخوكم ابو أزل .
صورة تمثيلية ل " آصف بن برخيا "