اسطورة الهروب من الكاتراز ؟
حادثة الهروب من الكاتراز ألهمت صُناع السينما في هوليود من أنتاج العديد من الأفلام و من أشهرها فلم Escape from Alcatraz من بطولة الممثل الأمريكي الشهير كلينت إيستوود الذي تم انتاجه عام 1979م و العديد من الافلام التي لا يتسع المقال لذكرها .
حادثة الهروب من الكاتراز ألهمت صُناع السينما في هوليود من أنتاج العديد من الأفلام و من أشهرها فلم Escape from Alcatraz من بطولة الممثل الأمريكي الشهير كلينت إيستوود الذي تم انتاجه عام 1979م و العديد من الافلام التي لا يتسع المقال لذكرها .
سنتحدث عن أكثر قصة هروب حدثت حيث ثلاثة مسجونين استطاعوا الهروب من سجن الكاتراز وهي حدث تاريخي غامض لعدم معرفة حقيقة ما حصل لهم هل فعلاً استطاعوا الهروب أم غرقوا في البحر
وسجن الكاتراز كان يحتوي على أخطر المجرمين في أمريكا و ألفونسو جبرائيل هو أكثر سجين مشهور كان في ذلك السجن وهو يعرف باسم آل كابوني ، و يُعتبر هذا السجن أفضل مكان لترويض السجناء المشاغبين و كسر طموحهم بالهرب و بعدها يتم نقلهم لسجون أخرى ، و لعل أفضل وصف لسجن الكاتراز هو العبارة التالية : ( اذا لم تطبق قوانين المجتمع يرسلونك إلى السجن ، و اذا لم تطع قوانين السجن يرسلونك إلى الكاتراز ) .
تاريخ سجن الكاتراز ؟
صورة نادرة لجزيرة الصخرة قبل بناء السجن عليها ؟
سجن الكاتراز هو سجن فيدرالي أمريكي تم بناءه فوق جزيرة الكاتراز أو كما تُعرف باسم الصخرة و التي تقع وسط خليج سان فرانسيسكو و على بعد ميل و ربع من مدينة سان فرانسيسكو ، منذ اكتشاف القارة الامريكية و هذه الجزيرة لم تشهد أي نشاط بشري لكونها أرض قاحلة بسبب الملوحة الزائدة و طبيعة أرضها الصخرية ، و بسبب موقعها المميز فقد بُنيت عليها منارة ، و مع الوقت تم تحويلها إلى حصن و ثكنة عسكرية . و في عام 1934 م قررت السلطات أن تستغل هذه المساحة و حولتها إلى سجن الكاتراز الشهير بصعوبة الهروب منه و حرّاسه الاشداء ، و يرجع سبب صعوبة الهروب من السجن إلى الطبيعة الجغرافية للسجن فهو مبنى على جزيرة صخرية مرتفعة وسط البحر و مياه البحر مليئة بالتيارات الشديدة و أسماك القرش المفترسة ، كما أن بناء السجن مصمم بطريقة تجعله مكشوف من كل زاوية ، فالأبراج الستة منتشرة حوله و يقوم على حراسة السجن حوالي 90 حارس مسلح له الحق في أطلاق النار عند أي محاولة للهرب .
تم تحويلها لسجن بسبب موقعها الفريد ؟
يحتوي السجن على 378 زنزانة منها 42 زنزانة انفرادي ، و رغم صعوبة الهروب من السجن إلا أن هناك 14 محاولة للهروب تمت خلال 29 سنة من عمر السجن قام بها 36 نزيل و كانت النتيجة أن تم القبض على 23 هارب و قتل 6 نزلاء و غرق أثنين من الهاربين ، كما أختفى خمسة من النزلاء الهاربين و من بينهم أبطال قصتنا الثلاثة ، أما اكثر عمليات الهروب دموية فتلك التي حصلت عام 1946م عندما ثار المساجين على الحراس و استطاعوا أن يسيطروا على السجن ، لكنهم لم يجدوا المفتاح المؤدي للبوابة الخارجية ، و استطاع الحراس استعادة السيطرة على السجن بعد ثلاثة أيام و قُتل خلال هذه الأحداث أثنين من الحراس و 6 نزلاء و تم إعدام سجينين أثنين بسبب تورطهم بتلك الاحداث .
اشهر نزلاء السجن .. زعيم المافيا المخيف .. ال كابون ؟
مهما كانت الصعوبات و المخاطر فلا يمكن منع السجناء من المحاولة الهروب ، بينما يفكر الحراس في مشاغل حياتهم فأن الهروب من السجن هو ما يشغل تفكير السجناء ، و في أحد أروقة السجن جلس أربعة من النزلاء يخططون لإعداد خطة للهرب من السجن و دار بينهم هذا الحديث :
السجناء الثلاثة من اليسار الى اليمين .. فرانك موريس .. جون انجلين .. كلارينس انجلين .
- مرحباً بكم يا شباب ، دعونا نتعرف على بعضنا البعض ، أنا أدُعى فرانك لي موريس من مواليد سبتمبر عام 1926 م ، ولُدت في العاصمة واشنطن حيث عشت حياتي كيتيم منذ سن 11 عام و أنا أتنقل بين دور الرعاية ، لقد كانت طفولة بأسه دفعتني لدخول عالم الجريمة مبكراً ، فقد كانت أول جنحة أقوم بها و أنا بعمر 13 عام ، و تطور الأمر حتى تم اعتقالي بتهم السطو المسلح و حيازة المخدرات ، و لكنني لم أيأس فقد استطعت أن اهرب من سجن ولاية لويزيانا أثناء قضائي حكم بالسجن 15 عام و لكن حظي السيء قادني الى هنا بعد عام واحد من الهروب سبب عملية سطو على بنك باءت بالفشل و ذلك بتاريخ 18 يناير عام 1960 م ، و الآن أنا أحمل رقم AZ 1441، هذه قصتي فما هي قصة حياتكم يا رفاق ؟
- قصة حزينة فعلاً ، نحن الأخوان أنجلين ، أنا أُدعى جون و هذا أخي كلارينس، ولدت عام 1930م و أخي أصغر مني بسنة ، ترعرعنا بمزرعة والدي جورج روبيرت أنجلين و راتشيل ميلر في بمدينة دونالسونفيل بولاية جورجيا ، ثم انتقلنا عام 1940 م إلى مدينة روسكين بولاية فلوريدا حيث اشتغلنا بجمع محصول الطماطم و الكرز ، كان ذلك يدر ربحاً لا بأس به ، إلا أن المكان كان يشبه ملجئ للأيتام حيث أن عددنا 13 أخ و أخت ، و من الصعب توفير الغذاء لهم جميعاً ، مع هذا فقد كانت أفضل أيام حياتنا عندما انتقلنا لولاية ميتشجان حيث تعلمنا السباحة في بحيرتها المتجمدة ، و عندما كبرنا قليلاً شكلت أنا و أخي عصابة في بداية الخمسينات و كنا نهاجم البنوك بعد أغلاقها حتى لا نتسبب بقتل الابرياء ، كنا نستخدم لعبة على شكل مسدس للتهديد فقط و لم نستخدم السلاح الحقيقي إلا مرة واحدة أثناء إحدى المطاردات ، و للأسف تم اعتقالنا في إحدى المطاردات بعد أن نصبت لنا الشرطة كميناً محكماً عام 1956 م و حكمت علينا المحكمة بالسجن لمدة 20 عام ، تنقلنا خلالها بين عدة سجون منها سجن فلوريدا و ليفينورث و أتلانتا و بعد عدة محاولات فاشلة للهرب ، قررت السلطات إرسالنا لسجن الكاتراز في أكتوبر عام 1960 م و صار رقمي AZ1476 و رقم أخي كلارينسAZ1485 .
- فرانك موريس : هل تفكران بالهروب من هنا أيها الرفاق؟
- جون : هذا مستحيل ، هذا السجن يقتل أي فكرة للهروب ، أنه سجن الكاتراز يا رجل ، حتى آل كابون زعيم المافيا الشهير لم يستطع الهروب منه .
- فرانك موريس : لا تصعب الأمر يا صديقي ، أعتقد أن سجن الصخرة لم يعد قوياً كما في السابق و لو أمعنت النظر سوف تلاحظ أن مبانيه قد ظهرت عليها التشققات بسبب الرطوبة و الملوحة الشديدة ، أعتقد أن الدولة لم تعد تخصص أموالاً كافية لصيانته ، و أعتقد أنه لدينا فرصة للهرب ، إذا وضعنا خطة مناسب لذلك .
السجين الان ويست
- آلان ويست : عفواً على مقاطعة حديثكم ، أسمحوا لي أن أُعرّف عن نفسي ، أنا آلان كلايتون ويست و أحمل رقم AZ1335 وتم اعتقالي بسبب سرقة سيارة عام 1955 م ، في البداية نقلت إلى سجن أتلانتا ثم فلوريدا و هناك حاولت الهرب لكني فشلت ، و لهذا تقرر نقلي إلى هذا السجن التعيس عام 1957 م، أن أقسى ما أواجه في هذا السجن هو عندما أنظر إلى النافذة و أرى أضواء مدينة سان فرانسيسكو تلمع من بعيد ، أقسم لكم أني أسمع ألحان الموسيقى التي تنبعث منها ترن في أذني ، أرجوكم يا رفاق دعوني أشترك معكم في خطة الهروب و أعدكم أني سوف أحاول جمع بعض الأدوات التي سوف تساعدكم بالهروب .
- فرانك موريس : أهلاً بك يا رفيق ويست ، و أرجو أن نتعاون بسرية تامة حتى تنجح خطة الهروب ،خطتي معقدة قليلاً و تقوم على عدة خطوات ، في البداية علينا أن نجمع معدات الحفر و عمل بعض الخدع ، و أهم جزء بالخطة هو توفير وسيلة للهرب إلى جزيرة أنجيل .
- جون أنجلين : هل ممكن أن تعطينا بعض تفاصيل الخطة؟
- فرانك موريس : لقد لاحظت أن جدران الزنزانة أصبحت مهترئة بفعل الرطوبة و الملوحة و هناك فتحات تهوية بكل زنزانة حجمها 9 في 6 بوصة ، و منها سوف نبدأ بالحفر من الجدار حتى نصل للأعلى حيث يوجد شبك حديدي للتهوية في سقف الزنزانة ، سوف نقوم بالحفر من الساعة 5:30 المغرب حتى الساعة 9:00 ليلاً ، و سوف ننقسم إلى قسمين ، مجموعة تحفر و مجموعة تراقب الممرات للتأكد من خلوها من الحراسة ، يجب أن يتم الأمر بهدوء حتى لا يسمع الحراس الضجيج و علينا أن نغطي موقع الحفر بواسطة سترات أو ملابس ، و بنفس الوقت علينا أن نصنع دمى على شكل رؤوس تشبهنا حتى نستطيع تضليل الحراس و كسب أكبر وقت للهروب قبل أن يكتشف الحراس عملية الهروب ، و أخيراً و هو العنصر الأهم بالخطة ، سوف نقوم بصنع طوف بدائي لكي نبحر به من هذه الجزيرة حتى نصل إلى جزيرة أنجيل حيث سوف نرتاح قليلاً ثم سنبحر عبر مضيق راكون ثم إلى مدينة مارين و هناك سوف نقوم بالسطو لسرقة سيارة و بعض الملابس و المال ثم يذهب كل منا في طريقه ، سوف نقوم بإخفاء معدات الهروب في ذلك الشق الذي في سقف الزنزانة .
الصورة الحقيقية للفتحة التي حفروها بالجدار وهربوا منها
خلال هذه الفترة تمكن فرانك موريس و رفاقه من جمع شفرات منشار قديمة استطاعوا الحصول عليها من ورشة السجن ، كما تمكنوا من الحصول على كمية كبيرة من الشمع و الصابون لعمل رؤوس الدمى لتغطية هروبهم ، أما الشعر المستخدم لصنع رؤوس الدمى فقد تم جمعه من غرفة الحلاقة بالسجن ، و إمعاناً منهم في إتقان عمل الدمى قام أحدهم بسرقة علبة ألوان لكي يتم تلوين تلك الدمى و جعلها تبدو حقيقية ، ابتداء الإعداد للهروب و تنفيذ الخطة في ديسمبر عام 1961 م ، أما الطوف الذي سوف يهربون به فتم جمع بعض الأخشاب من ورشة النجارة بالسجن و أخفوا القطع الخشبية بين ملابسهم ، و استطاعوا جمع معاطف مضادة للمطر لكي يستخدموها في عمل عوامات مليئة بالهواء لتحمل الطوف الخشبي الذي يبلغ حجمه 14 في 6 أقدام و ما بقي من تلك المعاطف صنعوا منه سترات للنجاة ، المذهل بالأمر أنهم استطاعوا جمع أكثر من 50 معطف مقاوم للماء ، أما عن طريق مقايضة السجناء بالطعام مقابل تلك المعاطف أو عن طريق سرقتها ، و قاموا بتقطيعها و لصقها بالغراء الذي حصلوا عليه من ورشة تصنيع القفازات بالسجن ، لكي يصمموا عوامات للطوف و مجاذيف و سترات النجاة ، لقد قاموا بتحويل زنزانة السجن إلى ورشة تصنيع بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، و كان فرانك موريس يشرف عليهم و يوجههم بطرق التصنيع التي استقاها من كتاب الميكانيكا الذي أستعاره من مكتبة السجن ، لم يكن موريس بالرجل العادي فقد أشتهر بحدة ذكاءه و سعة حيلته ، و أستطاع أن يفهم تصميم الطوف في وقت قياسي ، رغم التقدم الكبير في تجهيز معدات الهروب إلا أن عمليات الحفر كانت بطيئة جداً ، و في ذات يوم أبتسم الحظ لهم عندما تعطلت المكنسة الكهربائية التي تستعمل لتنظيف السجن ، و عرض ويست على الحراس أن يساعدهم في إصلاحها ، و بالفعل قام ويست بتفكيكها و أكتشف أنها تحتوي على محركين أثنين و قام بنزع أحدهم و أصلح الآخر و عادت المكنسة للعمل و لم يتنبه الحراس إلى أن ويست قد سرق المحرك الكهربائي ، و في الزنزانة فرح موريس و رفاقه بهذا المحرك الذي ساعدهم كثيراً في عملية الحفر بعدما استطاعوا تثبيت رأس مثقاب عليه ، و لكن صوته كان مزعجاً جداً لهذا لم يستطيعوا العمل به بشكل متواصل خوفاً من اكتشاف أمرهم ، مرت الشهور سريعاً و استطاع رفاق الزنزانة أن ينجزوا عملية الحفر بنجاح و صارت الدمى و الطوف و سترات النجاة جاهزة .
الرؤوس الدمى التي صنعوها ليخدعوا الحراس
و في ليلة أختفى فيها ضوء القمر , و عند انطفاء الأضواء بحوالي الساعة 9:30 قرر فرانك موريس أن هذه الليلة هي المناسبة للهروب بعدما تأكد أن شباك التهوية صار متراخي و أصبح ينتزع بسهولة ، ونفذ النزلاء المخطط بالرغم من اعتراضهم على الهروب بظلمة الليل الحالكة و لكن موريس أقنعهم أن كل شيء صار جاهز و أن تأخير عملية الهروب ربما سوف يتسبب بكشفهم .
لونوا الرؤوس وجعلوا لها شعرا .. ونجحت الحيلة!
قام النزلاء بوضع رؤوس الدمى على الأسرة و غطوا الدمى بالبطانيات لكي يوهموا الحراس أنهم لا زالوا يغطوا في نوم عميق ، نزع موريس شباك فتحة التهوية و تسلل هو و الإخوان أنجلين بالزحف عبر نفق الجدار صعوداً إلى سقف الزنزانة ، و لسوء الحظ لم يستطع آلان ويست من نزع شباك فتحة التهوية في زنزانته و طلب المساعدة من رفاقه الذين حاولوا ركلها من الخارج لكن دون جدوى ، طلب ويست من موريس و رفيقاه الصعود للسقف و انتظاره ريثما يتمكن من نزع شباك التهوية و الصعود إليهم ، في هذه الأثناء تسلق موريس و رفاقه مسافة 30 قدم عبر مواسير المجاري حتى وصلوا للأعلى ثم اجتازوا مسافة 100 قدم على سطح المبنى حاملين معهم الطوف و معدات الهروب ثم استطاعوا النزول للأسفل 50 قدم عبر مواسير المجاري و المدخنة القديمة ، حتى وصلوا إلى شمال شرق شاطئ الجزيرة ، و في طريقهم انتزعوا كابل كهربائي ربما استخدموه للهبوط من أعلى الجزيرة إلى الشاطئ ، أستخدم موريس أنبوب نفخ كان قد سرقه من آلة الأكورديون الموسيقية لكي يملئ العوامات بالهواء ، أنتظر الرفاق صديقهم ويست حتى يصل إليهم ، و أخيراً تمكن آلان ويست من نزع شباك التهوية و الهرب إلى الشاطئ ، لكنه وصل متأخراً و قد غادر رفاقه الجزيرة ، و بدون معدات الهروب أضطر ويست للعودة إلى زنزانته متحسراً على ضياع فرصته الأخيرة بالهروب .
تسلقوا عبر فتحات المواسير والمجاري
لقد كانت الدمى مصنوعة بإتقان لدرجة أن عملية الهروب لم تُكتشف إلا في اليوم التالي بالساعة 7:15 صباحاً بتاريخ 12 يونيو عام 1962 م عندما فتح الحارس الزنزانات لجمع النزلاء لتأدية الطابور الصباحي تم اكتشاف فرار السجناء الثلاثة تاركين وراءهم رؤوس دمى تشبههم إلى حداً كبير ، جن جنون الحراس و تم استدعاء المحققين من جميع الولايات المجاورة و عرضت مكافأة تقدر بـ 50 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات عنهم . و أثناء التحقيق أخبر آلان ويست المحققين عن خطة الهروب و عن احتمال هروب موريس و رفيقيه إلى مدينة مارين و تخطيطهم لسرقة سيارة و تغيير ملابسهم و اندماجهم وسط الناس.
استمر البحث عن المساجين الثلاثة الهاربين لفترة طويلة لكن لم يعثر لهم على أثر ولم يسمع عنهم احد مرة أخرى , وهكذا فأنه بعد تحقيقات مكثفة و حملات تفتيش واسعة خلص المحققون إلى أن موريس و رفيقيه قد غرقوا في مياه البحر الباردة و أن التيارات البحر القوية قد جرفتهم إلى أعماق البحر ، وأُغلقت القضية بتاريخ 31 ديسمبر عام 1979 م . أما آلان ويست فقد تم نقله الى أحد السجون قرب العاصمة واشنطن بعد أغلاق سجن الكاتراز عام 1963 م نتيجة عدم توفر الموارد المالية لترميمه . وقضى ويست فترة محكوميته بالسجن و أُطلق سراحه عام 1967م ، و لكنه سرعان ما عاد إلى سجن فلوريدا بتهمة السرقة ، و بالسجن تشاجر مع أحد المساجين فطعنه بسكين أدت الى وفاته ، ليُضاف إليه حكم بالسجن المؤبد عام 1972م ، و بقي بالسجن حتى توفي بسبب أصابته بالتهاب حاد بالأمعاء عام 1978م.
لم يتم اكتشاف الهروب الا في اليوم التالي
رغم أن سجن الكاتراز تم أغلاقه عام 1963م إلا أن الجزيرة ظلت مزار لآلاف الزوار الذين يأتون إلى الجزيرة لزيارة سجن الكاتراز للتعرف على طريقة عيش المساجين و أساليب التعذيب التي كانت متبعة بذلك الوقت .
نظريات حول نجاح و فشل محاول الهروب
لعل السؤال الأهم الذي يدور في ذهن كل من قرأ وأطلع على قصة الثلاثة الهاربين من الكاتراز هو هل أنهم نجحوا بالهرب ونجوا من مخاطر البحر ووصلوا لبر الامان سالمين ثم اختفوا بين الناس الى الابد , أم أن ما يقوله المحققون من أنهم غرقوا وأن الأمواج العاتية ابتلعتهم هو الرأي الصواب ؟.
دعونا أولا نناقش أهم نتائج التحقيق و أهم النظريات التي تدعم فرضية فشل الهروب ثم نعرج لاحقا على تلك التي تشير إلى نجاح الهروب.
تم اغلاق السجن وتحويله الى متحف ووجهة سياحية
التحقيقات انطلقت من الزنزانات التي هرب منها المساجين ، حيث وجد المحققون بعض الأغراض التي أستخدمها المساجين للإعداد للهروب ، كما تفحصوا مسار النفق الذي يمر عبر الجدار من فتحة التهوية إلى سقف الزنزانة لمعرفة إلى أين توجه المساجين ، و أثناء بحث شرطة خفر السواحل بالمياه المحيطة بالجزيرة ، تم أيجاد بعض الأغراض التي تعود للمساجين الهاربين على شاطئ جزيرة أنجيل ، و من بين تلك الأغراض غلاف بلاستيكي يحتوي على صور عائلية تعود للأخوين أنجلين ، كما وجدت الشرطة بقايا حطام الطوف و لكنهم لم يعثروا على أي جثة ، مما رجح نظرية غرق السجناء الهاربين ، خصوصاً أن شهادة آلان ويست حول خطة الهروب و سرقة سيارة و ملابس من المدينة لم تتم ، فخلال 12 يوم من عملية الهروب لم تشهد مدينة مارين أي حوادث سرقة أو سطو مسلح ، و هذا يدل أن المساجين الهاربين لم يصلوا إلى وجهتهم المتفق عليها ، و لأن رحلة الهروب تحتاج إلى مبلغ ضخم و لا يوجد لديهم أي أقرباء أو مصادر دخل في تلك المنطقة .
هل ابتلعتهم مياه المحيط وانتهت مغامرتهم في الاعماق الباردة
و في شهر يوليو عام 1962م و بينما كانت السفينة النرويجية S SNorefjell مبحرة إلى كندا ، لمح طاقم السفينة جثتين تطفوان على بعد 20 ميل شمال غرب جسر البوابة الذهبية ، و باستخدام المنظار لأحظ البحارة أن الجثتين كانتا ترتديان زي أزرق مما يرجع أن هذا الزي هو زي السجن و أن تلك الجثتين تعود للسجناء الهاربين كونه لم يتم تسجيل أي حوادث غرق في تلك الفترة ، و للأسف لم يتم انتشال تلك الجثث لأن السفينة كانت على عجلة من أمرها ... كل هذه المعلومات ترجح فرضية غرق السجناء الهاربين في البحر .
و الآن لننتقل إلى المعلومات و الفرضيات التي ترجح نجاح عملية الهروب . أن توقيت الهروب يلعب دوراً مهماً في ترجيح كفة النجاح أو الفشل ، يقول خبراء البحار أن التيارات القوية في مياه البحر المحيط بالجزيرة تصبح هادئة نوعاً ما في وقت معين بين ساعات الليل و النهار و إذا تمت عملية الهرب في ذلك الوقت فربما كتب لها النجاح بسبب تغير حركة المد و الجزر ، أضافه إلى اختفاء كابل الكهرباء الذي ربما أستخدمه السجناء الهاربون في التشبث بسفينة المؤن التي غادرت الجزيرة تلك الليلة ، إضافة إلى عثور الشرطة على بصمات أصابع على شاطئ جزيرة أنجيل يرجع أنها تعود للأخوين أنجلين ، كما تم العثور لاحقاً على بقايا عظام بشرية أعتقد المحققون أنها تعود للسجناء الهاربين و لكن بعد فحص عينات الحمض النووي ومقارنتها مع تلك الحاصة بإقارب السجناء الثلاثة تبين أنها لا تعود لأي أحد منهم . هذا بالإضافة إلى حدوث عملية سرقة لسيارة في مدينة مارين عقب هروب موريس و رفيقيه و لم يتنبه صاحب السيارة في ذلك الوقت ربما لأنه كان مسافر خارج المدينة .
ام هل نجحوا بالهرب وعاشوا بقية حياهم متخفين ؟
لا يوجد شهود عيان بالمعنى الحقيقي يثبتوا رؤيتهم للسجناء الهاربين و مع هذا فقد أدلى باد موريس و هو أبن عم فرانك موريس بتصريح خطير عام 2011 م حيث أدعى أنه التقى بفرانك موريس عدة مرات في حديقة سان دييغو بمدينة كاليفورنيا ، كما أدعى فريد بريزي صديق العائلة أنه التقى بالأخوين جون و كلارينس في مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل عام 1975 م و التقط معهما صور أمام أحد الحقول و هما يرتديان نظارات شمسية ، خبراء التصوير أكدوا أن الصور قد التقطت فعلاً بذلك العام و لكنهم لم يستطيعوا التأكد من تطابق الصور مع وجهي الاخوين أنجلين بسبب ارتداهما للنظارات الشمسية ، أما روبيرت شقيق الاخوين أنجلين فقد صرح أنه كان على أتصال معهم من عام 1963م إلى عام 1987م ، و في عام 2012م و بالذكرى الخمسين لحادثة الهروب الكبير أدعت شقيقتان من عائلة أنجلين أن الأخوين أنجلين لا زالا أحياء و في عمر الثمانين و أنهن تلقين أتصال منهما بعد حادثة الهروب من مدينة سان فرانسيسكو يخبرانهما أنهما نجيا من الغرق ، و أن والدتهم كانت تستلم بطاقات معايدة بعيد الميلاد كل سنة موقعة باسم جون ، لكن تلك الرسائل لم تحتوي على طوابع بريد . و في جنازة السيدة أنجلين شاهد بعض الحضور سيدتين بلباس غريب في ذلك اليوم و من المُرجع أن يكون جون و أخوه كلارينس قد تنكرا لحضور جنازة والدتهما لشدة تعلقهما بها .
بعد هذا السرد الموسع لحادثة الهروب الكبير من سجن الكاتراز أترك لكم الإجابة عن هذا السؤال المحير ، هل أستطاع فرانك موريس و رفيقاه من الهروب والنجاة أما أن أحلامهم غرقت معهم في أعماق البحر ؟.