محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين
الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وآل كل وصحب كل أجمعين.
أما بعد، اعلموا رحمكم الله تعالى بتوفيقه أن الله أرسل الرسل وبعث الأنبياء رحمة للعباد ففي بعثة الأنبياء مصلحة ضرورية لحاجتهم لذلك فالله عز وجل متفضل بها على عباده، فهي أي النبوة سفارة بين الحق تعالى وبين الخلق فقد كان آدم عليه السلام أولهم وكان محمد صلى الله عليه وسلم خاتمهم خاتم السلسلة الذهبية من الأنبياء.
وأما ما صح من أن نوحاً عليه السلام هو أول الرسل إلى أهل الأرض فهذا معناه أي بعد حدوث الكفر بين البشر وليس معناه أنه لم يكن قبله نبي ولا رسول بل كان آدم نبياً رسولاً كما يشهد لذلك حديث الترمذي: "آدم فمن سواه من الأنبياء تحت لوائي يوم القيامة" فهذا نصٌ واضحٌ بأن آدم هو أول الأنبياء.
وأما الأدلة على أن محمد خاتمهم فكثيرة جداً منها ما رواه مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وختم بيَ النبيًون" فهذا الحديث يفسر قوله تعالى في سورة الأحزاب {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّينَ} ويزيد معنى وخاتم النبيين وضوحاً أنه بمعنى أخرهم أي بمعنى الأخر الذي لا نبي بعده، بخلاف ما قالته تلك الطائفة التي يقال لها الأحمدية القاديانية فإنهم أمنوا برجل اسمه غلام أحمد كان بباكستان توفي منذ مائة سنة تقريباً فهم يعتقدون فيه أنه نبي مجدد وأحياناً يقولون والعياذ بالله هذه نبوة ظلية أي تحت ظل محمد صلى الله عليه وسلم على زعمهم أي ليس مستقلاً إنما هو منتسب إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكل هذا كفر.
فإن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز أن ينبأ شخص بعد محمد صلى الله عليه وسلم استقلالا وتجديداً لنبوة محمد ومما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعليٍ رضي الله عنه عندما أراد السفر إلى تبوك: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي" وقوله عليه الصلاة والسلام: "ذهبت النبوة وبقيت المبشرات، قيل وما المبشرات يا رسول الله؟،قال الرؤية الصالحة" فهذان الحديثان اللذان رواهما البخاري فيهما دليل واضح جلي أن سيدنا محمد ختم الله به النبيين.
وقد أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث أنه سيأتي بعده كذابون كل منهم يزعم أنه رسول الله فغلام أحمد القادياني داخل في هؤلاء لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر أنهم أي هؤلاء الكذابون ثلاثون ولم يدعي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم النبوة إلاًّ الأسود العنسي ومسيلمة الكذاب، وأما الحديث الذي رواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "ليهبطنًّ عيسى ابن مريم حكماً مقسطاً" فلا يتعارض مع قوله عليه الصلاة والسلام: "وختم بي النبيون" إذ أن عيسى عليه السلام نبئ نزل عليه الوحي قبل محمد صلى الله عليه وسلم فبهذا يزول الأشكال، ومما يموه به هؤلاء أن معنى قول النبي: "لا نبي بعدي" لا نبي معي فلا ينفي نبوة من يأتي بعده على زعمهم كغلام أحمد، فهذا يُرَدّ بما مضى من الأدلة وبما رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كان بعدي نبي لكان عمر".