الكشف والعلاجات والاستشارات الاتصال بالشيخ الدكتور أبو الحارث (الجوال):00905397600411
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
X

واستوصوا بالنساء خيراً حكم ما إذا كان إيذاء الزوج لزوجته

مملكة المواضيع العامة

 
  • تصفية
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الدكتور أبو الحارث
    كاتب الموضوع
    المدير العام
    • Mar 2009
    • 7117 
    • 4,814 
    • 583 

    الزواج رابطة شرعية أوجبها الله على عباده، وهذه الرابطة يجب أن تبنى على المحبة والتعامل بالمعروف بين الزوجين، وإلا تحولت إلى رابط يقوم على الكراهية، والبغضاء مما يترتب عليه مفاسد يصعب على أي منهما تحملها؛ ذلك أن النفس البشرية تستعصي على الانقياد والطواعية عندما تحاصر بالأذى الجسدي أو النفسي أو الاستفزاز بأي صورة من صوره، وهو ما يؤدي إلى حالات الصدام سواء في الأحوال العامة أو في أحوال الزواج خاصة، وما ينتج من كل ذلك من أضرار ومفاسد. ولهذا جعل الله الزواج (حالة) مودة ورحمة في قوله جل ذكره: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون(1). وفي هذه الآية أحكام عدة، منها: أن الزواج من آيات الله، وهذا دليل على تعظيمه، لأن الله عظَّم أمره حين جعله من آياته. ومنها أن الله وصفه بالسكينة بين الزوجين ثم أتبع ذلك بوصفه بالمودة تعبيراً عن المحبة، ووصفه كذلك بالرحمة تعبيراً عن الرأفة، وختم الآية بأن هذه النعمة التي أنعم بها على عباده لا يدركها إلا العقلاء الذين يتفكرون في آيات الله. والتفكير في (حالة) الزواج يكون بالمحبة بين الزوجين فإن لم يكن فبالرحمة بينهما، فإن فُقِدَ هذا التفكير في عنصريه أو أحدهما أصبح الزواج بلا معنى. وفي هذا روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن المودة حب الرجل امرأته، والرحمة رحمته إياها أن يصيبها بسوء (2).
    ولما كانت الآية السابقة بأحكامها تذكيراً وتبصيراً من الله لعباده عن تعظيم أمر الزواج، فقد أمرهم -جل وعلا- بالحفاظ على هذا الأمر بعد أن نهاهم عما يؤدي إلى فساده. وقد جاء هذا في آية من كتابه العزيز في قوله جل ذكره:
    وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى" أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا(3). والمراد بالعشرة حسن المخالطة وكرم الصحبة، وما يستتبع ذلك من حسن القول، وجميل الفعل. وهذا الأمر للأزواج جاء بعد نهيهم وتحذيرهم من الأفعال والتقاليد الفاسدة التي كانت سائدة في الجاهلية، حيث كان يحكم على المرأة إذا توفي عنها زوجها أن تكون إمرتها تحت أوليائه إن شاء أحدهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها وإن شاؤوا لم يزوجوها فهم أحق وأولى بها من نفسها ومن أوليائها؛ فحرم الله ذلك بقوله جل ذكره: يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها(1).
    كما أن الأمر القاضي بوجوب العشرة بالمعروف جاء بعد النهي عن عضل الزوجات حيث كن يضارين لكي يتركن صداقهن أو بعضه، أو أي حق من حقوقهن فحرم الله ذلك بقوله:
    ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن(2).
    هذا في كتاب الله، أما في سنة رسوله محمد فقد أكد عليه الصلاة والسلام وجوب حسن العشرة بين الزوجين؛ ففي حجة الوداع أمر رجال أمته في خطبته البليغة أن يستوصوا بنسائهم قائلاً: (واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عوان)(3). والاستيصاء بالنساء تأكيد لما جاء في الكتاب من وجوب العشرة بالمعروف، وما تقتضيه العلاقة بين الزوجين من وجوب المحبة والرحمة بينهما ناهيك بمعالجته -عليه الصلاة والسلام- لما قد يراه الزوج من صفة في زوجته كالعيب الخَلْقي أو الخُلُقِي (الذي لا يرقى إلى درجة الفحش)، مما ينفر منه طبعه؛ فلكي لا تستفزه نفسه فيسيء علاقته بها أرشده عليه الصلاة والسلام بقوله: (لا يفرك مؤمن مؤمنة. إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)(1). وهذا البيان العلاجي للحالة النفسية التي قد يصاب بها الزوج جراء صفة في زوجته جاء في أثر توجيه الله للأزواج في قوله جل ثناؤه:
    فعسى" أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا(2).
    ومع كل ما أمر الله ورسوله به من وجوب حسن العشرة بين الزوجين إلا أن واقع المعايشة قد يكون صعباً عليهما، أو على أحدهما، لهذا تعرض الفقهاء -رحمهم الله- لهذه المسألة؛ ففي مذهب الإمام مالك يجب ترك الإضرار بين الزوجين، وهذا الإضرار يعد أحد وجوه الفراق بينهما(3). وفي مذهب الإمام الشافعي إذا أساء الزوج خلقه وآذى زوجته كما لو ضر بها بلا سبب، نهي عن ذلك من غير تعزير، لما يورثه التعزير من وحشة، فيقتصر الأمر على النهي؛ فإن عاد الزوج إلى الإساءة وجب تعزيره إذا طلبت زوجته ذلك، فإن اشتد الشقاق بينهما بعث الحاكم حكماً من أهله وحكماً من أهلها ويعهد كل منهما إلى وكيله بما يراه ثم يفعل الوكيلان الأصلح من صلح أو تفريق بينهما (4).
    وفي مذهب الإمام أحمد إذا وقع الشقاق بين الزوجين نظر فيه الحاكم فإن بان له أنه من المرأة فهو منها نشوز، وإن بان أنه من الرجل أسكنهما إلى جانب ثقة يمنعه من الإضرار بها والتعدي عليها، وكذلك إن بان من كل واحد منهما تعد أو ادعى كل واحد منهما أن الآخر ظلمه أسكنهما إلى جانب من يشرف عليهما ويلزمهما الإنصاف، فإن خيف الشقاق بينهما بعث الحاكم حكماً من أهل الزوج وحكماً من أهلها ليفعلا ما يريان المصلحة فيه من جمع أو تفريق (1) عملاً بقول الله تعالى:
    وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما(2).
    قلت: ولما كان الزواج عقداً شرعياً يقوم على الرضا، فإن هذا العقد يتضمن واجبات على كل من الزوجين تجاه الآخر، وهذه الواجبات كثيرة منها ما هو ظاهر، ومنها ما هو باطن في خصوص الزوج وزوجه. أما الظاهر في خصوص الزوج فمنه وجوب تمكينها من أداء فرائضها الدينية كالصلاة والصيام والحج. ومنه وجوب تمكينها من الحصول على نفقتها في مختلف الحاجات المعتادة والمعروفة بين مثيلاتها. وأما الباطن من الواجبات فهو ما بين الزوج وزوجته من حسن المعاشرة بالقول والفعل ونحو ذلك من أنواع البر التي تقتضيها طبيعة المعاشرة. أما واجبات الزوجة من حيث ظاهرها فمن ذلك طاعة زوجها في غير معصية الله، وحفظ ماله وعرضه، والمشاركة في تربية ولده. وأما واجباتها من حيث باطنها فمعاشرته كذلك بالمعروف في القول والفعل ونحو ذلك من الخصوصيات التي تقتضيها العلاقة الحسنة بين الزوج وزوجته.
    وفي هذا السياق تكون الواجبات متبادلة بين الزوجين يجب على كل منهما أداؤها، فإذا أخل أحدهما بواجبه أصبح عقد الزوجية معرضاً للشقاق. فلو أساء الزوج إلى زوجته فلم يعطها نفقتها المعتادة وجب لها الأخذ من ماله ما يكفيها كما حكم بذلك رسول الله لهند بنت عتبة على زوجها أبي سفيان(1). فإن لم يكن له مال، أو كان شحيحاً به عليها سقط حقه عليها فيكون لها الحق في طلب الطلاق منه. وإن منعها عن حج فريضتها سقط حقه في منعها من السفر إذا كان ذلك مع محرم لها. وإن أساء عشرتها بالقول أو الفعل سقط حقه في معاشرتها له. والحكم على الزوج من حيث سقوط حقوقه الزوجية في حال إساءته لزوجته هو نفس الحكم الذي يطبق على الزوجة في حال إساءتها لزوجها، على أن هناك حقوقاً لا تسقط بأي حال بين الزوجين حتى في حال شقاقهما؛ فيحرم على الزوج مثلاً ظلم زوجته في عرضها لمجرد الانتقام منها، ويحرم على الزوجة ظلم زوجها بخيانته في ماله أو عرضه لمجرد الانتقام منه، فكل ذلك مما حرمه الله وعظم تحريمه.
    وينبني على ما سبق أنه إذا كان ما ذكرته الأخت السائلة صحيحاً فليس عليها جناح في تقصيرها في معاشرة زوجها بالمعروف، وإن استطاعت أن تصبر فهو خير لها؛ لأن الله وعد الصابرين خيراً لقوله جل ثناؤه:
    وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين(1). وإن لم تستطع ففي أحكام الله ما ييسر لها الحل من طلاق وخلع ترجع فيهما إلى القضاء .
    وفي كل الأحوال يجب على هذا الزوج وعلى الأزواج عموماً بما لهم من سلطة القوامة على أزواجهم أن يتقوا الله ويخشوه فيهن، ولا يظلموهن ويسيؤوا العشرة معهن، لأن ذلك مما يخالف شرع الله ويؤدي إلى فساد العلاقة الزوجية التي أرادها الله وجعلها علاقة مودة ورحمة وسكينة للنفوس، وليذكروا دائماً قول رسولنا وإمامنا وقدوتنا عليه أفضل الصلاة والسلام: (واستوصوا بالنساء خيراً) .

    والله المستعان.

    لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا
    مواضيع ذات صلة
  • الشيخة ام مصطفى
    أعمدة اسرار
    • Feb 2010
    • 451 
    • 23 

    #2
    بار الله فيك اخي
    تعليق
    • منى سعد الدين
      أعضاء نشطين
      • Nov 2010
      • 804 
      • 27 

      #3
      موضوع صحيح حقا لكن لمن يعلم تعاليم الله فاين هم؟
      تعليق
      • روزكنزي
        أعضاء نشطين
        • Oct 2010
        • 12874 
        • 508 

        #4
        لابأس لعل الله يعوضك خيرآ يا مني فقد قرأت مشكلتك
        تعليق
        • نورالامير
          أعضاء نشطين
          • Dec 2010
          • 443 

          #5
          بارك الله فيك
          تعليق
          • بسام خليل
            أعضاء نشطين
            • Nov 2010
            • 1667 
            • 69 

            #6
            شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
            تعليق
            يتصفح هذا الموضوع الآن
            تقليص

            المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

            يعمل...
            X