** متــلازمة أسبــرجر **
تعريف المرض:
متلازمة أسبرجر
هي إحدى إعاقات مجموعة اضطرابات النمو ذات الأصول التكوينية البنيوية والخلقية الولادية، أي أنها تكون موجودة عند الميلاد ولكنها لا تكتشف مبكراً، بل بعد فترة نمو عادي على معظم محاور النمو قد تمتد إلى 4 -6 سنوات، وتصيب الأطفال ذوي الذكاء العادي أو العالي، و
نادراً ما يصاحبها تخلف عقلي وبدون تأخر في النمو اللغوي أو المعرفي، وتتميز بقصور كيفي واضح في القدرة على التواصل الاجتماعي
مع سلوكيات شاذة واهتمامات محدودة غير عادية، وغياب القدرة على التواصل غير اللفظي وعن التعبير عن العواطف والمشاعر والانفعالات
والمشاركة الوجدانية.
ومن حيث مدى انتشارها فإنه بسبب حداثة اكتشافها وغموض بعض جوانبها مثل العوامل المسببة وصعوبة تشخيصها، والتشابه الكبير بينها
وبين بعض الإعاقات الأخرى لمجموعة اضطرابات النمو، فلا يوجد إحصاءات حتى الآن عن مدى انتشارها ولكن التقديرات المبدئية تشير
إلى وجود 3-4 حالات من بين كل ألف ولادة حية كما أنها تنتشر أكثر بين الذكور عنها عن الإناث بنسبة 10 إلى 1 .
خصائص وأعراض الأسبرجر:
كما هو الوضع في إعاقة التوحد فإن أعراض إعاقة الأسبرجر متعددة ومتنوعة وتختلف من فرد إلى أخر، ومن النادر أن نجد طفلين من
أطفال الأسبرجر متشابهين تماماً.
وقد لاحظنا أن كافة الأعراض المختلفة التالية يمكن أن توجد في حالات مختلفة وليس في فرد واحد:
غرابة أو شذوذ في العلاقات الاجتماعية التي غالباً ما تكون فجة غلظة سمجة خرقاء إذا ما قورنت بعلاقات الأطفال العاديين.
السذاجة وسلامة النية.
عادة ما يكون الفرد المصاب غير مدرك أو متفهم لمشاعر الآخرين .
العجز عن البدء والاستمرار في حديث متبادل بشكل طبيعي متصف بالأخذ والعطاء مع الآخرين .
سرعة الانزعاج بسبب أي تغير في الحياة أو الأعمال الروتينية أو التقلب أو التحول أو الانفعال بتغيير المكان أو برامج النشاط اليومي.
الانطلاق في الحديث مع التمسك بالمعنى اللفظي الحرفي المباشر للكلمة أو الجملة في الحديث مع الآخرين .
غالباً ما تدور الأحاديث والاهتمامات حول موضوعات محدودة .
فائق الحساسية للأصوات العالية والضوء القوي والروائح النفاذة .
شذوذ في الحركات والتحركات في مزاولة الأنشطة الرياضية.
ذاكرة قوية لأدق التفاصيل.
المعاناة من صعوبات في النوم وتناول الطعام.
صعوبة في فهم ما يقرأ أو يسمع.
استخدام تواصل غير لفظي أو معايير غير مناسبة أو مستساغة.
استخدام أنماط لفظية غير عادية تتميز بالتكرار الممل أو تعليقات عنيفة أو غير مناسبة للموقف.
المط أو التطويل في نطق الألفاظ مع لهجة متكلفة رسمية .
التحدث بصوت مرتفع مطرد النغم أو النسق monotonous على وتيرة واحدة .
أثناء الحديث لا يوجد هدوء في الجسم عن الحركة، فنجد المصاب بالمرض كثير التململ والاهتزاز والقلق واستعمال يديه أو الخطو إلى الأمام أو الخلف أو الجانب وخاصة عندما يكون في حالة اهتمام وتركيز.
غياب القدرة على تفهم الآخرين أو وضع نفسه مكانهم.
استحالة تكوين صداقات وإذا تكونت تكون لفترة قصيرة ولذلك فالمصاب دائما ما يعاني من الوحدة أو العزلة.
الاستغراق في الحديث في موضوعات محدودة تدور في إطار ضيق مع عدم محاولة تجاوزها (مثل الطقس- قنوات التلفزيون- الخرائط الجغرافية).
المعاناة من صعوبات في الإدراك اللمسي والتآزر النفس حركي والإدراك المكاني والتخيل الفراغي أو التفكير المجرد.
وهذه المؤشرات لا تظهر جميعا في فرد واحد، ولكنها تختلف من فرد لآخر ونتيجة للتشابه بين الاسبرجر والتوحد فسوف نوضح التشخيص الفارق بينهم .
اكتشافالاسبرجر:
من المصادفات العجيبة التي من النادر حدوثها أنه في نفس الفترة الزمنية التي أكتشف فيها العالم الأمريكي (كانز) ظاهرة التوحد عام 1943 في أحد عشر طفلا من الأطفال الذين كان يتعامل معهم في الولايات المتحدة، كان العالم النمساوي (هانز أسبرجر) الذي لم يكن له أي معرفة بالعالم الأمريكي ولا يوجد أي اتصال بينهم قد اكتشف في ضاحية من ضواحي فينا حالات لا تختلف كثيرا عن حالات كانز لم يسبق أن عرفت في تاريخ طب الطفولة أو علم النفس أو الطب النفسي، عندما أكتشف كل من كانز أسبرجر حالاتهما التي كان بينهما الكثير من نواحي الشبة من جهة والاختلاف من جهة أخرى.
وبالرغم من أن ما كتبه كانز عن حالات التوحد التي اكتشفها عام 1943 قد تعدد وتكرر نشرة في معظم الدوريات العلمية وعقدت لمناقشتها الندوات والمؤتمرات في الدوائر العلمية وعقدت لمناقشتها الندوات والمؤتمرات في الدوائر العلمية والجامعات الأمريكية، إلا أن بحوث أسبرجر وأخبار حالاته ظلت حبيسة مكتبه في فيينا وبعض الدوائر العلمية الضيقة المحيطة، ولم تصل أخبارها حتى إلى خارج النمسا في دول أوربا وبالتالي لم يسمع عنها في الولايات المتحدة أو غيرها لأسباب عدة أهمها: أن أبحاث أسبرجر تمت في أوائل الأربعينات عندما كانت النمسا كغيرها من دول القارة الأوروبية غارقة في نيران الحرب العالمية الثانية، وكانت النمسا نفسها محتلة بواسطة الألمان وكانت مع دول أوربا معزولة تماما ولا يوجد أي اتصال بينها وبين أمريكا، ومن جهة أخرى كانت تقاريرها مكتوبة باللغة النمساوية التي لم تكن بطبيعة الحال منتشرة كاللغة الانجليزية التي نشرت بها أبحاث كانر عن التوحد ولهذه الأسباب لم تنتشر أخبارها ولا حتى في الدوائر العلمية إلى أن التقى أسبرجر نفسه بإحدى طبيبات الأطفال الانجليزية lorna wing (والتي تعاني أبنتها من حالات التوحد)عام 1981 في أحد اللقاءات العلمية في فيينا، وقامت بتلخيص بحثه ضمن سلسلة من دراسة الحالات كانت تقوم بإصدار تقارير دورية عنها.
وفي شهر يونيه من عام 1991 أصدر العالم البريطاني u.frith كتابه عن التوحد والأسبرجر الذي نشر فيه لأول مرة نتائج بحث أسبرجر باللغة الانجليزية، ومن هنا جاءت المعرفة بهذه الإعاقة في أوروبا كما كان ينتشر مفهوم التوحد في أمريكا، وأكد هذه المعرفة ورود اسم الاسبرجر كأحد إعاقات النمو الشائعة في الدليل الإحصائي للاضطرابات النفسية في إصداره الرابع عام 1994، لأول مرة كما وجد في نفس العام الدليل الدولي لتصنيف الأمراض الذي تصدره هيئة الصحة العالمية international classification of diseases في إصداره العاشرisd-10، وقد تم ذلك على أساس دراسات تناولت ما يقرب من ألف حالة من حالات الأطفال والمراهقين الذين ظهرت عليهم الأعراض المشتركة الاسبرجر كما سنوردها فيما بعد.
مما برر اعتباره إعاقة مستقلة بالإضافة إلى التوحد تحت مظلة اضطرابات النمو الشائعة، ومن هنا جاء انتشار أعمال أسبرجر ومفهوم إعاقته في العالم أجمع وكانت الحالات التي تشخص الآن على أنها أعاقة أسبرجر يطلق عليها أسماء مختلفة فمنها ما كان يعتبر نوعاً من أنواع التوحد بسبب التشابه الكبير بين أعراض الإعاقتين وسميت أحيانا باسم توحد الكبار adult autism حيث أن أعراضه لا تظهر مبكرة كما يحدث في حالة التوحد ولكنها تبدأ في الظهور في سن متأخر، وكان يطلق عليه البعض الآخر مصطلح التوحد ذو الأداء الوظيفي العالي high functioning autism أو إعاقة التوحد الخفيف mild autism لبساطة أعراضه وسرعة استجابته لبرامج التدخل العلاجي والتأهيل.
وذلك لان إعاقة الاسبرجر لا تصيب المتخلفين عقلياً، بعكس حالات التوحد حيث يعاني أكثر من 70% من حالات التوحد من تخلف عقلي متوسط أو شديد يعرقل برامج التأهيل والتدريب .
وفي مرحلة أخرى خلال السبعينات والثمانينات كان يطلق على حالة إعاقة الأسبرجر مصطلح الشخصية الفصامية schizoid personality .
وكان يستتبع هذا التقلب في تعريف تلك الحالات بطبيعة الحال قصور في تشخيصها، وبالتالي في إمكانات وبرامج ووسائل التدخل العلاجي والتأهيل سواء على المستوى الطبي أو التربوي أو الاجتماعي بل وفي توجيه أباء وأمهات وأسر الأطفال المصابين لأساليب التعامل معهم وتنشئتهم.
ومع تعدد البحوث التي تتناول إعاقات النمو الشاملة المختلفة فلازال هناك الكثير من الغموض الذي يحيط ببعض جوانب الاسبرجر فلا نعرف حتى الآن بدقة درجة انتشاره ولا نسبة الإصابة بين الإناث والذكور ولا العوامل المسببة هل هي جينية أم بيئية ؟ أو كلاهما ...
ومع أن إعاقة الاسبرجر تعتبر أعاقة مميزة وليست بأي حال نوعا من أنواع أعاقة الاوتيزم بناء على ما أكده الدليل الدولي لتشخيص الإعاقات والأمراض النفسية في الطبعة الأخيرة المعدلة D.S.M. 4 فإنه لازال هناك قلة من بين دوائر المختصين في هذا المجال تجادل بين ماهية إعاقة الاسبرجر هل هو نوع مستقل من أنواع الإعاقات، أو أنه نوع أو فئة أو صورة أخرى من صور إعاقة التوحد AUTISM .
كما يعتبر البعض من جهة أخرى طالما أنه لا يوجد حتى الآن وسائل أو أدوات معملية أو فحوصات عضوية للكشف عن الاوتيزم أو الاسبرجر فإنه من الصعب الحكم على الحالة هل هي أوتيزم أم أسبرجر أو أنهما إعاقة واحدة بصورتين أو درجتي شدة مختلفتين.
بالنسبة للفريق من المتخصصين الذين يرفضون أن فكرة أن الاسبرجر هو نوع من أنواع الاوتيزم فإنهم يبررون ذلك بأن الاسبرجر إعاقة محدودة بذاتها وليست نوعا من أنواع الاوتيزم وأن المرجع الدولي الإحصائي للإعاقات والأمراض النفسية D.S.M.4 يؤكد تلك الحقيقة، ويعتبرون أن التحديد الدقيق للفروق الفاصلة بين الإعاقتين يمهد الطريق إلى تحديد أدق الأساليب للتدخل العلاجي ورسم برامج التأهيل الناجح للرعاية والتدريب والتعليم، ويؤكد البعض أن هذه الفروق بين الإعاقتين أكثر وضوحا في المراحل الأولى لظهور واكتشاف الاعاقة والأعراض الفارقة بين كلا من الاوتيزم والأسبرجر.
وعلى العموم فإننا نعتقد أنة طالما لازال العلم عاجزا عن التحديد الدقيق للعوامل المسببة لكل من الاوتيزم والاسبرجر فسيظل الخلاف قائما على ماهية كل منهما وكيفية التشخيص الدقيق لكل من الإعاقتين والتفرقة والتعريف الصحيح الذي لا يسمح بالخلط بينهما وتحديد إذا ما كان كل منهما نوعا مستقلا أو أنهما صورتين لإعاقة واحدة.
تعريف المرض:
متلازمة أسبرجر
هي إحدى إعاقات مجموعة اضطرابات النمو ذات الأصول التكوينية البنيوية والخلقية الولادية، أي أنها تكون موجودة عند الميلاد ولكنها لا تكتشف مبكراً، بل بعد فترة نمو عادي على معظم محاور النمو قد تمتد إلى 4 -6 سنوات، وتصيب الأطفال ذوي الذكاء العادي أو العالي، و
نادراً ما يصاحبها تخلف عقلي وبدون تأخر في النمو اللغوي أو المعرفي، وتتميز بقصور كيفي واضح في القدرة على التواصل الاجتماعي
مع سلوكيات شاذة واهتمامات محدودة غير عادية، وغياب القدرة على التواصل غير اللفظي وعن التعبير عن العواطف والمشاعر والانفعالات
والمشاركة الوجدانية.
ومن حيث مدى انتشارها فإنه بسبب حداثة اكتشافها وغموض بعض جوانبها مثل العوامل المسببة وصعوبة تشخيصها، والتشابه الكبير بينها
وبين بعض الإعاقات الأخرى لمجموعة اضطرابات النمو، فلا يوجد إحصاءات حتى الآن عن مدى انتشارها ولكن التقديرات المبدئية تشير
إلى وجود 3-4 حالات من بين كل ألف ولادة حية كما أنها تنتشر أكثر بين الذكور عنها عن الإناث بنسبة 10 إلى 1 .
خصائص وأعراض الأسبرجر:
كما هو الوضع في إعاقة التوحد فإن أعراض إعاقة الأسبرجر متعددة ومتنوعة وتختلف من فرد إلى أخر، ومن النادر أن نجد طفلين من
أطفال الأسبرجر متشابهين تماماً.
وقد لاحظنا أن كافة الأعراض المختلفة التالية يمكن أن توجد في حالات مختلفة وليس في فرد واحد:
غرابة أو شذوذ في العلاقات الاجتماعية التي غالباً ما تكون فجة غلظة سمجة خرقاء إذا ما قورنت بعلاقات الأطفال العاديين.
السذاجة وسلامة النية.
عادة ما يكون الفرد المصاب غير مدرك أو متفهم لمشاعر الآخرين .
العجز عن البدء والاستمرار في حديث متبادل بشكل طبيعي متصف بالأخذ والعطاء مع الآخرين .
سرعة الانزعاج بسبب أي تغير في الحياة أو الأعمال الروتينية أو التقلب أو التحول أو الانفعال بتغيير المكان أو برامج النشاط اليومي.
الانطلاق في الحديث مع التمسك بالمعنى اللفظي الحرفي المباشر للكلمة أو الجملة في الحديث مع الآخرين .
غالباً ما تدور الأحاديث والاهتمامات حول موضوعات محدودة .
فائق الحساسية للأصوات العالية والضوء القوي والروائح النفاذة .
شذوذ في الحركات والتحركات في مزاولة الأنشطة الرياضية.
ذاكرة قوية لأدق التفاصيل.
المعاناة من صعوبات في النوم وتناول الطعام.
صعوبة في فهم ما يقرأ أو يسمع.
استخدام تواصل غير لفظي أو معايير غير مناسبة أو مستساغة.
استخدام أنماط لفظية غير عادية تتميز بالتكرار الممل أو تعليقات عنيفة أو غير مناسبة للموقف.
المط أو التطويل في نطق الألفاظ مع لهجة متكلفة رسمية .
التحدث بصوت مرتفع مطرد النغم أو النسق monotonous على وتيرة واحدة .
أثناء الحديث لا يوجد هدوء في الجسم عن الحركة، فنجد المصاب بالمرض كثير التململ والاهتزاز والقلق واستعمال يديه أو الخطو إلى الأمام أو الخلف أو الجانب وخاصة عندما يكون في حالة اهتمام وتركيز.
غياب القدرة على تفهم الآخرين أو وضع نفسه مكانهم.
استحالة تكوين صداقات وإذا تكونت تكون لفترة قصيرة ولذلك فالمصاب دائما ما يعاني من الوحدة أو العزلة.
الاستغراق في الحديث في موضوعات محدودة تدور في إطار ضيق مع عدم محاولة تجاوزها (مثل الطقس- قنوات التلفزيون- الخرائط الجغرافية).
المعاناة من صعوبات في الإدراك اللمسي والتآزر النفس حركي والإدراك المكاني والتخيل الفراغي أو التفكير المجرد.
وهذه المؤشرات لا تظهر جميعا في فرد واحد، ولكنها تختلف من فرد لآخر ونتيجة للتشابه بين الاسبرجر والتوحد فسوف نوضح التشخيص الفارق بينهم .
اكتشافالاسبرجر:
من المصادفات العجيبة التي من النادر حدوثها أنه في نفس الفترة الزمنية التي أكتشف فيها العالم الأمريكي (كانز) ظاهرة التوحد عام 1943 في أحد عشر طفلا من الأطفال الذين كان يتعامل معهم في الولايات المتحدة، كان العالم النمساوي (هانز أسبرجر) الذي لم يكن له أي معرفة بالعالم الأمريكي ولا يوجد أي اتصال بينهم قد اكتشف في ضاحية من ضواحي فينا حالات لا تختلف كثيرا عن حالات كانز لم يسبق أن عرفت في تاريخ طب الطفولة أو علم النفس أو الطب النفسي، عندما أكتشف كل من كانز أسبرجر حالاتهما التي كان بينهما الكثير من نواحي الشبة من جهة والاختلاف من جهة أخرى.
وبالرغم من أن ما كتبه كانز عن حالات التوحد التي اكتشفها عام 1943 قد تعدد وتكرر نشرة في معظم الدوريات العلمية وعقدت لمناقشتها الندوات والمؤتمرات في الدوائر العلمية وعقدت لمناقشتها الندوات والمؤتمرات في الدوائر العلمية والجامعات الأمريكية، إلا أن بحوث أسبرجر وأخبار حالاته ظلت حبيسة مكتبه في فيينا وبعض الدوائر العلمية الضيقة المحيطة، ولم تصل أخبارها حتى إلى خارج النمسا في دول أوربا وبالتالي لم يسمع عنها في الولايات المتحدة أو غيرها لأسباب عدة أهمها: أن أبحاث أسبرجر تمت في أوائل الأربعينات عندما كانت النمسا كغيرها من دول القارة الأوروبية غارقة في نيران الحرب العالمية الثانية، وكانت النمسا نفسها محتلة بواسطة الألمان وكانت مع دول أوربا معزولة تماما ولا يوجد أي اتصال بينها وبين أمريكا، ومن جهة أخرى كانت تقاريرها مكتوبة باللغة النمساوية التي لم تكن بطبيعة الحال منتشرة كاللغة الانجليزية التي نشرت بها أبحاث كانر عن التوحد ولهذه الأسباب لم تنتشر أخبارها ولا حتى في الدوائر العلمية إلى أن التقى أسبرجر نفسه بإحدى طبيبات الأطفال الانجليزية lorna wing (والتي تعاني أبنتها من حالات التوحد)عام 1981 في أحد اللقاءات العلمية في فيينا، وقامت بتلخيص بحثه ضمن سلسلة من دراسة الحالات كانت تقوم بإصدار تقارير دورية عنها.
وفي شهر يونيه من عام 1991 أصدر العالم البريطاني u.frith كتابه عن التوحد والأسبرجر الذي نشر فيه لأول مرة نتائج بحث أسبرجر باللغة الانجليزية، ومن هنا جاءت المعرفة بهذه الإعاقة في أوروبا كما كان ينتشر مفهوم التوحد في أمريكا، وأكد هذه المعرفة ورود اسم الاسبرجر كأحد إعاقات النمو الشائعة في الدليل الإحصائي للاضطرابات النفسية في إصداره الرابع عام 1994، لأول مرة كما وجد في نفس العام الدليل الدولي لتصنيف الأمراض الذي تصدره هيئة الصحة العالمية international classification of diseases في إصداره العاشرisd-10، وقد تم ذلك على أساس دراسات تناولت ما يقرب من ألف حالة من حالات الأطفال والمراهقين الذين ظهرت عليهم الأعراض المشتركة الاسبرجر كما سنوردها فيما بعد.
مما برر اعتباره إعاقة مستقلة بالإضافة إلى التوحد تحت مظلة اضطرابات النمو الشائعة، ومن هنا جاء انتشار أعمال أسبرجر ومفهوم إعاقته في العالم أجمع وكانت الحالات التي تشخص الآن على أنها أعاقة أسبرجر يطلق عليها أسماء مختلفة فمنها ما كان يعتبر نوعاً من أنواع التوحد بسبب التشابه الكبير بين أعراض الإعاقتين وسميت أحيانا باسم توحد الكبار adult autism حيث أن أعراضه لا تظهر مبكرة كما يحدث في حالة التوحد ولكنها تبدأ في الظهور في سن متأخر، وكان يطلق عليه البعض الآخر مصطلح التوحد ذو الأداء الوظيفي العالي high functioning autism أو إعاقة التوحد الخفيف mild autism لبساطة أعراضه وسرعة استجابته لبرامج التدخل العلاجي والتأهيل.
وذلك لان إعاقة الاسبرجر لا تصيب المتخلفين عقلياً، بعكس حالات التوحد حيث يعاني أكثر من 70% من حالات التوحد من تخلف عقلي متوسط أو شديد يعرقل برامج التأهيل والتدريب .
وفي مرحلة أخرى خلال السبعينات والثمانينات كان يطلق على حالة إعاقة الأسبرجر مصطلح الشخصية الفصامية schizoid personality .
وكان يستتبع هذا التقلب في تعريف تلك الحالات بطبيعة الحال قصور في تشخيصها، وبالتالي في إمكانات وبرامج ووسائل التدخل العلاجي والتأهيل سواء على المستوى الطبي أو التربوي أو الاجتماعي بل وفي توجيه أباء وأمهات وأسر الأطفال المصابين لأساليب التعامل معهم وتنشئتهم.
ومع تعدد البحوث التي تتناول إعاقات النمو الشاملة المختلفة فلازال هناك الكثير من الغموض الذي يحيط ببعض جوانب الاسبرجر فلا نعرف حتى الآن بدقة درجة انتشاره ولا نسبة الإصابة بين الإناث والذكور ولا العوامل المسببة هل هي جينية أم بيئية ؟ أو كلاهما ...
ومع أن إعاقة الاسبرجر تعتبر أعاقة مميزة وليست بأي حال نوعا من أنواع أعاقة الاوتيزم بناء على ما أكده الدليل الدولي لتشخيص الإعاقات والأمراض النفسية في الطبعة الأخيرة المعدلة D.S.M. 4 فإنه لازال هناك قلة من بين دوائر المختصين في هذا المجال تجادل بين ماهية إعاقة الاسبرجر هل هو نوع مستقل من أنواع الإعاقات، أو أنه نوع أو فئة أو صورة أخرى من صور إعاقة التوحد AUTISM .
كما يعتبر البعض من جهة أخرى طالما أنه لا يوجد حتى الآن وسائل أو أدوات معملية أو فحوصات عضوية للكشف عن الاوتيزم أو الاسبرجر فإنه من الصعب الحكم على الحالة هل هي أوتيزم أم أسبرجر أو أنهما إعاقة واحدة بصورتين أو درجتي شدة مختلفتين.
بالنسبة للفريق من المتخصصين الذين يرفضون أن فكرة أن الاسبرجر هو نوع من أنواع الاوتيزم فإنهم يبررون ذلك بأن الاسبرجر إعاقة محدودة بذاتها وليست نوعا من أنواع الاوتيزم وأن المرجع الدولي الإحصائي للإعاقات والأمراض النفسية D.S.M.4 يؤكد تلك الحقيقة، ويعتبرون أن التحديد الدقيق للفروق الفاصلة بين الإعاقتين يمهد الطريق إلى تحديد أدق الأساليب للتدخل العلاجي ورسم برامج التأهيل الناجح للرعاية والتدريب والتعليم، ويؤكد البعض أن هذه الفروق بين الإعاقتين أكثر وضوحا في المراحل الأولى لظهور واكتشاف الاعاقة والأعراض الفارقة بين كلا من الاوتيزم والأسبرجر.
وعلى العموم فإننا نعتقد أنة طالما لازال العلم عاجزا عن التحديد الدقيق للعوامل المسببة لكل من الاوتيزم والاسبرجر فسيظل الخلاف قائما على ماهية كل منهما وكيفية التشخيص الدقيق لكل من الإعاقتين والتفرقة والتعريف الصحيح الذي لا يسمح بالخلط بينهما وتحديد إذا ما كان كل منهما نوعا مستقلا أو أنهما صورتين لإعاقة واحدة.