جواز مس الجنب و الحائض للقرأن وقراءته للشيخ الألباني
الشيخ الألباني رحمه الله : بارك الله في الجميع ، نقول : لا شك ، أن ذكر الله تبارك وتعالى له قداسته وله حرمته ،ولذلك فمن المجمع عليه عند علماء المسلمين أن قراءة القرآن عل ى طهارة كاملة ، هوالأفضل وهو اللائق بعظمة كلام الله عز وجل ، وإذا كان قد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أبى أن يتلفظ باسمٍ من أسماء الله عز وجل ألا وهو ( السلام ) إلا على طهارة في الحديث المعروف في السنن ومسند أحمد وغيره : أن رجلاً سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فما كان منه عليه السلام إلا أنْ بادر إلى الجدار وتوضأ وردالسلام ، وقال
: ( إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة ) ، أن نذكر الله لأن ( السلام ) اسم من أسماء الله ، كما أيضاً في الحديث الصحيح في كتاب الأدب المفرد للإمام البخاري من حديث عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
( السلام اسمٌ من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم ) ،
( السلام اسمٌ من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم ) ، هذا السلام كره الرسول عليه الصلاة والسلام أن يرده على من سلم عليه إلا على طهارة ،القرآن وهو غير طاهر سواءً الطهارة الصغرى أوالكبرى ، لعدم وجود دليل يحرِّم على المسلم أن يقرأ القرآن وهو على غير طهارة ،ولكن هذا الحديث فيه حضٌّ واضح جداًّ على أن يقرأ القر آن وهو على طهارةٍ كاملة ،لكن هنا شيء : هذا الحكم وهو الأفضل ( كلام غير واضح ) الأكمل الكامل لا يستطيعه كلمكلفٍ من المسلمين إلا الرجال فقط ، أما النساء فتارةً وتارة،
وآنفاً سمعتم قول الرسول عليه السلام في السيدة عائشة التي حاضت قال لها : ( اصنعي مايصنع الحاج غير ألا تطوفي ولا تصلي ) ، فهي إذن لا يُقال لها : توضئي كما نقول للرجل ، لأنها لا تستطيع سمعاً أن تتوضأ ، لا تستطيع شرعاً أن تتطهر ، ولذلك فلهاأن تقرأ ما شاءت من القرآن بدون ما نقول : مرجوح وراجح كما نقول بالنسبة للرجل الجنب مثلاً ، نقول : عليه أن يغتسل ، لأنه يستطيع أن يغتسل ، وبذلك يتطهر ، فنقول : الأفضل لك أن تتوضأ ، أما المرأة الحائض أما المرأة النفساء التي يمضي عليها في بعض الأحيان أو في جنسٍ من أجناس النساء أربعون يوماً أو أكثر وهي في حالة النفاس فيُقال لها : لا تقرئي! ، ليس عندنا دليل يمنع المسلم عامةً رجالاً فضلاً عن النساء يمنعهم من قراءة القرآن إلا على طهارة ، والحديث الذي رواه الترمذي في سننه من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقرأ القرآن حائض ولا جُنُب ) هذا حديثٌ منكر كما يقول إمام السنة أحمد بن حنبل ، لا يصح هذا الحديث ، لو كان صحيحاً وجب الانتهاء إليه ، بالإضافةإلى ضعف هذا الحديث وما قد يكون في الباب من أمثاله من الضعاف ، فأمامنا حديث السيدة عائشة حيث أمرها وأذن لها أن تصنع كل شيءٍ يصنعه الحاج إلا أنها لا تصلي ولاتطوف ، ترى الحاج لا يقرأ القرآن ؟ وإلا هناك موسم لقراءة القرآن ، لأن هناك الفراغ وهناك التوجه من الحاج بِكُلِّيَتِهِ إلى الله تبارك تعالى ، بلا شك يقرأ القرآن ،فإذن هذا الحديث فيه إذنٌ مباشر للمرأة الحائض أن تقرأ القرآن ، فلا يجوز أن نمنع النساء من قراءة القرآن ، بحجة أنها غير طاهر ، لو أن الله منعها كما منعها من الصلاة ، لوقفنا عند هذا المنع وانتهينا ، لكننا نجد الشارع الحكيم قد أوحى إلى الرسول الكريم بالتفريق بين الصلاة وبين أجزاء الصلاة ، لأن بعض الناس يقولون : ياأخي ، القراءة ركن من أركان الصلاة ! فلماذا لا نوجب الطهارة بهذه القراءة وهي جزء من أجزاء الصلاة ؟ فنقول : ليست القراءة فقط هي جزء من أجزاء الصلاة ، فأول ماتُستفتح الصلاة به هو قولنا : ( الله أكبر ) ، فلنقل : إذن ، لا يجوز لمسلم أن يقول : ( الله أكبر ) إلا على طهارة ، لأنها ركن من أركان الصلاة ، كذلك يُقال عن التسبيح والتحميد والتكبير ، إلى آخره ، لا يوجد شيءٌ من ذلك أبداً ، مع الاحتفاظ بما ذكرناه من الأفضل أن يذكر الله على طهارة ، كذلك يُقال تماماً بالنسبة لمس القرآن ، أيضاً مس القرآن يُشرع ، فقد جاءت آثار عن بعض الصحابة أنهم كانوا يمتنعون فعلاً مش فكراً يمتنعون فكراً عن مس القرآن إلا على وضوء ، فهذا فيه بيان لما هوالأفضل لمن يريد أن يمس القرآن أو أن يقرأ القرآن ، أما الإيجاب والقول بأنه يحرم على المرأة غير الطاهر فضلاً عن الرجل أن يمس القرآن ، فهذا لا دليل عليه أبداً ،والناس بلا شك يتوهمون أن هناك أدلة ليست بدليل إطلاقاً ،
(لا يمسه إلا المطهرون)
من ذلك مثلاً ما يشتبه أمره على الكثير من الناس خاصة الذين لهم وَلَه ولهم عناية بتلاوة القرآن حين يقرأ قول الله عز وجل في القرآن : (لا يمسه إلاالمطهرون)وقد وصل الخطأ في حمل هذه الآية على هذاالموضوع الذي نحن فيه أي : بأن يفسروا قوله عز وجل : (لا يمسه)أي : هذا المصحف الذي بأيدينا ،(إلاالمطهرون)أي : إلا المتوضئون ، وصل هذا الفهم إلى أن يُنشر على كل نسخة تُطبع في العالم الإسلامي من القرآن الكريم : عنوان(لا يمسه إلا المطهرون)، وهذا خطأ يشبه خطأً آخر من حيث الخطأ الفكري العلمي أولاً ثم من حيث نشره وتعميمه للناس ثانياً ، الآية التي تُكتب على المحاريب : (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عند ها رزقاً)المحراب يعني طاقة ، هذا كذب ، هذا جهل ،المقصود بالمحراب : هو مكان الصلاة ،(كلما دخل عليها زكريا المحراب)يعني : الغرفة التي كانت منعزلة فيها عن الناس تعبد الله عز وجل ، هذا هو المحراب ، وليس المحر اب هو هذا الذي أُدْخِلَ إلى المساجد منذ قديم – مع الأسف الشديد – تأثراً بمحاريب الكنائس ، محاريب النصارى في كنائسهم ، وإلا في الإسلام لا يوجد محراب ،مسجد الرسول عليه السلام لم يكن فيه محراب ،
وللحافظ المشهور المصري السيوطي – الحافظ السيوطي صاحب ( الجامع الكبير ) و ( الجامع الصغير ) – رسالة يمكن أنا نسيان عنوانها - أي نعم – ( إعلام الأريب ) وهذا – يعني – بحث قَيِّم جداً ، ينقل هناك نصوصاً لأهل العلم أن وجود المحاريب في المساجد من محدثات الأمور ، الشاهد : الآية السابقة(لا يمسه إلا المطهرون)ليس لها علاقة بموضوع مس القرآن الذي هو بين أيدينا ، وهذا له شرح كبير أوجزه بقدر الاستطاعة فأقول : (لا يمسه)الضمير هنا يرجع إلى الكتاب المكنون المذكور من قبل ، لأن الله عز وجل يقول : (لا يمسه إلا المطهرون) راجع للكتاب المكنون ،كتابنا هذا – والحمد لله – ليس مكنوناً، لأنه شو معنى مكنون ؟ يعني مخفي ، محفوظ يعني ، ولا تراه ولاتطوله أيدي الشياطين ، ولذلك للإمام مالك رحمه الله – يعني – فهم جيد ولطيف جداًّ في كتابه الموطأ في تفسير هذه الآية ، حيث يقول : أحسن ما سمعتُ في تفسيرها أنهاكالآية التي في سورة عبس(كلاَّ إنها تذكرة ، فمن شاء ذكره ، في صحفٍ مكرمة ، مرفوعةٍ مطهرة ،بأيدي سفرة ، كرامٍ بررة) مين هدول السفرة ؟الملائكة ، هدولا الملائكة هم أنفسهم المقصود أنهم يمسون ، وأن غيرهم لا يمسون ذلك الكتاب المكنون ، هذا قرينة ، وهناك قرائن أخرى ، ومن أقواها : أنه قال تعالى : ( إلا المطهرون)نحن معشر البشر لا يجوز أنْ نَصِفَ أنفسنا مهما سَمَوْنا وَعَلَوْنا في الصلاح والتقوى بأننا مُطهَّرون ، نحن لسنا مُطهَّرون ، ولا يجوزللإنسان أن يُطهَّر أبداً ، بل نحن مُلَوَّثون والصالح منا من يتكلف فيتطهَّر ،الصالح منا من يتكلف – يعني : يتصنع الطُّهْر – وهذا ليس من شأنه أنه طاهر ،المطهَّرون هم الملائكة الموصفون في القرآن الكريم بقوله عز وجل : (لا يعصون الله ما أمرهم ،ويفعلون ما يُؤمرون)أما البشرفهم الذين عناهم الله عز وجل :
(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)
كذلك لما ذكر مسجد قباء قال :
(فيه رجالٌ يحبون أن يتطهروا)
فنحن إذا كنا مثلهم فهنيئاً لنا ، يعني نتطهر ، أما مُطهَّرين ، فهيهات هيهات ، فالشاهد من الاستدلال بهذه الآية ، وربطها بهذا الموضوع هذا خطأ شائع ، ومن أحسن من تكلم على هذه الآية بأحسن مماذكرنا ، ومنه نحن استمددنا ، هو العلامة ابن القيم الجوزية ، في كتابه( أقسام القرآن ) ، فهناك أفاض و أجاد ، لعل في هذاكفاية إن شاء الله.
الإجابه من شريط تم تفريغه
منقـــــــول