gمَن هم الرّبّانيون: هم اللذين تربّوا على الكتاب والسنة ظاهراً وباطناً، وفَهـِموا المقصود من كل آية، ولذلك تشبّهوا بالنبي الأعظم – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – حساً ومعنىً فكانوا كالأنبياء وليسوا بأنبياء عليهم السلام، إذا رأيت الواحد منهم لا يسعك أن تبقى على حالك، بل يأخذك مقاله وحاله إلى ساحة القرب الإلهي والمدد الربّاني، فينسّيك وجودك في وجوده، ليريك كم من نعمة ممدك فيها، ومن فضل بِرّه وجوده، فإذا رجعت من هذه الحالة علمت كم أنّك بعيد عن الله عز وجل، وكم أنت مقصّرٌ في طاعته، و تتشوّق إلى العودة إليه، لأنك رأيت مثال أهل القرب والولاء من أهل الله عز وجل. إذ الربانيّ هو مَن يُنهِضك حاله ويسوقك إلى الله عز وجل مقاله. فالربّانية درجة تأتي بعد الصدّيقية، ومن أمثال الربّانيون سيدنا أبو بكر الصدّيق وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز – رضي الله عنهم وأرضاهم – فمَن ربّاهم النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – فكان القدوة الكاملة لهم، وكانوا خير من اقتدى به - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – ولذلك كانت قلوبهم ساجدة بحضرة الحق عز وجل، وأجسامهم قائمة على منفعة الخلق، يأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المكنر، ويصبرون على الناس حتّى يسوقوهم إلى الله عز وجل، قائمين بتبليغ رسالة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – في الظاهر، وقائمين بحقيقة العبوديّة لله عز وجل في الباطن، ولذلك تراهم في جميع أحوالهم مع الله عز وجل، ولله ، وبالله، وفي الله، وعلى الله عز وجل.
ولأنهم أمثال الخلفاء، كانوا كأنبياء عليهم السلام، وربّانيون، استحقـّوا من الله عز وجل أن يكونوا أمناء على الرسالة السماوية بعد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – وخلفاء للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – على هذه الأمة المحمّدية التي هي خير الأمم، لأنهم تعدّوا درجات الإحسان ( أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ) محقّقة في حياة العشرة المبشّرين بالجنّة – رضي الله عنهم وأرضاهم – تجدهم مصاحف تمشي على الأرض، قد رضي عنهم ساكن الأرض والسماء. فدرجة الربّانيّة ليست بالدرجة البسيطة، وإنّما تـُنال بالوهب والكسب والصدق والإخلاص واليقين، ومصاحبة مَن هم على هذه الدرجة، فمَن تشبـّه بقوم حـُشـِرَ معهم، فإن صحبت الرّبّاتي بصدق وإخلاص ونيّة صادقة أن يكون مِن أصحاب هذه الدرجة نقلك مِن حالك إلى حال الولاية العظمى، فيجب أن يحقّق فيك معنى قوله تعالى: ﴿ ثانِيَ اثنَيْنِ إذْ هُما فِي الغَارِ إذْ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَن إنَّ اللهَ مَعَنأ ﴾ التوبة/٤٠ كُن في هذا الزمان أنت الثّاني، اجتهد لتحصيل تلك الدرجة لكي تخرج مِن دائرة الحزن في هذه الدنيا الفانية وتدخل في معيـّة الله عز وجل، فإنّه هو الأول في كل زمان ومكان.
إذ الرّبّانيّون هم اللذين ربّاهم الحق عز وجل بسيد الخلق سيدنا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – فلذلك هم أعظم الخـَلـْق وأعظم الخـُلـُق. فالربّاني هو المسلم الذي أسلم وجهه لله وقلبه وعقله وروحه ونفسه، فليس فيه شيء إلا وهو لله عز وجل، فلو نظرنا إلى كلمة ربّاني لوجدنا أنّها كلمة عظيمة جداً يتحيّر النّاظر إليها، والقاريء لها في عمق معانيها، لأنها تدل على العلوّ والعظمة والهيبة والرّحمة والرّأفة والصّلاح والرّشاد.
أنظر إلى الحديث القدسيّ: ( يقول الله عز وجل: عبدي كن لي كما أريد، أكن لك كما تريد، أجعلك ربّانيّ المقام، تقول للشيء كـُن فيكون )، فإنّك من خلاله تعلم وتعرف معنى كلمة الربّانية التي يريدها الله عز وجل من المسلمين أن يتحقـّقوا بها، كن لي كما أريد، الله أكبر فأنّها أعظم وأعلى الغايات أن يكون العبد بجميع أحواله كما يريد الله، فإنّه بذلك يحقق الرضاء الأكبر والقرب الأعظم، وأيّ جزاء ومقابل يريد ذلك العبد بأن يكون الله عز وجل عند حـُسن ظن العبد فيؤتيه ما يريد، وإنّما ذلك بفناء إرادة العبد بإرادة الله عز وجل، فيكون ليس هناك إلا إرادة الله عز وجل الفعّالة بالأمر وبكل شيء.
فإن هؤلاء الرّبّانيّون يوم القيامة على منابر من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء لأنهم أحباب الحق، فلا يعذّبهم الله سبحانه وتعالى ولا في أيّ عذاب، لأنّهم نصبوا أنفسهم في الدنيا له. سُئل بعض الصالحين : أيعذّب الله أحبابه؟ قال: لا. فقيل: ما الدّليل؟ قال: قوله تعالى: ﴿ وقَالت اليَهُودُ والنَّصارى نَحْنٌ أبْناءُ اللهِ وأحِبّاؤه قُلْ فَلِمَ يُعَذّبُكُمْ بِذُنُوبِكُم ﴾ المائدة/١٨. والعكس إذا كنت مِن أحبّائه فلا يعذبك، واسمع إلى ما يُقال عن الصدّيق – رضي الله عنه وأرضاه – هو وسيدنا عمر – رضي الله عنه وأرضاه – اللذين بلغا درجة الرّبّانيّة، عن طريق أحمد من طريق شهد بن حوسب عن أبي تميم أنّ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – قال لأبي بكرٍ وعمر: ( لو اجتمعتما على مشورة، ما خالفتكما ) و اخرج الطبراني- الوضيف بن عطاء عن قتادة بن أنس عن عبد الرحمن بن تميم عن معاذ بن جبل أنّ رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – لمّا أراد أن يُرسل معاذاً إلى اليمن استشار فقال: كلٌ برأيه فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – ( إنّ الله يكره مِن فوق سمائه أن يخطيء أبو بكر ). فانظر إلى عمق هذا الكلام، النبي عليه الصلاة والسلام لا يخالف مشورة أبو بكر وعمر، لماذا؟ لأنه عـَلم أنهما وصلا إلى درجة لا يتكلمون إلا بالحق على الدوام ، لأنّهما وصلا إلى هذه الدرجة الرّبّانيّة التي لا يصلها أيّ مخلوق إلا بالله عز وجل وبفنائه بالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – وهؤلاء فنوا بالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – الفناء الكامل، مَن بقيوا بالله عز وجل وبالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. وعندما يقول: ( إنّ الله يكره مِن فوق سمائه أن يخطيء أبو بكر ) إنّ هذه عـَظـَمة يقف عندها العقل البشريّ متحيّراً إلى هذا المقام الذي وصل إليه الصدّيق. وكما قلنا فإنّ الرّبّانيّة تأتي بعد الصدّيقيّة، والصّدّيقيّة تجب على حسب رأي الإمام الغزالي – رحمه الله عز وجل – أن تكون على ست أقسام:
1) صدق اللسان
2) وصدق الإرادة والنيّة ومرجعه إلى الإخلاص
3) وصدق العزم
4) وصدق الوفاء
5) والصدق في الأعمال
6) والصدق في مقامات الدين
قيل لأبي يزيد – رحمه الله عز وجل – بمَ وصلت إلى ما وصلت إليه؟ فقال: جمعت أسباب الدنيا فربطتها بحبل القناعة، ووضعتها بمنجنيق الصدق، ورميت بها في بحر اليأس، فاسترحت.
فالرّبّانيّون هم الأوائل والعظماء في كل شيء، انظر إلى الإمام المحاسبي – رحمه الله عز وجل – ماذا يقول عن المحبّة: ميلك إلى الشيء بكُليتك ، ثمّ إيثارك على نفسك وروحك ومالك، ثمّ موافقتك له سراً و جهراً، ثمّ علمك بتقصيرك في حقّه.
و من هنا نفهم أنّ الرّبّانيّة هي المرتبة والمقام التي هي دون الأنبياء عليهم السلام، فالرّبّانيّون في كل زمان مضى هم الثلّة الأولى عند كل نبي، مثل الحواريّين عند سيدنا عيسى عليه السلام، الذي لا ينقطع الهدى بهم عند موت نبيّهم، وكذلك عند سيدنا موسى عليه السلام، وكذلك عند حبيبنا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – ولا يمكن أن يصلـُحَ زمان إلا بهم وبأمثالهم، فهُم بمثابة الهواء الذي يتنفسّه كل مخلوق ليقوم به معاشه ومماته.أسأل الله العظيم أن يجعلنا منهم وأن يكثرهم بأمة سيدنا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ولأنهم أمثال الخلفاء، كانوا كأنبياء عليهم السلام، وربّانيون، استحقـّوا من الله عز وجل أن يكونوا أمناء على الرسالة السماوية بعد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – وخلفاء للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – على هذه الأمة المحمّدية التي هي خير الأمم، لأنهم تعدّوا درجات الإحسان ( أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ) محقّقة في حياة العشرة المبشّرين بالجنّة – رضي الله عنهم وأرضاهم – تجدهم مصاحف تمشي على الأرض، قد رضي عنهم ساكن الأرض والسماء. فدرجة الربّانيّة ليست بالدرجة البسيطة، وإنّما تـُنال بالوهب والكسب والصدق والإخلاص واليقين، ومصاحبة مَن هم على هذه الدرجة، فمَن تشبـّه بقوم حـُشـِرَ معهم، فإن صحبت الرّبّاتي بصدق وإخلاص ونيّة صادقة أن يكون مِن أصحاب هذه الدرجة نقلك مِن حالك إلى حال الولاية العظمى، فيجب أن يحقّق فيك معنى قوله تعالى: ﴿ ثانِيَ اثنَيْنِ إذْ هُما فِي الغَارِ إذْ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَن إنَّ اللهَ مَعَنأ ﴾ التوبة/٤٠ كُن في هذا الزمان أنت الثّاني، اجتهد لتحصيل تلك الدرجة لكي تخرج مِن دائرة الحزن في هذه الدنيا الفانية وتدخل في معيـّة الله عز وجل، فإنّه هو الأول في كل زمان ومكان.
إذ الرّبّانيّون هم اللذين ربّاهم الحق عز وجل بسيد الخلق سيدنا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – فلذلك هم أعظم الخـَلـْق وأعظم الخـُلـُق. فالربّاني هو المسلم الذي أسلم وجهه لله وقلبه وعقله وروحه ونفسه، فليس فيه شيء إلا وهو لله عز وجل، فلو نظرنا إلى كلمة ربّاني لوجدنا أنّها كلمة عظيمة جداً يتحيّر النّاظر إليها، والقاريء لها في عمق معانيها، لأنها تدل على العلوّ والعظمة والهيبة والرّحمة والرّأفة والصّلاح والرّشاد.
أنظر إلى الحديث القدسيّ: ( يقول الله عز وجل: عبدي كن لي كما أريد، أكن لك كما تريد، أجعلك ربّانيّ المقام، تقول للشيء كـُن فيكون )، فإنّك من خلاله تعلم وتعرف معنى كلمة الربّانية التي يريدها الله عز وجل من المسلمين أن يتحقـّقوا بها، كن لي كما أريد، الله أكبر فأنّها أعظم وأعلى الغايات أن يكون العبد بجميع أحواله كما يريد الله، فإنّه بذلك يحقق الرضاء الأكبر والقرب الأعظم، وأيّ جزاء ومقابل يريد ذلك العبد بأن يكون الله عز وجل عند حـُسن ظن العبد فيؤتيه ما يريد، وإنّما ذلك بفناء إرادة العبد بإرادة الله عز وجل، فيكون ليس هناك إلا إرادة الله عز وجل الفعّالة بالأمر وبكل شيء.
فإن هؤلاء الرّبّانيّون يوم القيامة على منابر من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء لأنهم أحباب الحق، فلا يعذّبهم الله سبحانه وتعالى ولا في أيّ عذاب، لأنّهم نصبوا أنفسهم في الدنيا له. سُئل بعض الصالحين : أيعذّب الله أحبابه؟ قال: لا. فقيل: ما الدّليل؟ قال: قوله تعالى: ﴿ وقَالت اليَهُودُ والنَّصارى نَحْنٌ أبْناءُ اللهِ وأحِبّاؤه قُلْ فَلِمَ يُعَذّبُكُمْ بِذُنُوبِكُم ﴾ المائدة/١٨. والعكس إذا كنت مِن أحبّائه فلا يعذبك، واسمع إلى ما يُقال عن الصدّيق – رضي الله عنه وأرضاه – هو وسيدنا عمر – رضي الله عنه وأرضاه – اللذين بلغا درجة الرّبّانيّة، عن طريق أحمد من طريق شهد بن حوسب عن أبي تميم أنّ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – قال لأبي بكرٍ وعمر: ( لو اجتمعتما على مشورة، ما خالفتكما ) و اخرج الطبراني- الوضيف بن عطاء عن قتادة بن أنس عن عبد الرحمن بن تميم عن معاذ بن جبل أنّ رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – لمّا أراد أن يُرسل معاذاً إلى اليمن استشار فقال: كلٌ برأيه فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – ( إنّ الله يكره مِن فوق سمائه أن يخطيء أبو بكر ). فانظر إلى عمق هذا الكلام، النبي عليه الصلاة والسلام لا يخالف مشورة أبو بكر وعمر، لماذا؟ لأنه عـَلم أنهما وصلا إلى درجة لا يتكلمون إلا بالحق على الدوام ، لأنّهما وصلا إلى هذه الدرجة الرّبّانيّة التي لا يصلها أيّ مخلوق إلا بالله عز وجل وبفنائه بالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – وهؤلاء فنوا بالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – الفناء الكامل، مَن بقيوا بالله عز وجل وبالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. وعندما يقول: ( إنّ الله يكره مِن فوق سمائه أن يخطيء أبو بكر ) إنّ هذه عـَظـَمة يقف عندها العقل البشريّ متحيّراً إلى هذا المقام الذي وصل إليه الصدّيق. وكما قلنا فإنّ الرّبّانيّة تأتي بعد الصدّيقيّة، والصّدّيقيّة تجب على حسب رأي الإمام الغزالي – رحمه الله عز وجل – أن تكون على ست أقسام:
1) صدق اللسان
2) وصدق الإرادة والنيّة ومرجعه إلى الإخلاص
3) وصدق العزم
4) وصدق الوفاء
5) والصدق في الأعمال
6) والصدق في مقامات الدين
قيل لأبي يزيد – رحمه الله عز وجل – بمَ وصلت إلى ما وصلت إليه؟ فقال: جمعت أسباب الدنيا فربطتها بحبل القناعة، ووضعتها بمنجنيق الصدق، ورميت بها في بحر اليأس، فاسترحت.
فالرّبّانيّون هم الأوائل والعظماء في كل شيء، انظر إلى الإمام المحاسبي – رحمه الله عز وجل – ماذا يقول عن المحبّة: ميلك إلى الشيء بكُليتك ، ثمّ إيثارك على نفسك وروحك ومالك، ثمّ موافقتك له سراً و جهراً، ثمّ علمك بتقصيرك في حقّه.
و من هنا نفهم أنّ الرّبّانيّة هي المرتبة والمقام التي هي دون الأنبياء عليهم السلام، فالرّبّانيّون في كل زمان مضى هم الثلّة الأولى عند كل نبي، مثل الحواريّين عند سيدنا عيسى عليه السلام، الذي لا ينقطع الهدى بهم عند موت نبيّهم، وكذلك عند سيدنا موسى عليه السلام، وكذلك عند حبيبنا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – ولا يمكن أن يصلـُحَ زمان إلا بهم وبأمثالهم، فهُم بمثابة الهواء الذي يتنفسّه كل مخلوق ليقوم به معاشه ومماته.أسأل الله العظيم أن يجعلنا منهم وأن يكثرهم بأمة سيدنا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
__________________