بسم الله الرحمن الرحيم
( لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة )
هذا حديث صحيح ، ولكن هل هو على إطلاقه ؟
من تأمل عين السياق الذي ورد فيه هذا العموم تبين له القرينة الصارفة لهذا العموم إلى الخصوص ، فبعد أن قال عليه الصلاة والسلام : " إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة " هتك الستر وأعدت منه وسادة فكان يتكىء عليها وفيها صورة .
وكذا أشار عليه جبريل بعد امتناعه من الدخول إما أن يقطع رأس الصورة أو يجعلها بساطاً يمتهن فلا يمنع دخوله مع أن في البيت صورة لكنها على هيئة غير معظمة .
وأيضا إقرار النبي صلى الله عليه وسلم في بيته بتماثيل عائشة رضي الله عنها التي تلعب بها ؛ كل ذلك لفيف من القرائن يؤكد على تخصيص عموم الصور الوارد في الحديث ليفيد أن:
( المقصود هو بعض الصور التي حظر الشارع الحكيم استعمالها )
ومن ثم قال ابن حجر في تعليقه على حديث جبريل :
( إما أن تقطع رؤسها أوتجعل بسطاً توطأ ) قال : ( وفي هذا الحديث ترجيح قول من ذهب إلى أن الصورة التي تمتنع الملائكة من دخول المكان التي تكون فيه باقية على هيئتها مرتفعة غير ممتهنة ، فأما لو كانت ممتهنة ـ أو قطعت من نصفها أو رأسها فلا امتناع )
( فتح الباري 1/ 392 ).
قال النووي في شرح مسلم ( قال الخطابي : إنما لا تدخل الملائكة بيتاًً فيه كلب أوصورة مما يحرم اقتناؤه من الكلب والصور فأما ما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع والماشية ، والصورة التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرهما فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه ، وأشار القاضي إلى نحو ما قاله القرطبي )
( 14/ 84 ).
وقال في حاشية ابن عابدين ( عموم النص المذ كور مخصوص بغير المهانة ... عدم دخول الملائكة إنما هو
حيث كانت الصورة معظمة ، لأن الصورة إذا كانت على بساط مفروش تكون مهانة لا تمنع من الدخول )
( 1/648 ، 649 ) .