السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
====================
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في مذكراته عن الأستاذ أحمد الزيات رحمه الله :
كان هذا الشيخ مدرسا ، لا يعرف من الدنيا إلا الجامع الأزهر الذي يدرّس فيه
( قبل أن تدخل عليه تاء التأنيث فيصير جامعة )
والبيت القريب منه الذي يسكنه ، والطريق بينهما . فلما طالت عليه المدة ، وعلت به السن ، واعتلت منه الصحة احتاج إلى الراحة ، فألزمه الطبيب بها ، وأشار عليه أن يبتعد عن جو العمل وعن مكانه ، وأن ينشد الهدوء في البساتين والرياض وعلى شط النيل .
فخرج يوما فاستوقف عربة ، ولم تكن يومئذ السيارات ، وقال لصاحبها : خذني يا ولدي إلى مكان جميل أتفرج فيه وأستريح . وكان صاحب العربة خبيثا ، فأخذه إلى طرف الأزبكية حيث كانت بيوت المومسات وقال : هنا ، فقال الشيخ :
يا ولدي ، لقد قرب المغرب فأين أصلي ؟ خذني أولاً إلى المسجد فقال السائق : هذا هو المسجد . وكان الباب مفتوحا وصاحبة الدار قاعدة على الحال التي يكون عليها مثلها ، فلما رآها غض بصره عنها ، ورأى كرسياً فقعد عليه ينتظر الأذان وهي تنظر إليه ، لا تدري ما أدخله عليها وليس من رواد منزلها ، ولا تجرؤ أن تسأله ، منعتها بقية حياء قد يوجد أمام أهل الصلاح حتى عند المومسات ، وهو يسبح وينظر في ساعته ، حتى سمع أذان المغرب من بعيد فقال لها :
أين المؤذن ؟ لماذا لايؤذن وقد دخل الوقت ؟ هل أنت ابنته ؟
فسكتت ، فانتظر قليلاً ثم قال : يا بنتي المغرب غريب لا يجوز تأخيره ، وما أرى أحداً هنا ، فإن كنت متوضئة فصلي ورائي تكن جماعة . وأذّن ، وأراد أن يقيم وهو لا يلتفت إليها ، فلما لم يحس منها حركة قال : مالك ؟ ألست على وضوء ؟
فاستيقظ إيمانها دفعة واحدة ، ونسيت ما هي فيه ، وعادت إلى أيامها الخوالي ، أيام كانت فتاة عفيفة طاهرة بعيدة عن الإثم ، وراحت تبكي وتنشج ، ثم ألقت بنفسها على قدميه ، فدهش ولم يدر كيف يواسيها وهو لا يريد أن ينظر إليها أو يمسها .
ثم قصت عليه قصتها ، ورأى من ندمها وصحة توبتها ما أيقن معه صدقها فيها ، فقال : اسمعي يا ابنتي ما يقوله رب العالمين :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا }
جميعاً يابنتي جميعاً
إن باب التوبة مفتوح لكل عاص ، وهو واسع يدخلون منه فيتسع لهم مهما ثقل حملهم من الآثام ، حتى الكفر ، فمن كفر بعد إيمانه ثم تاب قبل أن تأتيه ساعة الاحتضار وكان صادقا في توبته وجدد إسلامه فإن الله يقبله ، الله يابنتي أكرم الأكرمين فهل سمعت بكريم يغلق بابه في وجه من يقصده ويلجأ إليه معتمداً عليه ؟ قومي اغتسلي والبسي الثوب الساتر ، اغسلي جلدك بالماء وقلبك بالتوبة والندم ، وأقبلي على الله . وأنا منتظرك هنا ، لا تبطئي لئلا تفوتنا صلاة المغرب .
====================
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في مذكراته عن الأستاذ أحمد الزيات رحمه الله :
كان هذا الشيخ مدرسا ، لا يعرف من الدنيا إلا الجامع الأزهر الذي يدرّس فيه
( قبل أن تدخل عليه تاء التأنيث فيصير جامعة )
والبيت القريب منه الذي يسكنه ، والطريق بينهما . فلما طالت عليه المدة ، وعلت به السن ، واعتلت منه الصحة احتاج إلى الراحة ، فألزمه الطبيب بها ، وأشار عليه أن يبتعد عن جو العمل وعن مكانه ، وأن ينشد الهدوء في البساتين والرياض وعلى شط النيل .
فخرج يوما فاستوقف عربة ، ولم تكن يومئذ السيارات ، وقال لصاحبها : خذني يا ولدي إلى مكان جميل أتفرج فيه وأستريح . وكان صاحب العربة خبيثا ، فأخذه إلى طرف الأزبكية حيث كانت بيوت المومسات وقال : هنا ، فقال الشيخ :
يا ولدي ، لقد قرب المغرب فأين أصلي ؟ خذني أولاً إلى المسجد فقال السائق : هذا هو المسجد . وكان الباب مفتوحا وصاحبة الدار قاعدة على الحال التي يكون عليها مثلها ، فلما رآها غض بصره عنها ، ورأى كرسياً فقعد عليه ينتظر الأذان وهي تنظر إليه ، لا تدري ما أدخله عليها وليس من رواد منزلها ، ولا تجرؤ أن تسأله ، منعتها بقية حياء قد يوجد أمام أهل الصلاح حتى عند المومسات ، وهو يسبح وينظر في ساعته ، حتى سمع أذان المغرب من بعيد فقال لها :
أين المؤذن ؟ لماذا لايؤذن وقد دخل الوقت ؟ هل أنت ابنته ؟
فسكتت ، فانتظر قليلاً ثم قال : يا بنتي المغرب غريب لا يجوز تأخيره ، وما أرى أحداً هنا ، فإن كنت متوضئة فصلي ورائي تكن جماعة . وأذّن ، وأراد أن يقيم وهو لا يلتفت إليها ، فلما لم يحس منها حركة قال : مالك ؟ ألست على وضوء ؟
فاستيقظ إيمانها دفعة واحدة ، ونسيت ما هي فيه ، وعادت إلى أيامها الخوالي ، أيام كانت فتاة عفيفة طاهرة بعيدة عن الإثم ، وراحت تبكي وتنشج ، ثم ألقت بنفسها على قدميه ، فدهش ولم يدر كيف يواسيها وهو لا يريد أن ينظر إليها أو يمسها .
ثم قصت عليه قصتها ، ورأى من ندمها وصحة توبتها ما أيقن معه صدقها فيها ، فقال : اسمعي يا ابنتي ما يقوله رب العالمين :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا }
جميعاً يابنتي جميعاً
إن باب التوبة مفتوح لكل عاص ، وهو واسع يدخلون منه فيتسع لهم مهما ثقل حملهم من الآثام ، حتى الكفر ، فمن كفر بعد إيمانه ثم تاب قبل أن تأتيه ساعة الاحتضار وكان صادقا في توبته وجدد إسلامه فإن الله يقبله ، الله يابنتي أكرم الأكرمين فهل سمعت بكريم يغلق بابه في وجه من يقصده ويلجأ إليه معتمداً عليه ؟ قومي اغتسلي والبسي الثوب الساتر ، اغسلي جلدك بالماء وقلبك بالتوبة والندم ، وأقبلي على الله . وأنا منتظرك هنا ، لا تبطئي لئلا تفوتنا صلاة المغرب .
ففعلت ما قال ، وخرجت إليه بثوب جديد وقلب جديد ، ووقفت خلفه وصلت صلاة ذاقت حلاوتها ، ونقت الصلاة قلبها . فلما انقضت الصلاة قال لها : هلمي اذهبي معي ، وحاولي أن تقطعي كل رابطة تربطك بهذا المكان ومن فيه ، وأن تمحي من ذاكرتك كل أثر لهذه المدة التي قضيتها فيه ، وداومي على استغفار الله ، والإكثار من الصالحات ، فليس الزنا بأكبر من الكفر ، وهند التي كانت كافرة وكانت عدواً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحاولت أن تأكل كبد عمه حمزة رضي الله عنه ، صارت من الصالحات المؤمنات وصرنا نقول : رضي الله عنها .
ثم أخذها إلى دار فيه نسوة ديّنات ، ثم زوجها ببعض من رضي الزواج بها من صالحي المسلمين وأوصاه بها خيرا
ونسال الله العفو والمغفرة
والسلام عليكم
ثم أخذها إلى دار فيه نسوة ديّنات ، ثم زوجها ببعض من رضي الزواج بها من صالحي المسلمين وأوصاه بها خيرا
ونسال الله العفو والمغفرة
والسلام عليكم