(( أرِحْ نفسـك ))
كل شيء مما تراه حولك، له وقت يعمل به، ووقتٌ يسكن، ويقف عن الحركة، ليستجم، وليحافظ على لياقته، وليتجدد مرات ومرات.
وخذ من الأمثلة الكثير، الجسم يكد بالنهار عملا ونشاطا وحركة، طوال 10 ساعات فإذا أقبل المساء توقف الجسم عن العمل لكي يريح جسمه ويطعمه ويسقيه ثم ينام فيقوم من الغد نشيطا منطلقا قد تجمعت قوته من جديد.
كذلك كل الكائنات الحية،، وهذا الأمر يتوسع ليشمل حتى الأشياء المادية التي نستخدمها من مركوب وملبوس وغيرها، فلها استخدامات في بعض الأوقات وتوقف في أوقات أخر، حتى الشمس والقمر، والليل والنهار، تطل بعض الوقت وتختفي بعضه،بل نظام الكون من حولك نظمه الله بنظام يتوافق وطبيعة حياة الإنسان السليمة الفطرية الطيبة.
والسؤال الأهم هنا، متى ترتاح النفس؟ وهي داخل هذا الجسم فتجهد طوال النهار، تتعب معه وتحزن وتفرح، وتضحك وتبكي، فإذا أقبل الليل وقلت الحركة، جديرٌ أن ترتاح النفس مع استلقاء الجسد على الفراش، لكن البعض لايريح نفسه كما اراح جسمه، وإنما يجلب هموما كاملة معه ويجلب أوراقه، وملفاته، وأجهزته ومعاملاته واتصالاته فيكملها في بيته وبين أولاده وعند الجلسة والطعام والعشاء، فلم يهنأ بطعام أو يستلذ بجلسة، أو يفرح بأولاد أو يسعد بزوجة! ثم يشيك قبل النوم على الأخبار، ويدخل للنوم بجسم متعب، ونفس أتعب! فتكتم انفاسه الهواجس، وتهجم عليه الكوابيس أو الأحلام المزعجة، ثم يصبح بنصف جسم ونفس، يجرهما بثقل ليوم جديد يتوقع فيه ضعف ما بالأمس!
رويدك أيها العزيز، إن ظللت بهذه الطريقة فلن تجلس أكثر من 10 إلى 20 سنة وستلاحظ بعدها الأمراض الجسمية تهجم عليك، وستجد أنك فرطت بجلسات الأسرة والأولاد الجميلة الهنية، وستندم كيف لم تشحذ نفسك بإراحتها من مشاغل الحياة ولو بالليل، وستشعر بندم بعد سنوات، وتتذكر وتقول فعلا «وان لنفسك عليك حقا» أدِ حق الله جيدا، وحق أهلك وزوارك (ضيفك) جيدا، وكذلك نفسك، أرحها بعض الوقت لتعطيك أكثر، ولتستمر في نشاطها أكبر، حاول أن تقطعها من جميع مشاغل الخارج حينما تدلف للبيت، خاصة بعد العشاء، ثم إذا دلفت لغرفة النوم فاقطعها مما في داخل البيت فضلا عن خارجه، ليكن لك مكتبة تقطف منها أنت وأسرتك كل يوم كتابا، سِر في فناء البيت، واسبح بالماء، واشرب المشروبات المريحة كالليمون والنعناع والبرتقال، وغيرها، العب مع اطفالك وسامر زوجك، وغن لهم، وقص عليهم القصص والحكايا، تعامل بالليل بروح طفل، وبالنهار بقلب رجل، اشغل قلبك ولسانك بذكر الله، وودع حياتك اليومية، بآيات وركعات، لتختم بها تطييب النفس كما طيبت الجسم بالوضوء، ثم لاحظ أيَّّ نفسٍ ستقوم بها صباحا، وقارنها مع تلك النفس المكدودة المنهكة القلقة، ستجد فرقا شاسعا بين نفس تترفق بها في مسيرك في الحياة لتدوم لك أكثر صحة وسعادة وراحة، ونفس لم يبق لها من الروح شيء، فتنقطع في منتصف الطريق.
مما قرأت وأعجبني