************
*وقفات مهمة مع قوله تعالى : ( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم )
قال ابن عبد البر- رحمه الله - في سياق كلام له : ( وأمَّا قوله : { هي السبع المثاني والقرآن العظيم } فمعناه عندي هي السبع المثاني التي أعطيت ، لقوله تعالى : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَـاكَ سَبْعًا مّـِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ } [ الحجر : 87 ] فخرج { والقرآن العظيم } على معنى التلاوة .
وأولى ما قيل به في تأويل السبع المثاني أنها فاتحة الكتاب ؛ لأن القول بذلك أرفع ما روى فيه وهو يخرج في التفسير المسند .
وقد روى عن ابن عباس في قوله تعالى : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَـاكَ سَبْعًا مّـِنَ الْمَثَانِي } قال : فاتحة الكتاب(1 ) ، قيل لها ذلك ؛ لأنها تُثَنَّى في كل ركعة .
وقال بذلك جماعة من أهل العلم بتأويل القرآن ، منهم قتادة .
ذكر عبدالرزاق عن معمر ، عن قتادة في قوله : { سَبْعًا مّـِنَ الْمَثَانِي } قال : هي فاتحة الكتاب ، تُثَنَّى في كل ركعة مكتوبة وتطوع(2 ) .
وقد روي عن ابن عباس أيضاً في السبع المثاني أنها السبع الطوال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال ، وبراءة(3 ) .
وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير ؛ لأنها تُثَنَّى فيها حدود القرآن والفرائض( 4) .
والقول الأول أثبت عن ابن عباس ، وهو الصحيح إن شاء الله في تأويل الآية ، لما ثبت عن النبي - عليه السلام - في ذلك )( 5) ا هـ .
فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الباب : { وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيتُ } أن الفاتحة هي السبع المثاني الذي أُعطي النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَـاكَ سَبْعًا مّـِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ } .
وأمَّا { القرآن العظيم } فليس المراد به أن الفاتحة هي القرآن العظيم ، وإنَّما قال صلى الله عليه وسلم : { والقرآن العظيم } على معنى التلاوة للآية ، أي قال ذلك موافقة لما جاء في الآية الكريمة .
وهذا على قول ابن عبدالبر - رحمه الله - كما يُفهم ذلك من قوله السابق .
وهذا القول فيه شيء من البعد ، لأن روايات الحديث لاتدل عليه ، بل معنى الحديث أن الفاتحة هي السبع المثاني ، وهي القرآن العظيم ، الذي أوتيه صلى الله عليه وسلم .
ففي رواية الإمام البخاري لهذا الحديث : { الحمد لله رب العالمين ، هي السبع المثاني وهي القرآن العظيم الذي أوتيته }( 6) .
وفي رواية أخرى عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم }( 7) .
وفي رواية عند الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في أم القرآن : { هي أم القرآن ، وهي السبع المثاني ، وهي القرآن العظيم }(8 ) .
وبناءً على هذه الروايات فالمعنى الصحيح للحديث هو ما ذكره الخطابي بقوله : ( في قوله { هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته } دلالة على أن الفاتحة هي القرآن العظيم ، وأن الواو ليست بالعاطفة التي تفصل بين الشيئين ، وإنَّما هي التي تجيء بمعنى التفصيل كقوله : { فَـاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } [ الرحمن : 68] ، وقوله : { وَمَلَـائِكَتِه وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَـالَ } [ البقرة : 98 ] )( 9) ا هـ .
وعلى هذا فالفاتحة هي القرآن العظيم ولا مانع من إطلاق هذا الوصف عليها ؛ لأن بعض القرآن يطلق عليه القرآن ، ووصفها بأنها القرآن العظيم راجع إلى أنها أعظم سورة فيه ، ولم ينزل مثلها في الكتب المنزلة كلها كما جاء في الأحاديث( 10) .
( وإنَّما عطف القرآن العظيم على السبع المثاني مع أن المراد بهما واحد وهو الفاتحة لما عُلم في اللغة العربيَّة من أن الشيء الواحد إذا ذُكر بصفتين مختلفتين جاز عطف إحداهما على الأخرى تنزيلاً لتغاير الصفات منزلة تغاير الذوات ، ومنه قوله تعالى : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ ا؟لأَعْلَى . الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى . وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى . وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى } [ الأعلى : 1 - 4 ] .
وقول الشاعر :
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم )( 11) ا هـ
*وقفات مهمة مع قوله تعالى : ( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم )
قال ابن عبد البر- رحمه الله - في سياق كلام له : ( وأمَّا قوله : { هي السبع المثاني والقرآن العظيم } فمعناه عندي هي السبع المثاني التي أعطيت ، لقوله تعالى : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَـاكَ سَبْعًا مّـِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ } [ الحجر : 87 ] فخرج { والقرآن العظيم } على معنى التلاوة .
وأولى ما قيل به في تأويل السبع المثاني أنها فاتحة الكتاب ؛ لأن القول بذلك أرفع ما روى فيه وهو يخرج في التفسير المسند .
وقد روى عن ابن عباس في قوله تعالى : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَـاكَ سَبْعًا مّـِنَ الْمَثَانِي } قال : فاتحة الكتاب(1 ) ، قيل لها ذلك ؛ لأنها تُثَنَّى في كل ركعة .
وقال بذلك جماعة من أهل العلم بتأويل القرآن ، منهم قتادة .
ذكر عبدالرزاق عن معمر ، عن قتادة في قوله : { سَبْعًا مّـِنَ الْمَثَانِي } قال : هي فاتحة الكتاب ، تُثَنَّى في كل ركعة مكتوبة وتطوع(2 ) .
وقد روي عن ابن عباس أيضاً في السبع المثاني أنها السبع الطوال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال ، وبراءة(3 ) .
وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير ؛ لأنها تُثَنَّى فيها حدود القرآن والفرائض( 4) .
والقول الأول أثبت عن ابن عباس ، وهو الصحيح إن شاء الله في تأويل الآية ، لما ثبت عن النبي - عليه السلام - في ذلك )( 5) ا هـ .
فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الباب : { وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيتُ } أن الفاتحة هي السبع المثاني الذي أُعطي النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَـاكَ سَبْعًا مّـِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ } .
وأمَّا { القرآن العظيم } فليس المراد به أن الفاتحة هي القرآن العظيم ، وإنَّما قال صلى الله عليه وسلم : { والقرآن العظيم } على معنى التلاوة للآية ، أي قال ذلك موافقة لما جاء في الآية الكريمة .
وهذا على قول ابن عبدالبر - رحمه الله - كما يُفهم ذلك من قوله السابق .
وهذا القول فيه شيء من البعد ، لأن روايات الحديث لاتدل عليه ، بل معنى الحديث أن الفاتحة هي السبع المثاني ، وهي القرآن العظيم ، الذي أوتيه صلى الله عليه وسلم .
ففي رواية الإمام البخاري لهذا الحديث : { الحمد لله رب العالمين ، هي السبع المثاني وهي القرآن العظيم الذي أوتيته }( 6) .
وفي رواية أخرى عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم }( 7) .
وفي رواية عند الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في أم القرآن : { هي أم القرآن ، وهي السبع المثاني ، وهي القرآن العظيم }(8 ) .
وبناءً على هذه الروايات فالمعنى الصحيح للحديث هو ما ذكره الخطابي بقوله : ( في قوله { هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته } دلالة على أن الفاتحة هي القرآن العظيم ، وأن الواو ليست بالعاطفة التي تفصل بين الشيئين ، وإنَّما هي التي تجيء بمعنى التفصيل كقوله : { فَـاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } [ الرحمن : 68] ، وقوله : { وَمَلَـائِكَتِه وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَـالَ } [ البقرة : 98 ] )( 9) ا هـ .
وعلى هذا فالفاتحة هي القرآن العظيم ولا مانع من إطلاق هذا الوصف عليها ؛ لأن بعض القرآن يطلق عليه القرآن ، ووصفها بأنها القرآن العظيم راجع إلى أنها أعظم سورة فيه ، ولم ينزل مثلها في الكتب المنزلة كلها كما جاء في الأحاديث( 10) .
( وإنَّما عطف القرآن العظيم على السبع المثاني مع أن المراد بهما واحد وهو الفاتحة لما عُلم في اللغة العربيَّة من أن الشيء الواحد إذا ذُكر بصفتين مختلفتين جاز عطف إحداهما على الأخرى تنزيلاً لتغاير الصفات منزلة تغاير الذوات ، ومنه قوله تعالى : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ ا؟لأَعْلَى . الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى . وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى . وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى } [ الأعلى : 1 - 4 ] .
وقول الشاعر :
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم )( 11) ا هـ