ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﻧﻌﻴﺶ ﺭﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﻭﻧﺤﻠﻠﻬﺎ ﻋﻠﻤﻴﺎً ﻟﻨﺨﺮﺝ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﻛﻞ
ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻭﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ
ﺻﺪﻕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ....
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ
ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺼﻮﺭ ﻟﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻛﺄﻧﻨﺎ
ﻧﻌﻴﺸﻪ ﻭﻧﺮﺍﻩ، ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻧﺰﻝ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻨﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻷﻥ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻮ ﺃﻫﻢ ﻳﻮﻡ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻞ
ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ.
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺧﺘﻢ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺂﻳﺔ ﺗﺄﻣﺮﻧﺎ
ﺃﻥ ﻧﺘﻘﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﻥ ﻧﻌﻤﻞ ﻟﺬﻟﻚ
ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﻝ
ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺁﻳﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: )ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ
ﻳَﻮْﻣًﺎ ﺗُﺮْﺟَﻌُﻮﻥَ ﻓِﻴﻪِ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺛُﻢَّ ﺗُﻮَﻓَّﻰ ﻛُﻞُّ
ﻧَﻔْﺲٍ ﻣَﺎ ﻛَﺴَﺒَﺖْ ﻭَﻫُﻢْ ﻟَﺎ ﻳُﻈْﻠَﻤُﻮﻥَ (
]ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: 281 [ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﺪ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻨﺎ
ﻭﺃﻥ ﻧﻔﻜﺮ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻳﻮﻡٌ ﻧﻘﻒ ﻓﻴﻪ
ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﻪ، ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﺠﻬّﺰ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻣﻨﺬ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺳﻴﺴﺄﻟﻨﺎ ﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻣﺎﺫﺍ
ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻟﻪ، ﻳﻘﻮﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: )ﻭَﺇِﻧَّﻪُ ( ﺃﻱ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ )ﻟَﺬِﻛْﺮٌ ﻟَﻚَ ﻭَﻟِﻘَﻮْﻣِﻚَ ﻭَﺳَﻮْﻑَ
ﺗُﺴْﺄَﻟُﻮﻥَ ( ]ﺍﻟﺰﺧﺮﻑ: 44 [، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ
ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻳﻨﻜﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ
ﻣﺎﺕ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺁﻳﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.
ﻭﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
ﻭﻳﻘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺣﻖ، ﻭﺃﻧﻪ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﻳﻮﻡٌ
ﺗﻌﻠﻢُ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻛﺴﺒﺖ ﻭﻣﺎ
ﺃﺣﻀﺮﺕ ﻭﻣﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻭﺃﺧﺮﺕ، ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ
ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ: )ﻭَﻭَﺟَﺪُﻭﺍ ﻣَﺎ ﻋَﻤِﻠُﻮﺍ
ﺣَﺎﺿِﺮًﺍ ﻭَﻟَﺎ ﻳَﻈْﻠِﻢُ ﺭَﺑُّﻚَ ﺃَﺣَﺪًﺍ ( ]ﺍﻟﻜﻬﻒ:
49 [ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺳﻴﺮﻯ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ
ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻌﺮﺽ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻭﻳﺮﺍﻫﺎ
ﺭﺅﻳﺔ ﻳﻘﻴﻨﻴﺔ: )ﻭَﻭَﺟَﺪُﻭﺍ ﻣَﺎ ﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺣَﺎﺿِﺮًﺍ (
ﺃﻱ ﺳﻮﻑ ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﻳﻀﻌﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﻭﻳﺮﺍﻫﺎ.
ﻫﻨﺎﻙ ﺁﻳﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﻭﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﻻ ﻳﻘﺘﻨﻊ
ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻓﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ
ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻓﻲ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺜﻼً ﻟﻠﺠﻠﺪ ﺃﻥ
ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻭﻳﻨﻄﻖ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ:
)ﻭَﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻟِﺠُﻠُﻮﺩِﻫِﻢْ ﻟِﻢَ ﺷَﻬِﺪْﺗُﻢْ ﻋَﻠَﻴْﻨَﺎ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ
ﺃَﻧْﻄَﻘَﻨَﺎ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺃَﻧْﻄَﻖَ ﻛُﻞَّ ﺷَﻲْﺀٍ ﻭَﻫُﻮَ
ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ ﺃَﻭَّﻝَ ﻣَﺮَّﺓٍ ﻭَﺇِﻟَﻴْﻪِ ﺗُﺮْﺟَﻌُﻮﻥَ (
]ﻓﺼﻠﺖ: 21 [. ﻓﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻭﺩﻉ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻟﻜﻲ ﻧﻠﺠﺄ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺐ
ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ ﻭﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰﻓَﺈِﺫَﺍ
ﺍﻧْﺸَﻘَّﺖِ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀُ ﻓَﻜَﺎﻧَﺖْ ﻭَﺭْﺩَﺓً ﻛَﺎﻟﺪِّﻫَﺎﻥِ (
]ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ: 37 [. ﻫﺬﻩ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻧﺸﻘﺎﻕ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺃﻧﻬﺎ
ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻭﺭﺩﺓ ﻛﺎﻟﺪﻫﺎﻥ، ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ
ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻭﺟﺪﻭﺍ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﻨﻔﺠﺮ ﻭﻣﺠﺮﺍﺕ ﺗﻨﻔﺠﺮ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﺃﻧﻬﺎ
ﺗﺮﺳﻢ ﻟﻮﺣﺔ ﺗﺸﺒﻪ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺍﻟﺰﻳﺘﻴﺔ ﺑﺄﻟﻮﺍﻥ
ﺯﺍﻫﻴﺔ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺳﻤﻬﺎ
ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭﻫﺎ ﻃﺒﻌﺎً ﻻ ﺗﻤﺜﻞ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺼﻐﺮﺓ ﻋﻦ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻧﺠﻢ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﻤﺜﻞ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﺇﻧﻤﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺼﻐﺮﺓ ﻋﻦ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ
ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ.
ﻧﺤﻦ ﻃﺒﻌﺎً ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﺗﻜﻮﺭ
ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: )ﺇِﺫَﺍ
ﺍﻟﺸَّﻤْﺲُ ﻛُﻮِّﺭَﺕْ ( ]ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﺮ: 1 [. ﻟﻦ
ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ
ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﻫﻮ ﻳﻨﻔﺠﺮ ﻣﺜﻼً، ﺃﻭ ﻳﺘﻜﻮﺭ ﻋﻠﻰ
ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ
ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﻣﻮﺕ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﺍﻟﺘﻠﺴﻜﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻘﻂ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺼﻮﺭ
ﻳﻮﻣﻴﺎً ﻋﻦ ﻣﻮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻧﻔﺠﺎﺭﻫﺎ،
ﻓﻬﺬﻩ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺼﻐﺮﺓ ﻋﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜﻮﻥ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: )ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺍﻟْﺒِﺤَﺎﺭُ
ﺳُﺠِّﺮَﺕْ ( ]ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﺮ: 6 [. ﺃﻱ ﺃﺣﻤﻴﺖ،
ﻭﺍﻟﻌﺮﺏ ﺗﻘﻮﻝ: ﺳﺠﺮ ﺍﻟﺘﻨﻮﺭ، ﺃﻱ ﺃﺣﻤﺎﻩ
ﻭﺭﻓﻊ ﺩﺭﺟﺔ ﺣﺮﺍﺭﺗﻪ، ﻭﻟﻜﻲ ﻧﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ
ﺗﺨﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﻛﻴﻒ
ﺳﻴﺤﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭﺩﻉ ﻓﻲ
ﺃﻋﻤﺎﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺷﻘﻮﻗﺎً ﻭﺻﺪﻭﻋﺎً
ﻭﺃﻣﺎﻛﻦ ﺗﺘﺪﻓﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤﻢ ﺍﻟﻤﻨﺼﻬﺮﺓ
ﻟﺘﺮﻓﻊ ﺩﺭﺟﺔ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ
ﺃﻟﻒ ﺩﺭﺟﺔ ﻭﻧﺮﻯ ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺗﺮﺗﻔﻊ
ﺣﺮﺍﺭﺗﻪ ﻭﻳﺘﻢ ﺇﺣﻤﺎﺅﻩ ﺑﺸﺪﺓ، ﻓﻬﺬﺍ
ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻻ ﻳﻤﺜﻞ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ
ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺼﻐﺮﺓ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻟﺬﻟﻚ
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻗﺴﻢ ﺑﻬﺬﻩ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ )ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺒﺤﺮ
ﺍﻟﻤﺴﺠﻮﺭ ( ﻓﻘﺎﻝﻭَﺍﻟْﺒَﺤْﺮِ ﺍﻟْﻤَﺴْﺠُﻮﺭ *
ﺇِﻥَّ ﻋَﺬَﺍﺏَ ﺭَﺑِّﻚَ ﻟَﻮَﺍﻗِﻊٌ ( ]ﺍﻟﻄﻮﺭ7-6 : [.
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻳﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻭﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻧﻼﺣﻆ
ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪﺙ
ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ. ﻓﻜﻠﻤﺔ )ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ( ﺃﺛﻨﺎﺀ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺫﻛﺮﺕ ﻣﺮﺗﻴﻦ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻘﻂ، ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ
ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﺮ: )ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺍﻟْﺒِﺤَﺎﺭُ ﺳُﺠِّﺮَﺕْ (
]ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﺮ: 6 [. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ
ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻﻧﻔﻄﺎﺭ: )ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺍﻟْﺒِﺤَﺎﺭُ ﻓُﺠِّﺮَﺕْ (
]ﺍﻻﻧﻔﻄﺎﺭ3 : [.
ﻭﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻵﻳﺘﻴﻦ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻣﺪﺧﻼً ﻷﻭﻟﺌﻚ
ﺍﻟﻤﺸﻜﻜﻴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺇﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻨﺴﻰ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻓﺘﺎﺭﺓ
ﻳﻘﻮﻝ)ﺳُﺠِّﺮَﺕْ (، ﻭﺗﺎﺭﺓ)ﻓُﺠِّﺮَﺕْ (، ﻭﻫﺬﺍ
ﺍﺗﻬﺎﻡ ﺑﺎﻃﻞ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻴﺲ ﻛﻼﻡ ﻣﺤﻤﺪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﺭﺏ
ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ
ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﻬﺎ.
ﻧﻌﻴﺶ ﺭﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﻭﻧﺤﻠﻠﻬﺎ ﻋﻠﻤﻴﺎً ﻟﻨﺨﺮﺝ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﻛﻞ
ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻭﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ
ﺻﺪﻕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ....
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ
ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺼﻮﺭ ﻟﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻛﺄﻧﻨﺎ
ﻧﻌﻴﺸﻪ ﻭﻧﺮﺍﻩ، ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻧﺰﻝ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻨﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻷﻥ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻮ ﺃﻫﻢ ﻳﻮﻡ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻞ
ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ.
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺧﺘﻢ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺂﻳﺔ ﺗﺄﻣﺮﻧﺎ
ﺃﻥ ﻧﺘﻘﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﻥ ﻧﻌﻤﻞ ﻟﺬﻟﻚ
ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﻝ
ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺁﻳﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: )ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ
ﻳَﻮْﻣًﺎ ﺗُﺮْﺟَﻌُﻮﻥَ ﻓِﻴﻪِ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺛُﻢَّ ﺗُﻮَﻓَّﻰ ﻛُﻞُّ
ﻧَﻔْﺲٍ ﻣَﺎ ﻛَﺴَﺒَﺖْ ﻭَﻫُﻢْ ﻟَﺎ ﻳُﻈْﻠَﻤُﻮﻥَ (
]ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: 281 [ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﺪ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻨﺎ
ﻭﺃﻥ ﻧﻔﻜﺮ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻳﻮﻡٌ ﻧﻘﻒ ﻓﻴﻪ
ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﻪ، ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﺠﻬّﺰ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻣﻨﺬ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺳﻴﺴﺄﻟﻨﺎ ﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻣﺎﺫﺍ
ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻟﻪ، ﻳﻘﻮﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: )ﻭَﺇِﻧَّﻪُ ( ﺃﻱ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ )ﻟَﺬِﻛْﺮٌ ﻟَﻚَ ﻭَﻟِﻘَﻮْﻣِﻚَ ﻭَﺳَﻮْﻑَ
ﺗُﺴْﺄَﻟُﻮﻥَ ( ]ﺍﻟﺰﺧﺮﻑ: 44 [، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ
ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻳﻨﻜﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ
ﻣﺎﺕ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺁﻳﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.
ﻭﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
ﻭﻳﻘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺣﻖ، ﻭﺃﻧﻪ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﻳﻮﻡٌ
ﺗﻌﻠﻢُ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻛﺴﺒﺖ ﻭﻣﺎ
ﺃﺣﻀﺮﺕ ﻭﻣﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻭﺃﺧﺮﺕ، ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ
ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ: )ﻭَﻭَﺟَﺪُﻭﺍ ﻣَﺎ ﻋَﻤِﻠُﻮﺍ
ﺣَﺎﺿِﺮًﺍ ﻭَﻟَﺎ ﻳَﻈْﻠِﻢُ ﺭَﺑُّﻚَ ﺃَﺣَﺪًﺍ ( ]ﺍﻟﻜﻬﻒ:
49 [ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺳﻴﺮﻯ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ
ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻌﺮﺽ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻭﻳﺮﺍﻫﺎ
ﺭﺅﻳﺔ ﻳﻘﻴﻨﻴﺔ: )ﻭَﻭَﺟَﺪُﻭﺍ ﻣَﺎ ﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺣَﺎﺿِﺮًﺍ (
ﺃﻱ ﺳﻮﻑ ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﻳﻀﻌﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﻭﻳﺮﺍﻫﺎ.
ﻫﻨﺎﻙ ﺁﻳﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﻭﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﻻ ﻳﻘﺘﻨﻊ
ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻓﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ
ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻓﻲ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺜﻼً ﻟﻠﺠﻠﺪ ﺃﻥ
ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻭﻳﻨﻄﻖ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ:
)ﻭَﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻟِﺠُﻠُﻮﺩِﻫِﻢْ ﻟِﻢَ ﺷَﻬِﺪْﺗُﻢْ ﻋَﻠَﻴْﻨَﺎ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ
ﺃَﻧْﻄَﻘَﻨَﺎ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺃَﻧْﻄَﻖَ ﻛُﻞَّ ﺷَﻲْﺀٍ ﻭَﻫُﻮَ
ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ ﺃَﻭَّﻝَ ﻣَﺮَّﺓٍ ﻭَﺇِﻟَﻴْﻪِ ﺗُﺮْﺟَﻌُﻮﻥَ (
]ﻓﺼﻠﺖ: 21 [. ﻓﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻭﺩﻉ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻟﻜﻲ ﻧﻠﺠﺄ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺐ
ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ ﻭﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰﻓَﺈِﺫَﺍ
ﺍﻧْﺸَﻘَّﺖِ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀُ ﻓَﻜَﺎﻧَﺖْ ﻭَﺭْﺩَﺓً ﻛَﺎﻟﺪِّﻫَﺎﻥِ (
]ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ: 37 [. ﻫﺬﻩ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻧﺸﻘﺎﻕ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺃﻧﻬﺎ
ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻭﺭﺩﺓ ﻛﺎﻟﺪﻫﺎﻥ، ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ
ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻭﺟﺪﻭﺍ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﻨﻔﺠﺮ ﻭﻣﺠﺮﺍﺕ ﺗﻨﻔﺠﺮ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﺃﻧﻬﺎ
ﺗﺮﺳﻢ ﻟﻮﺣﺔ ﺗﺸﺒﻪ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺍﻟﺰﻳﺘﻴﺔ ﺑﺄﻟﻮﺍﻥ
ﺯﺍﻫﻴﺔ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺳﻤﻬﺎ
ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭﻫﺎ ﻃﺒﻌﺎً ﻻ ﺗﻤﺜﻞ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺼﻐﺮﺓ ﻋﻦ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻧﺠﻢ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﻤﺜﻞ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﺇﻧﻤﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺼﻐﺮﺓ ﻋﻦ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ
ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ.
ﻧﺤﻦ ﻃﺒﻌﺎً ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﺗﻜﻮﺭ
ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: )ﺇِﺫَﺍ
ﺍﻟﺸَّﻤْﺲُ ﻛُﻮِّﺭَﺕْ ( ]ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﺮ: 1 [. ﻟﻦ
ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ
ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﻫﻮ ﻳﻨﻔﺠﺮ ﻣﺜﻼً، ﺃﻭ ﻳﺘﻜﻮﺭ ﻋﻠﻰ
ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ
ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﻣﻮﺕ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﺍﻟﺘﻠﺴﻜﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻘﻂ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺼﻮﺭ
ﻳﻮﻣﻴﺎً ﻋﻦ ﻣﻮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻧﻔﺠﺎﺭﻫﺎ،
ﻓﻬﺬﻩ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺼﻐﺮﺓ ﻋﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜﻮﻥ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: )ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺍﻟْﺒِﺤَﺎﺭُ
ﺳُﺠِّﺮَﺕْ ( ]ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﺮ: 6 [. ﺃﻱ ﺃﺣﻤﻴﺖ،
ﻭﺍﻟﻌﺮﺏ ﺗﻘﻮﻝ: ﺳﺠﺮ ﺍﻟﺘﻨﻮﺭ، ﺃﻱ ﺃﺣﻤﺎﻩ
ﻭﺭﻓﻊ ﺩﺭﺟﺔ ﺣﺮﺍﺭﺗﻪ، ﻭﻟﻜﻲ ﻧﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ
ﺗﺨﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﻛﻴﻒ
ﺳﻴﺤﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭﺩﻉ ﻓﻲ
ﺃﻋﻤﺎﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺷﻘﻮﻗﺎً ﻭﺻﺪﻭﻋﺎً
ﻭﺃﻣﺎﻛﻦ ﺗﺘﺪﻓﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤﻢ ﺍﻟﻤﻨﺼﻬﺮﺓ
ﻟﺘﺮﻓﻊ ﺩﺭﺟﺔ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ
ﺃﻟﻒ ﺩﺭﺟﺔ ﻭﻧﺮﻯ ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺗﺮﺗﻔﻊ
ﺣﺮﺍﺭﺗﻪ ﻭﻳﺘﻢ ﺇﺣﻤﺎﺅﻩ ﺑﺸﺪﺓ، ﻓﻬﺬﺍ
ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻻ ﻳﻤﺜﻞ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ
ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺼﻐﺮﺓ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻟﺬﻟﻚ
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻗﺴﻢ ﺑﻬﺬﻩ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ )ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺒﺤﺮ
ﺍﻟﻤﺴﺠﻮﺭ ( ﻓﻘﺎﻝﻭَﺍﻟْﺒَﺤْﺮِ ﺍﻟْﻤَﺴْﺠُﻮﺭ *
ﺇِﻥَّ ﻋَﺬَﺍﺏَ ﺭَﺑِّﻚَ ﻟَﻮَﺍﻗِﻊٌ ( ]ﺍﻟﻄﻮﺭ7-6 : [.
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻳﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻭﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻧﻼﺣﻆ
ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪﺙ
ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ. ﻓﻜﻠﻤﺔ )ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ( ﺃﺛﻨﺎﺀ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺫﻛﺮﺕ ﻣﺮﺗﻴﻦ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻘﻂ، ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ
ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﺮ: )ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺍﻟْﺒِﺤَﺎﺭُ ﺳُﺠِّﺮَﺕْ (
]ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﺮ: 6 [. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ
ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻﻧﻔﻄﺎﺭ: )ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺍﻟْﺒِﺤَﺎﺭُ ﻓُﺠِّﺮَﺕْ (
]ﺍﻻﻧﻔﻄﺎﺭ3 : [.
ﻭﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻵﻳﺘﻴﻦ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻣﺪﺧﻼً ﻷﻭﻟﺌﻚ
ﺍﻟﻤﺸﻜﻜﻴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺇﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻨﺴﻰ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻓﺘﺎﺭﺓ
ﻳﻘﻮﻝ)ﺳُﺠِّﺮَﺕْ (، ﻭﺗﺎﺭﺓ)ﻓُﺠِّﺮَﺕْ (، ﻭﻫﺬﺍ
ﺍﺗﻬﺎﻡ ﺑﺎﻃﻞ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻴﺲ ﻛﻼﻡ ﻣﺤﻤﺪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﺭﺏ
ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ
ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﻬﺎ.