الفصل الأول
شهادةُ القمر بأربع شهادات
لا أحد يدري كيف يرحل وكيف سيختفي من هذه الدنيا ... هذا الإنسان ...
ولكن هناك أشياء لا يستطيع أن يفسرها العقل
ولا يستطيع أن يستوعبها لذالك يكتفي بمرور الفكرة
مرور الكرام وهذا ما حدث في ليلةٍ شبهِ قمرية
حينما تساقطت أمطارُ من الشهب.
- سيدتي هل من الممكن أن تخبرينا ماذا حدث؟!
- لا أدري يا سيدي المحقق ما الذي حدث بالتحديد ولكن
كل ما أعلمه أنني استيقظت من نومي
و لم أجد زوجي بجانبي وكل أشيائه في مكانها, مفاتيح
سيارته كما تركها وحذائه بجانب الفراش وملابسه
التي نام فيها ملقية أسفل الفراش بجانب حذائه.
حتى هاتفه النقال هنا بجانب السرير
وكل الأبواب مغلقة وكل المفاتيح بالداخل ولا توجد أي علامة
على أنه خرج من المنزل ... فقط اختفى بدون أي أثر.
- كما قلتي ... فقد بحثنا عنه في كل مكان ,
وكل الأدلة تثبت أنه لم يخرج من المنزل ... فقط اختفى ؟!
ولكن هذا صعب التصديق.
ولكن أخبريني كيف كان في الأيام الأخيرة ؟!
فتقاريرنا تشير على أنه أدخل المستشفى؟!
- إذا وجدت اختفائه هذا غريب
فما أنت على وشك سماعه سيكون أغرب ...
جهشت الزوجة بالبكاء وهي تتذكر ما حدث.
- لقد كان زوجي رجلً رائعً بمعنى الكلمة
ولا أقول ذالك لأنه اختفى بل لأنه لن يختفي من قلبي أبداً .
كنا حينها أمام الشاطئ في العاشر من شهر مايو/ أيار مع بداية رحيل الربيع
ودخول الصيف القاسي بعد أن تناولنا العشاء في أحد المطاعم القريبة
من البحر ومشينا كثيرً ونحن ندفع عربة مولدتنا الصغيرة.
جلسنا على أحد الكراسي ننظر للقمر وهو قريبُ من الإكتمال
وكنا نتحدث ونضحك وحينها قاطعني
وقال: إن القمر هذا شهد الكثير من الأحداث في كل مرةٍ يطل بها على الأرض ...
إن القمر شاهدُ على أشياء كثيرة.
لقد كان زوجي شاعري في بعضٍ الأحيان ويحب الخروج عن المألوف
وحينها فقط حدث شيءُ خارجُ عن كل مألوفٍ لي وله.
لقد كانت السماء تلك الليلة مظلمةً جداً على الشاطئ
وفضول البحر الذي يتمنى اكتمال القمر على مياههِ يسكن في هدوء ,
وضوء القمر يبدوا كالسهمِ الأبيض في تلك المياه السوداء .
ذالك السهم المغرور يبدوا كما لو أنه يتجه نحونا
نحن فقط تلك العائلة الصغيرة.
ومع الظلمة أشار زوجي إلى الأعلى
وإذا بي أرى مطراً من الشهب
الحمراء والزرقاء والزمردية تتساقط وتنهال من جانب القمر ...
ومع ذالك السكون وصوت الأمواج طغت عليَ عادتي ونظرتُ لوجه زوجي
فقد كانت عيناه تشع بتلك الشهب.
يبدوا أن تلك العادة أنجتني تلك العادة التي تجعلني أنظر لأوجه الناس
حينما يكون هناك شيءُ غريب أو جميلُ يحدث.
استمرت الشهب لعشرِ ثوانٍ تقريباً ثم سقط زوجي
وانا انظر إليه وهو يسقط وعيناهُ مفتوحتان على جنبه الأيمن ,
لم ترمش عيناه ولم ينبس ببنت شفة رغم قوة السقوط.
قمت مسرعةً أحركه وأسأله ما إذا كان بخير ولكنه لم يرد ...
ويبدوا أن صوتي كان عالياً جداً من الخوف فسمعني احد المارة وهرع إلينا.
- ماذا حدث!
- لا أدري فقط سقط وهو لا يتكلم!
رفعه الرجل الغريب وإذا به ينظر للرجل باستغراب
وينظر لي وقال: ما بكم مفزوعين؟
وحينما عدنا للمنزل لم يذكر مطلقاً سقوطه ...
فقط يذكر تلك الشهب وحينما يذكرها تبدأ عيناه بالدموع
ولكن حتى دموعه تخرج مائلة حتى تصل لشحمة أذنه ...
حتى مع أنه كان واقفً.
وهكذا بدأت تتغير عاداته فقد أصبح ينام على حافة الفراش
وحينما أسأله لماذا يقول أنه لا يستطيعُ النوم إلا هنا ...
وبعدها بدأ يمشي بجانب الجدار ولا يحب المشي في الأماكن المفتوحة...
حتى أنه كان لا يشرب الماء إلا وهو مميلُ رأسه على جهةِ اليمين
حتى أكله أصبح غريباً جداً ... يقوم في منتصف الليل وعيناهُ تنهمر بالدموع المائلة ,
حتى أن ملابسه أصبح يلبسها مقلوبة.
وحينها بدأت أشعر بالخوف فجلست وتحدثت معه
أريد منه أن يخبرني ولكنه لا يتذكر أنه يقوم بهذه الأمور
وأنه يعتذر بشدة ... نعم فقد كانت تصرفاته تبدأ مع الساعة العاشرة من كل يوم
واستمر الحال هكذا ولم أخبر أحداً لمدة سنةٍ كاملة
لأنه قد يفقد عمله وثقة الناس به فلم أرد المخاطرة ,
فقد ترحل هذه الغرابة عنه أو أياً كانت.
وفي العاشر من مايو / أيار وعند الساعة العاشرة في السنةِ الثانية
سمعتُ صرخةً قوية بينما كنت في المطبخ ...
وهرعتُ لمصدر الصرخة التي علمتُ أنها صرخةَ زوجي
وإذا به يجلس في النافذة ويرطمُ رأسه بالحديد وعيناه تدمع مائلة
وهو يقول: أريد الأزرق , أريد الأحمر , أريد الزمردي ... أين هم أريد معهم.
قمت بسحبه ... ولا أدري من أين أتتني تلك القوة ووضعته على الفراش
بجانب الحافة وقمت بتغطيته جيداً واتصلت على أخي.
حينما أتي أخي جعلته ينام في غرفة الضيوف تحسباً
لأي طارئ لم أكن أعرف ما الذي يجب أن نفعله فأخذنا له إجازة من عمله
بحجة المرض وكنا ننوي أخذه لأحد الأطباء النفسانيين.
وفي منتصف الليل استيقظت ابحث عنه فلم أجده
بجانبي فناديته ولم يجب فخرجت ابحث عنه في المنزل وإذا بباب المنزل مفتوح.
أيقظتُ أخي وخرج يبحث عنه ولكننا لم نجده ,
بحثنا عنه عند أهله وأصدقائه ولم نجده أيضاً.
مر نصف يوم ولكنه لم يظهر بعد , وحينها أخبرتُ أخي بالقصة
فاستعجب القصة فقال سأذهب لتفقد السطح ,
وفعلاً كان نائماً في السطح بجانب الحافة على ارتفاع ثلاثة طوابق.
أدخلناه بعدها المستشفى ومكث هناك يأخذ الأدوية وبدأت أشعر أنه بخير
ولكنه لا يكتفي بالبكاء ولا تكتفي تلك الدموع المائلة بالرحيل.
وفي تلك الليلة وحينما عاد من المستشفى
واستيقظنا في الصباح لم نجده.... لقد اختفى نهائياً من غير أي أثر.
بعد مئة عام كانت هناك نافذة كبيرة لقصرٍ كبير في العاشر من مايو/أيار
في الساعة العاشرة مساءاً ...
رأت تلك الفتاة التي تعيش ربيعها 12 مطر الشهب
الزرقاء والحمراء والزمردية والتي استمرت لعشر ثوانٍ تقريباً.
ومنذ ذالك الحين وتلك الفتاة تدرس الفلك والشهب
واستثمرت ثروة أهلها للبحث عنها.
منذ أن أنهت دراستها وهي في الثامنة عشر من عمرها
وهي تبحث بلا كلل ولا ملل عن تلك الشهب ,
التي لم تذكرها أي الكتب ولم تتم مشاهدتها من قبل أي أحد ...
بحثت عنها حتى وجدتها بعد عشر سنوات
في قلب صحراء الربع الخالي وبجانبها جثةُ رجلٍ تبدوا على وجههِ أثر السعادة ...
تلك الجثة لم تكن مهترئة بل كانت بكل صحتها كما لو أنه مات قبل بضع ثواني.
وبعد تحليل الجثة وجدوا أنها محنطة وأن عمر الجثة أكثر من مئة عام.
شهادةُ القمر بأربع شهادات
ولكن هناك أشياء لا يستطيع أن يفسرها العقل
ولا يستطيع أن يستوعبها لذالك يكتفي بمرور الفكرة
مرور الكرام وهذا ما حدث في ليلةٍ شبهِ قمرية
حينما تساقطت أمطارُ من الشهب.
- سيدتي هل من الممكن أن تخبرينا ماذا حدث؟!
- لا أدري يا سيدي المحقق ما الذي حدث بالتحديد ولكن
كل ما أعلمه أنني استيقظت من نومي
و لم أجد زوجي بجانبي وكل أشيائه في مكانها, مفاتيح
سيارته كما تركها وحذائه بجانب الفراش وملابسه
التي نام فيها ملقية أسفل الفراش بجانب حذائه.
حتى هاتفه النقال هنا بجانب السرير
وكل الأبواب مغلقة وكل المفاتيح بالداخل ولا توجد أي علامة
على أنه خرج من المنزل ... فقط اختفى بدون أي أثر.
- كما قلتي ... فقد بحثنا عنه في كل مكان ,
وكل الأدلة تثبت أنه لم يخرج من المنزل ... فقط اختفى ؟!
ولكن هذا صعب التصديق.
ولكن أخبريني كيف كان في الأيام الأخيرة ؟!
فتقاريرنا تشير على أنه أدخل المستشفى؟!
- إذا وجدت اختفائه هذا غريب
فما أنت على وشك سماعه سيكون أغرب ...
جهشت الزوجة بالبكاء وهي تتذكر ما حدث.
- لقد كان زوجي رجلً رائعً بمعنى الكلمة
ولا أقول ذالك لأنه اختفى بل لأنه لن يختفي من قلبي أبداً .
كنا حينها أمام الشاطئ في العاشر من شهر مايو/ أيار مع بداية رحيل الربيع
ودخول الصيف القاسي بعد أن تناولنا العشاء في أحد المطاعم القريبة
من البحر ومشينا كثيرً ونحن ندفع عربة مولدتنا الصغيرة.
جلسنا على أحد الكراسي ننظر للقمر وهو قريبُ من الإكتمال
وكنا نتحدث ونضحك وحينها قاطعني
وقال: إن القمر هذا شهد الكثير من الأحداث في كل مرةٍ يطل بها على الأرض ...
إن القمر شاهدُ على أشياء كثيرة.
لقد كان زوجي شاعري في بعضٍ الأحيان ويحب الخروج عن المألوف
وحينها فقط حدث شيءُ خارجُ عن كل مألوفٍ لي وله.
الفصل الثاني
الميلان للسقوط
الميلان للسقوط
وفضول البحر الذي يتمنى اكتمال القمر على مياههِ يسكن في هدوء ,
وضوء القمر يبدوا كالسهمِ الأبيض في تلك المياه السوداء .
ذالك السهم المغرور يبدوا كما لو أنه يتجه نحونا
نحن فقط تلك العائلة الصغيرة.
ومع الظلمة أشار زوجي إلى الأعلى
وإذا بي أرى مطراً من الشهب
الحمراء والزرقاء والزمردية تتساقط وتنهال من جانب القمر ...
ومع ذالك السكون وصوت الأمواج طغت عليَ عادتي ونظرتُ لوجه زوجي
فقد كانت عيناه تشع بتلك الشهب.
يبدوا أن تلك العادة أنجتني تلك العادة التي تجعلني أنظر لأوجه الناس
حينما يكون هناك شيءُ غريب أو جميلُ يحدث.
استمرت الشهب لعشرِ ثوانٍ تقريباً ثم سقط زوجي
وانا انظر إليه وهو يسقط وعيناهُ مفتوحتان على جنبه الأيمن ,
لم ترمش عيناه ولم ينبس ببنت شفة رغم قوة السقوط.
قمت مسرعةً أحركه وأسأله ما إذا كان بخير ولكنه لم يرد ...
ويبدوا أن صوتي كان عالياً جداً من الخوف فسمعني احد المارة وهرع إلينا.
- ماذا حدث!
- لا أدري فقط سقط وهو لا يتكلم!
رفعه الرجل الغريب وإذا به ينظر للرجل باستغراب
وينظر لي وقال: ما بكم مفزوعين؟
وحينما عدنا للمنزل لم يذكر مطلقاً سقوطه ...
فقط يذكر تلك الشهب وحينما يذكرها تبدأ عيناه بالدموع
ولكن حتى دموعه تخرج مائلة حتى تصل لشحمة أذنه ...
حتى مع أنه كان واقفً.
وهكذا بدأت تتغير عاداته فقد أصبح ينام على حافة الفراش
وحينما أسأله لماذا يقول أنه لا يستطيعُ النوم إلا هنا ...
وبعدها بدأ يمشي بجانب الجدار ولا يحب المشي في الأماكن المفتوحة...
حتى أنه كان لا يشرب الماء إلا وهو مميلُ رأسه على جهةِ اليمين
حتى أكله أصبح غريباً جداً ... يقوم في منتصف الليل وعيناهُ تنهمر بالدموع المائلة ,
حتى أن ملابسه أصبح يلبسها مقلوبة.
وحينها بدأت أشعر بالخوف فجلست وتحدثت معه
أريد منه أن يخبرني ولكنه لا يتذكر أنه يقوم بهذه الأمور
وأنه يعتذر بشدة ... نعم فقد كانت تصرفاته تبدأ مع الساعة العاشرة من كل يوم
واستمر الحال هكذا ولم أخبر أحداً لمدة سنةٍ كاملة
لأنه قد يفقد عمله وثقة الناس به فلم أرد المخاطرة ,
فقد ترحل هذه الغرابة عنه أو أياً كانت.
وفي العاشر من مايو / أيار وعند الساعة العاشرة في السنةِ الثانية
سمعتُ صرخةً قوية بينما كنت في المطبخ ...
وهرعتُ لمصدر الصرخة التي علمتُ أنها صرخةَ زوجي
وإذا به يجلس في النافذة ويرطمُ رأسه بالحديد وعيناه تدمع مائلة
وهو يقول: أريد الأزرق , أريد الأحمر , أريد الزمردي ... أين هم أريد معهم.
قمت بسحبه ... ولا أدري من أين أتتني تلك القوة ووضعته على الفراش
بجانب الحافة وقمت بتغطيته جيداً واتصلت على أخي.
حينما أتي أخي جعلته ينام في غرفة الضيوف تحسباً
لأي طارئ لم أكن أعرف ما الذي يجب أن نفعله فأخذنا له إجازة من عمله
بحجة المرض وكنا ننوي أخذه لأحد الأطباء النفسانيين.
وفي منتصف الليل استيقظت ابحث عنه فلم أجده
بجانبي فناديته ولم يجب فخرجت ابحث عنه في المنزل وإذا بباب المنزل مفتوح.
أيقظتُ أخي وخرج يبحث عنه ولكننا لم نجده ,
بحثنا عنه عند أهله وأصدقائه ولم نجده أيضاً.
مر نصف يوم ولكنه لم يظهر بعد , وحينها أخبرتُ أخي بالقصة
فاستعجب القصة فقال سأذهب لتفقد السطح ,
وفعلاً كان نائماً في السطح بجانب الحافة على ارتفاع ثلاثة طوابق.
أدخلناه بعدها المستشفى ومكث هناك يأخذ الأدوية وبدأت أشعر أنه بخير
ولكنه لا يكتفي بالبكاء ولا تكتفي تلك الدموع المائلة بالرحيل.
وفي تلك الليلة وحينما عاد من المستشفى
واستيقظنا في الصباح لم نجده.... لقد اختفى نهائياً من غير أي أثر.
الفصل الثالث
بعد مئةِ عام
بعد مئةِ عام
في الساعة العاشرة مساءاً ...
رأت تلك الفتاة التي تعيش ربيعها 12 مطر الشهب
الزرقاء والحمراء والزمردية والتي استمرت لعشر ثوانٍ تقريباً.
ومنذ ذالك الحين وتلك الفتاة تدرس الفلك والشهب
واستثمرت ثروة أهلها للبحث عنها.
منذ أن أنهت دراستها وهي في الثامنة عشر من عمرها
وهي تبحث بلا كلل ولا ملل عن تلك الشهب ,
التي لم تذكرها أي الكتب ولم تتم مشاهدتها من قبل أي أحد ...
بحثت عنها حتى وجدتها بعد عشر سنوات
في قلب صحراء الربع الخالي وبجانبها جثةُ رجلٍ تبدوا على وجههِ أثر السعادة ...
تلك الجثة لم تكن مهترئة بل كانت بكل صحتها كما لو أنه مات قبل بضع ثواني.
وبعد تحليل الجثة وجدوا أنها محنطة وأن عمر الجثة أكثر من مئة عام.