هاتف من الجن طلب مني ذبح والدي فذبحته..وضميري تعبني فسلمت نفسي”، هذا نص اعتراف زكريا لطفي إمام 30 سنة، القهوجي الذي قام بقتل والده المسن، الذي تجاوز الثمانين من عمره.
وأضاف الابن القاتل: والدي رجل كبير بلغ من العمر أرذله وعاش 81 عاما، ليموت بيدي هذه، وكان يحتضنني منذ وفاة والدتي وأنا صغير، وكنت أعيش معه ولم يكن يرفض لي أي طلب، لأنني ابنه الوحيد ولكن ضيق ذات اليد والحال وعمل أبي البسيط “عامل بوفيه بالأزهر الشريف”، اضطرني لعدم اكتمال تعليمي، فخرجت من knifeالمدرسة في سن مبكرة، قبل أن أتم دراستي الإعدادية، وبدأ أبي يبحث لي عن عمل فتركت المدرسة وعملت منذ طفولتي بأشغال مختلفة، حتى استقر بي المطاف لأعمل بأحد المقاهي بالمنطقة التي أقيم بها بأرض الجمعية بإمبابة، وقمت بالعمل بالمقهى “قهوجي”، ومرت الأيام، وكان والدي كل يوم يزداد وهنا وضعفا.
ويضيف المتهم: “في مساء ليلة كنت جالسا بمفردي أفكر في حالنا، وأحسست بهاتف يتحدث إلي، ففزعت منه، وظل يراودني ويطاردني هذا الهاتف في بيتي وعملي، وكنت أسمعه في كل مكان، حتى وأنا أتحدث مع أبي وهو يأمرني بقتل والدي المسن.
ويستطرد: “ذهبت ذات مرة لأنام في حضن والدي ليطمئن قلبي ويستشعر قلبي حبه ولكن الهاتف لم يتركني لعدة أيام، وكان يعلو صوته في أذني يوما بعد يوم، وكنت أسال والدي هل تسمع أحد يتحدث؟ فينفي.. فألتزم الصمت وجاهدت نفسي لعل الهاتف يتركني وشأني ولكن الصوت ملأ مسامعي حتى أصبحت خائفا من كل شيء وأصبحت تائها في الدنيا، ومغيبا عن الواقع لا أدري ماذا أفعل ؟!”.
وتابع: “اسودت الدنيا في وجهي ويئست من حالي وكرهت نفسي ..فكرت في العلاج ولكن كيف؟! طافت ببالي فكرة الدجل والشعوذة كما أخبرني أصدقائي، فذهبت للعديد من الدجالين ليصرفوا عني شر ما أسمع، إلا أنهم لم يستطيعوا، لأن الجان الذي مسني كان أقوى منهم ومني، وعرضت نفسي على مشايخ وعلماء، ولكنهم لم يريحوني أو يذهبوا عني همي”.
استيقظت ذات مرة من النوم لأجد والدي جالسا في غرفته فسلمت عليه وتوجهت إلى عملي، ولكن هذه المرة كان “الوسواس والهاتف” أقوى من كل مرة، استمر معي منذ الصباح حتى آخر اليوم، لدرجة أنني لم أتمكن من استكمال عملي وعدت للبيت بسرعة وقمت وأحضرت كوبا من الشاي، وتوجهت لأصلي العشاء وجاءني أثناء صلاتي شبحا، وأمسك بي وهزني وقال بصوت مفزع: “اقتل أبوك الآن وتخلص منه وأنا هسيبك في حالك، وإذا لم تقتله سأقتلك”، وظل يرددها حتى انتهيت من صلاتي لأجد نفسي متوجها لمطبخ الشقة، وأحضرت سكينا وتوجهت في خطوات بطيئة إلى غرفه أبي، لأجده مستغرقا في النوم، فتقدمت حتى وقفت أمامه ولم أشعر بنفسي إلا حينما طعنته في ظهره ولكن السكين كسرت مني، فاستيقظ أبي مذعورا، لا يدري ما أصابه، توجهت مسرعا لإحضار سكين آخر، كان أبي يضعه تحت سريره، وأخذتها وقمت بطعنه بها في وجهه، لم أدر ماذا أفعل، فقد قمت بذبحه وفصل جسده عن رأسه تماما، ولم يستطع مقاومتي بسبب ضعفه”.
“جلست بناحية الغرفة أتأمل أبي الذي قتلته بيدي، ثم قررت السفر لكي أنسى ما حدث، وأهرب من أيدي رجال الأمن، فتوجهت إلى مدينة السويس، وقمت بالعمل هناك في إحدى المقاهي، وذلك بعد أن أخبرت صاحبها بأنني مغترب، ولا أملك قوت يومي، فوافق أن أعمل لديه، وطالبته بأن يسمح لي بأن أبيت في القهوة بعد الانتهاء من الوردية، فوافق”.
عملت معه ما يقرب من ثلاثة أيام ولكن “الهاتف” عاد لي مرة أخرى، ولم يتركني وكان نداءه مؤلما، إذ إنه كان يذكرني دائما بذنبي الذي ارتكبته، فلم أتحمل هذا الوسواس القهري الذي أكد لي المشايخ والمعالجون، بأنه ملك من ملوك الجن، فقررت العودة إلى القاهرة وسلمت نفسي للشرطة بمديرية أمن الجيزة، في تمام الرابعة فجرا، واعترفت بجريمتي تفصيليا أمام أفراد الشرطة، فلم يصدقني أحد في بداية الأمر وبعد إصراري تم احتجازي بالقسم، حتى خرجت قوة من القسم للبحث عن صحة أقوالي، وتفقد المنزل الذي كنت أقيم به مع والدي، وعثروا بالفعل على جثته، وتم تحرير محضر ضدي وعرضي على النيابة التي أمرت بحبسي أربعة أيام على ذمة التحقيقات.
وفي نهاية حديثه صاح باكيا: “أتمنى أن أموت بدلا من المرة ألف مرة، فأنا لا أصدق نفسي، كيف فعلت هذا دون إرادتي؟ ومن هؤلاء الذين يطاردونني كل لحظة؟”.