بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد خاتم الأنبياءوالمرسلين وعلى صحبه اجميعين وبعد
من تعاريف الغضب: أنه ثورة النفس التي تحمل صاحبها على البطش والانتقام.
الآن، تحليل هذا الحديث: بادئ ذي بدء من أخلاق المسلم ؛ الحلم، والحياء، والتواضع، والتودد، والاحتمال، وكفُّ الأذى، والصبر، وكل هذه الصفات تتناقض
مع الغضب، من أخلاق المسلم، تقول: ذهب. معنى ذهب، أي يقاوم كل الأعراض من حموضة، من تأثيرات كيماوية، لأنه ذهب، أما لو كان معدن رخيص
مطلي بلون الذهب، ضعه في الماء أو في محلول حامضي، يطلع تنك، فإذا قلت مسلم، أي حليم، كيف أن صفات الذهب الثابتة أنه لا يصدأ، ولا يتأثر
بالحموض، صنعوا ألماس صناعي، بلغ درجة من الاتقان درجة عالية جداً، حتى أن الخبراء وحدهم هم الذين يفرِّقون بين الألماس الصناعي، والطبيعي، ومع
ذلك لو أن امرأةً استعملت هذا الخاتم في الأعمال المنزلية، لانطفأ بريق هذا الألماس بعد حين، إذاً في فرق، إذا قلنا ألماس لا ينطفئ بريقه، إذا قلنا ذهب لا
يصدأ، ولا يتأثر بالحموضة، ولا يضعف بريقه أبداً، هذا معنى ذهب.
أما مسلم، معنى مسلم، فلان مؤمن، أي حليم، إذا قلت الذهب معدن ثمين، والذهب لا يصدأ، والذهب لا يتغيَّر لونه، والذهب لا يتأثر بالحموض، والألماس لا
ينطفئ بريقه، هذه صفات ثابتة في هذه المعادن، كذلك المسلم، إذا قلت مسلم أو مؤمن قولاً واحدا هو الحليم، الحيي، المتواضع، المتودد للناس، الذي يحتمل،
والذي يكفُّ الأذى عن الناس، والذي يعفو عن المقدرة، والذي يصبر عند الشدائد، وكل هذه الصفات تتناقض أصلاً مع الغضب، كل هذه الصفات.
شيء آخر: هذا الصحابي الثاني الذي اشتاق إلى الجنة، وطلب الطريق إليها، فقال عليه الصلاة والسلام: لا تغضب. أي أن عدم الغضب من أخلاق النبوة، عدم
الغضب من أخلاق القرآن، كان خُلُقه القرآن..
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ ﴾ ( سورة المزمل )
﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ ( سورة فصلت )
﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ﴾ ( سورة المؤمنون: من آية " 96 " )
هذه آيات قرآنية كلها، أخلاق القرآن ؛ عدم الغضب، أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام ؛ أحدهم قال له: اعدل يا محمد. فتبسم عليه الصلاة والسلام، قال:
(( ويحك من يعدل إن لم أعدل ))
واحد جذب النبي من ردائه حتى علَّم على رقبته الشريفة، فابتسم وقال: دعوه. فأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام عدم الغضب، أخلاق القرآن عدم الغضب،
أخلاق الإيمان عدم الغضب، فالإنسان إذا أصبح حليماً طبعاً وسجية لا تكلفاً، فقد ارتفع إلى مستوى الإيمان، في بدايات طريق الإيمان، إنما الحلم بالتحلُّم ؛
الإنسان يحتمل، من الداخل يغلي غليان، ولكنه من الخارج يضبط أعصابه، هذه في البدايات، لكن بعد مرحلة متطورة في الإيمان، المؤمن يشعر كأنه بحر
عميق، كأنه جبل راسخ، كأنه باخرة عظيمة، هذه الأمواج السطحية لا تؤثر فيها إطلاقاً،
أما القارب الصغير سريعاً ما يتأرجح لأدني موجة، أما السفينة العظيمة راسخة في مياه البحر، شامخة.
المعنى الثالث: لا تغضب، إياك أن تعطي نفسك ما تشتهي، أحياناً الإنسان يشتهي يحطِّم خصمه، يشتهي يكيل له الصاع عشرة، يشتهي مزقه، يشتهي ينهش
بعرضه، الإنسان البعيد هكذا يشتهي، كلمة: لا تغضب، لا تستجب لدواعي الغضب , لا تستجب لنزوات النفس، لا تجعل نفسك قائداً لك، اجعل نفسك وفق
الحق، ربنا عز وجل قال:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)﴾ ( سورة آل عمران )
الكاظمين الغيظ هذه درجة، من الداخل في غليان، من الخارج في كظم، الدرجة الأعلى والعافين عن الناس،
من الداخل في مسامحة، الأعلى من هذا وذاك، أنه يحسن لمن أساء إليه..
﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)﴾
لكن الله يحب أن تواجه المسيء بالإحسان، الإمام أحمد من حديث عبد بالله بن عمر رضي الله عنه، سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال:
يا رسول الله ما الذي يباعدني من غضب الله عز وجل ؟ قال:
(( لا تغضب ))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد خاتم الأنبياءوالمرسلين وعلى صحبه اجميعين وبعد
من تعاريف الغضب: أنه ثورة النفس التي تحمل صاحبها على البطش والانتقام.
الآن، تحليل هذا الحديث: بادئ ذي بدء من أخلاق المسلم ؛ الحلم، والحياء، والتواضع، والتودد، والاحتمال، وكفُّ الأذى، والصبر، وكل هذه الصفات تتناقض
مع الغضب، من أخلاق المسلم، تقول: ذهب. معنى ذهب، أي يقاوم كل الأعراض من حموضة، من تأثيرات كيماوية، لأنه ذهب، أما لو كان معدن رخيص
مطلي بلون الذهب، ضعه في الماء أو في محلول حامضي، يطلع تنك، فإذا قلت مسلم، أي حليم، كيف أن صفات الذهب الثابتة أنه لا يصدأ، ولا يتأثر
بالحموض، صنعوا ألماس صناعي، بلغ درجة من الاتقان درجة عالية جداً، حتى أن الخبراء وحدهم هم الذين يفرِّقون بين الألماس الصناعي، والطبيعي، ومع
ذلك لو أن امرأةً استعملت هذا الخاتم في الأعمال المنزلية، لانطفأ بريق هذا الألماس بعد حين، إذاً في فرق، إذا قلنا ألماس لا ينطفئ بريقه، إذا قلنا ذهب لا
يصدأ، ولا يتأثر بالحموضة، ولا يضعف بريقه أبداً، هذا معنى ذهب.
أما مسلم، معنى مسلم، فلان مؤمن، أي حليم، إذا قلت الذهب معدن ثمين، والذهب لا يصدأ، والذهب لا يتغيَّر لونه، والذهب لا يتأثر بالحموض، والألماس لا
ينطفئ بريقه، هذه صفات ثابتة في هذه المعادن، كذلك المسلم، إذا قلت مسلم أو مؤمن قولاً واحدا هو الحليم، الحيي، المتواضع، المتودد للناس، الذي يحتمل،
والذي يكفُّ الأذى عن الناس، والذي يعفو عن المقدرة، والذي يصبر عند الشدائد، وكل هذه الصفات تتناقض أصلاً مع الغضب، كل هذه الصفات.
شيء آخر: هذا الصحابي الثاني الذي اشتاق إلى الجنة، وطلب الطريق إليها، فقال عليه الصلاة والسلام: لا تغضب. أي أن عدم الغضب من أخلاق النبوة، عدم
الغضب من أخلاق القرآن، كان خُلُقه القرآن..
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ ﴾ ( سورة المزمل )
﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ ( سورة فصلت )
﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ﴾ ( سورة المؤمنون: من آية " 96 " )
هذه آيات قرآنية كلها، أخلاق القرآن ؛ عدم الغضب، أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام ؛ أحدهم قال له: اعدل يا محمد. فتبسم عليه الصلاة والسلام، قال:
(( ويحك من يعدل إن لم أعدل ))
واحد جذب النبي من ردائه حتى علَّم على رقبته الشريفة، فابتسم وقال: دعوه. فأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام عدم الغضب، أخلاق القرآن عدم الغضب،
أخلاق الإيمان عدم الغضب، فالإنسان إذا أصبح حليماً طبعاً وسجية لا تكلفاً، فقد ارتفع إلى مستوى الإيمان، في بدايات طريق الإيمان، إنما الحلم بالتحلُّم ؛
الإنسان يحتمل، من الداخل يغلي غليان، ولكنه من الخارج يضبط أعصابه، هذه في البدايات، لكن بعد مرحلة متطورة في الإيمان، المؤمن يشعر كأنه بحر
عميق، كأنه جبل راسخ، كأنه باخرة عظيمة، هذه الأمواج السطحية لا تؤثر فيها إطلاقاً،
أما القارب الصغير سريعاً ما يتأرجح لأدني موجة، أما السفينة العظيمة راسخة في مياه البحر، شامخة.
المعنى الثالث: لا تغضب، إياك أن تعطي نفسك ما تشتهي، أحياناً الإنسان يشتهي يحطِّم خصمه، يشتهي يكيل له الصاع عشرة، يشتهي مزقه، يشتهي ينهش
بعرضه، الإنسان البعيد هكذا يشتهي، كلمة: لا تغضب، لا تستجب لدواعي الغضب , لا تستجب لنزوات النفس، لا تجعل نفسك قائداً لك، اجعل نفسك وفق
الحق، ربنا عز وجل قال:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)﴾ ( سورة آل عمران )
الكاظمين الغيظ هذه درجة، من الداخل في غليان، من الخارج في كظم، الدرجة الأعلى والعافين عن الناس،
من الداخل في مسامحة، الأعلى من هذا وذاك، أنه يحسن لمن أساء إليه..
﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)﴾
لكن الله يحب أن تواجه المسيء بالإحسان، الإمام أحمد من حديث عبد بالله بن عمر رضي الله عنه، سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال:
يا رسول الله ما الذي يباعدني من غضب الله عز وجل ؟ قال:
(( لا تغضب ))