قال الإمام ابن القيم رحمه الله وللصبر أنواع ثلاثة هي :
1- الصبر على طاعة الله تعالى.
2- الصبر عن معصية الله تعالى.
3- الصبر على أقدار الله تعالى.
إذاً فعل الطاعات وترك الذنوب والمعاصي لابد له من الصبر على ذلك فقد قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ] [البقرة: 153]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الصبر ضياء» (رواه مسلم) وقال تعالى: [وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ] [العنكبوت: 69].
إذاً هذه الدنيا الفانية فيها من الذنوب والمعاصي والإنسان محاسب عليها قال تعالى: [وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ] [الانفطار: 10-11] وقال تعالى: [مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ] {ق:18}.
فإن للذنوب والمعاصي آثاراً على الفرد والمجتمع فنذكر بعضاً منه ا:
1- تضعف تعظيمه للرب جل وعلا : قال سبحانه وتعالى: [ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ] {الحج:32}.
2- تضييق الرزق والمعيشة على الفرد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه» ( رواه الإمام أحمد في مسنده) . وقال وهيب بن الورد رحمه الله: (لا يجد طعم العبادة من عصى الله ولا من همّ بمعصيته). وقال أبو سليمان الدارني رحمه الله: (أني أعصي الله فأعرف ذلك في خُلق دابتي وزوجتي).
3- حرمان العلم الشرعي: قال تعالى: [وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ] [البقرة: 282] كان الإمام الشافعي رحمه الله يحفظ جيداً فقل حفظه عن ما كان عليه فذهب إلى شيخه وكيع ابن الجراح رحمه الله يشتكيه فقال الشافعي :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يؤتى لعاصي
4- تورث الوحشة في القلب وتضيّق الصدر: قال تعالى: [وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى] [طه: 124]، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله قوله (ضنكا) إنها تدل على أن: (حرف (ض) الضيق وحرف (ن) النكد وحرف (ك) الكدر).
5- قسوة القلب وجفاء العين: قال تعالى: [كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] {المطَّففين:14} الران هو الذنوب والمعاصي.
6- الذل والمهانة في الدنيا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «جُعل الذِّل والصغـار على من خالف أمري»( رواه الإمام أحمد في مسنده) .
7- سبب في عذاب القبر وفي عذاب الآخرة: عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على قبرين فقال : «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما لا يستبرئ من البول وأما الآخر يمشي بالنميمة ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فغرز على كل قبر واحدة قالوا يا رسول الله لمَ فعلت هذا؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا».( رواه البخاري ) .
8- سبب في زوال النعمة والأمن والأمان: قال تعالى : [الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ] {الأنعام
2}. فقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: (الظلم هنا الشرك) ( رواه البخاري )ويدخل في ظلم النفس ارتكاب الذنوب والمعاصي.
9- سبب في الخسف والمسخ والقذف: عن عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي r: «يكون في آخر الأمة خسف ومسخ وقذف» فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال: «نعم إذا كثر الخبث». (رواه الترمذي في كتاب الفتن باب ما جاء في الخسف وصححه الألباني) .
الخبث: الذنوب والمعاصي. المسخ: قلب الخلقة إلى خلقة أخرى.
10- تسليط الأعداء: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالحياة الدنيا وتركتم الجهاد في سبيل الله سلَّط الله عليكم ذُلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم». (رواه الإمام أحمد وأبو داوود والبزار وأبو يعلى وصححه الألباني) .
أذناب البقر: انشغال بالحرث والزرع. العينة: نوع من أنواع الربا.
11- سبب في قتال المسلمين فيما بينهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسَّنة فأعطانيها وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها»( رواه مسلم ). السَّنة: جذب أو قحط الأرض.
12- سبب في نزول العقوبات على الفرد والمجتمع : قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه : (ما نزلت عقوبة إلا بذنب وما رُفعت إلا بتوبة).
نسأل الله العلي القدير أن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ويتقبَّل منَّا توبتنا ويرحمنا برحمته وأن يجعل مصيرنا دار كرامته وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته