أسرار آياتُ الحِرْز (القَصَبَة)
أهلاً بك في موضوعــــــــي
قلت: وَهَذِهِ إِحْدَى الآيَاتِ التي لَها فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ لِلْخَوْفِ وَالفَزَعِ مِنْ قُطَّاعِ الطَّريقِ وَغيرِهِم.
هَذِهِ الآيَاتُ تُسَمَّى: "آيَاتُ الحِرْزِ"، وَفِيْهِا شِفَاءٌ مِنْ مِائَةِ دَاءٍ وَأكْثَر ، مِنْها : الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالفَالِجُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَمَعْنَى قَولُهُم: "آياتُ القَصَبَةِ" هُوَ مَا رُوِيَ عَنْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الذي قَرَأَهُنَّ فِي الرِّفْقَةِ، وَبَاتَ فِي الظَّلامِ، كُلَّمَا جَاؤُهُم وَجَدُوا عَلَيْهِمْ قَصَبَةً مِنْ حَدِيدٍ، وَلا يَجِدُون لهَا بَابَاً.
قَالَ أحَدُ الصَّالِحِيْنَ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ سِيرِين:نَزَلْنَا فِي بَعْضِ الأَسْفَارِ بِنَهْرِ تِيْرَى فَأَتَانَا قَومٌ فقَالَوا لنَا: كُلُّ مَنْ نَزَلَ فِي هَذا الْمَوْضِعِ قُتِلَ وَنُهِبَ مَتَاعُهُ، أَوْ سُرِقَ، فَرَحَلَ جميعُ أصْحَابِي مِنَ الْخَوْفِ، فَتَخَلَّفْتُ أنَا لِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ ثَلاثَاً وَثَلاثِينَ آيَةً مِنْ كتَابِ اللهِ تَعَالى لَمْ يَضُرُّهُ فِي تِلْكَ الليْلَةِ سَبْعٌ ضَارٍ وَلاَ لِصٌّ عَادٍ وَعُوفِي فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ حَتّى يُصْبِحَ " فَلَمّا أَنْ أَمْسَيْتُ قَرَأتُها، فَلَمْ أَنَمْ حَتَّى رَأَيْتُ جَمَاعَةً قَدْ جَاءُونِي بِسُيُوفٍ يَدْنُونَ مِنِّي فَلَمْ يَصِلُوا إِلَيَّ، فَلَمّا أَصْبَحْتُ رَحَلْتُ، فَجَاءَنِي مِنْهُمْ شَيْخٌ رَاكِبٌ علَى فَرَسٍ وَمَعَهُ قَوسٌ عَرَبِيَّةٌ، وَقَالَ لِي يَا هَذا! إِنْسِيٌّ أَنْتَ أَمْ جِنِّيٌّ؟ فَقُلْتُ بَلْ إِنْسِيٌّ مِنْ بَنِي آدَمَ! فقَالَ: مَا بَالُكَ قَدْ أَتَيْنَاكَ فِي هَذِهِ الليْلةِ أكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً نُرِيدُ نَقْتُلُكَ وَنَأْخُذُ مَتَاعَكَ فَيُحَالُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ بِسُورٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَتَعَجَّبْنَا مِنْ ذَلِكَ،فَقُلْتُ لَهُ:حَدَّثَنِي ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ ثلاثاً وَثلاثين آيةً من كتاب الله تَعَالى فِي ليلة لم يَضُره سَبْعٌ ضَارٍ وَلاَ لِصٌّ عَادٍ وَيَكُونُ فِي أَمَانِ اللهِ تَعَالى إلى الصَّبَاح».
فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنِّي نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَكسَرَ قَوْسَهُ وَقَبَّلَ رَأْسِي وَأعْطَى اللهَ عَهْدَاً أنْ لاَ يَعُودَ أَبَداً إلى مَا كَانَ فِيهِ مِنَ السَّرِقَةِ وَقطْعِ الطّريِق وَهذِه الآيَاتُ الْمَذكُورَةُ: "خَمْسُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ البَقَرةِ إلى ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾. وَآيةُ الكُرْسِيّ، وَآيَتَانِ بَعْدَهَا إلى قَولِهِ ﴿خَالِدُونَ﴾، ﴿اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ * لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللَّهُ وَلِيُّ الذين آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ وَالذين كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. وَثلاثُ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ البَقَرَة: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) أَمِنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذين مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.
وَثلاثٌ منَ الأعْراف: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الذي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
وَآخِرُ الإسْرَاءِ: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيَّاً مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً﴾.
وَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفَّاً (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظَاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إلى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ﴾. وَآيتان من سُوْرَةِ الرَّحْمَنِ، ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ﴾. ([1])
وَأربعُ آياتٍ منْ آخِرِ الْحَشْرِ: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الذي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الذي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيَمُ﴾.
وَمَنْ سُوْرَةِ الْجِنِّ: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَناً عَجَباً (1) يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2) وَأَنَّهُ تَعَالى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً﴾.
وَيُقَالُ أنَّ فيها شِفَاءٌ مِنْ مِئَةِ دَاءٍ، مثلُ: الْجُذَامِ وَالبَرَصِ، وَمَنَافِعُهَا لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى.
وأنَّها إنْ تُلِيَتْ علَى مَرِيضٍ لَم يَحضُرْ أجَلُهُ لاَ بُدَّ أنْ يَشْفِيَهُ اللهُ، وَإنْ حَضَر أَجَلُهُ فإنَّ اللهَ تَعَالى يَحْفَظُ جِسْمَهُ مِنْ أَكْلِ التُّرَابِ وإنْ مَاتَ لَم تَعُدْ الأرضُ علَى جَسَدِهِ. وَهَذَا مِنْ أَغْرَبِ العَجَائِبِ التي مِنْ فَضْلِ اللهِ.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قرأتُها علَى شَيْخ قد أُفْلِجَ فأذهب الله عَنْه ذَلِكَ ببِرَكَتِها وَهِيَ حِجَابٌ عَظِيمٌ، وَحِرْزٌ جَسِيمٌ، وَمَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ جَبَّارٍ أَمِنَ مِنَ شَرِّهِ.
قلت: وَلا يَنْبَغِي لِذِي بِدَاياتٍ، وَلا لِذِي نِهايَاتٍ يَتَفَضَّلُ اللهُ عَلَيْهِ بِها، وَيَتْرُكُها لِمَا فِيهَا مِنَ الفَضْلِ، وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ فإِنِّي قد أَعْطَيتُ الإذْنَ لِمَنْ وَقَفَ عَلَيها فِي كِتَابي يَسْتَعْمِلُها، وَلاَ يَنْسَانِي مِنْ صَالِحِ دُعَائِهِ عِنْدَ قِرَاءَتِها وَيَنْوِي دُخُولِي مَعَهُ فِي بَرَكَتِها وَحِرْزِها عِنْدَ تِلاوَتِها كَمَا أَمَرنِي شَيْخُنا بذَلِكَ وَوَجَدْتُ لَهُ بَرَكَةً عَظِيمَةً.
قَالَ بعضُ العَارِفين: وَيَنْبَغِي أنْ يُضَافَ إلَيْها هَذِهِ الآيَاتِ أيْضَاً وَهِيَ قَولُهُ تَعَالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾. وَأوّلُ سِتِّ آياتٍ مِنْ سُوْرَةِ الحدِيدِ إلى قَولِهِ: ﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)هُوَ الذي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإلى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
وَآخرُ سُوْرَةِ التَّوبَةِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾.
إلى آخِرِها هَكذَا فِي مُجَرَّبَاتِ الدِّيْربِي رَضِيَ اللهُ عَنْه.
أهلاً بك في موضوعــــــــي
قلت: وَهَذِهِ إِحْدَى الآيَاتِ التي لَها فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ لِلْخَوْفِ وَالفَزَعِ مِنْ قُطَّاعِ الطَّريقِ وَغيرِهِم.
هَذِهِ الآيَاتُ تُسَمَّى: "آيَاتُ الحِرْزِ"، وَفِيْهِا شِفَاءٌ مِنْ مِائَةِ دَاءٍ وَأكْثَر ، مِنْها : الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالفَالِجُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَمَعْنَى قَولُهُم: "آياتُ القَصَبَةِ" هُوَ مَا رُوِيَ عَنْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الذي قَرَأَهُنَّ فِي الرِّفْقَةِ، وَبَاتَ فِي الظَّلامِ، كُلَّمَا جَاؤُهُم وَجَدُوا عَلَيْهِمْ قَصَبَةً مِنْ حَدِيدٍ، وَلا يَجِدُون لهَا بَابَاً.
قَالَ أحَدُ الصَّالِحِيْنَ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ سِيرِين:نَزَلْنَا فِي بَعْضِ الأَسْفَارِ بِنَهْرِ تِيْرَى فَأَتَانَا قَومٌ فقَالَوا لنَا: كُلُّ مَنْ نَزَلَ فِي هَذا الْمَوْضِعِ قُتِلَ وَنُهِبَ مَتَاعُهُ، أَوْ سُرِقَ، فَرَحَلَ جميعُ أصْحَابِي مِنَ الْخَوْفِ، فَتَخَلَّفْتُ أنَا لِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ ثَلاثَاً وَثَلاثِينَ آيَةً مِنْ كتَابِ اللهِ تَعَالى لَمْ يَضُرُّهُ فِي تِلْكَ الليْلَةِ سَبْعٌ ضَارٍ وَلاَ لِصٌّ عَادٍ وَعُوفِي فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ حَتّى يُصْبِحَ " فَلَمّا أَنْ أَمْسَيْتُ قَرَأتُها، فَلَمْ أَنَمْ حَتَّى رَأَيْتُ جَمَاعَةً قَدْ جَاءُونِي بِسُيُوفٍ يَدْنُونَ مِنِّي فَلَمْ يَصِلُوا إِلَيَّ، فَلَمّا أَصْبَحْتُ رَحَلْتُ، فَجَاءَنِي مِنْهُمْ شَيْخٌ رَاكِبٌ علَى فَرَسٍ وَمَعَهُ قَوسٌ عَرَبِيَّةٌ، وَقَالَ لِي يَا هَذا! إِنْسِيٌّ أَنْتَ أَمْ جِنِّيٌّ؟ فَقُلْتُ بَلْ إِنْسِيٌّ مِنْ بَنِي آدَمَ! فقَالَ: مَا بَالُكَ قَدْ أَتَيْنَاكَ فِي هَذِهِ الليْلةِ أكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً نُرِيدُ نَقْتُلُكَ وَنَأْخُذُ مَتَاعَكَ فَيُحَالُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ بِسُورٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَتَعَجَّبْنَا مِنْ ذَلِكَ،فَقُلْتُ لَهُ:حَدَّثَنِي ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ ثلاثاً وَثلاثين آيةً من كتاب الله تَعَالى فِي ليلة لم يَضُره سَبْعٌ ضَارٍ وَلاَ لِصٌّ عَادٍ وَيَكُونُ فِي أَمَانِ اللهِ تَعَالى إلى الصَّبَاح».
فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنِّي نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَكسَرَ قَوْسَهُ وَقَبَّلَ رَأْسِي وَأعْطَى اللهَ عَهْدَاً أنْ لاَ يَعُودَ أَبَداً إلى مَا كَانَ فِيهِ مِنَ السَّرِقَةِ وَقطْعِ الطّريِق وَهذِه الآيَاتُ الْمَذكُورَةُ: "خَمْسُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ البَقَرةِ إلى ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾. وَآيةُ الكُرْسِيّ، وَآيَتَانِ بَعْدَهَا إلى قَولِهِ ﴿خَالِدُونَ﴾، ﴿اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ * لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللَّهُ وَلِيُّ الذين آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ وَالذين كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. وَثلاثُ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ البَقَرَة: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) أَمِنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذين مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.
وَثلاثٌ منَ الأعْراف: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الذي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
وَآخِرُ الإسْرَاءِ: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيَّاً مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً﴾.
وَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفَّاً (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظَاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إلى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ﴾. وَآيتان من سُوْرَةِ الرَّحْمَنِ، ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ﴾. ([1])
وَأربعُ آياتٍ منْ آخِرِ الْحَشْرِ: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الذي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الذي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيَمُ﴾.
وَمَنْ سُوْرَةِ الْجِنِّ: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَناً عَجَباً (1) يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2) وَأَنَّهُ تَعَالى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً﴾.
وَيُقَالُ أنَّ فيها شِفَاءٌ مِنْ مِئَةِ دَاءٍ، مثلُ: الْجُذَامِ وَالبَرَصِ، وَمَنَافِعُهَا لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى.
وأنَّها إنْ تُلِيَتْ علَى مَرِيضٍ لَم يَحضُرْ أجَلُهُ لاَ بُدَّ أنْ يَشْفِيَهُ اللهُ، وَإنْ حَضَر أَجَلُهُ فإنَّ اللهَ تَعَالى يَحْفَظُ جِسْمَهُ مِنْ أَكْلِ التُّرَابِ وإنْ مَاتَ لَم تَعُدْ الأرضُ علَى جَسَدِهِ. وَهَذَا مِنْ أَغْرَبِ العَجَائِبِ التي مِنْ فَضْلِ اللهِ.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قرأتُها علَى شَيْخ قد أُفْلِجَ فأذهب الله عَنْه ذَلِكَ ببِرَكَتِها وَهِيَ حِجَابٌ عَظِيمٌ، وَحِرْزٌ جَسِيمٌ، وَمَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ جَبَّارٍ أَمِنَ مِنَ شَرِّهِ.
قلت: وَلا يَنْبَغِي لِذِي بِدَاياتٍ، وَلا لِذِي نِهايَاتٍ يَتَفَضَّلُ اللهُ عَلَيْهِ بِها، وَيَتْرُكُها لِمَا فِيهَا مِنَ الفَضْلِ، وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ فإِنِّي قد أَعْطَيتُ الإذْنَ لِمَنْ وَقَفَ عَلَيها فِي كِتَابي يَسْتَعْمِلُها، وَلاَ يَنْسَانِي مِنْ صَالِحِ دُعَائِهِ عِنْدَ قِرَاءَتِها وَيَنْوِي دُخُولِي مَعَهُ فِي بَرَكَتِها وَحِرْزِها عِنْدَ تِلاوَتِها كَمَا أَمَرنِي شَيْخُنا بذَلِكَ وَوَجَدْتُ لَهُ بَرَكَةً عَظِيمَةً.
قَالَ بعضُ العَارِفين: وَيَنْبَغِي أنْ يُضَافَ إلَيْها هَذِهِ الآيَاتِ أيْضَاً وَهِيَ قَولُهُ تَعَالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾. وَأوّلُ سِتِّ آياتٍ مِنْ سُوْرَةِ الحدِيدِ إلى قَولِهِ: ﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)هُوَ الذي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإلى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
وَآخرُ سُوْرَةِ التَّوبَةِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾.
إلى آخِرِها هَكذَا فِي مُجَرَّبَاتِ الدِّيْربِي رَضِيَ اللهُ عَنْه.