خواص سُوْرَةُ البَقَرَة وأسرارها ومنافعها
عَنْ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُوْرَةُ البَقَرَةِ ».
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سِنَاماً، وَإِنَّ سِنَامَ الْقُرْآنِ سُوْرَةُ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ فِي بَيْتِهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَاراً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «مَا خَلقَ اللهُ مِنْ سَمَاءٍ ولاَ أَرْضٍ، ولاَ سَهلٍ ولاَ جَبَلٍ أعْظَمَ مِنْ آيَةِ الكُرْسِيِّ، وإنَّ أجْمَعَ آيَةٍ فِي القُرآنِ لِحَلالِ وَحَرَامٍ وأَمْرٍ وَنَهْيٍ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.».
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ حَبِيبِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أتاني جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السلامُ فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سيداً وَسَيِّدُ البشر آدم وَسَيِّدُ وَلدِ آدَمَ أَنْتَ، وَسَيِّدُ الرُّومِ صُهَيْبٌ، وَسَيِّدُ فارسَ سلمانُ، وَسَيِّدُ الحبشة بلالٌ، وَسَيِّدُ الشجرِ السِّدرُ، وَسَيِّدُ الطَّيرِ النِّسْرُ، وَسَيِّدُ الشُّهُورِ رمضانُ، وَسَيِّدُ الأيامِ يومُ الْجُمُعَةِ، وَسَيِّدُ الكَلامِ العَرَبِيِّ، وَسَيِّدُ الكَلامِ العَرَبِيِّ الْقُرْآنُ، وَسَيِّدُ الْقُرْآنِ سُوْرَةُ البَقَرةِ، وَسَيِّدُ البَقَرةِ آيَةُ الكُرْسِيِّ، أَمَا إِنَّ فِيها خَمْسَ كَلِمَاتٍ، فِي كُلِّ كَلِمَةٍ خَمْسُونَ بَرَكَة».
وَمِنْ خَاصِّيَّتِها: أَنَّها تُكْتَبُ وَتُمْسَكُ لِرَفْعِ الأَوْجَاعِ، وَتُعَلَّقُ علَى الصِّبْيانِ لِدَفْعِ أَلَمِ الفِطَامِ، وَمَخَافَةِ الْجَانِّ، وَالْهَوَامِّ. وَتُكْتَبُ لِتَيْسِيرِ عَسِيرِ الرِّزْقِ.
وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَلَّمُوا سُوْرَةَ البَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلاَ يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ، وَهِىَ فُسْطَاطُ الْقُرْآنِ». قيل: وَمَا الْبَطَلَةُ؟ قَالَ عَلَيْه السَّلام السَّحَرَةُ! –أي: لا تَسْتَطِيعُ البَطَلَةُ أَنْ تَسْحَرَ قَارِئَهَا-: مَنْ قَرَأَهَا "يَعْنِي سُوْرَةَ البَقَرَةِ" لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَاراً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بيتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ».([1]) وَكَانَ مُعَاذٌ إذَا خَتَمَ سُوْرَةَ البَقَرَةِ يَقُولُ: "آمين".
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سِنَاماً، وَإِنَّ سِنَامَ الْقُرْآنِ سُوْرَةُ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ فِي بَيْتِهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَاراً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ».
وَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الكُرْسِيِّ أَوَّل النَّهَارِ حَفِظَهُ اللهُ إلى اللَّيْلِ. وَمَنْ قَرَأَهَا أَوَّل اللَّيْلِ حَفِظَهُ اللهُ إلى الصَّبَاح».
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَفَاتِحَةَ ﴿حم﴾. الْمُؤْمِنِ إلى قَوْلِهِ ﴿إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾. لَمْ يَرَ شَيْئاً يَكْرَهُهُ حَتَّى يُمْسِىَ، وَمَنْ قَرَأَهَا حِينَ يُمْسِي لَمْ يَرَ شَيْئاً يَكْرَهُهُ حَتَّى يُصْبِحَ».
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الجنَّةِ إِلا الموْتُ».
وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ مَنْ عُقِدَ عَنْ أَهْلِهِ يَقْرَأُ قَولَهُ تَعَالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾. يقرؤه علَى الْمَاءِ وَيَرُشُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَيَشْرَبُ مِنْهُ، يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى.
وَيُكْتَبُ لِعَقْدِ الآبِقِ قَولُهُ تَعَالى: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.([2]) وَتُعَلَّقُ البَرَاءَةُ فِي الْهَواءِ فَيَعُودُ مِنْ حِيْنِهِ وَقَدْ جُرِّبَ فَصَحَّ.
وَلِعَقْدِ الآبِقِ أَيْضَاً وَالضَّالَّةِ وَالشارِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ هَذِهِ الآيَاتِ الأَرْبَع وَهُنَّ: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً﴾. ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾. ﴿إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إلى مَعَادٍ﴾.﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ﴾. هذه الآياتُ تُتْلَى بِنِيَّةِ رُجُوعِ الآبِقِ وَنَحْوِهِ يَأْتِ بِهِ اللهُ.
وَيُقَالُ: أَنَّ مَنْ قَرَأَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْمُبْتَلَى أَوِ البَلِيَّةَ: ﴿رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. عَافَاهُ اللهُ مِنْهَا.
وَمَنْ أكْثَرَ مِنْ قِرَاءَتِها، رَزَقَهُ اللهُ زَوْجَةً صَالِحَةً لِمَا قِيلَ: أنَّ الْحَسَنَةَ هُنَا الزَّوْجَةُ الصَّالِحَةُ، وَالنَّارُ هُنَا الْمَرْأَةُ السوءُ.
وَمَنْ قَرَأَ عِنْدَ لِقَاءِ العَدُوِّ: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾. نَصَرَهُ اللهُ، وَهَزَمَ أَعْدَاءَهُ، وَيَقْرَأُ الْبَسْمَلَة مَعَ الآيَةِ.
وَيُروَى أَنّهُ يُكتَبُ لِلسُّوسِ فِي ثَلاثَةِ أَشْقَافِ فَخَّارٍ، مِنَ البَقَرَةِ، فِي الأُولى: قَولُهُ تَعَالى: ﴿كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا﴾.وَفِي الثَّانِيَة: ﴿يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾. وَفِي الثَّالثة: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً﴾.
وَنقل بعض الفُضَلاء: أنَّ قَولَهُ تَعَالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إلى الذينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا﴾ . مُوتُوا. تُكتَبُ لِلطَّعامِ الذي يُخافُ عَلَيْهِ السُّوسُ فَلا يَسْتَاسُ، وَيَذْهَبُ مِنْهُ السُّوسُ إنْ كَانَ قَدِ اسْتَاسَ.
وَمَنْ قَرَأَ علَى الْحَزَّازَةِ أَوَّلَ ظُهُورِهَا ﴿فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾.تبرأُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى.
وَقَالَ بعضُ من عُنِيَ بطريقةِ الْخَوَاصِّ أنَّ السَّرِقَةَ إذَا وَقَعَتْ بينَ قَومٍ وَلم يُعْلَمْ مَنْ أخَذَها فَإِنَّ أسماءَ الْمَتهُومِين تُكتَبُ فِي قِطَعٍ مِنَ الكَاغِدِ وَتُجعَلُ كُلُّ قِطعةٍ فِي بُندُقَةٍ مِنْ شَمْعٍ أَوْ عَجِينٍ مُخَمَّرٍ وَيُدفَنُ فِي إِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فإنَّ بُندُقَةَ الفَاعِلِ تَطلُعُ، وَالآيةُ التي تُكتَبُ: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى﴾.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الذينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالذين يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
خَاصِّيَتُها: أنّها تَزيدُ فِي الحِفْظِ وَتُقَوِّي اليَقِينَ، وَيَثْبُتُ بِها العِلْمُ، وَتُعينُ علَى الحِفْظِ وَالْمَعْرِفَةِ، فمَنْ كَتَبَها يومَ الْخَمِيسِ أَوَّلَ النَّهَارِ علَى شَيْءٍ طَاهِرٍ لَم يُسْتَعْمَلْ، بِزَعْفَرَان أَوْ مِسْكٍ، وَمَحَاهُ بِمَاءِ بِئْرٍ عَذْبٍ وَشَرِبَها وَأمْسَكَ عَنْ الطَعَامِ، يَفعَلُ ذَلِكَ ثلاثةَ أيّامِ خَمِيسٍ، فَإِنَّهُ يَنالُ مَا ذَكَرْتُهُ.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾.
خاصيتها: مَنْ أَرَادَ شِرِاءَ حَاجَةٍ مِنَ الْحَوائِجِ، حِيتَانَاً أَوْ لِبَاسَاً أَوْ تَمْرَاً أو كُلَّ مَا أَرَادَ شِرَاءَهُ، وَأَرَادَ الْخَيْرَ وَالرُّخْصَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ عِنْدَ عَزِيمَتِهِ علَى ذَلِكَ: "خَبِيرٌ يَا مُخْتَارُ، يَا مَنْ الْخَيْرُ مِنهُ، يَا مَنْ الْخَيْرُ بِيَدِهِ دَلِيلُ الْخَيرَاتِ، يَا هَادِي". وَيَقْرَأُ الآيَةَ عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ لَهُ القَصْدُ، وَتَكُونُ القِرَاءَةُ إلى حِينِ انْعِقَادِ البَيْعِ.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.
خاصيتها : مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ علَى قَضِيبِ بَرْقُوقٍ، وَهُوَ بِالْمَغْرِبِ الْمِشْمِشُ ، وَبِالْمَشْرِقِ الأجاص، بِشَرْطِ إِنْ وُجِدَ ، وَإلاَّ فَأَيُّ قَضِيبٍ ، يَومَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَرْبَعِيْنَ مَرَّةً ثُمَّ ضَرَبَ علَى أيِّ وَجَعٍ كَانَ ، أَوْ وَرَمٍ أَوْ وَجعِ سائر الحيوانات ثُمَّ يَتْفُلُ علَى موضع الوجع فإن المضروبَ يبرأُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى .
قَولُهُ تَعَالى : ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ. وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنَفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانَوا يَعْلَمُونَ﴾.
مَنْ كَتَبَ هَذِهِ الآيَة فِي طِسْتِ نُحَاسٍ أَحْمَرَ إِنْ أَمْكَنَ وَهُوَ طَاهِرٌ نَظيفٌ وَبَخَّرَها بِحَصى لُبَانٍ إِنْ أَمْكَنَ وَمَحاهَا بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَرَشَّ كَفَّاً فِي بَيْتِهِ بَطَلَ عَنْه كُلّ سِحْرٍ وَلا يُؤَثِّرُ فِي أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِنْ مَسَحَ بذَلِكَ الماءَ مَجْنُونَاً أَوْ مَسْحُوراً، أَوْ مَنْظُوراً بَطَلَ مَا بِهِ، بإذن الله تعالى .
قَولُهُ تَعَالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
هَذِهِ الآيَة للآبق وَالشَّارِدِ وَالمرأةِ الناشز مِنْ زَوْجِها : إذَا كُتِبَتْ هَذِهِ الآيَةُ علَى قوَّارةِ حَديدٍ، وَكُتِبَ فِي وَسَطِها اِسْمُ السَّارِقِ أَوْ الآبِقِ ثُمَّ يُضرَبُ فِي وَسَطِ القَوَّارةِ مِسْمَارٌ تُسَمِّرُهُ فِي الْحَائِطِ فِي المكَانِ الذي سُرِقَ مِنهُ أَوْ هَرَبَ مِنْهُ الآبِقُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ قَريباً وَتَعُودُ السَّرِقُة قَريباً .
قَولُهُ تَعَالى: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾. مَنْ تَلاها وَهُوَ يَتَكَحَّلُ حَسُنَتْ عَينَاهُ فِي عَيْنِ مَنْ يَرَاهُ.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إلى الذين خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا... ﴾.
إذا كُتِبَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي طِسْتٍ بِمِدَادٍ، ثُمَّ مُحِيَتْ بِعُصَارَةِ البَرْقُوقِ إِنْ أَمْكَنَ ثُمَّ يُرَشُّ البيتُ بذَلِكَ الماءِ فَإِنَّهُ لا تَبْقَى حَيَّةٌ وَلا عَقْرَبٌ، وَلا بَرْغُوثٌ إلاَّ مَاتَ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى. وَإنْ كُتِبَتْ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ سَحَراً فِي أَرْبَعِ وَرَقَاتِ زَيْتُونٍ وَدُفِنَتْ فِي رُكْنٍ مِنْ أركَانِ البيتِ الذي فِيهِ البَقُّ فَإِنَّهُ يَمُوتُ .
قَولُهُ تَعَالى : ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .تُكْتَبُ لِلْحُمَّى وَلِوَجَعِ الرَّأْسِ يَبْرَأُ.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدَي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ .إنْ عُلِّقَتْ علَى السَّاقِ لَمْ يَعْيَ حَامِلُهَا.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿مَثَلُ الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.
خَاصِّيَّتُها: أنّها إِذا كُتِبَتْ فِي شِقَافِ فَخَّارٍ وَجُعِلَتْ فِي أركَانِ بُسْتَانٍ أَوْ زَرْعٍ رَأى فِيهِ صَاحِبُهُ مَا يَتَمَنَّاهُ مِنَ الْحُسْنِ وَالبرَكَةِ.
فائدة: ذَكَرَ سُلَيمانُ بْنُ مُقَاتِلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أنَّ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ خَمْسَ آيَاتٍ مَا قُرِئَتْ فِي وَجْهِ عَدُوٍّ إلاَّ غُلِبَ وَقُهِرَ فِي كُلِّ آيةٍ مِنْهَا عَشْرُ قَافَاتٍ، وَإذَا كُتِبَتْ وَعُلِّقَتْ فِي رُمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ السِّلاحِ، وَجُعِلَ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرْبِ انْهَزَمَ وَخُذِلَ وَقَدْ جُرِّبَ ذَلِكَ وَصَحَّ وَهِيَ قَولُهُ تَعَالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إلى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدَ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ . ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الذين قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ . ﴿أَلَمْ تَرَ إلى الذين قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ .
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلَا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ .
وَمَنْ أَرَادَ اسْتِيفَاءَ الكَلامِ علَى هَذِهِ الآيَةِ فعَلَيْهِ بِكِتَابِ "مَذْهَبُ الْمخوفِ علَى دَعَواتِ الْحُرُوفِ" عِنْدَ الكلام علَى "دَعْوَةِ القَافِ" وَهُوَ كِتَابٌ مَنْ ظَفَرَ بِهِ وَاستَعْمَلَ مَا فِيهِ أَغْنَاهُ عَنْ جَمِيعِ كُتُبِ الأَسْرَارِ وَبَلَغَ بِهِ أعلَى دَرَجَاتِ الأَخْبارِ وَاسْتَكفَى مِنْ شُرُورِ جَمِيعِ الأَشْرَار.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ التي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.
خَاصِّيَّتُها: هَذِهِ الآيَةُ مَنْ اسْتَدَامَ علَى قِرَاءَتِهَا عِنْدَ النَّوْم نَالَ بِها كَثيراً مِنَ الْخَيرِ، وَمِنْهُ لاَ يَتَفلّتُ مِنْ صَدْرِهِ مَا يَحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ وَأكْرِم بِها مِنْ فَائِدَةٍ ، وَأُعِينَ علَى حِفْظِ مَا لَيْسَ عَنْدَهُ مِنْهُ.
فائدة: مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الآياتِ الأَرْبَعَ بَعْدَ كُلِّ صَلاةٍ رَزَقَهُ اللهُ العَافِيَةَ، وَوَسَّعَ رِزْقَهُ، وَدَخَلَ دَارَاً مِنْ دِيارِ الْجَنّةِ لا يَعْلَمُها إلاَّ اللهُ وَهِيَ هَذِهِ: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ . ﴿مَثَلُ الذينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ . ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ . ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ .
وقَالَ أحد المشايخ إنَّ لَفْظَةَ ﴿قَرِيبٌ﴾. يُسْتَجَابُ عَنْدها الدُّعَاءُ فِي ثلاثةِ مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ، الأُولَى: هِيَ التي تَقَدَّمَتْ، وَالثَّانِيَة: فِي سُوْرَةِ هود، [الآية: 61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾. قَالَوا يا صالح وَالثالثة فِي سُوْرَةِ سبأ، [الآية: 50]: ﴿سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾. والموضع الرابع: فِي سُوْرَةِ فاطر، [الآية: 51] ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانَ قَرِيبٍ﴾..
قَولُهُ تَعَالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذين مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.
خَاصِّيَّتُها: تحقيقُ حُسْنِ يَقينِ النَّفْسِ وَبُلُوغُ الآمَال.
وفِي الحديث المتفَقِ على صِحّتِهِ:عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيد، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ الآخِرَتَيْنِ مِنَ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ قَالَ يُونُسُ فِي حَدِيثِهِ: مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ فِي آخِرِ سُوْرَةِ البَقَرَةِ كَفَتَاهُ ". أيْ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، أَوْ عَنْ حِسَابِ يومِ القِيامَةِ وَهُوَ حُجَّةٌ علَى مَنْ اسْتَكرَهَ أنْ يَقُولَ: "سُوْرَةُ البَقَرَة".
قَالَ عِيَاض: حَدِيث أَبِي مَسْعُود حُجَّةٌ فِي جَوَازِ قَوْلِ (سُوْرَة البَقَرَة) وَنَحْوهَا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا فَأَجَازَهُ بَعْضُهمْ وَكَرِهَهُ بَعْضهمْ وَقَالَ: تَقُول السُوْرَةُ التِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَة.
قُلْت: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَاب الرَّمْي مِنْ كِتَاب الْحَجّ أَنَّ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيَّ أَنْكَرَ قَوْل الْحَجَّاج لَا تَقُولُوا (سُوْرَة البَقَرَة) ، وَفِي رِوَايَة مُسْلِم أَنَّهَا سُنَّة، وَأَوْرَدَ حَدِيث أَبِي مَسْعُود، وَأَقْوَى مِنْ هَذَا فِي الْحُجَّة مَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّف مِنْ لَفْظ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاءَتْ فِيهِ أَحَادِيث كَثِيرَة صَحِيحَة مِنْ لَفْظ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ النَّوَوِيّ فِي "الْأَذْكَار": يَجُوز أَنْ يَقُول سُوْرَةُ البَقَرَة - إلى أَنْ قَالَ: - (وَسُوْرَةُ العَنْكَبُوت) ، وَكَذَلِكَ الْبَاقِي وَلَا كَرَاهَة فِي ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْض السَّلَف: يُكْرَه ذَلِكَ، وَالصَّوَاب الْأَوَّل، وَهُوَ قَوْل الْجَمَاهِير، وَالْأَحَادِيثُ فِيهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصَر، وَكَذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدَهمْ. ([3])
وفِي الحديث الصحيح: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إلى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ أَوِ السَّادِسَةِ إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا عُرِجَ بِهِ مِنْ تَحْتِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا، وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا هَبَطَ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا، قَالَ: ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾. قَالَ: فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثاً :أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُوْرَةِ البَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئاً الْمُقْحِمَاتُ.
وجاء عنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ الْمِعْرَاجِ: قَرَّبَنِي اللهُ وَأَدْنَانِي إلى سَنَدِ العَرْشِ ثُمَّ أَلْهَمَنِي اللهُ أَنْ قُلْتُ: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾. كَمَا فَرَّقَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى. قَالَ: فما قَالَوا؟ قلتُ: قَالَوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، وَالْمُؤْمِنُون، قَالَوا: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾. فقَالَ: صَدَقْتَ فَسَلْ تُعْطَ، فَقُلْتُ: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾. قَالَ: قَدْ رَفَعْتُ عَنْكَ وَعَنْ أُمَّتِكَ الْخَطَأَ وَالنِّسْيانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: ﴿وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. قُلْتُ: ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ.
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آيَتَيْنِ أُوتِيتُهُمَا، أَوْ قَالَ: أُوتِيتُهَا ، مِنْ كَنْزٍ مِنْ بَيْتٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ يُؤْتَهُنَّ نَبِيٌ قَبْلِي الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُوْرَةِ البَقَرَةِ.
وعَنْه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْزَلَ اللَّهُ آيَتَيْنِمِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ كتبهما الرَّحْمَنُ بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ بِأَلْفَيْ عَامٍ مَنْ قَرَأَهُمَابَعْدَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِأَجْزَأَتَاهُعَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ".
وَكَانَ بعضُ الصَّالِحِيْنَ يَسْتَعْمِلُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِآخِرِ البَقَرةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَبَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيَقُولُ إنَّ فِي ذَلِكَ مِنَ الْخَيْرِ مَا لاَ يُوصَفُ، وَكَانَ بَعْضُهُم يَجْعَلُ ذَلِكَ الرُّكُوعَ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سِتَّ مَرّاتٍ.
تتمَّة: كَانَ أحد المشايخ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرضاه إذا أتى منزلَهُ بعد العِشَاءِ قرأ: سُوْرَةَ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾. ثلاثاً وَ "آيةَ الكُرْسِيِّ" مَرَّةً، وَ "آخِرَ البَقَرة" مِنْ قَولِهِ تَعَالى: ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذين مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾. [ثلاثاً ] وَ ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنِ أَيَّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾. [ثلاثاً]
ثُمَّ يَقْرَأُ دُعَاء:َ "يَا حَافِظَاً لا يَنْسَى".- ثلاثاً- وَيَقْرَأ دُعَاءَ: حَسْبِيَ اللهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ثَلاثَاً، وَيَقْرَأُ الفَاتِحَةَ مَرَّةً، وَسُوْرَةَ القَارِعَةِ مَرَّةً، وَدعاءَ: "يا حافِظاً لا يَنْسَى" هُوَ قَوْلُهُ: "يا حَافِظاً لا يَنْسَى وَيَا مَنْ ذِكْرُهُ لا يُنْسَى، وَيَا مَنْ نِعَمُهُ لا تُحْصَى، وَيَا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، يَا قَريبُ يَا مُجيبُ يَا مُحِيطُ، يَا أللهُ يَا أرْحمَ الرَّاحِمِينَ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّينَ، يَا كَاشِفَ السوءِ عَنِ الْمَكْرُوبِينَ، يَا رَحْمَنَ الدنْيَا وَالآخِرَة، وَرَحِيمَهُمَا، اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَاكْشِفْ عَنَّا هَمَّنَا وَغَمَّنَا وَكَرْبَنَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَاضْرِبْ عَلَينَا سُرَادِقَاتِ حِفْظِكَ وَحِيَاطَتِكَ، وَاحْفَظْنَا بِما حَفِظْتَ بِهِ الذِّكْرَ إِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُك الحقُّ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾. وَهذا الدُّعَاءُ فِيهِ مِنَ الفَضْلِ مَا لا يُحْصَى.
وقد قيل أنَّهُ يُقْرَأُ علَى كُلِّ مَا يُخَافُ عَلَيهِ، وَدُعَاءُ: "حَسْبِيَ اللهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ هُوَ قَولُهُ: "حَسْبِيَ اللهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، اللهُ يَغْلِبُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلاَ حَولَ وَلا قُوَّة إلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ الْعَظِيمِ، ﴿فَسَيَكْفِيْكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. اللَّهُ أعلَى وَأَعَزُّ وأَكْبَرُ مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ يَاحَافِظُ، يَا سَلامُ، يَا مَانِعُ يَا دَافِعُ يَا مُحيطُ".
وَهذا أيضاً لَهُ مِنَ الفَضْلِ مَا لا يُوصَفُ، وَلا يَنْبَغِي لِمَنْ وَجَدَ هَذا مِنْ أَهْلِ النِّهايَاتِ وَالبِدَايَاتِ أَنْ يَتْرُكَهُ بِالتَّمَام. وَمَنْ رَأى أنَّهُ قَرَأَ سُوْرَةَ البَقَرَةِ فِي الْمَنَامِ فَإِنَّهُ مِيراثٌ تَكُونُ مَعَهُ خُصُومَةٌ.
عَنْ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُوْرَةُ البَقَرَةِ ».
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سِنَاماً، وَإِنَّ سِنَامَ الْقُرْآنِ سُوْرَةُ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ فِي بَيْتِهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَاراً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «مَا خَلقَ اللهُ مِنْ سَمَاءٍ ولاَ أَرْضٍ، ولاَ سَهلٍ ولاَ جَبَلٍ أعْظَمَ مِنْ آيَةِ الكُرْسِيِّ، وإنَّ أجْمَعَ آيَةٍ فِي القُرآنِ لِحَلالِ وَحَرَامٍ وأَمْرٍ وَنَهْيٍ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.».
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ حَبِيبِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أتاني جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السلامُ فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سيداً وَسَيِّدُ البشر آدم وَسَيِّدُ وَلدِ آدَمَ أَنْتَ، وَسَيِّدُ الرُّومِ صُهَيْبٌ، وَسَيِّدُ فارسَ سلمانُ، وَسَيِّدُ الحبشة بلالٌ، وَسَيِّدُ الشجرِ السِّدرُ، وَسَيِّدُ الطَّيرِ النِّسْرُ، وَسَيِّدُ الشُّهُورِ رمضانُ، وَسَيِّدُ الأيامِ يومُ الْجُمُعَةِ، وَسَيِّدُ الكَلامِ العَرَبِيِّ، وَسَيِّدُ الكَلامِ العَرَبِيِّ الْقُرْآنُ، وَسَيِّدُ الْقُرْآنِ سُوْرَةُ البَقَرةِ، وَسَيِّدُ البَقَرةِ آيَةُ الكُرْسِيِّ، أَمَا إِنَّ فِيها خَمْسَ كَلِمَاتٍ، فِي كُلِّ كَلِمَةٍ خَمْسُونَ بَرَكَة».
وَمِنْ خَاصِّيَّتِها: أَنَّها تُكْتَبُ وَتُمْسَكُ لِرَفْعِ الأَوْجَاعِ، وَتُعَلَّقُ علَى الصِّبْيانِ لِدَفْعِ أَلَمِ الفِطَامِ، وَمَخَافَةِ الْجَانِّ، وَالْهَوَامِّ. وَتُكْتَبُ لِتَيْسِيرِ عَسِيرِ الرِّزْقِ.
وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَلَّمُوا سُوْرَةَ البَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلاَ يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ، وَهِىَ فُسْطَاطُ الْقُرْآنِ». قيل: وَمَا الْبَطَلَةُ؟ قَالَ عَلَيْه السَّلام السَّحَرَةُ! –أي: لا تَسْتَطِيعُ البَطَلَةُ أَنْ تَسْحَرَ قَارِئَهَا-: مَنْ قَرَأَهَا "يَعْنِي سُوْرَةَ البَقَرَةِ" لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَاراً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بيتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ».([1]) وَكَانَ مُعَاذٌ إذَا خَتَمَ سُوْرَةَ البَقَرَةِ يَقُولُ: "آمين".
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سِنَاماً، وَإِنَّ سِنَامَ الْقُرْآنِ سُوْرَةُ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ فِي بَيْتِهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَاراً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ».
وَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الكُرْسِيِّ أَوَّل النَّهَارِ حَفِظَهُ اللهُ إلى اللَّيْلِ. وَمَنْ قَرَأَهَا أَوَّل اللَّيْلِ حَفِظَهُ اللهُ إلى الصَّبَاح».
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَفَاتِحَةَ ﴿حم﴾. الْمُؤْمِنِ إلى قَوْلِهِ ﴿إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾. لَمْ يَرَ شَيْئاً يَكْرَهُهُ حَتَّى يُمْسِىَ، وَمَنْ قَرَأَهَا حِينَ يُمْسِي لَمْ يَرَ شَيْئاً يَكْرَهُهُ حَتَّى يُصْبِحَ».
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الجنَّةِ إِلا الموْتُ».
وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ مَنْ عُقِدَ عَنْ أَهْلِهِ يَقْرَأُ قَولَهُ تَعَالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾. يقرؤه علَى الْمَاءِ وَيَرُشُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَيَشْرَبُ مِنْهُ، يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى.
وَيُكْتَبُ لِعَقْدِ الآبِقِ قَولُهُ تَعَالى: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.([2]) وَتُعَلَّقُ البَرَاءَةُ فِي الْهَواءِ فَيَعُودُ مِنْ حِيْنِهِ وَقَدْ جُرِّبَ فَصَحَّ.
وَلِعَقْدِ الآبِقِ أَيْضَاً وَالضَّالَّةِ وَالشارِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ هَذِهِ الآيَاتِ الأَرْبَع وَهُنَّ: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً﴾. ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾. ﴿إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إلى مَعَادٍ﴾.﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ﴾. هذه الآياتُ تُتْلَى بِنِيَّةِ رُجُوعِ الآبِقِ وَنَحْوِهِ يَأْتِ بِهِ اللهُ.
وَيُقَالُ: أَنَّ مَنْ قَرَأَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْمُبْتَلَى أَوِ البَلِيَّةَ: ﴿رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. عَافَاهُ اللهُ مِنْهَا.
وَمَنْ أكْثَرَ مِنْ قِرَاءَتِها، رَزَقَهُ اللهُ زَوْجَةً صَالِحَةً لِمَا قِيلَ: أنَّ الْحَسَنَةَ هُنَا الزَّوْجَةُ الصَّالِحَةُ، وَالنَّارُ هُنَا الْمَرْأَةُ السوءُ.
وَمَنْ قَرَأَ عِنْدَ لِقَاءِ العَدُوِّ: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾. نَصَرَهُ اللهُ، وَهَزَمَ أَعْدَاءَهُ، وَيَقْرَأُ الْبَسْمَلَة مَعَ الآيَةِ.
وَيُروَى أَنّهُ يُكتَبُ لِلسُّوسِ فِي ثَلاثَةِ أَشْقَافِ فَخَّارٍ، مِنَ البَقَرَةِ، فِي الأُولى: قَولُهُ تَعَالى: ﴿كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا﴾.وَفِي الثَّانِيَة: ﴿يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾. وَفِي الثَّالثة: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً﴾.
وَنقل بعض الفُضَلاء: أنَّ قَولَهُ تَعَالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إلى الذينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا﴾ . مُوتُوا. تُكتَبُ لِلطَّعامِ الذي يُخافُ عَلَيْهِ السُّوسُ فَلا يَسْتَاسُ، وَيَذْهَبُ مِنْهُ السُّوسُ إنْ كَانَ قَدِ اسْتَاسَ.
وَمَنْ قَرَأَ علَى الْحَزَّازَةِ أَوَّلَ ظُهُورِهَا ﴿فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾.تبرأُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى.
وَقَالَ بعضُ من عُنِيَ بطريقةِ الْخَوَاصِّ أنَّ السَّرِقَةَ إذَا وَقَعَتْ بينَ قَومٍ وَلم يُعْلَمْ مَنْ أخَذَها فَإِنَّ أسماءَ الْمَتهُومِين تُكتَبُ فِي قِطَعٍ مِنَ الكَاغِدِ وَتُجعَلُ كُلُّ قِطعةٍ فِي بُندُقَةٍ مِنْ شَمْعٍ أَوْ عَجِينٍ مُخَمَّرٍ وَيُدفَنُ فِي إِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فإنَّ بُندُقَةَ الفَاعِلِ تَطلُعُ، وَالآيةُ التي تُكتَبُ: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى﴾.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الذينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالذين يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
خَاصِّيَتُها: أنّها تَزيدُ فِي الحِفْظِ وَتُقَوِّي اليَقِينَ، وَيَثْبُتُ بِها العِلْمُ، وَتُعينُ علَى الحِفْظِ وَالْمَعْرِفَةِ، فمَنْ كَتَبَها يومَ الْخَمِيسِ أَوَّلَ النَّهَارِ علَى شَيْءٍ طَاهِرٍ لَم يُسْتَعْمَلْ، بِزَعْفَرَان أَوْ مِسْكٍ، وَمَحَاهُ بِمَاءِ بِئْرٍ عَذْبٍ وَشَرِبَها وَأمْسَكَ عَنْ الطَعَامِ، يَفعَلُ ذَلِكَ ثلاثةَ أيّامِ خَمِيسٍ، فَإِنَّهُ يَنالُ مَا ذَكَرْتُهُ.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾.
خاصيتها: مَنْ أَرَادَ شِرِاءَ حَاجَةٍ مِنَ الْحَوائِجِ، حِيتَانَاً أَوْ لِبَاسَاً أَوْ تَمْرَاً أو كُلَّ مَا أَرَادَ شِرَاءَهُ، وَأَرَادَ الْخَيْرَ وَالرُّخْصَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ عِنْدَ عَزِيمَتِهِ علَى ذَلِكَ: "خَبِيرٌ يَا مُخْتَارُ، يَا مَنْ الْخَيْرُ مِنهُ، يَا مَنْ الْخَيْرُ بِيَدِهِ دَلِيلُ الْخَيرَاتِ، يَا هَادِي". وَيَقْرَأُ الآيَةَ عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ لَهُ القَصْدُ، وَتَكُونُ القِرَاءَةُ إلى حِينِ انْعِقَادِ البَيْعِ.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.
خاصيتها : مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ علَى قَضِيبِ بَرْقُوقٍ، وَهُوَ بِالْمَغْرِبِ الْمِشْمِشُ ، وَبِالْمَشْرِقِ الأجاص، بِشَرْطِ إِنْ وُجِدَ ، وَإلاَّ فَأَيُّ قَضِيبٍ ، يَومَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَرْبَعِيْنَ مَرَّةً ثُمَّ ضَرَبَ علَى أيِّ وَجَعٍ كَانَ ، أَوْ وَرَمٍ أَوْ وَجعِ سائر الحيوانات ثُمَّ يَتْفُلُ علَى موضع الوجع فإن المضروبَ يبرأُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى .
قَولُهُ تَعَالى : ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ. وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنَفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانَوا يَعْلَمُونَ﴾.
مَنْ كَتَبَ هَذِهِ الآيَة فِي طِسْتِ نُحَاسٍ أَحْمَرَ إِنْ أَمْكَنَ وَهُوَ طَاهِرٌ نَظيفٌ وَبَخَّرَها بِحَصى لُبَانٍ إِنْ أَمْكَنَ وَمَحاهَا بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَرَشَّ كَفَّاً فِي بَيْتِهِ بَطَلَ عَنْه كُلّ سِحْرٍ وَلا يُؤَثِّرُ فِي أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِنْ مَسَحَ بذَلِكَ الماءَ مَجْنُونَاً أَوْ مَسْحُوراً، أَوْ مَنْظُوراً بَطَلَ مَا بِهِ، بإذن الله تعالى .
قَولُهُ تَعَالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
هَذِهِ الآيَة للآبق وَالشَّارِدِ وَالمرأةِ الناشز مِنْ زَوْجِها : إذَا كُتِبَتْ هَذِهِ الآيَةُ علَى قوَّارةِ حَديدٍ، وَكُتِبَ فِي وَسَطِها اِسْمُ السَّارِقِ أَوْ الآبِقِ ثُمَّ يُضرَبُ فِي وَسَطِ القَوَّارةِ مِسْمَارٌ تُسَمِّرُهُ فِي الْحَائِطِ فِي المكَانِ الذي سُرِقَ مِنهُ أَوْ هَرَبَ مِنْهُ الآبِقُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ قَريباً وَتَعُودُ السَّرِقُة قَريباً .
قَولُهُ تَعَالى: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾. مَنْ تَلاها وَهُوَ يَتَكَحَّلُ حَسُنَتْ عَينَاهُ فِي عَيْنِ مَنْ يَرَاهُ.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إلى الذين خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا... ﴾.
إذا كُتِبَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي طِسْتٍ بِمِدَادٍ، ثُمَّ مُحِيَتْ بِعُصَارَةِ البَرْقُوقِ إِنْ أَمْكَنَ ثُمَّ يُرَشُّ البيتُ بذَلِكَ الماءِ فَإِنَّهُ لا تَبْقَى حَيَّةٌ وَلا عَقْرَبٌ، وَلا بَرْغُوثٌ إلاَّ مَاتَ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى. وَإنْ كُتِبَتْ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ سَحَراً فِي أَرْبَعِ وَرَقَاتِ زَيْتُونٍ وَدُفِنَتْ فِي رُكْنٍ مِنْ أركَانِ البيتِ الذي فِيهِ البَقُّ فَإِنَّهُ يَمُوتُ .
قَولُهُ تَعَالى : ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .تُكْتَبُ لِلْحُمَّى وَلِوَجَعِ الرَّأْسِ يَبْرَأُ.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدَي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ .إنْ عُلِّقَتْ علَى السَّاقِ لَمْ يَعْيَ حَامِلُهَا.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿مَثَلُ الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.
خَاصِّيَّتُها: أنّها إِذا كُتِبَتْ فِي شِقَافِ فَخَّارٍ وَجُعِلَتْ فِي أركَانِ بُسْتَانٍ أَوْ زَرْعٍ رَأى فِيهِ صَاحِبُهُ مَا يَتَمَنَّاهُ مِنَ الْحُسْنِ وَالبرَكَةِ.
فائدة: ذَكَرَ سُلَيمانُ بْنُ مُقَاتِلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أنَّ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ خَمْسَ آيَاتٍ مَا قُرِئَتْ فِي وَجْهِ عَدُوٍّ إلاَّ غُلِبَ وَقُهِرَ فِي كُلِّ آيةٍ مِنْهَا عَشْرُ قَافَاتٍ، وَإذَا كُتِبَتْ وَعُلِّقَتْ فِي رُمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ السِّلاحِ، وَجُعِلَ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرْبِ انْهَزَمَ وَخُذِلَ وَقَدْ جُرِّبَ ذَلِكَ وَصَحَّ وَهِيَ قَولُهُ تَعَالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إلى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدَ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ . ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الذين قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ . ﴿أَلَمْ تَرَ إلى الذين قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ .
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلَا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ .
وَمَنْ أَرَادَ اسْتِيفَاءَ الكَلامِ علَى هَذِهِ الآيَةِ فعَلَيْهِ بِكِتَابِ "مَذْهَبُ الْمخوفِ علَى دَعَواتِ الْحُرُوفِ" عِنْدَ الكلام علَى "دَعْوَةِ القَافِ" وَهُوَ كِتَابٌ مَنْ ظَفَرَ بِهِ وَاستَعْمَلَ مَا فِيهِ أَغْنَاهُ عَنْ جَمِيعِ كُتُبِ الأَسْرَارِ وَبَلَغَ بِهِ أعلَى دَرَجَاتِ الأَخْبارِ وَاسْتَكفَى مِنْ شُرُورِ جَمِيعِ الأَشْرَار.
قَولُهُ تَعَالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ التي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.
خَاصِّيَّتُها: هَذِهِ الآيَةُ مَنْ اسْتَدَامَ علَى قِرَاءَتِهَا عِنْدَ النَّوْم نَالَ بِها كَثيراً مِنَ الْخَيرِ، وَمِنْهُ لاَ يَتَفلّتُ مِنْ صَدْرِهِ مَا يَحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ وَأكْرِم بِها مِنْ فَائِدَةٍ ، وَأُعِينَ علَى حِفْظِ مَا لَيْسَ عَنْدَهُ مِنْهُ.
فائدة: مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الآياتِ الأَرْبَعَ بَعْدَ كُلِّ صَلاةٍ رَزَقَهُ اللهُ العَافِيَةَ، وَوَسَّعَ رِزْقَهُ، وَدَخَلَ دَارَاً مِنْ دِيارِ الْجَنّةِ لا يَعْلَمُها إلاَّ اللهُ وَهِيَ هَذِهِ: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ . ﴿مَثَلُ الذينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ . ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ . ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ .
وقَالَ أحد المشايخ إنَّ لَفْظَةَ ﴿قَرِيبٌ﴾. يُسْتَجَابُ عَنْدها الدُّعَاءُ فِي ثلاثةِ مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ، الأُولَى: هِيَ التي تَقَدَّمَتْ، وَالثَّانِيَة: فِي سُوْرَةِ هود، [الآية: 61] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾. قَالَوا يا صالح وَالثالثة فِي سُوْرَةِ سبأ، [الآية: 50]: ﴿سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾. والموضع الرابع: فِي سُوْرَةِ فاطر، [الآية: 51] ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانَ قَرِيبٍ﴾..
قَولُهُ تَعَالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذين مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.
خَاصِّيَّتُها: تحقيقُ حُسْنِ يَقينِ النَّفْسِ وَبُلُوغُ الآمَال.
وفِي الحديث المتفَقِ على صِحّتِهِ:عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيد، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ الآخِرَتَيْنِ مِنَ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ قَالَ يُونُسُ فِي حَدِيثِهِ: مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ فِي آخِرِ سُوْرَةِ البَقَرَةِ كَفَتَاهُ ". أيْ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، أَوْ عَنْ حِسَابِ يومِ القِيامَةِ وَهُوَ حُجَّةٌ علَى مَنْ اسْتَكرَهَ أنْ يَقُولَ: "سُوْرَةُ البَقَرَة".
قَالَ عِيَاض: حَدِيث أَبِي مَسْعُود حُجَّةٌ فِي جَوَازِ قَوْلِ (سُوْرَة البَقَرَة) وَنَحْوهَا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا فَأَجَازَهُ بَعْضُهمْ وَكَرِهَهُ بَعْضهمْ وَقَالَ: تَقُول السُوْرَةُ التِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَة.
قُلْت: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَاب الرَّمْي مِنْ كِتَاب الْحَجّ أَنَّ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيَّ أَنْكَرَ قَوْل الْحَجَّاج لَا تَقُولُوا (سُوْرَة البَقَرَة) ، وَفِي رِوَايَة مُسْلِم أَنَّهَا سُنَّة، وَأَوْرَدَ حَدِيث أَبِي مَسْعُود، وَأَقْوَى مِنْ هَذَا فِي الْحُجَّة مَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّف مِنْ لَفْظ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاءَتْ فِيهِ أَحَادِيث كَثِيرَة صَحِيحَة مِنْ لَفْظ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ النَّوَوِيّ فِي "الْأَذْكَار": يَجُوز أَنْ يَقُول سُوْرَةُ البَقَرَة - إلى أَنْ قَالَ: - (وَسُوْرَةُ العَنْكَبُوت) ، وَكَذَلِكَ الْبَاقِي وَلَا كَرَاهَة فِي ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْض السَّلَف: يُكْرَه ذَلِكَ، وَالصَّوَاب الْأَوَّل، وَهُوَ قَوْل الْجَمَاهِير، وَالْأَحَادِيثُ فِيهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصَر، وَكَذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدَهمْ. ([3])
وفِي الحديث الصحيح: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إلى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ أَوِ السَّادِسَةِ إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا عُرِجَ بِهِ مِنْ تَحْتِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا، وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا هَبَطَ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا، قَالَ: ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾. قَالَ: فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثاً :أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُوْرَةِ البَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئاً الْمُقْحِمَاتُ.
وجاء عنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ الْمِعْرَاجِ: قَرَّبَنِي اللهُ وَأَدْنَانِي إلى سَنَدِ العَرْشِ ثُمَّ أَلْهَمَنِي اللهُ أَنْ قُلْتُ: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾. كَمَا فَرَّقَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى. قَالَ: فما قَالَوا؟ قلتُ: قَالَوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، وَالْمُؤْمِنُون، قَالَوا: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾. فقَالَ: صَدَقْتَ فَسَلْ تُعْطَ، فَقُلْتُ: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾. قَالَ: قَدْ رَفَعْتُ عَنْكَ وَعَنْ أُمَّتِكَ الْخَطَأَ وَالنِّسْيانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: ﴿وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. قُلْتُ: ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ.
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آيَتَيْنِ أُوتِيتُهُمَا، أَوْ قَالَ: أُوتِيتُهَا ، مِنْ كَنْزٍ مِنْ بَيْتٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ يُؤْتَهُنَّ نَبِيٌ قَبْلِي الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُوْرَةِ البَقَرَةِ.
وعَنْه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْزَلَ اللَّهُ آيَتَيْنِمِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ كتبهما الرَّحْمَنُ بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ بِأَلْفَيْ عَامٍ مَنْ قَرَأَهُمَابَعْدَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِأَجْزَأَتَاهُعَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ".
وَكَانَ بعضُ الصَّالِحِيْنَ يَسْتَعْمِلُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِآخِرِ البَقَرةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَبَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيَقُولُ إنَّ فِي ذَلِكَ مِنَ الْخَيْرِ مَا لاَ يُوصَفُ، وَكَانَ بَعْضُهُم يَجْعَلُ ذَلِكَ الرُّكُوعَ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سِتَّ مَرّاتٍ.
تتمَّة: كَانَ أحد المشايخ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرضاه إذا أتى منزلَهُ بعد العِشَاءِ قرأ: سُوْرَةَ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾. ثلاثاً وَ "آيةَ الكُرْسِيِّ" مَرَّةً، وَ "آخِرَ البَقَرة" مِنْ قَولِهِ تَعَالى: ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذين مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾. [ثلاثاً ] وَ ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنِ أَيَّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾. [ثلاثاً]
ثُمَّ يَقْرَأُ دُعَاء:َ "يَا حَافِظَاً لا يَنْسَى".- ثلاثاً- وَيَقْرَأ دُعَاءَ: حَسْبِيَ اللهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ثَلاثَاً، وَيَقْرَأُ الفَاتِحَةَ مَرَّةً، وَسُوْرَةَ القَارِعَةِ مَرَّةً، وَدعاءَ: "يا حافِظاً لا يَنْسَى" هُوَ قَوْلُهُ: "يا حَافِظاً لا يَنْسَى وَيَا مَنْ ذِكْرُهُ لا يُنْسَى، وَيَا مَنْ نِعَمُهُ لا تُحْصَى، وَيَا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، يَا قَريبُ يَا مُجيبُ يَا مُحِيطُ، يَا أللهُ يَا أرْحمَ الرَّاحِمِينَ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّينَ، يَا كَاشِفَ السوءِ عَنِ الْمَكْرُوبِينَ، يَا رَحْمَنَ الدنْيَا وَالآخِرَة، وَرَحِيمَهُمَا، اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَاكْشِفْ عَنَّا هَمَّنَا وَغَمَّنَا وَكَرْبَنَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَاضْرِبْ عَلَينَا سُرَادِقَاتِ حِفْظِكَ وَحِيَاطَتِكَ، وَاحْفَظْنَا بِما حَفِظْتَ بِهِ الذِّكْرَ إِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُك الحقُّ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾. وَهذا الدُّعَاءُ فِيهِ مِنَ الفَضْلِ مَا لا يُحْصَى.
وقد قيل أنَّهُ يُقْرَأُ علَى كُلِّ مَا يُخَافُ عَلَيهِ، وَدُعَاءُ: "حَسْبِيَ اللهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ هُوَ قَولُهُ: "حَسْبِيَ اللهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، اللهُ يَغْلِبُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلاَ حَولَ وَلا قُوَّة إلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ الْعَظِيمِ، ﴿فَسَيَكْفِيْكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. اللَّهُ أعلَى وَأَعَزُّ وأَكْبَرُ مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ يَاحَافِظُ، يَا سَلامُ، يَا مَانِعُ يَا دَافِعُ يَا مُحيطُ".
وَهذا أيضاً لَهُ مِنَ الفَضْلِ مَا لا يُوصَفُ، وَلا يَنْبَغِي لِمَنْ وَجَدَ هَذا مِنْ أَهْلِ النِّهايَاتِ وَالبِدَايَاتِ أَنْ يَتْرُكَهُ بِالتَّمَام. وَمَنْ رَأى أنَّهُ قَرَأَ سُوْرَةَ البَقَرَةِ فِي الْمَنَامِ فَإِنَّهُ مِيراثٌ تَكُونُ مَعَهُ خُصُومَةٌ.